; سفير الإسلام الأول مصعب بن عمير | مجلة المجتمع

العنوان سفير الإسلام الأول مصعب بن عمير

الكاتب الشيخ معوض عوض إبراهيم

تاريخ النشر الثلاثاء 14-مايو-1974

مشاهدات 21

نشر في العدد 200

نشر في الصفحة 23

الثلاثاء 14-مايو-1974

  درس في الرجولة الكاملة الآخذة بأسباب الجد الحازم، في فهم الحياة والعمل الدائب لها ولما وراءها، في غير غفلة عن صراط الله، ولا اغترار بحظ الأباء من مال يفني، ويتداوله الناس ولا انخداع بإقبال الأيام وصفو الليالي .

 

وسالمتك الليالي فاغتررت بها 

                     وعند صفو الليالي يحدث الكدر 

فلا يصدن الشبيبة المؤمنة الؤملة للدين والدنيا على السواء عن هذا المثل، ما زخرفت المدنيات المعاصرة من مذاهب تشكك في الله، ومناهج سلوك لا تصلح عليها الحياة، وليأخذوا عيش السعداء، وعقبى الأولياء من التاريخ الفواح بأنسام الكرامة.. تاریخ رجال الإسلام الذين استمرأوا الصعاب، واستعذبوا مع الرسول في سبيله العذاب، حتى جاء نصر الله والفتح، وتمت به على المؤمنين النعمة. 

فالدین سلوى النفس من آلامها 

                              وطيبها من أدمع وجر

إنه مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبدالدار بن قصي العبدري القرشي.. وحسب هذا النسب شرفًا وجلالًا بعد الإسلام، لأبي عبد الله.. وتلك كانت كنيته رضي الله عنه.. 

كان أمثاله يخرون إلى الأذقان، في مساخط الرحمن، حين بدأ الرسول صلوات الله عليه يدعو الناس إلى عبادة الله وحده، ويأخذ بأيديهم من مهاوي الضلال إلى جادة الهدى..

وكان مصعب من أنعم قريش عيشًا، وأعطرهم ثوبًا، وأنضرهم وجهًا، يغدو في مطارف السعادة، ويروح في جلابيب الرفاهية والدعة.. فما يرى أبوه ولا أمة الحياة الهانئة إلا حيث تنطلق بها، وتنطلق أسارير وجهه.. ولا ينتهي حدب أمه وحفوها عليه إذا إنتهى يومه وأوى إلى مخدعه كما يأوي إلى مخدعه كل حي، ولكنها كانت تضع قعب الحبس - وهو طعام من تمر ولبن وسمن. قريبًا من رأسه ليأكل كلما إستيقظ!!.. ولكن ضياء الإسلام كان أنفذ شيء إلى قلب الفتى من خلال هذه الرعاية التي قد تكون أغشية دون الحق عند آخرين، فسلك رضوان الله عليه، أقرب السبل إلى رسول الله، وهو صلوات الله عليه في تخفيه وإسراره بالدعوة في دار الأرقم في أسفل الصفا، وجلس مصعب إلى النبي وأصغى إلى حديثه لحظات.. مضى بعدها مؤمنًا يكتم إيمانه عن أبيه وقومه، ويختلف. كلما أمكنت فرصه ـ إلى مجلس رسول الله، حتى كشف أمره عثمان بن طلحة فأنماه إلى أهله، فحبسوه، وضيقوا عليه الخناق وراودوه باللطف تارات وبالعنف كرات، على أن يدع الإسلام، فكانوا يعودون مما أرادوا بصفقة المغبون!!

وماذا يبلغ الوعيد والتهديد من امریء خالطت بشاشة الإيمان قلبه، وملكت منه منافذ الحس جميعًا؟! فما يرى في الوجود غير الإسلام.

وآلت أمه - التي كانت إلى الأمس القريب برة به حانية عليه- أن لا تأكل أو تشرب أو تستظل بظل حتى يدع مصعب دين الله ويراجع دين قومه، ويذكي الشيطان عزمتها الشريرة، فتسقط مغشيًا عليها سورة الجوع وسعار الظمأ ووقدة الشمس.. ويصب بنوها الحساء في فمها- برغمها- كيلا تموت!! ومصعب عن ذلك في شغل، سعيد بإيمانه، لا يرفع رأسًا لإصرار أمه، ولا لوعيد قومه، حتى فر من محبسه، وهاجر مع أول من هاجروا إلى الحبشة..

وأدع النبي الكريم يصف مصعبًا حين رآه وقد غيرت الشدة لونه، وانهكت جسمه، وبدلته بفاخر حلله أديما مرقوعا بفروة.. لقد بكى رسول الله، لما كان يعرفه من نعمته. وقال ما رأيت بمكة أحسن لمة، ولا أرق حله، ولا أنعم نعمة، من مصعب بن عمير!! 

وإن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ليقول:

إنا لجلوس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، إذ طلع علينا مصعب، وما عليه إلا بردة له مرقوعة بفروة فلما رآه صلى الله عليه وسلم، بكى للذي كان فيه من النعمة والذي هو فيه اليوم ثم قال: 

«كيف أنتم إذا غدا أحدكم في حلة وراح في حلة، ووضعت بين يديه صفحة وراحت أخرى، وسترتم بيوتكم كما تستر الكعبة»؟ 

فقلنا: نحن يومئذ خير منا اليوم.. فقال صلى الله عليه وسلم. 

«بل أنتم اليوم خير منكم يومئذ»!

قضى مصعب في الحبشة ما شاء الله له، ثم آثر الحياة في مكة كي يقاسم النبي وصحبه لأواء الدعوة وشظف العيش، فما إيمانه في نظره بشيء إذا نعم بالسلامة والعافية، والرسول وصحبه يلقون من موصول أذى قريش ما لم تعرف فيه هوادة ولا إنصافًا، وقرت عين مصعب بهذه المشاركة التي يفارق فيما دونها بعض الناس الإيمان بالله، واليقين بأن الخير والشر والإيمان والكفر والهدى والضلال في عراك دائب منذ كان الناس.. وبدت طلائع الخير من يثرب، وتمت بيعة العقبة الأولى، فكان مصعب سفير الإسلام بين هذه الربوع يقرىء من أسلم فيها القرآن، ويفقههم في الدين ويؤمهم في الصلاة، ويدعو من لم يسلم منهم إلى توحيد الله..

وكان يسمي بينهم «المقرىء» وهو أول إطلاق لهذه الكلمة الكبيرة على إنسان.. 

ومصعب - في أحد قولين- أول من جمع المسلمين في الجمعة بيثرب على جماعة وكان نزول سفير الإسلام الأول على أسعد بن زرارة.. أسعد الخير، الأنصاري الخزرجي النجاري الذي شهد العقبات الثلاث.. وكان نزول مصعب على أسعد طالع يمن، فقد كان يلقى به سراة أهل المدينة وذوي الرأي فيها فيعرض عليهم الإسلام ويقرأ القرآن.

مضى أسعد بمصعب يومًا إلى حائط من حوائط قبيلة ظفر، فاجتمع عليهما رجال من أسلم، وغاظ ذلك سيدي بني عبد الأشهل سعد بن معاذ- وهو ابن خالة أسعد -، وأسيد بن حضير- أبا يحيى– وكان أبوه فارس الأوس، ومقدمهم يوم بعاث..

وكان الرجلان- سعد وأسيد- على دين قومهما يومئذ من الشرك، فأغرى سعد صاحبه بأسعد ومصعب، فمضى أسيد إليهما مغضبًا، أشد ما يكون الغضب، يحمل في يده حربة، يزمع أن يرويها غير راحم من هذه القلوب المؤمنة فلما دنا من الرجلين قال أسعد لمصعب: «هذا سيد قومه، وقد جاءك فأصدق الله فيه» ووقف أسيد عليهما يهدد بقول مغيظ وينذر  إن لم يعتزلا ديارهم- بعذاب غليظ.. 

وكان الإيمان قد صنع بقلب أسعد مثل الذي صنع بمصعب منذ أسلم، فما أغنى أسيدًا ذلك التهديد ولكنه سمع قولًا هادرًا، في هدوء المؤمن ويقينه بعقبى  الحق.. 

قال مصعب: أو تجلس فتسمع فإن رضيت أمرًا قبلته، وإن كرهته كف عنك ما تكره؟! 

ونزل أسيد على صوت الحكمة.. وقال لمصعب: أنصفت. ثم ركز حربته وجلس إليهما فكلمه مصعب بالإسلام وقرأ عليه القرآن، وعرفا في وجهه الإيمان قبل أن تنفرج شفتاه عن قول. ثم لم يلبث أن قال: ما أحسن هذا الكلام وما أجمله، وبادر فتطهر وأعلن إسلامه، رضوان الله عليه وقال: إن ورائي رجلًا إن اتبعكما لم يتخلف عنه أحد من قومه، وسأرسله إليكما الآن- وسلك سعد سبیل صاحبة فأسلم ثم مضى إلى قومه بني عبد الأشهل يقول:

كيف تعلمون أمري فيكم؟ قالوا: سيدنا، وأفضلنا رأيًا، وأيمننا نقيبة.

قال: فإن كلام رجالكم ونسائكم علي حرام حتى تؤمنوا بالله ورسوله. 

قالوا: فو الله ما أمسى في دار بني عبد الأشهل رجل ولا إمرأة إلا مسلمًا أو مسلمة!! 

ألا ما أيمن سفارة مصعب التي أثمرت بيعة العقبة الثانية، ولقد استحصد نبت الإسلام في مكة وهاجر منها المسلمون حين أجمعت قريش على قتلها الرسول وصحبه، الذين لم يثنهم عن دينهم الحق غلظه، ولم تعطفهم إلى هدى قومهم وعود تتخلب لا يسرها الشفاه، ووجد ﴿الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ ( سورة الحج: 40 ) «إخوانا يحبون من هاجر إليهم» ويمنحونهم كل وسائل الإستقرار ويؤثرون في ذلك على أنفسهم.

فليس عجبًا أن يصفو للمهاجرين العيش، وأن يثلج صدورهم ما وثق الإسلام بينهم وبين الأنصـار من أواصر.. وكتاجر منهم من تاجر وإحترف آخرون، وأخلف الله عليهم ما خلفوا في مكة.. ربحا دارًا مباركًا في مهاجرهم الرحيم..

ومصعب في شغل بالله عن إعراض الحياة لا يعمل لها ولا يأبه بها حتى نودي يا خيل الله اركبي فكان من رجال الطليعة في بدر، وجاهد فيها حتى النصر.. ومعه لواء النبي صلى الله عليه وسلم.. 

وأي شيء يوضع في كفة ميزان الإيمان أمام هذين الموقفين في أعقاب بدر.. 

فلقد رأی مصعب رضوان الله عليه، شقيقه أبا عزيز بن عمير- وكان معه لواء المشركين- بين الأسرى فقال مصعب لأبي اليسر الذي أسره: أشدد به يدك، فإن أمه ذات متاع، لعلها أن تفديه منك. 

فقال أبو عزيز: يا أخي هذه وصاتك بي؟!

فقال مصعب: إنه أخي دونك! وفدته أمه بأغلى ما فدي به قرشي ومصعب بمقالته تلك يعطي الغافلين عن معنى الإخوة الإسلامية، وما توجهه من حقوق تفسيرًا عمليًا لقول الله تعالى:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ( سورة التوبة: 23 -24 ) «۱»

وفي الطريق من بدر إلى المدينة، وعند الأثيل، استعرض النبي، صلوات الله عليه، الأسرى ونظر إلى النضر بن الحارث نظرة ارتعدت لها فرائص عدو الله، وعرف ماذا تغلف غضب الحليم فقال لرجل إلى جانبه: محمد- والله– قاتلي.. 

فربت الرجل على كتفه وقال له : ما هذا منك إلا رعب.. 

ونظر النضر بين المسلمين فرأى مصعبًا رضوان الله عليه، وكانت له به رحم ماسة. فقال له: يا مصعب. كلم صاحبك أن يجعلني كرجل من أصحابه، فهو، والله، قاتلي إن لم تفعل. فلم يقم مصعب وزنًا لصلته بالنضر.. وقال له: 

إنك كنت تقول في كتاب الله، وفي نبيه كذا وكذا، وكنت تعذب أصحابه!!

فقال النضر: لو أسرتك قريش ما قتلتك أبدًا وأنا حي.. 

قال مصعب: والله إنني لا أراك صادقًا، ثم إني لست مثلك، فقد قطع الإسلام العهود!! 

وهكذا رضي مصعب بالله ربا كسائر صحابة النبي، دون آبائهم وإخوانهم وقراباتهم، وذكر مساءات النضر للمسلمين، وكذبه بعد أن لحظة من لحظات صحو الضمير لقريش.. 

«لقد كان من محمد فيكم غلامًا حدثًا، أرضاكم قولًا وأصدقكم حديثًا، فلما بدا في صدغيه عارض الشيب، وجاءكم بما جاءكم به، قلتم : إنه كاذب. والله ما هو بكاذب، والله ما هو بكاذب » ثم لم يلبث أن قال - أقماه الله - ما رده الله عليه فيما أوحاه لمصطفاه ..

﴿وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَٰذَا ۙ إِنْ هَٰذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ * وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَٰذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (سورة الأنفال: 31 - 32) «2» وفيه- في إحدى روايتين نزل قول الله تعالى: 

﴿أَوَلَمْ يَرَ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ * وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ ۖ قَالَ مَن يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ *  قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ ۖ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ * الَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنتُم مِّنْهُ تُوقِدُونَ * أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم ۚ بَلَىٰ وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ .. (سورة يس: 77-78-79-80-81)  «3»

 وقتل الله عدوه يوم الأثيل، وما أغنى عنه شيئا قربه من مصعب، وإن كانت إنسانية الرسول قد إستتارتها أخته قتيلة بعد قتله في رسول الله بشعرها السائر في الناس.

***

وحمى الوطيس في أحد، وكان لواء النبي صلوات الله عليه مع مصعب، وحين استحر القتل في المسلمين بعد أن خالف بعض الرماة عن أمر رسول الله، وصاح إبليس قتل محمد.. كان مصعب يقاتل عن رسول الله ومعه لواؤه حتى قتله - نضر الله ذكراه - ابن قميئة الليتي، وهو يظنه النبي، ورجع ابن قميئة إلى قريش يقول : قتلت محمدًا، وطفق الناس يقولون : قتل محمد!! ولكن الله تعالى لا يخلف وعده.. ألم يقل لرسوله ﴿وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ (سورة المائدة: 67) «٤» وأعطى نبي الله لواءه بعد مصعب لعلي رضوان الله عليه.

ولن نبلغ من تصوير استشهاد مصعب ما بلغ عبيد بن عمير رضوان الله عليهما.. قال : 

وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم، على مصعب، وهو منجعف على وجهه يوم أحد شهيدًا وكان صاحب لوائه فقال.. ﴿مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا

(سورة الأحزاب: 23) «5». 

«إن رسول الله يشهد أنكم شهداء عند الله يوم القيامة». 

ثم أقبل صلى الله عليه وسلم على الناس فقال: 

«يا أيها الناس ائتوهم فزوروهم، وسلموا عليهم، فو الذي نفسي بيده لا يسلم عليهم أحد إلى يوم القيامة إلا ردوا عليه السلام». 

وذكر ابن سعد في «الطبقات» جـ ۷ ص ۱۷٥ ..

« قام النساء حين رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحد، يسألن الناس عن أهلهن، فلم يخبرن، حتى أتين رسول الله فلا تسأله واحدة إلا أخبرها، فجاءته حمنة بنت جحش بنت عمة رسول الله وأخت أم المؤمنين زينب،   فقال: 

يا حمنة. إحتسبي أخاك عبد الله بن جحش.. فقالت: إنا لله وإنا إليه راجعون رحمه الله وغفر له. ثم قال يا حمنة. إحتسبي خالك حمزة. قالت إنا لله وإنا إليـه راجعون، رحمه الله وغفر له. ثم قال یا حمنه. احتسبي زوجك مصعب بن عمير. فقالت یا حرباه ! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن للمرأة لشعبة من الرجل ما هي له في شيء»!!

یا شباب الإسلام.. ذلكم مصعب بن عمير أنضر شباب مكة شبابًا وبزة وجمالًا، يرثى له رسول الله في حياته، ويغنمه الله الشهادة، فيكفن في توبه الذي قال فيه خباب. 

هاجرنا مع رسول الله، نبتغي وجه الله عز وجل فوقع أجرنا على الله، فمنا من مات ولم يأكل من أجره شيئا، ومنا من أينعت له ثمرته فهو يهديها، وإن مصعبًا لممن مات ولم يترك إلا ثوبًا، كان إذا غطوا به رأسه ظهرت رجلاه، وإذا غطوا رجليه ظهر رأسه، فقال الرسول صلوات الله عليه : «غطوا رأسه وضعوا على رجليه الأذخر» وهو نبات طيب الرائحة!!

ذلك مصعب في مقام الأسوة لطلاب العزه.. فهل لنا في ديار الإسلام وأقطاره أن نفيد من صادق إیمانه ومعرفته وبلائه.. ونحن نواجه مطامع الاستعمار. وفتن الكفار، ونرمى كل يوم بالمذاهب الإلحادية والأفكار الأجنبية، ونود أن تعلو كلمة الله؟! 

﴿أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۖ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ (سورة الأنعام: 90) « 6 »

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

« 1 » التوبة - ٢٣، ٢٤ 

« 2 » الانفال- ۳۱، ۳۲

« 3 » یسن- ۲۷ وما بعدها

« 4 » المائدة- ٦٧

« 5 » الاحزاب- ۲۳

« 6 » الأنعام- 6

الرابط المختصر :