; محاولات مشبوهة لتصفية قضية فلسطين | مجلة المجتمع

العنوان محاولات مشبوهة لتصفية قضية فلسطين

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 30-يوليو-1974

مشاهدات 17

نشر في العدد 211

نشر في الصفحة 44

الثلاثاء 30-يوليو-1974

ارفعوا أيديكم عن حقوق شعب فلسطين  فإنكم عجزتم عن حمايتها ولم تكلفوا بإضاعتها   منذ نشأت قضية الوجود الصهيوني اليهودي على أرض فلسطين العربية ونحن نعلق آمالنا على نتائج كل معركة تقوم بيننا وبين هذا العدو الماكر الخبيث، فكل المناورات السياسية التي كان يحركها الصهاينة في الساحة الفلسطينية كانت تتسم بالخداع والمواربة واستخدام الحيل والأكاذيب التي تكتشفها الشعوب بعفوية وبساطة ويتوه فيها الحكام بسذاجة أو سوء تقدير أو عن عمد وعلم وتواطؤ. ودائمًا كان المجاهدون من أمتنا يسترخصون أرواحهم في كل معركة تقوم معتقدين أن طريق القتـال والتضحية بالمال والأنفس في سبيل استخلاص حقوقهم هي أقصر طريق وأسلم طريق، ذلك لأنهم ليس لهم ثقة في النجاح السياسي لحكامهم، وقد تعلموا من التاريخ القريب أن عهود الأعداء ومواثيقهم لا تحترم إلا حين تحقق مصلحة لهم. وهكذا نجد أمتنا تعيش أيام المعارك في غبطة وسعادة تترقب تحقيق آمال عراض وتتمنى أن تطول هذه الأيام وتستمر وتستعد بكل فئاتها في كل مكان لكي تكون معركتها حاسمة ومشرفة، وكانت تصاب بخيبة أمل حين تنتهي المعركة دون نصر مشرف أو بهزيمة نكراء، ولم يكن يرضيها تفسير للهزيمة إلا اتهام القادة الذين خططوا للمعركة بالخيانة والانهزامية. كان لا بد من هذه المقدمة لنفهم السبب الذي جعل أمتنا لا تنظر بعين الارتياح إلى المناورات السياسية المتشبثة ببريق الحل السلمي الذي يلوح به ساسة أميركا وروسيا وينفذه كيسنجر اليهودي وزير خارجية أميركا بنفسه. فبعد معركة رمضان ذات الأبعاد السياسية المحددة، وبعد أن خيل للعرب أنهم حققوا انتصارًا حاسمًا على إسرائيل ولأول مرة في تاريخ صراعهم معها بدأ التفاوض بين العرب واليهود برئاسة کیسنجر، وكل دولة عربية بمفردها، وكان أن تخلت إسرائيل عن جزء من سيناء وجزء من الجولان كمقدمة لحلول تضمن السلام الكامل في المنطقة وتعطي إسرائيل صك وجود أبدي وشرعي على أرض الفلسطينيين العرب. كانت كل دولة من دول المواجهة - كما اصطلحوا على تسميتها - قانعة بالذي حققته من عودة بعض أرضها إليها وتعد العدة لخوض معركة سياسية كبرى لمؤتمر جنيف الذي ستحضره كل الأطراف المتنازعة بزعامة أميركا وروسيا. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن العرب سيحضرون المؤتمر لا بصفتهم عرب كما يكونون وقت اشتعال الحروب بل بصفتهم دولا متفرقة، كل دولة لها أهدافها الخاصة، فمصر ستناور للحصول على سيناء وسوريا للحصول على الجولان والأردن للحصول على الضفة الغربية ولبنان ربما لتأمين حدودها، وأما الفلسطينيون فخطر ما يفكرون في الحصول عليه لذلك فوجودهم في المؤتمر سينسفه من جذوره ولا بد من تفكير جدي في إبعادهم عن هذا المؤتمر. والذين يريدون الحصول على هذه الأرض لا بد لهم من أن يعطوا إسرائيل شيئًا ثمينًا جدًا نظير هذه الأرض، فلا يعقل أبدًا أن تكون إسرائيل هي الوحيدة التي تعود خاسرة من هذا المؤتمر  وإسرائيل هنا تريد شيئين طالما أكدت حاجتها إليهما، شيئًا كان مبلغ طموحها منذ وجودها في الأرض العربية وشيئًا آخر تريده ثمناً لانتصارها في حرب عام ١٩٦٧. الشيء الأول هو الاعتراف بشرعية وجودها على الأرض العربية وتأمين حدودها تأمينًا كاملًا يضمن لهـــــــا العيش بسلام تام في وسط جيران مسالمين لتضمن لنفسها غزوًا اقتصاديًا وثقافيًا يحقق لها انتصارات جديدة بأسلوب عصري جديد. والشيء الثاني هو الحصول على تعديل جذري للحدود التي كانت تقف عليها قبل حرب عام ١٩٦٧ م، فالقدس وما حولها أصبحت مدينة إسرائيلية موحدة وغدت عاصمة لدولتهم واعترف بذلك كثير من زعماء العالم وحكام الدول فليس في نية إسرائيل أن تعيد شيئًا منها إلى العرب وكذلك بعض مناطق وأماكن من الضفة الغربية للأردن ترى أنه لا يمكن التنازل عنها بالإضافة إلى الاختلاف على مستقبل الضفة الغربية للأردن ترى أنه لا يمكن التنازل عنها بالإضافة إلى الاختلاف على مستقبل الضفة كلها وكيفية إدارتها، كما أن حدودها مع سورية لا يمكن أن تعود كما كانت بل لا بد من تعديل جديد يجعل الحدود أكثر أمنا وواقعية في نظر اليهود، أما حدودها مع مصر فربما اكتفت بشرم الشيخ لتأمين الملاحة في ميناء العقبة. وهنا وجدت الدول المواجهة لإسرائيل نفسها أمام معادلة صعبة إذ إن في الساحة العربية منظمات فدائية اجتمعت قيادتها السياسية في إطار منظمة التحرير الفلسطينية وقد كان لهذا الوجود الفدائي أكثر من سبب جعل بعض حكام العرب يضطرون لتأييده وتبنيه في كثير من الأحيان، فاللعبة السياسية كثيرًا ما كانت تقتضي إثارة الشغب من خارج إسرائيل وداخلها لإزعاجها وإرباكها وإرغامها على قبول بعض التنازلات ولم يكن أفضل من الفدائيين لتحقيق مثل هذه الأغراض. هذه المنظمات الفدائية بدأ يظهر خطرها على الحلول السلمية بمجرد أن بدأ التفكير في إعداد العدة للذهاب إلى مؤتمر جنيف، فمصر التي تقود حملة الإصرار على الحلول السلمية والسير في برنامجها إلى نهايته لا تريد أحدًا في المنطقة يحاول إفشال هذه الحلول أو الوقوف في سبيلها لعرقلتها والأردن ترى أن الضفة الغربية جزء من المملكة المتحدة وبدون الفلسطينيين تصبح دولة غير متكاملة لا في ثرواتها الطبيعية ولا البشرية، ويصبح وجودها نفسه معرض للخطر. وإسرائيل التي هي الطرف المقابل للدول العربية في مؤتمر جنيف تسعى إلى إلغاء الوجود الفلسطيني من المؤتمر لأن هذا الوجود – في نظرها - سيكون حجر عثرة أمام أي مساومة على حقوق الشعب الفلسطيني، أو أي اعتراف بالحدود الإسرائيلية المطلوبة، أو أي اقتراح لمستقبل الضفة الغربية وقطاع غزة. أما الفدائيون ممثلين في منظمة التحرير الفلسطينية فيرون أن أي جزء يحرر من الأرض الفلسطينية ليس لأحد غيرهم حق التواجد فيه، إذ إن وجودهم ذاته لا يكون له مبررًا إذا كانت نية كل دولة عربية مواجهة أن تضم إليها أي جزء من الأرض الفلسطينية يتم تحريرها من العدو الصهيوني. ومن هنا كان الموقف الحاد الجديد لمنظمة التحرير والحركات الفدائية من البيان المصري الأُرْدُنّيّ الذي أسفر عنه اجتماع الملك حسين بالرئيس أنور السادات فقد اتفق ملك الأردن مع رئيس جمهورية مصر على أن منظمة التحرير لا تمثل إلا الفلسطينيين الموجودين خارج الأردن، وبتعبير أوضح فمنظمة التحرير لا تمثل الفلسطينيين الذين يحملون جوازات أردنية، وهم فلسطينيو الضفة
الرابط المختصر :