; بعد مؤتمر الخليج- أمريكا: القدرة الاقتصادية الخليجية بانتظار الاستثمار السياسي | مجلة المجتمع

العنوان بعد مؤتمر الخليج- أمريكا: القدرة الاقتصادية الخليجية بانتظار الاستثمار السياسي

الكاتب صالح إبراهيم البليهي

تاريخ النشر الثلاثاء 28-يونيو-1988

مشاهدات 22

نشر في العدد 872

نشر في الصفحة 28

الثلاثاء 28-يونيو-1988

  • توقف الحرب العراقية الإيرانية سيؤدي إلى زيادة حجم العمليات التجارية بين دول مجلس التعاون والولايات المتحدة.

انعقد يوم 6/٦/1988 في مدينة «هيوستن» بالولايات المتحدة مؤتمر كبير تحت عنوان «الخليج/ أمريكا» شارك فيه عددٌ كبيرٌ من الاقتصاديين الخليجيين والأمريكيين.. إضافة إلى بعض رجال السياسة في أمريكا... وقد تم انعقاد المؤتمر بإشراف «مؤسسة عطية» واستمر ثلاثة أيام. وقد ترأس المؤتمر رجلان يمثلان الخليج العربي وأمريكا هما الشيخ إسماعيل داود رئيس المجلس السعودي الموحد لغرف التجارة والصناعة، وحاكم ولاية تكساس السابق جون كونا للي.

المشاركون:

أما الشخصيات العربية المشاركة فهي: الأمير فهد بن عبدالله مساعد وزير الدفاع السعودي والأمير محمد بن فيصل آل سعود رئيس بنك دار المال الإسلامي والسيد يوسف شيراوي وزير التنمية والصناعة في دولة البحرين إضافة إلى (۱۰۰) من رجال الأعمال وفدوا من دول مجلس التعاون الخليجي والعراق.

وقد شاركت في المؤتمر شخصيات أمريكية ضمت بعض المسؤولين السابقين والحاليين منهم الرئيس الأمريكي الأسبق جيرالد فورد، ومرشح الرئاسة عن الحزب الديمقراطي جيسي جاكسون، ووزير الزراعة السابق جون بلو، ونائب مساعد وزير التجارة جيمس كيلي فضلًا عن تشارلز شونا نائب مساعد وزير المالية الأمريكي لشؤون الجزيرة العربية... والسيدة كاترين ويتماير رئيسة بلدية مدينة هيوستن وقد حضر أيضًا أكثر من (۲۸۰) رجلًا من رجال الأعمال الأمريكيين.

أهداف عامة:

ويبدو أن للمؤتمر في نظر المشاركين العرب والأمريكان أهمية نابعة من أهدافه العامة التي وصفها مسؤول أمريكي كبير وهو يعقب على المؤتمر بقوله:

«إن علاقات اقتصادية ونقدية مستقرة بين الولايات المتحدة ودول الخليج العربية هو هدف هام من أهداف سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط».

ويحدد الرئيس العربي للمؤتمر الشيخ إسماعیل داود هدف المؤتمر العام بقوله:

«إن هذا المؤتمر هو تعريف للأمريكيين بإمكانياتنا في الخليج، وتعريف العرب بإمكانات الولايات المتحدة» 

ومن ذلك نستطيع القول إن هدف المؤتمر العام سينحصر - كما هو ظاهر- بالناحية الاقتصادية والنقدية. 

أثر انخفاض الدولار:

ويبدو أن الجانب الخليجي من أعضاء المؤتمر اهتموا بانعقاده لما قد يوفره من فرصة عبر عنها الرئيس العربي للمؤتمر بقوله:

«إن انخفاض قيمة الدولار، وارتفاع قيمة عملات بعض الدول الصناعية الأخرى يوفر فرصة فريدة لتعزيز وتوسيع العلاقات التجارية - الأمريكية- العربية»

ويعتقد المراقبون الاقتصاديون أن توريد المنتجات التجارية الأمريكية إلى المنطقة العربية في مستوى الدولار الحالي يؤدي إلى توفير النقد العربي إلى ٣٥% مما لو تم توريد المنتجات التجارية نفسها من أوروبا وذلك بسبب الفارق بين العملات الأوروبية التي قفزت والدولار الأمريكي.

التركيز على التجارة:

إن رجال الأعمال الأمريكيين.... ومعهم الساسة ينظرون أولًا إلى المال العربي على أنه دعم لاقتصاديات أمريكا، لذلك جاء الإغراء التجاري المتبادل بين العرب والأمريكان على لسان رئيسة بلدية «هيوستن» في كلمتها الترحيبية التي أشارت فيها إلى «ما تتمتع به مدينة هيوستن من موقع جغرافي وعلاقات مع الدول العربية، مما يتيح لها المجال لتسهيل التجارة بين أمريكا والعالم العربي».

على أن التركيز على التجارة هو الموطئ لاستدار المال العربي إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ويشمل ذلك الاستثمارات العربية للمؤسسات التجارية في أمريكا.

 ولعل الذي يغري رجال الأعمال والساسة بالتجارة مع أهل الخليج معرفتهم بأن أهل الخليج يدفعون.... ويرد هنا قول لريتشارد مورفي مساعد وزير الخارجية الأمريكية أمام لجنة تابعة للكونغرس ومختصة بشؤون الشرق الأوسط... فقد قال عن الخليجيين ممثلًا بإحدى دولهم إنهم «مشترون ويدفعون نقدًا.. وكلما رفضنا طلباتهم فقدنا نفوذًا ومبيعًا» وكالة الإعلام الأمريكية 10/٥/١988. 

  • في منظور المصالح الأمريكية هناك تزاوج بين السياسة والاقتصاد والأمن الأمريكي: 

النفوذ والمصلحة الأمنية:

من خلال شرح مورفي للجنة الكونغرس المذكورة، قرن مساعد وزير الخارجية بين النفوذ والمبيعات لأن كلاهما مرتبط بالآخر، فالمبيعات التجارية سواء منها الاستهلاكية أو العسكرية تحقق نفوذًا للولايات المتحدة، والعكس يؤدي أيضًا إلى نفس النتيجة، وبالتالي فإن مورفي يؤكد أمام لجنة الكونغرس بـ «أن العلاقات الأمريكية مع الدول العربية الصديقة في الخليج هي علاقات حيوية للمصالح الأمنية الأمريكية»

إذًا فمجموع العلاقات التجارية والاقتصادية بين أمريكا والخليج هي حلقة أساسية من حلقات النفوذ والمصالح الأمنية، وكلما توطدت العلاقات التجارية حتى على مستوى الشركات الاقتصادية ورجال الأعمال فإن ذلك سيوسع دائرة المصالح والنفوذ بشكل مضطرد... وبالتالي لن ينفك الاقتصاد والنقد عن القضية الأمنية.

الحجم التجاري:

يهتم الأمريكيون بهذه السوق لأنها كما أسلفنا تحقق هدفين «المال – النفوذ». ولذلك فقد اتسع حجم العمليات التجارية بين الخليج وأمريكا مؤخرًا، وقد عبر عن ذلك تشارلز شونا نائب مساعد وزير المالية الأمريكي لشؤون الجزيرة العربية في خطابه الذي وجهه في المؤتمر لرجال الأعمال العرب والأمريكان حيث قال:

«التجارة هامة للعلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة والخليج العربي، وأن التجارة بين الطرفين تشهد ازديادًا الآن بعد أن شهدت انخفاضًا في السنوات الماضية».

وأوضح أن حجم التجارة كان عام ۱۹۸۰ (۱۰) ملیار دولار.. بينما كان عام ۱۹۷۸ (۱) مليار دولار.. واكد أن الانخفاض عام ١٩٨٥ تعدل حاليًا.

الازدهار ووقف الحرب:

ويعتقد الأمريكيون أن ارتفاع أسعار البترول وانتهاء الحرب في الخليج سيؤدي إلى ارتفاع حجم التجارة بين الخليج وأمريكا... فقد قال «شوتا» في المؤتمر نفسه: «إن الأنباء السارة هي أن حجم التجارة قد بدأ في الازدياد، فما زال مجلس التعاون الخليجي يشكل سوقًا هامة للولايات المتحدة «سابع أكبر سوق» بالإضافة إلى أن من المرجح أن تزدهر اقتصادیات دول الخليج خاصة إذا ازدادت أسعار البترول وانتهت الحرب الإيرانية - العراقية، وهذا سوف يؤدي إلى خلق فرص أكثر بكثير لمستثمري القطاع الخاص من الولايات المتحدة ودول الخليج».

دور البترول:

الحقيقة أن البترول في السبعينيات ساهم في تنويع الاقتصاد الخليجي... وكان يأخذ نصيب الأسد من واردات مجلس التعاون الخليجي لأمريكا.. وهذا ما ألمح له شوتا بقوله:

«إن البترول ومنتجاته يشكل ٩٠٪ من صادرات مجلس التعاون الخليجي...»

 ثم قال أيضًا:

«لقد ساعدت المداخيل العالمية لصادرات النفط في السبعينيات وأوائل الثمانينيات دول الخليج على قطع خطوات سريعة نحو تنويع اقتصادها، وساعد ذلك في تخفيض الاعتماد على قطاع البترول».

ولو أحسنت دول مجلس التعاون استغلال الثروة البترولية في تحسين الاقتصاد وتنويعه ليشمل الزراعة 

والتصنيع الخفيف والثقيل.. لكان الوضع مثاليًا في الخليج.

موقف الحكومة الأمريكية:

انطلاقًا من إدراك السياسيين الأمريكيين لفوائد تنشيط التجارة مع دول مجلس التعاون الخليجي، فإن الحكومة تساعد بل تنشط قيام استثمارات لرجال الأعمال الأمريكان في منطقة الخليج، وقد كشف أحد المسؤولين الأمريكيين كما نقلت ذلك وكالة الإعلام الأمريكية يوم 6/٦/1988ما يلي:

«إن حكومة الولايات المتحدة تشجع بشكل ناشط الاستثمارات الأمريكية الخاصة في الخليج، وذلك عن طريق شركة الاستثمارات الخاصة فيما وراء البحار، التي لديها الآن اتفاقيات ثنائية مع البحرين وعمان وقطر والمملكة العربية السعودية» وقال المسؤول أيضًا: «تتفاوض الشركة حاليًا لعقد اتفاقات مع الكويت والإمارات العربية المتحدة».

وبعد:

إزاء الحيثيات الواردة في هذا التقرير الذي يؤكد على أن النشاط الأمريكي يزاوج بين الاقتصاد والسياسة.. فإن المطلوب على مستوى مجلس التعاون الخليجي أن ترتبط الخطط التجارية مع الولايات المتحدة باستثمار سياسي لمصلحة الأمة العربية والإسلامية، وإذا كانت أمريكا لعبت لعبة «القمح» مع الاتحاد السوفياتي من أجل تهجير المزيد من اليهود إلى فلسطين المحتلة، فإن حجم التبادل الاقتصادي والمالي بين العرب والأمريكان أقوى مما هو بين أمريكا والاتحاد السوفياتي.

لذا.... فالمطلوب أن تكون الورقة الاقتصادية ورقة ضغط على السياسة الأمريكية من أجل مصالح أمتنا ولا سيما فيما يتعلق باليهود واغتصاب فلسطين المسلمة. فهل نحن فاعلون؟.

الرابط المختصر :