; الشعر الإسلامي في السجون | مجلة المجتمع

العنوان الشعر الإسلامي في السجون

الكاتب المحرر المحلي

تاريخ النشر الثلاثاء 10-أكتوبر-1978

مشاهدات 14

نشر في العدد 415

نشر في الصفحة 31

الثلاثاء 10-أكتوبر-1978

صور الاعتقال والتعذيب والمعاناة والصبر من وراء القضبان

هناك في أقبية السجون السوداء يقبع شعراء آمنوا بالله واعتصموا بحبله وساروا على نهج نبيه، وقد شكلت أهوال السجون ديوانًا ضخمًا من الشعر الإسلامي، له سماته العاطفية والوجدانية الخاصة، وله معانيه الجديدة التي أدخلت على الأدب الإسلامي جدة في الأفكار والمواضيع، وقد ترددت تلك المعاني بين وصف لحظة الاعتقال الرهيبة، وسرد لقصص التعذيب المضني، وتصوير لحال المسلم المعاند وهو بين يدي جلاديه وتحت سياط أذناب الطغاة، كما وصفت أقبية السجن وزنزاناته وتناولت أثر السجن في تشريد الأبناء وفقر البيوت، على أن هذه المعاني جاءت كلها محمولة بإطار وجداني صادق العواطف حار الانفعالات، الأمر الذي لا يراه الدارس في بعض من الجوانب الشعرية الأخرى.

ويحلو للشاعر المسلم أن يتخذ من الجب رمزًا للسجن كما فعل الشاعر محمد الحسناوي الذي أطلق على ديوانه الرائع اسم: في غيابة الجب، ويحكي الحسناوي في هذا الديوان قصة الاعتقال من أول لحظة حتى ما بعد الخروج إلى فسحة الدنيا ثانية، وهو يبدأ ديوانه هذا واصفًا لحظة الاعتقال، حيث داهم رجال السلطة بيته بتخبيط وصياح وعنف ووحشية، وقد بث حماس التقاط الفريسة في هؤلاء شجاعة النمور، انظر إليه يقول:

تتابع خبط الرفاق..

علا صوتهم سنكسر..

تدافع سيل الرفاق.. 

وجوهًا وأسلحة تتنمر..

وجوهًا وأسلحة تتنمر..

ويصف الحسناوي نفسه في الطريق إلى السجن وهو محاط بين الجنود: 

مضيت وحولي الجنود 

وحولي الأنام جمود

مضيت بقلبي ورأسي رعود

يلوح مصيري على بعد خطوة

هبطت صعدت وحولي الجنود

ويصف الشاعر عبد الله عيسى السلامة مشاعر السجين في الأسر، كما يحكي قصة التعذيب وفنونه وأساليبه الوحشية التي يندى لها جبين الإنسانية، فالسجين- هذا المسكين- تتلظى في قلبه المشاعر والأشجان، لقد وهب عمره للسجن، بل للموت من أجل فكرة آمن بها قلبه، واختارها عقيدة وجهادًا في هذه الحياة، أما رجال السلطة فلم يدعوا فنًّا في التعذيب إلا ابتدعوه، ولعل التعذيب هو العلاج الذي تظنه سلطة الطواغيت الظالمة ناجحًا في التحقيق مع هؤلاء الأبرياء، إن الأستاذ السلامة الذي عانى واقع التعذيب في معتقلات الطائفية الحزبية، يعرف تمامًا كيف يصور ذلك الواقع، يقول: 

أسرى.. وتختلج الضلوع من الشجون المستسرة

أسرى.. وهل يهب الأسير حياته من أجل فكرة؟

حبًّا بسطر في كتاب باع هذا الشيخ عمره

أوَما درى أن الغنيمة حبل مشنقة وحفرة؟

متمرد؟ مدوه تحت السوط كي يجتاح ظهره

داووه بالتيار كي ينسى تمرده وكبره

أما الشاعر الشهيد هاشم الرفاعي فإنه يصف كآبة السجن والحالة المقيتة البائسة في أقبية السجون، فالصمت والسأم مستمران في حياة السجين، ومشهد السجان هو المشهد المعتاد الذي ألفه السجين كل يوم، حتى كادت صورة السجان أن تتحول إلى صورة شيطان وهي ترنو إلى السجين المسكين، يقول الشهيد هاشم الرفاعي:

الليل من حولي هدوء قاتل

 

والذكريات تمر في وجداني

 

والصمت يقطعه رنين سلاسل

 

عبثت بهن أصابع السجان

 

ما بين آونة تمر وأختها 

 

يرنو إلي بمقلتي شيطان

 

لكن، هل يقلع السجين عن موقفه؟ وهل يتخلى عن فكره وعقيدته؟ وهل يترك مبدأه الذي يجاهد من أجله؟ إن الإجابة في أبيات الشاعر مأمون فريز جرار الذي يقول:

هو لن يلين ولو تخاطفه المنون 

 

فنشيده الله أكبر في السجون

 

هو في طريق الحق ماضٍ لا يلين

 

بيمينه القرآن والنور المبين
الذي

في الليل في الظلم الدواجي في حنين

 

يرجو الإله لحوقه للخالدين

 

والسوط يضربه ويسقيه الشجون

 

ويظل يدعو يا إلهي يا معين

 

وقد تتناول يد الاعتقال الأثيمة الرجل وزوجته وابنهما فتضع كلًّا منهم في زنزانة العذاب والبؤس، وقد صور الشاعر وليد الأعظمي هذه الحالة في قصيدته: ضاق الخناق، فقال:

ضاق الخناق بحرة

 

أودى بها قيد وأسر

 

والزوج في الأغلال مصفدا 

 

ويجلد منه ظهر

 

والابن في زنزانة

 

لكأنها في الرعب قبر

 

يمسي ويصبح في العذاب

 

يمسه بؤس وضر

 

هذه ملامح قليلة مما أفاضه على الأدب الإسلامي شعراء عانوا القيد والتعذيب، وإخوة صبروا على أهل الباطل في محاربة الحق، ونرجو أن نوفق إلى دراسة موسعة لشعر السجن في أعداد قادمة إن شاء الله.

يا رب..

   شعر: محمد هدي قاطرجي

لا تكلني إلى سواك فإني

 

ضعف الحول والتوى العزم مني

 

فأنا، من أنا سوى الضعف؟ والوهن؟.. ؟؟

فرحماك ضعف حولي ووهني

 

أنا لولاك كنت عبدًا لنفسي

 

وعلى الحر كادت النفس تجني

 

لا تكلني لغير ذاتك يا رب

 

وحل بين ما سواك وبيني

 

وتولَّ الزمام واصرف هوى النفس

 

وقيد الأهواء يا رب عني

 

واغفرن ما مضى من الذنب والزلات

 

إني برئت من ذاك إني 

 

واعفون يا سموح عن كل آثا

 

مي، فظني في العفو ما زال ظني

 

أنت ربي وأنت حولي وحسبي

 

أنت لي في مقاصدي كل عون

 

من لضعفي إذا ادلهمت خطوب؟

 

من إذا في الأسى تأرق جفني؟

 

ليس إلاك يا إلهي إذا ما 

 

صك هذا الوجود سنًّا بسن

 

رب رحماك أبت الروح فاصفح

 

ودع الروح رهن حفظ وصون

 

وتحنن علي بالمن يا حنان..

 

واملأ بفضل جودك دني

 

من رحيق الغفران.. من فيض إكرا

 

مك.. مما يجير هولي وهوني

 

خضعت نفسي التي أبت الذل..

 

لغير الإله، فالذل يضني

 

خضعت فيك- مالك الملك- حبًّا

 

فعسى ذاك منك يا رب يدني

 

وسمت فوق ما سواك فراقت

 

وعلا كونها على كل كون

 

يا إلهي.. إني برئت من الدنيا

 

وما لي في زورها أي شأن

 

فمتاع الغرور كل رؤاها

 

أوَ يغني هذا المتاع؟ أيغني؟

 

بك لي يا إله عنها اكتفاء

 

ومن الوجد فيك لي ألف لون

 

فيك ذاب الجوى.. ورقت حنايا

 

ي.. وغابت عما سوى الحق عيني

 

فارحمني يا ذا الجلال.. وللأغيار

 

إني أدعوك ألا تكلني

 

 

 

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

نشر في العدد 2

75

الثلاثاء 24-مارس-1970

نشر في العدد 4

252

الثلاثاء 07-أبريل-1970

نشر في العدد 2121

33

الأحد 01-يوليو-2018