العنوان أبي كما عرفته.. في رمضان
الكاتب شيخة عبدالله المطوع
تاريخ النشر السبت 30-سبتمبر-2006
مشاهدات 96
نشر في العدد 1721
نشر في الصفحة 44

السبت 30-سبتمبر-2006
منذ نعومة أظفارنا، ومنذ أن نشأنا وترعرعنا في بيت أسس على التقوى ورمضان بالنسبة إلينا شيء مهم وحدث مميز ننتظره بفارغ الصبر ولا تسعنا الدنيا فرحاً بقدومه. كنا نسمع عنه كثيراً ونبتكر له من مخيلتنا الصغيرة صوراً عديدة حتى إننا حسبناه رجلاً طيباً وسيماً يحبه الجميع، يأتي بالمنح والهدايا، ولا يبخل بالعطايا حتى إن الله ورسوله أوصيانا بحسن استقباله.
وتوالت الأعوام عاماً بعد عام...
ونحنُ نتوق إلى رمضان شهر القرآن الكريم، لنجدد فيه الإيمان، ونسعى لرضى الرحمن والفوز بالجنان، والعتق من النيران.
لكن رمضاننا هذا العام غير كل الأعوام.. أقبل علينا يحمل في طياته أطيب الذكرى وأعطرها...
هلَّ هلال رمضان وأنار الدُّنيا بعد أن انطفأ السراج الذي كان يضيء بيتنا وخفت النور الذي كان يشعَّ بيننا...
أقبل علينا بعد أن ودعنا والدنا وحبيبنا، وأمير قلوبنا، ورمز عزنا وفخرنا وعماد أسرتنا وداعية أمتنا «عبدالله المطوع».
لقد كان لوالدي في رمضان ــ يرحمه الله ــ شأن عجيب يعرفه القريب ولا يخفى على البعيد...
سأطلق لقلمي العنان، ليحدثكم عن ليلة من ليالي رمضان عشتها في كنف والدي رحمه الله.
عندما يحين وقت السحور كان رحمه الله يطرق علينا الأبواب، وينثر على وجوهنا الماء ولا يبقي أحداً نائماً في الدار...
نجلس على مائدة السحور والنوم يداعب أجفاننا، والتذمر يبدو على محيانا، ولكن هيهات أن يستجاب لنا، فوقت السحور من الأوقات المقدسة التي لا نجرؤ على الاستخفاف بها..
وما إن نسرع في تناول الطعام إلا ونسمع صوت الوالد يرحمه الله يحثنا على الاستعجال فوقت الإمساك قد قرُب وحان، وإذا جاء وقت الإمساك ونحن نمضغ الطعام أمرنا أن نلفظه، ونبدأ بالصيام، ومهما توسلنا إليه وتجللنا بأن وقت الفجر لم يحن بعد... أنهى الكلام وقال: «لم يضع العلماء وقت الإمساك عبثاً فعليكم الالتزام». وكنا نحاول أن نسترق النوم بعد السحور لدقائق معدودات وإذ به ينبهنا ثانية لصلاة الفجر ولا نحظى حتى بالغفوات.
وكان يشجعنا على الصيام ونحن صغار بأن يجعل لصيام كل يوم ديناراً، فإذا مرضنا أو فطرنا نقص من الحساب، فوالله كنا نحرص على الصيام حرصاً شديداً، وكم مرضنا وعطشنا وتعبنا ورغم كل ذلك صمنا رغبة في العطاء. حتى كبرنا وتعودنا على الصيام...
وإذا حان وقت الإفطار وبدأنا في تناول الطعام.. نادى إخوتي: عجلوا في الفطر وحي على الصلاة، فيقطعون فطورهم ويذهبون مسرعين، على أمل العودة بأقرب وقت ممكن ليتسنى لهم الإكمال.
وأما في العشر الأواخر فيستعد للرحيل إلى البيت العتيق، ليحظى بأجر عمرة كحجة مع هادي الأمة [ وأما في العيد، فيفضل قضاءه مجاوراً للحبيب [ ولا ينسى قبل الرحيل أن يوزع علينا «العيدية» فلقد كانت أحلى هدية..
رحمك الله يا أبي رحمة واسعة، وجعلنا ممن قال فيهم رسول الله [: «وولد صالح يدعو له» وجمعنا بك في مستقر رحمته يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل

المطوع في حوار شامل: يدنا ممدودة لجميع العاملين في ميدان الدعوة إلى الله
نشر في العدد 1284
12
الثلاثاء 13-يناير-1998
