العنوان رحلة.. في الكون البديع إيمان العلم أو علم الإيمان
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 13-مارس-1973
مشاهدات 31
نشر في العدد 141
نشر في الصفحة 22
الثلاثاء 13-مارس-1973
الجولة الأولى الإنسان.. والكون دراسة متخصصة... مؤمن للأستاذ الدكتور زغلول النجار
بدعوة من وزارة شئون الرئاسة في أبي ظبي ... ألقى الأستاذ الدكتور زغلول النجار في مدينة أبي ظبي... هذه المحاضرة العلمية العميقة... والتي تجمع بين تخصص عالم يعد من أفذاذ العالم في حقل علمه... وبين إيمان المؤمن ببديع السموات والأرض ... المؤمن الذي يتخذ من العلم وكشوفاته ... معراجًا إلى اليقين... بالله العلي العظيم.
والدكتور زغلول النجار... كما تعرفه الأوساط العلمية ببحوثه الجديدة... والأصيلة... يعرفه الناس بنشاطه الفكري المتواصل عبر الإذاعة... وعلى شاشة التلفزيون.
ومحاضرته النادرة هذه... سنقدمها لقراء «المجتمع»... تباعًا في أعداد متتابعة... ابتغاء دعم الإيمان بالعلم... وتزويد العلم بالإيمان: ﴿سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾
نحو تعريف دقيق أمين
الإنسان
كيان حي ... بالغ التعقيد ... دائم التحول
الإنسان
تميز بالعقل ... والعلم ... والتفكير ... والمسؤولية
الإنسان
توازن دقيق بين مادة ... وروح
الإنسان
قوى غريزية ... ونفحة من روح الله، ومن خلال النظر في الكون ... يؤمن بالله... ويحبه... ويستقيم
أن تعرف الإنسان على هذا الكون ضرورة من ضروريات وجوده... يرى فيه عظمة خالقه... وقدرته وإعجازه في إبداع خلقه... ويرى فيه ضآلة وجوده أمام هذا الكون المتناهي في اتساعه... الدائب في حركته ... المنطلق في فضائه إلى نهاية لا يعلمها إلا مبدع الكون وخالق الفضاء... ويرى فيه حاجته الماسة إلى رعاية خالقه في كل لحظة من لحظات وجوده... وفي كل آن من آناء عمره... ويرى في استقراء قوانينه والتعرف على سننه ما يمكنه من عمران كوكبه الأرضي وتسخير الطبيعة في سبيل سعادته؛ ولذلك فإننا نجد القرآن الكريم يحض الناس على التفكر في هذا الكون بأسلوب علمي منهجي سليم فالتنزيل ينطق: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ (آل عمران: 190-191).
وفي مقام آخر: ﴿لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ (غافر: 57)، وفي موضع ثالث: ﴿ أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّر﴾ والقرآن... ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ۗ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ ويضيف القرآن الكريم ﴿وَكَذَٰلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ﴾ يحصى علماء المسلمين أن ... من أمثال هذه الآيات ... بالعلوم الكونية ... وخمسين آية صريحة... الآيات المتعلقة بأمور... الإسلامي لا تزيد عن... وخمسين آية ... وفي... المعنى يقول ابن عطاء الله ... «الكائن في الكون... تفتح له ميادين الغيوب ... بمحيطاته، ومحصور ... ذاته»
في ذلك أيضا يقول ألبرت ... «صاحب النظرية ...» «إن أعظم خاطرة... أن تجيش بها النفس ... وأجملها لهي تلك التي ... الإنسان عند ... في روعة أمام هذا الخفاء ... والإظلام» إن الذي ... نفسه لهذا ولا تتحرك ... هي ميت.. إنه... لا نشق حجبه، وإظلام لا ... أن نطلع فجره.. ذلك فنحن ندرك أن وراءه ... أحكم ما تكون ... ... أن وراءه الجمال أجمل.. وهو حكمة.. وهو ... لا تستطيع عقولنا.. ... أن تدركهما إلا في صور بدائية أولية ... ولكن الإدراك لهذه الحكمة ... الإحساس بمثل هذا ... في أروع ما يكون ... هو عندي جوهر ... عند الخلائق» ثم ... فيقول «إن الشعور ... الذي يستشعره الباحث ... هو أقوى حافز على ... العلمي وأنبله» ويضيف: ... ديني هو إعجابي في تواضع الروح السامية التي لا حد ... تلك التي تتراءى في ... الصغيرة القليلة التي ... عقولنا الضعيفة ... إدراكها الإنسان ... من ذلك كله كان ... لموضوع الليلة ... والكون فعلى ... من أن الإنسان جزء من الكون، ومركب نستخلص ... إلا أنه قد أفرد ...
الوحيد المتميز بالعلم والبيان والعقل والتفكير ومن ثم بمسئوليته عن كل عمل يعمله.. فهناك العالم المادي بجملته، وعوالم الحياة غير العاقلة.. نباتية وحيوانية، وعوالم الحياة العاقلة غير المحسوسة مسخرة وغير مسخرة.. وهناك الإنسان.
والإنسان كيان روحي عاقل ... يفكر ويدرك ما يفكر فيه ويستطيع التعبير عن تفكيره ببيان واضح والإدراك في نفسه لمعان وقيم للأشياء والأفعال تجعله قادرًا على العيش في عالم من الأفكار والتصورات والذكريات والعواطف مما يمكنه من إدراك ذاته بصورة متميزة على كل ما سواها من الكائنات الحية الأخرى رغم ما بينه وبينها من شبه في البناء وفي بعض الهيئة.
وليست إنسانیته بجسده المادي المعقد البناء ولا بصفاته التشريحية الخاصة التي تحكمها قوانين المادة ومظاهر الحياة «أي الجانب البشري في الإنسان» لأنه يعي ذاته والمادة لا تعي ذاتها.. وليست بنسبته إلى سلالة معينة من الكائنات «أي السلالة البشرية» وليست بمعنى كونه إنسيًا من الإنس أي غير الجن.. فهذه كلها صفات مادية محضة ... ولكن الإنسانية في الإنسان هي ارتقاء إلى الدرجة التي تؤهله للخلافة في الأرض واحتمال تبعات.......
﴿وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ ﴾
فالإنسان اتزان دقيق بين مادة وروح بينهما عقل يحول دون أن تطغى إحداهما على الأخرى لأنه لو طغت إحداهما على الأخرى خرج الإنسان عن إطاره الإنساني.
والإنسان يتصل بدوافع الحياة الجسدية وقوى الغرائز الحيوانية عن طريق نفسه أما روحه فهي من أمر الله، ويتوسط عقل الإنسان بين قوة روحه وقوة نفسه فهو وازع النفس ومستلهم الهداية من الروح ... وعلى ذلك فالإنسان يعلو على نفسه بعقله ويعلو على عقله بروحه لأنه ينصل من جانب النفس بدوافع الحياة الجسدية، ويتصل من جانب الروح بعالم البقاء وسر الوجود الدائم وعلمه عند الله.. وواجب العقل أن يدرك ما وسعه إدراكه من جانبه المحدود، ولكنه لا يستطيع إدراك الحقيقة المطلقة إلا بإيمان وإلهام.
والإنسان بفضل عقله وإرادته المستنيرة بالعقل هو الكائن الوحيد الملموس المتميز بالقدرة على تحصيل العلم الكسبي واستعداده لكسب المعارف عن طريق التحصيل والتفكير والإلهام، وهو المخلوق الوحيد القادر على توجيه حياته وتوجيه قواه وملكاته المادية والروحية وعلى تسخير الكائنات الأخرى وتفهم قوانين الطبيعة والتعرف على سنن..
وفي التعرف على نفسه وفي فهم رسالته في هذه الحياة...!
ومن هنا أفرد الإنسان دون سائر المخلوقات في مواجهة الكون.. لأنه مرآة تتجلى فيها ذاته.. ويتجلى فيها الكون بأجرامه ... وبه من الأعماق ما لا يكاد يصل إليه أحد... وهو مع ذلك جسم مادي خاضع لقوانين المادة ... فهو يتكون أساسًا من الماء مع نسبة قليلة من عناصر أخرى لا تكون أكثر من مسمار صغير من الحديد، ورأس عود ثقاب من الكبريت، وكمية قليلة من الكلس.. لا يكمن السر في هذه المواد ذاتها وإنما يكمن في كيفية تركيبها فـــلو اختلفت هذه النسب قليلا لأنتجت مركبا آخر مغايرا لجسم الإنسان في صفاته وخواصه.
والإنسان: كذلك كيان حي خاضع لقوانين الحياة من میلاد ونمو وتكاثر وازدهار وشيخوخة وموت... وهذا الكيان الحي بالغ التعقيد دائم التحول، يتكون من ألف مليون مليون خلية تنتظمها أنسجة متخصصة وينظم كل مجموعة من هذه الأنسجة أعضاء معينة لكل منها وظيفته المحددة والكل يتعاون في خدمة هذا الكيان الحي في نظام غاية في التعقيد والإعجاز. وجسم الإنسان يستهلك من خلاياه حوالي ١٢٥مليون خلية في الثانية الواحدة تنهدم ويتجدد غيرها في الحال ... والإنسان فوق ذلك كله كيان روحي عاقل يفكر ويدرك ما....
الأستاذ زغلول راغب محمد النجار أستاذ الجيولوجيا بجامعة الكويت
حصل على بكالوريوس العلوم بمرتبة الشرف من جامعة القاهرة سنة 1955 وكان أول دفعته فمنحته الجامعة جائزة مصطفى بركة للجيولوجيا.
ثم حصل على درجة دكتوراة الفلسفة في الجيولوجيا من جامعة ويلز ببريطانيا سنة ١٩٦٣ م وأوصت لجنة الممتحنين بتبادل الرسالة مع جامعات العالم وبنشرها بالكامل.
منحته جامعة ويلز درجة زمالتها سنة ١٩٦٣م ورشحته لمنحة روبرتسون للبحوث فيما بعد الدكتوراة وهي أعلى منحة من نوعها في الجامعات البريطانية وتمنح مدة كل سنة للبحاث المبرزين في مختلف مجالات العلوم البحتة والتطبيقية وقد تمتع بها الدكتور النجار طوال السنوات من ١٩٦٣-١٩٦٧ م.
للدكتور النجار أكثر من خمسة وثلاثين بحثا منشورة في بريطانيا والولايات المتحدة والدانمارك وفرنسا وسويسرا وهولندا وألمانيا وإيطاليا وروسيا ومصر والكويت والجزائر - كما نشر له المتحف البريطاني سنة ١٩٦٦ م مؤلفا في عدد تذكاري خاص من ثلاثمائة صفحة وإحدى وأربعين لوحة وقد طبع أكثر من مرة باللغة الإنجليزية وعلق عليها في كثير من المجلات العالمية.
وللدكتور النجار نظرية جديدة في علم طبقات الأرض وله تقسيمات جديدة للعصور الجيولوجية أقرتها مؤتمرات دولية.
والدكتور النجار عضو في كثير من الجمعيات العلمية المحلية والعالمية فهو عضو في الجمعية الجيولوجية المصرية والجمعية الجيولوجية بلندن، ومعهد البترول بلندن، والجمعية الأمريكية لجيولوجي البترول والاتحاد العالمي لعلماء الأحافير والجمعية الأمريكية لتقدم العلوم.
وقد عمل الدكتور النجار في جامعات عين شمس والرياض وويلز والكويت حتى حصل على درجة الأستاذية سنة ١٩٧١، ويعمل الآن تحت إشرافه عدد من طلبة البحث لنيل درجة الماجستير والدكتوراة.
الرابط المختصر :