العنوان مسألة الاختلاط عند الكاتب المسلم محمد قطب
الكاتب أحد القراء
تاريخ النشر الثلاثاء 23-مايو-1972
مشاهدات 21
نشر في 101
نشر في الصفحة 10
الثلاثاء 23-مايو-1972
صفحات حرة
مسألة الاختلاط عند الكاتب المسلم
محمد قطب
السيد المحرر..
بما أن صحيفتكم قد أولت مسألة الاختلاط اهتمامًا خاصًا، فقد رأيت أن أقدم «للصفحة الحرة» عرضًا لأفكار الكاتب الإسلامي الكبير: محمد قطب في هذه القضية لعلها أن تثير نقاشًا مثمرًا بين القراء، وأحب أن أوضح أنني لم أقصد بهذه المبادرة أن أثير النقاش حول الموضوع ذاته؛ بقدر ما قصدت أن أعرض «منهجًا في التفكـير الإسلامي» اعتقد أنه متميز عن كثير من المواقف الفكرية التي وقفتها مجلتكم من هذه القضية، على الرغم من الاتفاق التام في العقيدة والإخلاص لمبادئ الدين الإسلامي والالتزام بها.
صفية الإمام – الرميثية
· مازلنا ومنذ أمد بعيد نستمع إلى الحجج التي يريد أصحابها أن يعللوا بها موضوع الاختلاط يقولون مثلًا؛ أن الاختلاط يهذب المشاعر الجنسية.. ويكسر من شوكتها؛ لأنه لا يوجد الجوع الجنسي الكافر الذي يؤدي إلى الانحراف أو الشذوذ، وحين يرى الفتى الفتاة، وتراه ويطمئن كل منهما إلى الآخر تزول اللهفة الجائعة والنظرة المختلة، ولا يعود الجنس هو الشاغل الأول للشباب، ويرتفع الشـاب والفتاة عن بهيمية الغريزة؛ لأنهما سيشغلان لقاءهما بأحاديث علمية وأدبية وبمناقشة أمور سياسية واجتماعية وفكرية، أشياء خارجة عن نطاق الجنس وحين يوجد الشاب في مجتمع مختلط تتهذب ألفاظه، فلا ينطق بالفحش الذي يستبيحه لنفسه في مجتمع الشباب، وحين تتعود الفتاة على لقاء الرجل وصحبته تتغير صورته في نفسها؛ فلا يعود هو الذئب المفترس ولا الكائن المرهوب، ولا الجسد الظامئ، وحين يلتقي الجنسـان يتعرف كل منهما على طباع الآخر ولا يصبح اللقاء في الزواج هو المفاجأة المذهلة التي تحير الأعصاب وتربك الأفهام، وحين يرى الشاب النساء، وترى الفتاة الرجال، ويختلط كل منهما بالآخر.. فلا تعود الفتاة تنفق طاقتها كلها في التزين الذي تتصيد به الرجال، ولا يعود الشاب يفكر في الفتاة بتلك الطريقة الشهوانية الفظة.
إننا نسمع مثل هذا الكلام لكي يبرر قائلوه صحة حججهم، ولكن هل هذا الكلام صحيح؟؟ ينتقل الكاتب الكبير إلى مناقشة هذه الحجج المزعومة، فيقرر أن التجربة وحدها تكذب هذه الادعاءات، ويستشهد بأمريكا وأوروبا.
هل أمريكا تعاني الكبـت الجنسي بسبب عدم الاختلاط؟ ما بالها -إذن- تعج بالفضـائح الخلقية والشذوذ الجنسي؟ وبحوادث الطلاق التي تزيد نسبتها عن أي بلد آخر على ظهر الأرض.
إن الذي حدث في أمريكا وأوروبا هو العكس، حدث سعار جنسي مجنون كل الذي اختفى هو التحايل للحصول على المتعة المحرمة والمعاكسة في الطرقات؛ وهذه لم تختف ترفعًا، وإنما اختفت من شدة التيسير. هل التهذيب في عرفنا هو هذا الذي نراه في الغرب؟
هل حين تختفي المعاكسات نعتبر أن المجتمع قد تنظف، وأننا صرنا فضلاء؟ ولو كانت البيوت والنوادي تتحول إلى مواخير؟
وفي بيانه لوجهة النظـر الإسلامية في المسألة يرى الأستاذ: محمد قطب أن الإسلام لا يقصد أن تختفي المرأة عن الرجل اختفاء كاملًا حتى تشغل كل خيالاته المريضة، ولا أن يختفي الرجل عن النساء.. المقصود فقط ألا تنشئ معه علاقة خاصة لا ترتبط برباط شرعي.
فهي تخرج، وترى الرجال، ويرونها بشرط ألا تكون عارية قد خرجت للفتنة والصيد والإيقاع، ليس الخروج هو الممنوع في حد ذاته.. وإنما الهدف هو موضـوع السؤال: تخرج لتتعلم؟ تخرج لتعمل؟ تخرج لترى الشمس والهواء؟ نعم ذلك كله مباح.. كله نظيف.. كله مشروع، أما أن يكون في باطن إحساسها إثارة الفتنة وتصدي الأنثى للذكر، ويكون العلم أو العمل أو النزهة ستارًا لكل ذلك؛ فهذا هو الحرام، وهي تتعامل مع الرجل يكلمها وتكلمه، ويناقشها وتناقشه، ويرشدها وترشده، ويتبادلان الخدمات التي تحتمها ضرورات الحياة في هذا الحد النظيف المكشوف الذي لا يختفي وراء الفتنة، ولا تتخلله ضحكة فاجرة، ولا نظرة جائعة، ولا حركة ممثلة، ولا غمزة من طرف خفي.. أهداف نظيفة وسلوك نظيف.
وقد لاحظت هنا في الكويت أن بعض المثقفين المسلمين حاول الدفاع عن شعار الاختلاط بدعوى أن النساء -زمن الرسول- كن يشهدن الصلوات والدروس الدينية مع الرجال في المسجد، وخرجن مع الرجال في الحروب، وأن الاختلاط لا يزال قائمًا في الحج وفي الطواف، وغاب عن هؤلاء أن المناخ الذي يتم فيه الاختلاط مختلف، وأن «المختلطين» أنفسهم يتخلفون في تربيتهم وأخلاقهم وسلوكهم، وأن الاختلاط هناك يتم في حدود الشريعة، وينتهي عند أهدافها؛ في حين يتم الاختلاط هنا على أنقاض التعاليم الدينية والنصوص المقدسة.
خلاصة الموضوع أن الأستاذ: محمد قطب يرى أن الموضوع ليس هو «الاختلاط.. لا، أو نعم» ولكن الاختلاط.. كيف؟، ولماذا؟؟
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل