العنوان المجتمع الثقافي(1278)
الكاتب مبارك عبد الله
تاريخ النشر الثلاثاء 02-ديسمبر-1997
مشاهدات 16
نشر في العدد 1278
نشر في الصفحة 52
الثلاثاء 02-ديسمبر-1997
إنها تَذكرة
استبشروا بأن المستقبل للإسلام
ما أشبه الليلة بالبارحة.. فلقد كانت القبائل العربية ترتعد فرائصها من الروم والفرس، ولا سيما عملاؤهما من الغساسنة والمناذرة، كما كانت قبائل أخرى ميدانًا خصبًا للمؤامرات اليهودية، كالأوس والخزرج، لكن مبعث رسول الله ﷺ غير الموازين، وجفف الخوف من القلوب، وبث فيها شجاعة وإقدامًا، ووحد الصفوف وألف الشتات، وجعل من تلك القبائل خير أمة أخرجت للناس، فأصبح الروم والفُرس واليهود في عيون المؤمنين أهون المخلوقات عندهم، فسادوهم وحكموهم وقادوهم بين عشية وضحاها، ولم يكن هذا التحول إلا بالإيمان بالله ورسوله ﷺ، والعمل بشريعة القرآن وآداب الإسلام، ومن ثم اندفعوا يطلبون الموت وينشدون الآخرة ويؤثرون الشهادة فوطّأ الله لهم البلاد والعباد وأخاف منهم كل الأمم والشعوب، وهكذا أعزهم الله بعد ذلة، وأكرمهم بعد مهانة، ورفعهم بعد ضعة.
واليوم لم يعد أحفاد أولئك الأبطال الكرام الأعزاء يجرؤون على أن يقولوا «لا» للكبار، أو أن يخالفوا أمرهم أو نهيهم، بل أصبحت غاية أكثر دولنا أن تعلن ولاءها للغرب، وتتسابق لتبييض صفحات أنظمتها بالعمل بالديمقراطية، وحقوق الإنسان، وحقوق المرأة، واقتصاد السوق، والليبرالية، والخصخصة أو الخوصصة «والصواب: التخصيص»، والبراءة من كل حول أو قوة إلا بحبل من الغرب، والانصياع لأوامر الكبار ونواهيهم.
لكن كلما ظن «القوم» أن الإسلام انتهى يفاجؤون بانبعاث هذا الدين بقوة جبارة تبطل مكرهم، وتخيب مسعاهم، وقد بدأت هذه الظاهرة تبدو خلال العالم الإسلامي، وإن أعداء الإسلام يعرفون ذلك ويدركونه حق الإدراك، كما يصرحون به في مؤتمراتهم وندواتهم، وخلال مؤلفاتهم ومقالاتهم ودراساتهم.. والحق أن المسلمين يدركون من أنفسهم ذلك والحمد لله ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ (سورة الصف: 9).
د. عبد السلام الهراس
المعالجة الهادفة في مجموعة «الاختيار»
بقلم: يحيى بشير حاج يحيى
تتميز أقاصيص هذه المجموعة للكاتب أحمد رضوان ناشد، والتي حملت عنوان «الاختيار وقصص أخرى» تتميز بالواقعية ذات البُعد الاجتماعي، ويجد القارئ لأكثر قصصها صورًا كثيرة يعرفها في الحياة، عايشها أو قرأ عنها، أو سمع بها!! فأقصوصة «الاختيار» تتحدث عن طريق اختيار الزوجة التي يخفق فيها الكثيرون، لأنهم لم يسلكوا في ذلك منهج الإسلام في اختيارهم، تزوج خالد من ريم، ولم تمض أشهر قليلة على زواجهما، حتى فترت العلاقة بينهما، وأحس كل منهما باهتزاز الصورة التي كان يحملها من قبل، وزاد الأمر تعقيدًا أن «ريم» لم تنجب خلال ثلاث سنوات، لقد اختارها عن معرفة وحب- كما يقولون- وكانا حديث الناس وموضع غمزهم ولمزهم، إنها- اليوم- تُصر على الطلاق، وهو يحاول التمسك بها ما استطاع! ثم مضى كل منهما في سبيله، وكانت تجربة! فلم يتزوج مباشرة، بل ظل فترة يفكر في النهاية التي لم يكن يتوقعها، ومن خلال حوار بينه وبين صديقه أسامة يعترف خالد أنه أخطأ في الطريقة التي تم بها هذا الزواج! فقد كان ضحية لمقولة شائعة إن الحب هو الطريق الأمثل للزواج، وها هو ذا- اليوم- يدفع ثمن هذا التصور ونتائجه.. ومضت فترة من الزمن وعرضت عليه شقيقته الزواج من إحدى معارفها، فاحتج بأنه لم يرها ولم يكلمها، ولا يعرف طرق تفكيرها، ولا خطوط رغباتها وآمالها! وعندما قالت له شقيقته بأنه سيراها ويكلمها ولكن في جلسة واحدة احتد غاضبًا إذ كيف سيعيش مع امرأة لا يعرفها؟ فذكرته شقيقته بأسلوب زواجه الأول، وما جر عليه من نتائج، فقد كان أسلوبًا غريبًا وافدًا، وماذا عليه أن يجرب أسلوبًا معروفًا، نابعًا من صميم عقيدته؟! لم يطل به التردد، وتزوج من أمل، التي رآها في بيت والدها، وأبدله الله خيرًا من زوجته الأولى، وقال لصديقه عندما سأله: هل لزوجتك أخوات؟ قال: لها أخوات كثيرات، ولكن لسن من نفس الأب والأم، فهي ليست فريدة عصرها، ووالدها ليس بدعًا في الآباء.. المهم أن تفتش، وتحسن الاختيار، ويكون اختيارك عبر الأبواب الرئيسية، لا عن طريق النوافذ والأسواق، أو الطرق المؤدية إلى..
وفي أقصوصة «الحصاد» يتحول المال والبنون اللذان هما نعمة وزينة، إلى نقمة وعذاب، حيث يجمع «فائز» المال من كل طريق، دون النظر إلى حلال أو حرام، ويجعل أمله في كثرته وتنميته، ويطمح أن يكون دخله أكثر من جيرانه، فلم يعرف حق المساكين والفقراء كما حدده شرع الله! بل زاد البلاء على نفسه فلطخ أمواله بالربا، ولم ينشئ أبناءه النشأة الصحيحة، فلم يشرف بنفسه على تربيتهم وتعليمهم، فهو على سفر في كل أسبوع! وفي كل يوم شغل جديد فتجارته ملأت عليه حياته، وإجازاته يقضيها مع زوجته في بلد أوروبي تاركًا الأبناء لملاحظة الأقارب وتوجيه الخادمات!
فخلا المنزل من الجو الأسري، وأفتقد صفاء الروح، ومتانة المودة ولم يجد هؤلاء الأبناء من يرشدهم، ويكون لهم قدوة حسنة، فنشز الابن «سعيد» وتصرف وهو الشاب الطائش بما يمليه عليه رفاق السوء، وتمادى في انحرافه، وفوجئ الأب بتزوير ولده لتوقيعه على شيك بمائة ألف ريال، وهروبه إلى أوروبا، وكان عمله هذا حصادًا لما أهمل الأب من قبل، فلم يكن الأب فائزًا، ولا غدا الابن سعيدًا.
وأما «جابر» في أقصوصة «فردوس الأشواك»، فلم يكن أحسن حالًا من سعيد، فقد بعث به والده ليدرس في إحدى الدول الأوروبية بناء على الحاج منه، وتردد في أول الأمر من أبیه خشية أن تتشعب به متاهات الضياع هناك.. ويسافر جابر، وينجح في السنة الأولى نجاحًا هو أقرب إلى الرسوب، ويخفق في السنة الثانية ولم يجد ما يبرر به إخفاقه إلا الأعذار الواهية من صعوبة الدراسة، واختلاف الجو، وكثرة المواد و... و... وفجأة انقطع عن مراسلة أهله والاتصال بهم، فلم يعودوا يعرفون عنه شيئًا، فيزداد قلق الأم، وهموم الأب.. وتطول المدة وينصحه أحد زملائه بالعودة إلى بلده بعد إخفاقاته المتكررة! ويقف جابر حائرًا: أيعود حاملًا إخفاقه الدراسي أَم حاملًا نفسًا بائسة مُحطمة؟ فقد أرسله أهله وهو جابر الناجح، الممتلئ شبابًا وحيوية، جابر الطموح الذي لم يرض الدراسة في وطنه.. جابر النبيه الفَطِن، ليعود إليهم مخفقًا، بليدًا مقيدًا بالرذائل، محطمًا بالمخدرات.. وعندما هم والده بالسفر ليبحث عنه، وصلته برقية تفيد بأنه قادم، ولكنه عائد وقد أصبح أوراقًا جافة، وقد غادرهم زهرة فواحة.. وفي اليوم المحدد وصلت الطائرة، ولم يصل جابر، فاضطرب الأبوان، وانقلبت لهفة اللقاء إلى خوف وترقب وحذر من أمر طارئ، وحين تقدم الأب ليسأل عنه أجيب بأن ولده وصل بالطائرة ذاتها، ولكنه نقل إلى المستشفى لمعالجته من الإدمان، بتوصية من السفارة.. واغرورقت عينا أبي جابر بالدموع، ولم تجد الأم سوى أن تدعو له بالشفاء العاجل.
ولكن ليس كل الشباب مثل سعيد أو جابر، فهما- وإن كانا قد أخطأ الطريق، وانحرفا عن السبيل القويم لسبب أو آخر، فإن هذا الشاب في أقصوصة «يا رب» يضرب المثل في المروءة التي لم تنعدم في شباب هذا الجيل، ولم يخل منها مجتمع من مجتمعات المسلمين.. فها هي ذي الفتاة «ريم» تخلفها سيارة الرحلة المدرسية في مدينة لا تعرف فيها أحدًا، فتطرق بابًا لا تعرف من سيكون صاحبه، لقد ساقتها الأقدار إلى منزل ذلك الفتى الشهم، ولم يجد بُدًا من إيوائها حتى الصباح.. وتحققت الخلوة! وما كان للشيطان أن يدعه إلا بعد جولات وجولات، وهو برده بالخوف من الله مرة، وبواجب حماية المستجير مرة.. وأحس أنه لن يتركه، فأشعل موقد الغاز، وقرب منه سكينًا حتى حميت واحمرت، وكوى بها إصبعًا من أصابعه وهو يردد و ﴿قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا﴾ (سورة التوبة: 81) وغالب شيطانه حتى غلبه، وعلا صوت المؤذن لصلاة الفجر، لتنجلي المعركة عن ثباته، وهزيمة الشيطان.
ومضت الفتاة لتلقى أباها الغاضب الخائف، ولتحكي له ما رأت، فلم يكد الأب يصدق.. ويصل إلى مدينة الفتى دون أن يعرفه بنفسه، ويسمع منه حديث المؤمن العفيف!! ويتحقق حلم الشاب في الزواج وهو لا يملك شيئًا، وتُجيب الفتاة حين يسألها أبوها عن رأيها ﴿إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ﴾ (سورة القصص: 26).
فضيحة العلمانية
إلى علمانيّ تركيا.. الذين رفضوا الاعتراف بالشهادات الأزهرية
شعر: عبد العزيز أحمد رضوان
أجهلتمْ للأزهر العنوانا
وانحدرتمْ مكانة ومكانا؟
وتجاهلتمْ الشهاداتِ منه
لبنيكْم حماقًة وامتهانا؟
وحفظتمْ للمجرمين الوصايا
واتخذتمْ إمامكم شيطانا؟
وحملتمْ ضغائن الحقد والكره
لهدْي الإسلام فيكم عيانا؟
ورميتمْ إسلامَنا بالمخازي
لتشيعوا الفساد والعنفوانا؟
هل رأيتمْ في الأزهر المعمور
بلايا؟ قنابلًا ودخانا؟
وخلايا الإرهاب تمخر فيه
وتربى في ساحة السرطانا؟
فنأيتمْ عنه ابتغاء نجاٍة
وبعقل أطفأتمُ البركانا؟
لا، وربي! فأنتمو من قديم
قد حذفتم من الصلاة الأذانا؟
وفتحتمْ مواخرَ السكرِ والفسق
وعشتم سلاحفًا، جرذانا
وخلعتمْ طربوشكم ولبستم
لِبْسَة الغرب خسٍة وامتهانا
أي حرية تذيعون عنها
وبها تنشدون فيكم أمانا؟
يوم زحزحتمو عفيفًا طهورًا
-يبتغي ربه- يدًا ولسانا
إن ذكرتم خسارة لحقتكم
فأذكروا يوم ظلمكم «أربكانا»
يوم أغلقتمو مدارس علم
ومنعتمْ أن تقرأ القرآنا!!
ومنعتم مياهكم عن صديق
وهي تجري أمامكم طوفانا
وتحالفتمو مع البغْي والشر
وعشتم لظلمه أعوانا
وحكايا «الأكراد» فيكم حكايا
هي نسج العدو منذ دهانا
هل همو لاجئون، والناس يحيون
جميعًا، أعزة إخوانا؟
أهمو مسلمون يلقون منكم
كل هذا مذلًة وهوانا؟
حسبهم منكمو مدافع «هون»
وشظايا تدمر البنيانا
وبطولات مجرمين غزوهم
فاستحقوا بغزوهم صولجانا
إننا نبتغي من الأزهر المعمور
فيكم وثيقة وبيانا
إننا ننشد الغيور عليه
أن يعريكمو ويحمي حمانا
لا كلامًا هشًا وقولًا طريًا
باهت اللفظ خافتًا وسنانا
نبتغيه ذا قوة واحتجاج
عاليًا واضحًا يهز الكيانا
غزوة الجريمة والجنس للمجتمع الإسلامي
▪ لم تكن تجارب فرويد ذات قيمة علمية لكن الذين أذاعوها وروجوا لها كانوا يهدفون إلى قتل الحصانة النفسية ودفع الشباب إلى الغواية
تحويل الفن بهدف خدمة الغايات الاستعمارية والقوى المسيطرة إلى عروض درامية للأحقاد وتجسيد الجريمة وإشاعة روح الانحلال
بقلم: أنور الجندي
تقوم الغارة الجنسية المثارة الآن في أفق الفكر الإسلامي والمجتمع الإسلامي على عاملين أساسيين:
العامل الأول: هو مطمح الصهيونية العالمية في وضع نظام يتمثل في البروتوكولات والذي يركز تركيزًا شديدًا على شباب العالم الإسلامي في محاولة لهدمه وتدميره.
العامل الثاني: هو ما حققه لهذا الهدف «فرويد» في مذهبه عن الجنس ومحاولة هدم الحصانة النفسية والجنسية في الدعوة الباطلة باسم الكبت إلى تحطيم قاعدة الاستعلاء عن الفاحشة تحت دعوى تأثيرها، والدعوة إلى الكشف عن المستور واعتبار العُري عملًا عاديًا ومحاولة تعليم الشباب أن لا يخجل من أعضائه التناسلية.
ولقد أعلن الكُتاب المتخصصون في علوم النفس فساد دعاوى الجنس جميعًا، وسلامة مقررات الدين الحق في استعلاء ما لا يملك: ﴿وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّىٰ يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ﴾ (سورة النور: 33).
كما أعلنوا فساد دعوى «فرويد» في أن الكبت سيصيب صاحبه، بأي أثر نفسي أو اجتماعي.
وقد تبيّن أن كل ما دعا إليه «فرويد» وما اعتبره علمًا هو مجموعة من تجاربه مع أكثر من مائة مريض لم يتعداها إلى المجتمع الواسع وحصر فيها دراسة جاءت عاجزة عن أن تقدم الحقائق العلمية، وهي تجربة لم تكن ذات قيمة علمية حقيقية وإنما كان عامل انتشارها وإذاعتها، وفرضها على كثير من مناهج التعليم والتربية المطمع الذي وراءها الأهواء التي تصاحب الدعاة إليها الراغبين في تدمير الحصانة النفسية ودفع الشباب إلى الغواية والأهواء والجنس.
ولم يكن الغرض الأساسي الخفي واضحًا في هذه الفترة حين كان يدعو سلامة موسى وغيره إلى مذهب فرويد في الثلاثينيات، هذا الفرض الذي ظهر واضحًا اليوم من وراء محاولات صرف الشباب المسلم عن الزواج، وإقامة الأسرة الاجتماعية الصحيحة ودفع الشباب والفتيات إلى تصريف الطاقة الجنسية خارج الأسرة بين عملية الإجهاض، وعملية الزواج غير الشرعي وزواج الرجال بالرجال والنساء بالنساء على النحو الذي يدعو إليه اليوم فلاسفة السكان وتدمير المجتمع في محاولة لتحديد النسل الذي يطلق عليه «الانفجار السكاني».
«*» كاتب ومفكر إسلامي مصري.
ولقد كان «الفن» بكل ما يتصل به من مسرح ومسلسلات ورقص وغناء على النحو الذي نراه اليوم مدخلًا لتحقيق الغاية التي يقصد إليها النفوذ الأجنبي المقتحم.
فقد كان الفن أساسًا يمثل مدخلًا من مداخل الترويح حسبما ذكر النبي ﷺ في قوله: «روّحوا القلوب ساعة بعد ساعة فإن القلوب إذا كلّت عميت».
ولكنه سرعان ما تحول على أيدي جماعات موجهة لخدمة أهداف مدمرة إلى عمل معقد يرمي إلى تدمير الكيان النفسي والوجود الأخلاقي في الإنسان والجماعة، بل ويذهب إلى أبعد من ذلك بتزييف التاريخ وإفساد الحقائق تحت اسم غريب هو: أن الفن لا يسأل عن الصدق أو الأمانة التاريخية أو التوجيه أو حماية الأعراض وتقديم الحقيقة أو حماية الكيان الاجتماعي جملة.
ومن ثم تطور الفن إلى عمل خطير الأثر لخدمة الغايات الاستعمارية والقوى المسيطرة ذات النفوذ وخلف من ورائه أثارًا خطيرة امتدت من القصة إلى المسرح إلى المسلسلات في محاولة لتقديم «الدراما»، التي لا تحمل في طياتها إلا الأحقاد والخصومات والخلافات وأصبحت المسرحية عملية صراع لا تقدم الخير أبدًا ولا تحمل للناس إلا الشر والحقد والإباحة، ومن هنا بدأت غزوة الجريمة والجنس للمجتمع الإسلامي.
فالقصة والمسرحية يدوران إما حول الجريمة أو حول الجنس أو هما معًا، وشبابنا الغض الساذج لا يعرف أبعاد هذه المؤامرة فيُقبل عليها على أنها حقائق ويندمج فيها على أنها الواقع ومن هنا تنتقل هذه الصورة إلى قلب المجتمع نفسه، فتقع أحداث وجرائم ووقائع عدوان خطيرة منقولة أساسًا من القصص والأفلام، بل لقد ذهبت القصة إلى أبعد من ذلك إلى ما يسمونه «رؤى رمزية وأثواب مجازية»، تمكن صاحبها من حرية مطلقة تتجاوز الحقيقة التاريخية أو الحقيقة العلمية، ومن ثم تحدث أخطار كثيرة نتيجة البعد عن الواقع والإغراق في الأساطير والخدع الفنية.
هذا فضلًا عما تذيعه المسلسلات من حوار هابط يشيع جوًا من الصراع وينشر أساليب منفرة من الأوصاف، والحوار مما يبعد بعدًا شديدًا عن مهمة الفن الأصيلة وهي إعلاء الذات الإنسانية عن الأحقاد والإباحيات، ولا شك أن هذا العمل يرمي إلى تدمير القيم الإسلامية والضوابط التي قررها الإسلام في نفس الشباب مما يجعله منهارًا، ليتحقق هدف القوى الزاحفة للسيطرة، بالإضافة إلى هدف تقليل نسل المسلمين وتدميره عن طريق الإجهاض والحرية الجنسية للمراهقين ومقولة فرويد الخاطئة عن «الكبت».
كل هذا يجري في مخطط بعيد المدى للسيطرة على العالم، وعلى الأمة الإسلامية أساسًا.
جاء في كتاب «بروتوكولات حكماء صهيون»: لاحظوا أن نجاح داروين وماركس ونتشه قد دبرناه من قبل والأثر غير الأخلاقي لاتجاهات هذه العلوم في الفكر الأممي «الأمم غير اليهود».
فنحن إزاء ذلك الخطر في حاجة إلى توجيه شبابنا المسلم وتوصيته بأمرين:
الأول: أن يعلم أن كل ما يطرح في أفق الفكر والثقافة والفن من الغرب هو ركام هش مختلط لا يرتبط بعقيدة أو دين أو وجهة صحيحة، ولكنه يخضع لغرض واحد: هو السيطرة واحتواء الأمم وتدمير مقومات وجودها وعناصر مقاومتها.
ونحن إزاء هذا كله ندرس ونفهم ونقارن ونحاول أن نستفيد من كل ما هو جديد، وكل ما ينمي مقومات فكرنا ويدفعنا إلى التقدم وإلى مسايرة العصر دون أن يفقدنا ذلك كياننا الأصيل وثقافتنا الإسلامية الربانية وأن يكون ما يقبل من هذه الأمم والحضارات في جانب المتغيرات، وأن نحول ما نقبله إلى كياننا فلا يسيطر علينا ولا يحولنا عن ذاتيتنا الخاصة، ونحن في ذلك لا نقف من الحضارة والعصر موقف الجمود أو الانغلاق أو التراجع ولكن من حقنا أن نتحفظ دون الوقوع في أسر التبعية.
الثاني: أن نؤمن إيمانًا أكيدًا وثيقًا أن ما نعتقده ونؤمن به ونتحرك في دائرته هو أعظم ما أعطيت البشرية في جميع عهودها وهو «المنهج الرباني الأصيل الجامع» القادر على أن يكون قائدًا ومعطيًا على مدى العصور بوسائله وأدواته التي تقوم على ثوابت أساسية لا تتغير وعلى قدرة بالغة واسعة للحركة في جميع المسارات بحيث لا يتخلف عن حركة الحياة ونقيم منهج الإعمار والتقدم والعطاء من منطلق رباني أصيل تبدأ الأمور من الله تبارك وتعالى، وتنتهي إليه وتكون حركة المسلم كلها خالصة لله في دائرة المسؤولية الفردية والالتزام الأخلاقي إيمانًا بملكية الله تبارك وتعالى لهذا الكون وأن موارده مرصودة للإنسان أيًا كان دون أن يكون لنفر منه سيطرة أو طغيان أو استعلاء في الأرض «كلم لآدم وآدم من تراب، لا فضل لعجمي على عربي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى».
وهذا الفهم الواضح العميق يستتبع بذل الجهد لحماية قيم العدل والشورى والحرية والعمل على حماية الأسرة وتحقيق وجودها ودعمها دون التنكر لقيمها، ومعارضة كل محاولة لفتح أبواب الجنس والإباحة أو الدعوة إلى الإجهاض والشذوذ أو إعلان الحرية الجنسية.
وتأتي بعد ذلك تلك المخططات التي تسيطر على المسرح والفن، وأهمها مؤامرة التجريب في المسرح الغربي، ويرى الغيورون أن التجريب مؤامرة لتفريغ الفن المسرحي المصري والعربي بشكل عام من مضمونه، وقد توصلت الدكتورة زينب عبد العزيز في كتابها إلى أن الفن التشكيلي والتجريدي والسريالي وما شابههما مؤامرة صهيونية ماسونية لتفريغ الفن من مضمونه ومعناه، وأخطر ما يقوم عليه المسرح التجريبي هو الرمز والأساطير وهو لا يتقيد بالإطار التاريخي للدخول إلى العصر ولكنه يفسد هذا التاريخ ويزيفه، ولقد عارض كثير من كتاب أوروبا هذا التيار الذي حمله يوجين يونسكو وصمويل بكث وهما صهيونيان يرميان إلى هدم المجتمع البشري.
ولعل الغرب يريد أن يفرض على المجتمع الإسلامي هذا النموذج الخطير دون تقدير للفوارق العميقة والبعيدة بين كلا المجتمعين والثقافتين، وما تزال الحضارة الغربية ماضية في طريقها إلى الإباحة والجنس معتمدة في ذلك على مناهج فلسفية مضللة مما كتب فرويد وماركس ودوركايم وغيرهم، بعد أن كشف العلماء زيف هذه المناهج.
أما نحن المسلمون قلنا منهجنا الرباني الذي نتمسك به ونعمل على تثبيته في وجه هذه الغزوة الإباحية الجديدة التي تتذرع بذرائع جديدة تختلف، عما كان في الماضي، حيث تجعل من قضية انهيار النسل في الغرب وسيلة لتدمير نسل الشرق عن طريق فرض مذاهب تقوم على الإجهاض وإشاعة الجنس، أو كما وصفت المؤتمر إيطاليا بأنه جريمة في حق الإنسانية وأنه احتلال ثالث للدول النامية حيث تنوي الدول الغنية فرض طريقة حياة نوعية معينة.
والواقع أنه لا مجال لوصاية حضارة على حضارة، وأن اختلاف القيم والشرائع والعقائد والمعتقدات أمر قائم لا يمكن تجاوزه، أن لكل مجتمع نمط الحياة الذي أسهمت الأديان والشرائع السماوية في تشكيله وتشكيل سلوكياته، وقد تبين أن هدف هذه الغارة حماية مصالح الشمال الغني مع أن الحل هو تحقيق عدالة التوزيع للمواد الغذائية، دون ظلم العناصر على حساب عناصر أخرى، مع تحقيق أكبر قدر من المعطيات للمجتمعات الشمالية، وقد تأكد تمامًا أن الدول الغنية تسعى إلى تخفيض الزيادة السكانية بالدول النامية عن طريق وسائل مدمرة بعيدة عن كرامة الإنسان وقيمه وعقائده، كالإصرار على الإجهاض والتعقيم وإبدال الزواج الطبيعي بالزواج الفاسد خارج دائرة الأسرة.
ولعل هذا يعطي الأمة الإسلامية مزيدًا من اليقين بأن الإسلام وحده هو الذي حمى البشرية ورعاها وحفظ لها العدل والمرحمة والسماحة وما يزال قادرًا على ذلك إلى آخر الدهر، وهو دليل آخر جديد على أن الحضارة الغربية تتقدم في سرعة إلى السقوط والدمار، وأن العلم الأوروبي قد خرج من دائرة حماية الإنسان وتقدمه إلى هدفه وتدميره وذلك بإشاعة حضارة الجنس والخمر والفساد الخلقي، ونهب ثروات الأمم.
هذا بالإضافة إلى الأسلحة الخفية التي يستخدمونها للحد من الإنجاب في دول العالم الثالث، مثل الأطعمة والسلع الاستهلاكية التي تؤدي إلى العقم لدى الرجال وقتل الأجنة في بطون الأمهات وتشجيع الأطفال من سن السابعة على ممارسة الجنس وتعليم مفاهيمه المغلوطة في المدارس.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل
هل بدأ الصراع بين البرهان والإسلاميين مع تراجع حميدتي.. أم تسعى قوى غربية للوقيعة بينهما؟
نشر في العدد 2181
32
السبت 01-يوليو-2023