; هكذا علمنا تاريخنا الخطر من هنا | مجلة المجتمع

العنوان هكذا علمنا تاريخنا الخطر من هنا

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 05-سبتمبر-1972

مشاهدات 11

نشر في العدد 116

نشر في الصفحة 29

الثلاثاء 05-سبتمبر-1972

أسلوب الخطابة والإعلان بكل الطرق عن أشياء يراد أن تقع أو لا يمكن أن تقع، أسلوب «ثوري» جديد لم نعهده في تاريخنا.  
لقد تعلمنا من إسلامنا «استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان» وكنا نضع في اعتبارنا دائمًا أن «الحرب خدعة» وكان الرسول عليه الصلاة والسلام يخرج إلى غزواته في سرية هكذا تم فتح مكة، وهكذا تحرك إلى غزوات وسرايا أخرى، ولم يكن إعلانه عن بعض غزواته إلا داخلًا في خطة واستراتيجية المعركة.
وكان فاتح القسطنطينية، ومدمر الإمبراطورية البيزنطية «محمد الثاني» يقول: «لو أن شعرة في لحيتي علمت ما يدور في رأسي لا حرقتها»
أما الفاتحون بالشعارات والكلمات الرنانة والخطب فهم لا يعدون أن يكونوا لقمة سهلة يلتهمها أعداؤهم بل ربما كانوا أداة يستغلها أعداؤهم لالتهامهم والتهام شعوبهم وأمتهم.    

القضايا العربية لا بد أن ترتبط بهدف عقائدي، ولا بد من أن يوضع الإسلام في اعتبارها.
إن الذين خدعوا زعماء العرب بالفصل بين الدين أو الإسلام بالذات والسياسة قوم منافقون.
 إن أوروبا لم تفصل بين الدين والسياسة، والفاتيكان ليس هيئة دينية، وإنما هو هيئة دينية سياسة، يعمل بتناغم وتناسق وتخطيط مع القوى الاستعمارية العالمية ويتولى أمر توجيهه دهاة السياسة الاستعمارية، وتمول خزانته وأنشطته المختلفة قوى السياسة الاستعمارية في العالم.  هذا ما يجب أن يحفظه الساسة العرب وأن يتعلموه من دروس التاريخ.
إن هناك مواقف سياسية يجب أن يعاد فيها النظر على ضوء هذا الاعتبار    الموقف من باكستان، والموقف من تركيا، والموقف من الحبشة، والموقف من الفلبين، والموقف من تشاد، والموقف من إندونيسيا.
إن اليهود في كل مكان في العالم يلتقون على سياسة واحدة هي خدمة «اليهودية» وقاعدتها وعاصمتها إسرائيل، وهم لا يعرفون الفصل بين اليهودية واليهود، ولا بين اليهودية وإسرائيل، وبتعبير آخر لا يفصلون بين السياسة ودينهم، إنهم يسخرون كل طاقات السياسة والاقتصاد والعلم لخدمة يهوديتهم، وبهذا نجحوا في سياستهم وفى اقتصادهم وفي دينهم، إذ إن هناك خيطًا وحافزًا وإستراتيجية ثابتة تقبل المرونة في حدودها وفي إطارها الداخلي. 
لكن الميوعة والتظاهر بالعلمانية وفصل السياسة عن الإسلام، بل وفصل جيوشنا المقاتلة - أو المفروض فيها أن تقاتل - فصلها عن دينها   فهذه هي جريمة جيلنا وسبب نكستنا وعارنا.
لماذا يرتبط اليهود بدينهم سياسة واقتصادًا ويكتب علينا وحدنا الفصل بين ديننا وكل طاقات حياتنا؟
ولماذا يرتبط النصارى بدينهم ويخططون له ويسخرون السياسة والاقتصاد لخدمته ويكتب علينا وحدنا الفصل بين ديننا وكل طاقات حياتنا؟
ولماذا يربط الشيوعيون بين سياستهم وعقيدتهم المادية، ونفصل نحن بين سياستنا وعقيدتنا؟
ألسنا ضحايا تخطيط عالمي غريب؟ ألسنا نقضي على أنفسنا وهدف وجودنا بهذه السياسة الساذجة هذا واحد من أكبر الاخطار التي تواجهنا.
شيء من الخلق
المناقشات التي تدور على صفحات البريد أو القضايا في الجرائد اليومية تكشف عن مدى الهبوط الخلقي الذي يتمتع به جمهرة كبيرة من هذه الأمة، وإذا كان هؤلاء ملومين، فإن الصحف التي تسمح بإشاعة هذه الفوضى الخلقية ملومة كذلك.    أليست الصحافة رائدة وأداة توجيه أم أنها مجرد مرآة تعكس التشنجات والفوضويات الخلقية. 
 

الرابط المختصر :