; وحدة الصف | مجلة المجتمع

العنوان وحدة الصف

الكاتب محمد إدريس أحمد

تاريخ النشر الثلاثاء 20-أكتوبر-1981

مشاهدات 22

نشر في العدد 547

نشر في الصفحة 36

الثلاثاء 20-أكتوبر-1981

هذا رأي أعرضه على جميع إخواني في الله، القائمين بالدعوة الإسلامية في جميع أنحاء العالم، ممن رضوا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا ورسولا، وباعوا أنفسهم وأموالهم لله فأقول: يوجد اليوم في كل بلد من البلاد جماعة إسلامية، تدعو إلى الله وتعمل في سبيل إقامة المجتمع الإسلامي المنشود الذي تهيمن على كل شؤون حياته شريعة الله، وهذه الجماعات تقوم بجهود طيبة في شتى المجالات.. وما هذا التيار الإسلامي القوي، وهذه اليقظة بين مختلف الفئات في المجتمع إلا من أثر الجهود التي تقوم بها هذه الجماعات.

وروح الأخوة الصادقة، والرأفة متوفرة ومتبادلة بين الجماعات وأعضائها، مهما كانت المسافات بينهم بعيدة، ومهما حالت بينهم هذه الجنسيات والجغرافية المصطنعة، فإن القلوب التي تحابت في الله واجتمعت على طريقه لا يمكن أن يفصل بينها سبب من أسباب الأرض. 

هذه الطائفة التي تتمتع بهذه النفوس الشفافة، وهذه الروح الطيبة هي التي لا يمكن أن يقوم بينها حقد ولا تحاسد، ولا تجد بينهم سببا للتخاصم، ولا أن يفرقهم عن بعضهم هوى متبع أو دنيا يتنافسون فيها، أو زعامة يتسابقون إليها، فيتوفر لهم من هذا الاتحاد ومن هذه المحبة، ومن هذا الترابط المتين القوة التي لا تغلب والوحدة التي لا تتصدع، وينزل الله عليهم بنصره وينجز لهم وعده، ولا يجعل للكافرين عليهم سبيلا.. فهم إما أن يعيشوا في بلادهم كراما أعزاء يرفعون راية الإسلام، لينعم الناس في ظل الشريعة الربانية.. وإما أن يمضوا إلى ربهم شهداء، ﴿قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ ۖ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا ۖ فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُم مُّتَرَبِّصُونَ (التوبة:52).

 إذا كان هذا حالنا، فلماذا التفرقة؟ ولماذا الاختلاف في الكلمة؟ أليس هذا الاختلاف الذي نعيشه مخالفا لتعاليم ديننا؟ أين الإيثار؟ أين التماس العذر بعضنا للبعض؟ أين روح السماحة الذي ندعو إليه الناس ونحن لا نستطيع أن يعذر بعضنا بعضا في اختلاف وجهات النظر، والخلافات الفرعية في وسائل ومناهج الدعوة؟ إن الهدف واحد لدى جميع الجماعات الإسلامية القائمة الآن في العالم.. ألا نستطيع يا إخوتي أن نتجاوز الخلافات الفرعية التي تؤدي إلى كثرة السبل والاتجاهات، ثم إلى الفشل، على حربنا؟ أتذكرون أن منهجهم لحرب الإسلام والمسلمين وخاصة الحركة الإسلامية يسير في كل البلاد على خط مرسوم واحد؟ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم «الكفر ملة واحدة».

يا إخوتي.. والله لا أدري ماذا جرى للقلوب حتى سرنا إلى ما سرنا إليه، إن الظروف التي تمر عليها الحركة الإسلامية تحتم علينا بأن نتحد ونكون يدا واحدة على أعدائنا، تذكرون في ذات السلاسل أن عمرو بن العاص رضي الله عنه كان أميرا على السرية، ثم جاء أبو عبيدة رضي الله عنه بالمدد فقال عمرو إنه أمير الجيشين وقال أبو عبيدة كل أمير على جيشه، وعندما تمسك عمرو باجتهاده قال أبو عبيدة رضي الله عنه «يا عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا ألا نختلف وإنك إن عصيتني أطعتك أنا» انظر... من يقول لك حتى لو خالفتني فأنا ساطيعك.. مارأيك؟؟ يجب يا إخوتي أن تتوفر هذه الروح، وإن يكون جهادنا خالصا لوجه الله.

ألا يستطيع أحدنا أن يقول: ما ينبغي لنا يا إخوتي أن نفرق الجهود، وإن نشتت الجموع فتكون كل فرقة في منهجها الخاص تتشبث، وأعداؤنا مجتمعون علينا.. ما ينبغي يا أحفاد الصحابة، يا إخوان الرسول صلى الله عليه وسلم أن يكون كل واحد منا في واد، وأعداؤنا لا يختلفون أبدا على حربنا.

من هنا نطالب جميع الجماعات الإسلامية، بتوحيد الصفوف، وتكوين حركة إسلامية واحدة، تطبق الإسلام بكل جوانبه، واليوم- وبحمد الله- عندنا إسلاميون من كل الفئات من أساتذة دكاترة، علماء، تجار، مهندسين و و. و. ولكن الجبهة الإسلامية التي تجمع هذا العدد الهائل، وهذه الطاقات المبعثرة غير موجودة فعلا، وبالتالي التعاون غير قائم مادامت الوحدة الإسلامية غير قائمة، لأنه إذا كانت الوحدة قائمة فسنتعاون ويجاهد أصحاب المال بأموالهم، ويجاهد أصحاب الكفاءات بعلمهم، وبهذا تستطيع الوحدة الإسلامية أن تقيم اقتصادا إسلاميا يغزو العالم، ومؤسسات تجارية إسلامية، وإعلامًا إسلاميًا بمختلف الوسائل، وهكذا في جميع المجالات.

وأن تكون هذه الحركة وحدها هي التي تمثل الإسلاميين، وأن يجتمع كل من يعملون في الدعوة على هذه الجماعة مرة واحدة، وأن تكون القيادة واحدة، وأن يكون هناك مركز واحد للوحدة، وأن تكون جميع الفروع في العالم تابعة له، ويكون هناك أمراء على الفروع، وأن تسير الدعوة بمنهج واحد في كل الأماكن مع مراعاة ظروف وأوضاع كل بلد، وأن تسير الدعوة في تنسيق وتنظيم كاملين.

ونريد كذلك جمع كل الطاقات المتوفرة لدينا في هذه الجماعة، وأن يكون كل أخ ليس أحق بدرهمه من أخيه كما كان الصحابة رضوان الله عليهم، ولا يهنأ له عيش حتى يرى حكم الله قائما في الأرض كلها، وشريعته مهيمنة على الحياة بجميع نواحيها، وصوت الحق عاليا، وصوت الباطل خافتا أو يموت دون ذلك. 

ومن فوائد وحدة الإسلاميين أنه سيحصل هناك انفصال بين الأنظمة التي لا تحكم بكتاب الله وسنة رسوله في جميع شئون حياتها، وبين وحدة إسلامية تطبق الإسلام كله جملة كما أمر الله سبحانه، ليست متفرقة ولا متنازعة بعدد كبير من المؤمنين، يلتزمون بتعاليم الإسلام في جميع شئونهم الخاصة والعامة أينما كانوا، وهنا مفترق الطريق... حزب الله وهم هؤلاء المؤمنون المتمسكون بكتاب ربهم المتبعون لسنة نبيهم، وحزب الشيطان وهم في المقابل الذين كرهوا ما أنزل الله، وأبعدوا كتاب الله وسنة نبيهم عن حياتهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها ، وحصروه في المساجد وأخذوا منه ما وافق هواهم وشهواتهم، فيحصل من هذا الانفصال أن تنحاز الشعوب الإسلامية إلى جانب الحق، لأنهم الآن يقفون مشدوهين لا يعرفون أين يتجهون/ لأن وسائل إعلام الأنظمة تنتهز فرصة تفرق الجماعات، فيصفون كل جماعة تدعو إلى الله بالتعصب والتشدد والتطرف، إلى آخر الأسماء التي يستعملونها، فيصورون للشعوب المغلوبة على أمرها أن هؤلاء ليسوا من الإسلام في شيء، وأن الأنظمة هي التي تطبق الإسلام كاملا، بدليل أنهم يبنون المساجد ويذيعون القرآن من الإذاعة، ويطبعون المصاحف ويحتفلون بالمولد النبوي ، وليلة الإسراج والمعراج، وليلة ۱۵ شعبان، فإذا توحدت الصفوف ولم يعد هنالك وجود لجماعات صغيرة إلا هذه الوحدة فلن يجدوا من يلصقون به تهم التعصب أو التشدد أو التطرف، ومن فوائد هذه الوحدة إن أعداء الإسلام لن يستطيعوا الاضطهاد والتنكيل الذي يمارسونه الآن ضد الجماعات الصغيرة، لأنهم يتصيدون كل جماعة على حدة، أما هذا العدد الهائل والمتماسك السائر على منهج موحد فيدخل الرعب في قلوبهم ولن يتمكنوا أبدا من التنكيل به بالطرق التي نراها الآن.. إن هذه الوحدة فيها خيرنا وصلاح أمرنا، فتأملوا.. ألا هل بلغت اللهم فأشهد.. ألا هل بلغت اللهم فأشهد.. ألا هل بلغت اللهم فأشهد.

الرابط المختصر :