الثلاثاء 19-مايو-1970
الرسول صلى الله عليه وسلّم
ليس جديدًا أن نقول عنه إنه عظيم وإنه رحمة للعالمين، وإنه حاكم عادل وقاض عدل، ومعلم ورب أسرة وقائد جيش.. كل هذا عنه معروف ومن ينكره فهو أعمى القلب والبصيرة، ولكن الجديد الذي يجب أن نقوله للناس: هل لا يزال الرسول يحيا بقوله وسيرته في حياتنا، أم أننا قتلنا السيرة وقتلنا السنة في أنفسنا وتصرفاتنا؟!
* إن الرسول مهجور في أمتنا، والقرآن مهجور في أنفسنا {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا}.
وهجران الرسول وهجران القرآن أوجد تخلفًا كاملًا في كل حياتنا، وأوجد فراغًا رهيبًا في أنفسنا، ثم بدأ الركض من حلفاء الشيطان يرثون مكان الرسول، ووجد في نفوس المرتدين من أبناء المسلمين أنبياء جددًا، آمنوا بهم ومكنوهم من أنفسهم وكانت الكارثة التي لا حدود لها، وكان كل ما نعانيه وما سنعانيه.
إن الرسول قد وضعنا بيننا وبينه سدودًا وحواجز من سوء أخلاقنا ووفرة معاصينا، ثم نطرح بعد ذلك وإسلاماه، ونبكي ونندب حظ أمتنا، ونشكو الهزيمة، ونقلب النظر في زيغ حول المسجد الأقصى، وننسى أو نتناسى جرائم القرون التي ارتكبناها في حق ديننا وعهدنا.
* إن الرسول قد حاربناه في أرضه وغرسنا فيها صلبانًا ومطارق ومناجل.
والآن نجني ثمار هذا الغرس جيوشًا تدك الحصون وأفكارًا تهدم البيوت، ثم نصرح بعد ذلك مستنجدين؛ فأين نحن من الرسول؟
* إن الرسول قد حولناه في حياتنا إلى أسماء تكتب على شهادة الميلاد، وترانيم وأناشيد؛ فإذا غصنا في أعماق أنفسنا صعد المال والسلطان فوق مقام الرسول وسلطان سنته، وكأن في آذاننا وقرًا فلم نسمع ولم نقرأ ﴿قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾ ( التوبة:24)
وبعد فمن يكون رسول الله؟
* إن الرسول الذي يجب أن نعرفه هو ذلك الإنسان الذي صنعه ربه بالقرآن ثم صنع به أمة ورجالًا، حرّكوا الإنسانية إلى قبلة الحق والخير والسمو في كل شيء.
* إن الرسول الذي يجب أن نعرفه هو الذي بلغ من رقة العاطفة حتى شملت رحمته القطة الحبيسة والكلب الظمآن، (إن في كل كبد رطبة أجرا) وبلغ من شدته على أعداء الله من بني الإنسان أن دمّر قلاع اليهودية المتآمرة على دينه وقومه.
إن الرسول الذي يجب أن نعرفه هو ذلك الذي بدأ جهاده بعد الأربعين من (سن الشيخوخة) ولم يسكت حتى لقي ربه.
* إن الرسول الذي يجب أن نعرفه عاش عفًا زاهدًا ومات ولم يترك زرعًا ولا ضرعًا، كل شيء كان منه لله ماله ونفسه.
* إن الرسول الذي يجب أن نعرفه على عظمة مكانته كان قمة التواضع والرحمة، وصدق الله "وما أنا من المتكلفين".
إن الرسول الذي يجب أن نعرفه هو الذي استطاع أن ينتصر على أعدائه بخلقه قبل أن ينتصر عليهم بسيفه.
* إن الرسول الذي يجب أن نعرفه استطاع أن يثبت قواعد دولة، ويرسي فيها تشريعًا، ويخطط لأمته بعرض الدنيا مكانًا وطولها زمانًا.
وبعد إنه ليس أمام هذه الأمة إلا أن تعرف طريقها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتحاول جاهدة أن تصعد إلى سنته وتتعلق بها، وتتمثل الرسول أمامها متكاملًا في منهجه ومسلكه.
إن على الحاكم المسلم أن يلتمس له مكانًا بين أصحاب الرسول ويتعلم كيف يكون الحكم وكيف يكون العدل.
وعلى القاضي أن يجلس في أدب إلى جوار القاضي العدل رسول الله.
وعلى المعلم أن يتمثل نفسه تلميذاً بين يدي أستاذه (إنما بعثت معلمًا)
وعلى القائد أن يقف في موقع الجندي في بدر وأحد.
وعلى الجميع أن يعرفوا طريق الرسول ويرسموا كل خطواته، وصدق الله العظيم
﴿لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾. (الأحزاب: 21).
مذابح الهند
طالعتنا الصحف في الأسبوع الماضي بمذبحة جديدة في الهند راح ضحيتها 80 من أبناء الإسلام.
ونحن لا يسعنا بعد الآن أن نقف مكتوفي الأيدي ونهر الدم الإسلامي يتدفق أمامنا في أرض الهند ونقول إن قضية فلسطين هي شغلنا الوحيد.
إن هذه التجربة لا نقبلها على مقياس الإسلام الصحيح، الذي ينظر إلى المسلمين كوحدة واحدة تتكافأ دماؤهم؛ فالمسلم الذي يقتل في فلسطين على سواء عندنا مع المسلم الذي يقتل في الهند.
ولقد كانت صرخة المسلم في الأندلس (وإسلاماه) تتدافع لها سيوف المسلمين من كل مكان.
ونحن وقبل أن نطلق نداءنا للعالم الإسلامي ونطالبه بالأخذ بالثأر نقول لحكومة الهند إننا نحب أن تقف موقفًا حازمًا من الغوغائيين والمتعصبين، نقول لحكومة الهند إن ذبح بقرة في الهند يمكن أن يقيم ثورة ويسقط حكومة.
فما بال الحكومة تغفل قضية البشر، ومَن هم هؤلاء البشر إنهم أتباع الرسول وحملة الإسلام.
وأخيرًا إنا نطالب العالم الإسلامي شعوبًا وحكومات أن يرسلوا صيحاتهم من كل مكان في وجه التعصب الأعمى، ويقولون بلسان رجل واحد إن المسلمين لن يسكتوا بعد اليوم ولن يفرطوا في قطرة دم من إخوانهم المسلمين، وإن الأمانة العامة للمؤتمر الإسلامي ورابطة العالم الإسلامي في جدة مدعوتان للتحرك وعدم السكوت على الجرائم التي ترتكب في حق المسلمين في الهند، وحديث المصطفى صلى الله عليه وسلم واضح صريح "ومن لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم".
ظاهَرة خطيرة حمّامات السباحة
تستحق الحركة السريعة على أرض الكويت التي بنيناها بالعرق والدموع، ومهدناها بالجهد والمال، لنسير عليها في موكب الحضارة الإنسانية نحمل مشاعل الإسلام الهادية، منارات السائرين.
على هذه الأرض التي فجّر الله لنا فيها ينابيع البترول ذهبًا أسود نمد به دول العالم ونملك به زمام العمل عندهم، على هذه الأرض التي تستوجب منا السجود عليها شكرًا لله على نعمائه، يطيب لفئات من أبنائها أن يحادوا الله ورسوله فينشروا الفساد في كل مكان، فحيثما تلفت على الشواطئ حيث كان يجلس آباؤنا وأجدادنا عاملين تحت وهج الشمس ورطوبة الجو ترى العراة من الجنسين، وحينما يقدر لك المرور في الأحياء المختلفة ترى حمامات السباحة منتشرة في كل مكان حيث تمارس فيها الرياضة للجنسين، هل يستطيع المسئولون أن يتحركوا سراعًا لوصل حاضرنا بماضينا على قمة الأخلاق والمثل العليا؟
● تقدم العضو إبراهيم خريبط في مجلس الأمة بسؤال إلى وزير التربية يقول فيه:
ما هي المصلحة من السماح للطالبات بارتداء الملابس الفاضحة المثيرة (الميني جيب) التي هي مخالفة لعاداتنا وتقاليدنا ولا يقرها دين ولا عرف والتي يجب إزالتها من هذا البلد المسلم؟.
وإننا نأمل أن يتخذ الوزير قرارًا عاجلًا بمنع الملابس الفاضحة وهذا جواب شاف.
المحن تدعونا لليقظة
يسرني بمناسبة ذكرى مولد رسولنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم أن أهنئ إخواني المسلمين في كل مكان، وأن أدعو الله سبحانه وتعالى أن يجعل من هذه الذكرى حافزًا للمسلمين لأن يعمل كل واحد منهم على جمع كلمتهم ودفع الأذى عنهم.
إن المحن التي تمر بالمسلمين في هذه الأيام لتدعونا إلى التيقظ والحذر مما يحاك لنا من دسائس ومؤامرات يقصد بها التفرقة وإثارة الأحقاد والبغضاء للقضاء على الإسلام وتمزيق البلاد العربية.
إن قضية فلسطين وما صاحبها من تآمر على مستقبل البلاد العربية لأكبر خطر يهدد المسلمين في عقر دارهم.
إن الأحوال التي تسود عالمنا العربي هذه الأيام لتدعونا إلى التفكر والرجوع إلى الله وإلى أنفسنا لمعرفة ما إذا كنا على الطريق الصحيح الذي سار عليه رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه والذي يجب أن نسير عليه أم لا؟
علي عبد الله الصقير
سفير المملكة العربية السعودية
بالكويت
يا وزارة الداخلية
هل مدراء الفنادق فوق القوانين؟
● إلى أين تسير الفنادق في الكويت ولماذا أنشئت؟
إن مسألة انتهاك القوانين داخل بعض الفنادق في الكويت قد انتقلت من مجرد حوادث متفرقة يخرق فيها القانون بشرب الخمر والرقص الماجن إلى ما هو أدهى من ذلك؛ إذ إن هذه الانتهاكات قد اتخذت صفحة (الاستمرار) و(العلانية)، وهذا لا يعني بالتالي إلا شيئًا واحدًا أن هناك بعض المؤسسات في الكويت قد أصبحت فوق القانون.
.. وبالتالي فإنها أصبحت فوق (مجلس الأمة) الذي يشرع القوانين، وفوق السلطة التنفيذية التي تطبق ما يصدره المجلس من قوانين.
● ما الذي يمنع ضابط الشرطة الكويتي ممثل القانون والساهر على تطبيقه من دخول هذه الأماكن وضبطها وتحويلها للنيابة العامة الأمينة على الدعوى العمومية، والتي تنوب في هذا عن إرادة شعب مسلم له قوانينه التي تحرم هذا فعلًا.
إذا كانت المسألة لم تبلغ (رجال الأمن) فما على المسلمين الذين يغارون على عقيدتهم ومستقبل بلادهم المحفوف بالأخطار إلا أن يتقدموا لأقرب مركز للشرطة تقع فيه هذه المؤسسات ليقوموا بالإبلاغ عن هذه الانتهاكات، وعلينا إذن أن نلجأ لهذا الطريق.
● لكن هل المسألة حقًّا مسألة إبلاغ؛ كلا فإنه ينفي هذه الصفة العلانية والتحدي التي تقع بها هذه الحوادث، بل وما يقال علنًا في مجلس الأمة ذاته هذا الموضوع.
● هل هناك رغبة في إسقاط هذا القانون بعدم استعماله.. هذه مسألة؟
تحتاج لإجابة:
● ولكننا ينبغي أن ننصح، بل أن نحذر أن خطر (عدم احترام القانون) لن يقف عند حد عدم احترام قانون الخمر فقط، بل سيعقبه طوفان آخر سيشمل عدم احترام أشياء أخرى كثيرة، يرى هذا هو الذي قد لا يعييه الكثيرون من أبناء هذا البلد، وينبغي أن ننبه له المسئولين، فهل أدركنا المقصود؟
● إن المستقبل محجب بأخطار كثيرة، ولكن المخلصين يستطيعون استشرافها والتنبيه إليها، ولعل ما نادت به جمعية الإصلاح وحذرت منه وما أبلغته إلى مجلس الوزراء ووزارة الداخلية، أن يكون محلًا للتحليل لأنه يمس في جوهره مصالح عليا تختص بأمن البلاد كلها ومستقبل احترام القانون في شتى الاتجاهات.
● أما مدراء الفنادق فنوجه لهم التحذير ونحملهم مغبة (المسئولية الشخصية) في مواجهة قانون قائم يحرم ما يتم تحت مسؤوليتهم.
ولعلنا أن نتخذ الطريق الذي يرضاه الله فنحرك المسئولية القانونية بالطرق المناسبة تجاه الذين يركبون فوق القانون ويظنون أنهم بعيدون عن أيدي الشرطة التي ترعى القوانين في هذه البلاد الإسلامية.
ألا هل بلغنا؟
اللهم فاشهد.
عبد الله العلي المطوع
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل

سفينة البلاد بين أمواج الفساد العاتية – دعوة أهل المروءة والعقل لـ “خطة إنقاذ وإصلاح”[1]
نشر في العدد 299
98
الثلاثاء 11-مايو-1976
