العنوان الكويت في مَواجهة تحديَات المستقبل
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 31-مارس-1970
مشاهدات 31
نشر في العدد 3
نشر في الصفحة 8

الثلاثاء 31-مارس-1970
صناعة الطابوق من الصناعات الرائجة في الكويت وقد لعبت دورا كبيرا في تحقيق النهضة العمرانية التي شهدتها البلاد.
◘ هـَـل ننجح في تنويع مصَـادر الدخل ؟
◘ بَدأنا رحلة الألف ميـل في طريق التصنيع
◘ الزراعـَة بدون تربـَة تحد باهر للطبيعة الصحراوية
◘ الثروة التي نهَـدرهَـا لنسمّم أجَواء الكوَيت
الكويت .. إلى متى تظل معتمدة على النفط ؟؟
والنفط بحد ذاته هل هو ثروة أبدية سرمدية أم انه كغيره مــن الثروات الطبيعية لا بد أن ينضب معينه ذات يوم ؟ ؟
والمنافسة التي بدأ يواجهها النفط من مصادر الطاقة الأخرى هل ستنتهي لصالحه أم لصالح طاقة جديدة ، والمركز الذي تتربع عليه الكويت كطليعة الدول المصدرة للنفط هل سيدوم طويلا . أم أن القدر يخبئ لنا أشياء نجهلها...
هذه العينة من التساؤلات التي تطرح نفسها عبر السنوات القادمة بالضرورة ، كلما تطرق الحديث إلى الوضع الاقتصادي ومستقبل البلاد ، ومصادر الدخل القومي ، وغيرها من الأمور المصيرية ، كان لا بد أن نبحث لها عن إجابات شافية ، بعضها جاءنا بشكل عفوي ، من خلال اهتمامات التجار والصناعيين بأسواق الخليج العربي ، والسعي لتوطيد العلاقات الاقتصادية مع الأشقاء في الإمارات ، وإلى جانب الأنباء التي ترددت مؤخرا حول اتجاه النية لتأسيس بنك صناعي يتولى عملية تمويل المشاريع الصناعية المحـلية ، وبعضها الآخر تصريحات ومعلومات من المصادر الرسمية ...
وفي التحقيق التالي عرض لمشكلة تنويع مصادر الدخل القومي والاتجاه لتصنيع البلاد
البترول .. والتقلبات
لعلنا لا نضيف جديدا عندما نقول إن ظهور النفط في الكويت أسهم خلال العقود الثلاثة الماضية في التطور الاقتصادي والاجتماعي في اتجاه تصاعدي ، تحول بالبلاد وأهلها من صيد اللؤلؤ والأسماك والتجارة ليضعها على عتبة حياة جديدة يكون للصناعة الحديثة فيها القدح المعلى.
وإذا كانت مداخيل النفط الذي شحنت كمياته الكبيرة إلى مختلف أنحاء العالم ، قد حققت مكاسب صحية وتربوية واجتماعية للمجتمع المحلي ، فإن الحفاظ على تلك المكاسب واستمرار تطويرها نحو الأفضل لا بد أن يواكبه خطوات اقتصادية جديدة تستهدف تصنيع البلاد . وإیجاد مصادر متنوعة للدخل القومي ، ذلك أن اعتماد الدول على مصدر وحيد الدخل يجعلها عرضة للهزات والتقلبات والأزمات ، مما يهدد استقرارها ومستقبلها .
الذهب الأزرق
والكويت كغيرها من بلدان العالم ، حينما نبحث عن مصادر جديدة للدخل . تتطلع إلى ثرواتها الطبيعية ووضعها الخاص ، وتحاول أن يكون العلاج ملائما للبيئة، لا دخيلا عليها
فهي أولا وقبل كل شيء دولة تطل على البحر من جهة وتحاصرها الصحراء من باقي الجهات وقد نجح الإباء والأجداد في الإفادة من موقع الكويت، فكان منهم أمراء البحر وسادة الغوص، وكانت مياه البحر بمثابة «الذهــــــــب الأزرق» فعلا، قياسا على البترول «الذهب الأسود»، فالثروة السمكية في الخليج العربي يمكن استثمارها على نطاق أوسع بفضل الوسائل المستحدثة.
الزراعة بدون تربة
وبفضل الخيرات التي جاءت مع النفط ظهرت عدة مشاريع أثبت بعد اجتيازها لمرحلة التجربة إمكانية الإفادة منها على نطاق واسع ..
وعلى سبيل المثال نذكر مشروع « الزراعة بدون تربة » الذي لحقت به الكويت ركب أكثر الدول تقدما هذا المجال ، وقد أعلنت وزارة الأشغال العامة منذ فترة عن نجاح التجربة وبدأت في استثمار منتجاتها عن طريق التسويق لتغطية الاحتياجات المحلية ، وأغلب الظن أن هذا المشروع الاقتصادي سيتم تعميمه على نطاق واسع ، بعد أن دلت التجارب على جدواه الفعلية ، وأكدت قدرة العلم على تحدي الطبيعة الصحراوية.
الغاز الطبيعي .. والثروة المهدورة
وإلى جانب «الذهب الأسود» و«الذهب الأزرق» و «الذهب الأخضر» المتمثل في نجاح تجربة الزراعة بدون تربة.
ثمة ثروة طبيعية أخرى بدأت الكويــت استثمارها منذ فترة قصيرة وهي «الغاز الطبيعي» الذي تقدر الكميات المتوفرة منه بـ ١٢ مليون طن في السنة ، مازال قسم كبير منها يضيع هباء وبحرق ليسمم الأجواء . رغم الطاقات الزاخرة التي يتمتع بها هذا الغاز .
ولكي ندرك مدى الخسارة الناجمة عن إحراق الغاز الطبيعي يكفي أن نعلم أن 3 % من هذا الغاز فقط تستعمل في توليد الطاقة الكهربائية وتحلية مياه البحر وبعض الصناعات المحلية الأخرى ، كما يجري إعادة حقن الآبار المنتجة بحوالي 8 % منه وتستعمل المصافي المحلية ومراكز التجمع 10 % .
الأسمدة الآزوتية
وصناعة البتروكيماويات ولاسيما الأسمدة الآزوتية والفوسفاتية والبوتاسية التي تشكل أغذية رئيسية للنباتات، تعتمد على توفر الغاز الطبيعي باعتباره مصدر عظيم القيمة للهيدروجين إلى جانب الأرض التي تصدر النتروجين والمعروف أن «الأمونيا» هي نتيجة تفاعل الهيدروجين مع النتروجين بنسب معينة، كما أن «اليوريا» تحتوي على أعلى نسبة من الآزوت بين أنواع السماد الأخرى .
وإنتاج الكويت من الأسمدة الآن أخذ يتضاعف لتلبية الاحتياجات العالمية المتزايدة ولاسيما في منطقة الشرق الأوسط وقارتي آسيا وأفريقيا، وفي الإمكان وضع برنامج واسع للارتقاء بهذه الصناعة الهامة إلى أعلى المستويات بحيث تشكل لوحدها مصدرا كبيرا من مصادر الدخل يخفف من وطأة الاعتماد على النفط كمصدر وحيد.
الملح والكلورين والصودا
ومادة الكلورين من المواد الأساسية اللازمة لإنتاج المياه العذبة ، وتوليد الطاقة الكهربائية، للقضاء على الطفيليات والأصداف التي تسد الأنابيب وتعمل على تأكلها، وقد كانت تستورد من الخارج حتى بدأ مصنع الملح والكلورين والصودا التابع لوزارة الكهرباء والماء إنتاجه بعد تدشينه من قبل صاحب السمو أمير البلاد في ١٧ يونيو 1967، وأصبح يوفر احتياجات الكويت من الملح والكلورين، والصودا الكاوية وحامض الكلور ودريك.
كما شهد المصنع فيما بعد توسعات عديدة زادت من أهميته وضاعفت من قدرته الإنتاجية تلبية للاحتياجات الجديدة بعد تزايد معدل استهلاك المياه والكهرباء.
الحكومة .. والتصنيع
لقد أدرك المسؤولون أن دوام الازدهار الاقتصادي رهن بتوفر موارد جديدة للدخل، واتجهت الأنظار كما أوضحنا للصناعة البتروكيماوية، وكان لابد من توسيع النشاط الصناعي أكثر فأكثر على أسس راسخة، فتم مسح الكويت جيولوجيا لتحديد أنواع المواد الخام الصالحة لإقامه صناعات وطنية، كما عكف مجلس التخطيط على دراسة المشاريع المحالة عليه من النواحي الفنية والاقتصادية وصدر قانون الصناعة كما صدرت بعض اللوائح و القرارات والمراسيم الأميرية لتنظيم مختلف النواحي الصناعية.
ووضع برنامج للتدريب المهني أعده خبير منظمة العمل الدولية كما أنشأت الكويت معهدا للتدريب المهني بالإضافة إلى العناية بالتعليم الصناعي لتوفير أيدي عاملة يمكنها استثمار الإمكانات الموجودة في خلق صناعات كويتية بحيث تنطلق البلاد معها من الثروة النفطية إلى التصنيع.
تعاون القطاعين العام والخاص
وأسهم القطاع الحكومي مع الأهلي في إقامة عدد من المشاريع الصناعية ابتداء بمصنع الطابوق الرملي الجيري ، ومصنع البيوت الجاهزة، ومصنع الاسبست، وانتهاء بمطاحن الدقيق والصناعات البتروكيماوية.
بنك التسليف والادخار
كما أسهم بنك التسليف والادخار بعملية التمويل الصناعي منذ بداية تأسيسه ، فقدم القروض لأصحاب المصانع والمشاريع الصناعية لتأسيس المصانع أو توسيعها وشملت قروضه صناعات هندسية وميكانيكية بالإضافة إلى صناعة السفن وتصنيع الأسماك ومواد البناء وغيرها ، كما أسهمت البنوك المحلية في عملية التمويل الصناعي الخاص .
الصناعات الكويتية
ولدى الكويت الآن عدة صناعات هامة منها الطابوق والرخام، المشروبات الغازية، الطباعة، الأثاث، الألبان والحلويات، السفن، الخشب، صيانة السيارات، مواد البناء.
كما تضم عددا كبيرا من الشركات الصناعية العاملة في حقل:
صيد الأسماك، مطاحن الدقيق، المواد الغذائية، النفط والبتروكيماويات، الأسمدة، الاسبست، الحجر الجيري، المباني الجاهزة، اللباد، أغذية المواشي، الأدوية.
الصناعات الجديدة
أما الصناعات الجديدة التي ينتظر استحداثها وتحقيق قدر كبير من النجاح عن طريقها، فهي: الدهان، البلاستيك، مبيدات الحشرات، الكاوتشوك، إطارات السيارات، المنسوجات، القوارب.
كما تدرس الجهات أمر إقامة مصنع لتجميع السيارات ومصنع للبطاريات وآخر للمكيفات، بعد الوصول إلى حل معقول لمشكلة غلاء اليد العاملة وندرة المواد الأولية المطلوبة لمثل تلك الصناعات.
الحماية الصناعية
ومنذ فترة قصيرة أخذت الكويت بمبدأ الحماية الصناعية ، فقررت فرض الرسوم على بعض الصناعات المستوردة لحماية الصناعات المحلية المماثلة ، كما ينتظر أن يتبع هذا الأجراء قرارات جديدة تستهدف حماية بقية الصناعات الوطنية.
رحلة الصناعات للخارج
وتأتي خطوة غرفة التجارة والصناعة المتمثلة بزيارة وفدها للإمارات الشقيقة مؤخرا والنتائج التي توصلت إليها حول تنمية التبادل التجاري والصناعي مع الخليـج العربي، وإنشاء بنك للتمويل الصناعي في البحرين بمساهمة رأسمال كويتي بحريني، بمثابة الخطوة الأولى في رحلة الألف ميل على طريق الصناعة، ولاسيما وأنها جاءت في أعقاب أنباء نجاح صفقتين كبيرتين لتصدير الأسمدة إلى كل من تركيا والباكستان، مما يبشر بأن السياسة التسويقية للمنتجات الصناعية المحلية تسير في طريق ممهدة.
صعوبات على الطريق
أما الصعوبات التي مازالـت تنتظر الحلول الإيجابية ففي طليعتها توفير القدر الكافي من الأيدي العاملة الصناعية الماهرة والتركيز على تخفيض نفقات إنتاج السلع الصناعية لتمكينها من منافسة البضائع المماثلة، وتوفير الطاقات الإدارية والخبرات الجيدة المؤهلة لقيادة القطاع الصناعي وسط المزاحمات الدولية، والتنسيق مع الصناعات في بقية البلدان العربية.
الخامات البديلة
ذلك هو كشف حساب الصناعة الكويتية خلال السنوات الماضية، وتلك بعض ملامح المستقبل الذي ينتظرها بقى أن نشدد الطلب على الاهتمام باستثمار الغاز الطبيعي باعتباره ثروة مهدورة، وأن نلح في ضرورة توفر خامات بديلة لإقامة صناعات محلية تعوض البلاد عن فقدان بعض الخامات الطبيعية لتكون الصناعة مصدرا رئيسيا من مصادر الدخل يحقق للبلاد الاستقرار والازدهار .
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل

برقية جمعية الإصلاح الاجتماعي إلى مؤتمر وزراء التربية العرب في ليبيا
نشر في العدد 3
95
الثلاثاء 31-مارس-1970
