العنوان سوريا على خطى ليبيا!
الكاتب خيري عمر
تاريخ النشر السبت 07-مايو-2011
مشاهدات 20
نشر في العدد 1951
نشر في الصفحة 20
السبت 07-مايو-2011
نظام دمشق معروف بنزعته للحلول العسكرية في إخماد الاحتجاجات كما حدث في حماة عام ١٩٨٢م
بشار الأسد، حسم خياراته السياسية باستخدام القوة المفرطة كحل أخير من أجل استمراره في الحكم
باستثناء إيران.. لا يتوقع النظام السوري دعما خارجيا أو ملاذا آمناً وهذا ما يزيد استخدامه للعنف
تتجه التطورات السياسية في سورية إلى حدوث أزمة إنسانية وذلك بعد تدخل الجيش لحماية نظام بشار الأسد»، وهو ما يكشف عن تحول سريع في الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد، إذ إنه رغم الإعلان عن إلغاء حالة الطوارئ، صار الحل العسكري يشكل الخيار الأساسي للسلطات السورية، وهو ما يفتح الباب لطرح فكرة التدخل الدولي لحماية المدنيين، ويسرع من انتقال المنطقة إلى حالة استقطاب إقليمي. وتشير الأحداث المرافقة لاقتحام الجيش السوري لمدينة درعا» بأن النظام في دمشق لن يقبل باستمرار أعمال الاحتجاج، وأنه سيعمل على اتخاذ الإجراءات الممكنة لوأد ومكافحة المحتجين سواء في درعا، أو في غيرها من المحافظات.
ولدى النظام السوري خبرات سابقة في إخماد الاحتجاجات عن طريق الجيش كما حدث في تدمير مدينة حماة» في عام ۱۹۸۲ على إثر خلاف بين النظام وجماعة الإخوان المسلمين.. فدخول الجيش السوري إلى مدينة «درعا» يتماثل مع الأحداث التي شهدتها «حماة، قبل نحو ثلاثة عقود، وهذا ما يشير إلى ضعف القدرات التفاوضية للنظام السوري، وشدة نزعته للحلول العسكرية. ورغم اختلاف الظروف السياسية إقليمياً ودوليا، فليس من المرجح أن يحدث تغير في إدارة النظام السوري للأزمة السياسية التي تشهدها البلاد.. فخلال الأيام الماضية، شن حملة إعلامية لإدانة المتظاهرين، وتضمنت تلك الحملة اتهامات بوجود مجموعات مسلحة بين المتظاهرين، كما اتهم الجماعات السلفية باستخدام السلاح ضد قوات الأمن والجيش، وقد دشن الخطاب الإعلامي للتمهيد لاستخدام الجيش في قمع وإخماد الاحتجاجات.. وبهذا المعنى، يمكن القول: إن «بشار الأسد» حسم خياراته السياسية باستخدام القوة المفرطة لفرض سلطته واستمرار نظامه كحل أخير.
طبيعة النظام
ويرجع التوجه للحسم العسكري إلى طبيعة النظام السوري؛ حيث تشكل الطائفة «العلوية» النخبة القيادية في الجهاز الإداري والمؤسسة العسكرية، وخلال العقود الماضية تغلغلت هذه التركيبة في جهاز الدولة والنظام الحزبي عبر هيمنة حزب البعث العربي الاشتراكي»، ولذلك صارت هذه التركيبة تشكل مصدرا للتوتر السياسي الكامن مع غالبية السكان المنتمين للمذهب السني، كما أدت إلى ترسيخ الطابع العنصري في هيكل السلطة السياسية.
ولعل النتيجة المهمة التي ترتبت على هذه الأوضاع تتمثل في انحسار بدائل التسوية أو الحل أمام قيادات النظام فداخليا من المرجح أن تدار الأزمة في سورية على أساس معادلة صفرية، سوف يستخدم النظام فيها كل إمكاناته العسكرية والسياسية.. أما خارجياً، فإنه باستثناء إيران لا يتوقع حصول نظام الأسد على مساعدات خارجية أو ملاذ آمن وهذا ما يزيد من الاتجاه لاستخدام العنف.
وبينما يحظى النظام السوري بتأييد إيران وحزب الله فإن هناك العديد من الأطراف الأخرى التي تميل لتأييد المحتجين أو تقف على الحياد، مثل دول الخليج التي تسعى لوقف تمدد النفوذ الإيراني في المنطقة العربية، ويُضاف إليها الأردن ومصر وتركيا؛ حيث تسعى هذه الدول لتحقيق انتقال سلمي للسلطة في سورية، وتجنب حدوث فوضى أو صراعات إقليمية تضر باستقرارها.
استقطاب إقليمي
ففي هذه المرحلة، تحرص غالبية دول العالم العربي على عدم حدوث استقطاب في السياسة العربية، وذلك على أساس وجود نظم ثورية وأخرى تفرض وجودها على غير إرادة الشعوب وهذا ما يشكل تهديدا للنظام العربي.. ولعل تأجيل انعقاد الجامعة العربية واجتماع وزراء الداخلية العرب هو من النتائج الأولية التي تعكس مدى الانقسام الذي سيحدث في العالم العربي.
وفي هذا السياق، تشكل علاقة النظام السوري بإيران واحدة من المعضلات التي تواجه الدول العربية فهناك قلق عربي عام من التحالف السوري - الإيراني، وهذا القلق يرجع إلى عدة عوامل، لعل أهمها سعي إيران إلى توسيع نفوذها في الدول العربية عبر نشر المذهب الشيعي، ودعم «حزب الله في لبنان والتأثير على الحكومة العراقية والتقارب مع الحوثيين في اليمن، ومن المرجح أن تؤدي هذه الأوضاع إلى حدوث استقطاب إقليمي ما بين مؤيد ومعارض للنظام السوري، وهذا ما يُعد من العوامل التي تدفع باتجاه التوسع في استخدام القوة العسكرية من أجل حماية القيادات السورية.
التدخل الدولي
وإزاء هذا الوضع، قد تدفع التطورات السياسية للجوء إلى التدخل الدولي كحل أخير لحماية المدنيين، ويمكن أن يحدث ذلك بطريقة مماثلة لما حدث في ليبيا بحيث يكتسب التدخل الدولي شرعية إقليمية ودولية يستطيع من خلالها حلف شمال الأطلسي (ناتو) إدارة معارك عسكرية وسياسية لتأمين مصالح أعضائه في المنطقة وخاصة المصالح التي تضمن استمرار هيمنته الفكرية والسياسية والعسكرية وهي مصالح تشمل التقليل من دور الأفكار المناهضة للديمقراطية الليبرالية والمصالح الاقتصادية واستمرار الكيان الصهيوني كحليف إستراتيجي.
ويثير ذلك التطور - في حال حدوثه - التساؤل عن مآل ومصير الثورات العربية بعد الهيمنة على مسارها في كل من ليبيا وسوريا، وعدم وضوح المسار الثوري في العديد من الدول الأخرى، وخاصة ما يتعلق بأفكار التنمية وتركيبة النخبة السياسية الجديدة.
وبشكل عام، يمكن القول: إن هناك ثلاثة عوامل تشكل تهديدا للثورات العربية، تتمثل في: التدخل الأجنبي، والصراعات الداخلية وهشاشة الدولة في العالم العربي.. ويشكل العامل الأخير محور التحديات التي تهدد مستقبل الثورات حيث إن ضعف قدرات وانهيار مؤسساتها، سوف يدفع في النهاية إلى الاعتماد على الموارد الخارجية للخروج من الأزمة السياسية، وهذا ما يربط عملية التحديث والتنمية برؤية ومطالب مؤسسات التمويل الدولية.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل