العنوان النظام التونسي.. ومحاولات مد جسور جديدة
الكاتب طارق الحمود
تاريخ النشر الثلاثاء 27-أكتوبر-1992
مشاهدات 14
نشر في العدد 1022
نشر في الصفحة 16
الثلاثاء 27-أكتوبر-1992
ساهمت الأنظمة
الحاكمة في المغرب العربي بشكل رسمي في تعبئة شعوبها لتأييد النظام العراقي في
غزوه الكويت، ومن سنحت له الفرصة وقاده سوء حظه لزيارة تلك البلدان إبان فترة
الاحتلال البغيض، كان يعتصر قلبه ألما وحسرة، كيف أن الإعلام الرسمي فيها، وتتبعه
الصحافة الرسمية والشعبية كانوا جميعهم يمهدون السبيل أمام رجل الشارع لقبول
الدعاوى العراقية الباطلة، ويذيعون الأخبار والمعلومات التي تزيد من حقد تلك
الشعوب الفقيرة نحو الكويت الصغيرة الغنية ونحو دول الخليج الثرية عموما.
موقف النظام التونسي
والنظام التونسي
الذي تمثله حكومة وحزب زين العابدين بن علي، ليس بمستثنى من تهمة التخاذل نحو قضية
الكويت، بل والعداء لكل ما هو كويتي، فهذا النظام لم يحضر اجتماع الجامعة العربية
الذي عقد بعد أيام قليلة من الغزو الغاشم، وامتنع عن الحضور والمشاركة في وقف هذه
الكارثة وإجبار العراق على الانسحاب، وكأن الأمر هو من التفاهة بمكان، بحيث لا
يستحق عقد اجتماع للجامعة العربية، ولا يستحق أن تقف تونس موقفا حاسما وحازما ضد
الاحتلال العراقي.
الموقف الإعلامي داخل تونس
وإذا كان النظام
التونسي قد وقف موقفا سلبيا تجاه كارثة الاحتلال فإن إعلامه الرسمي المرئي
والمسموع والمقروء قد وقف موقفا مؤيدًا ومناصرا للنظام العراقي ومعاديًا للكويت
وأهلها، فقد كانت الإذاعة التونسية تذيع الأخبار والأنباء والمعلومات التي تصدر
رسميا من النظام العراقي ولم يكن يسمح بطرح أية وجهة نظر متعاطفة مع الكويت آنذاك.
استثماراتنا في تونس
وعلى الرغم من أن
الكويت قد تبنت مشروع مساعدات كبيرة لتونس قبل الغزو حيث تذكر الإحصائيات أن
الكويت قد قدمت عام 1989 ما
نسبته 19% من مجموع القروض التي حصلت عليها تونس، أي إن الكويت كانت أكثر دولة بين
دول العالم قدمت مساعدات لتونس إلا أن الذهول كان رد فعل المسؤولين الكويتيين
عندما رفض النظام التونسي السماح للكويت بالتصرف في استثماراتها الضخمة في تونس،
بالإضافة إلى النبرة العدائية التي كان النظام التونسي يتعامل بها مع قضية الكويت
إبان الاحتلال.
محاولات تودد.. بعد التحرير
وبعد أن تحررت
البلاد بحمد الله، عاد النظام التونسي ليضرب أخماسا في أسداس، كما هو حال جميع
الأنظمة الجائرة التي وقفت مع النظام العراقي، غير أن نظام زين العابدين كان أذكى
من هؤلاء المتواطئين جميعهم، فقد تحول بشكل كبير بعد الاحتلال إلى انتهاج سياسة
التودد لدول الخليج عموما، والكويت بشكل خاص، ويظهر ذلك من تحول أجهزة الإعلام
التونسية إلى استخدام مصطلح «احتلال الكويت والغزو العراقي» بعد أن كانت هذه
المصطلحات موضع تحاشٍ إبان الاحتلال إرضاء للنظام العراقي.
هل نقول.. عفا الله عما سلف!
لقد حاول النظام
التونسي تجميل صورته بعد التحرير، بحجزه للطائرات العراقية الأربعة الموجودة لديه،
بالاستقبال الرسمي الكبير لوزير المالية الكويتي ناصر الروضان عندما زار تونس في
أغسطس الماضي، فهل يفلح النظام التونسي في اختراق الحصار الكويتي الرسمي والشعبي
ضد الدول التي وقفت مع العراق؟!
إن الحكمة في
اتخاذ الموقف والتبصر في تلون تلك الأنظمة المخادعة ومن بينها نظام تونس يمليان
على الدبلوماسية الكويتية ألا تتسرع في تجسيد العلاقة مع نظام كهذا، ويجب ألا نُستغفل
ونظن بأن مثل هذا النظام الذي طعننا في الظهر عندما استنجدنا به قد عاد صديقا
وفيا، مثلما أن الوفاء لدماء وأرواح شهدائنا ومعذبينا وأنات مأسورينا لن يسمح لنا
أن ننسى الغدر والخيانة التي رأيناها من ذلك النظام.
وتبقى كلمة أخيرة
وهي أن بلادنا تعيش هذه الأيام عودة الحياة البرلمانية، وتستنشق نسمات الحرية في
حين يعاني الشعب التونسي القمع والإذلال والإرهاب من نظام زين العابدين، وعلى ذلك
تشهد سجلات حقوق الإنسان في تونس وتؤكده تقارير المنظمات الدولية المهتمة بحقوق
الإنسان، فهل تتشرف الكويت بلد الأحرار والحرية واحترام حقوق الإنسان، في أن تعيد
إقامة علاقات طبيعية مع نظام قمعي كالنظام التونسي الذي لا يختلف كثيرا عن نظام
المسخ العراقي؟