; القات .. مشكلة اليمن الأولى | مجلة المجتمع

العنوان القات .. مشكلة اليمن الأولى

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 10-يوليو-1979

مشاهدات 19

نشر في العدد 453

نشر في الصفحة 34

الثلاثاء 10-يوليو-1979

القات يحتوي على المورفين والكافيين.

الكلام عن فوائد القات مزاعم باطلة.

القات معول هدّام في جسم اليمن.

للقات آثار سلبية نفسيًّا وفكريًّا وصحيًّا واجتماعيًّا واقتصاديًّا.

الخمر والموسيقي من مستلزمات القات.

المخدرات آفة خطرة تفتك بالبشرية على المستوى الصحي والاجتماعي والاقتصادي والفكري والحضاري، الأمر الذي من أجله حرّمتها الشريعة الإسلامية وغيرها من الشرائع السماوية، والقوانين الدولية بعامة.

ونتكلم اليوم عن نوع من أنواع المخدرات -وإن اختلف فيه- هذا المخدر الذي يفتك في إخوتنا المسلمين في اليمن فتكًا مريعًا ويقيدهم ويمنعهم من التقدم والازدهار، إنه القات.

ما هو القات؟

إنه أوراق خضراء لشجرة دائمة الخضرة لا بذر لها ولا زهر، يزرع النوع الجيد منها فوق الجبال ابتداء من ارتفاع ألف متر، كما يزرع الأقل جودة دون هذا الارتفاع وهكذا، وتحوي أوراق القات الخضراء مادتي المورفين والكافيين، لذلك تعد من المخدرات، وتترك آثارًا معينة على متعاطيها.

مزاعم باطلة:

القات منتشر انتشارًا مخيفًا في اليمنيين، حتى إننا نستطيع أن نقول بشيء من التجاوز: إن اليمنيين مدمنون جميعًا على القات إلا من رحم ربك.

ويزعم مدمنو القات من اليمنيين أنهم يمضغون القات لأنه يطرد الهموم وينشط الأعصاب ويشحذ الفكر ويقوي الجنس. ولكن هذه مزاعم باطلة غير دقيقة، فيكفي أن تنظر إلى وجه أحد المدمنين حتى تدرك ذلك.

ما الحقيقة؟

وحسبنا أن نقرأ ما قاله أحد كبار المواطنين في اليمن المدمنين على القات واصفًا شعوره أثناء تخزينه (تعاطيه) للقات، إنه يقول: «عندما أتناول القات أشعر بانسجام واسترخاء عصبي وبلورة فكرية ونشاط جسمي وفكري، وقبل انتهاء جلسة القات في السابعة مساء أشعر بقلق نفسي ينتابني وينتاب جميع الجالسين معي في مجلس القات، ويخيم علينا صمت وشرود ذهني ووجوم، فنشرب القهوة لنزيل هذا القلق الذي انتابنا، وأخرج من الجلسة إلى البيت، ولكني لا أستطيع تناول العشاء إذ أشعر دائمًا بالشبع وبانقباض في معدتي، ويطير النوم من عيني وأسرح فكري وحواسي، وتنتابني الأفكار السوداء، فأضطر لتعاطي الخمر حتى أقطع تأثير القات وأستطيع النوم. وفي صباح اليوم الثاني أستيقظ بكل تعب ولا أجد في نفسي قابلية للعمل، وأحيانًا أصاب بإمساك وأحيانًا بإسهال شديد. ولهذا أعاود شراء القات من جديد لأتخلص من هذه المتاعب».

هذه هي الحقيقة المرة السوداء، إن القات إذ يعطي في بادئ الأمر المدمن عليه شيئًا من النشاط، إلا أنه بعد ذلك تظهر آثاره السيئة على المدمن من جميع النواحي.

ما آثار القات السيئة؟

الواقع إن للقات آثار سيئة على المدمن عليه من جميع النواحي.

- من الناحية النفسية: فإنه يؤثر على انشراح المدمن وتفاؤله بما يحيطه من وجوم وكآبة وضيق وسوداوية وشرود، وبخاصة قبل جلسة (التخزين) تعاطي القات وبعد الانتهاء منها.

- ومن الناحية الفكرية: فإنه يشل تفكير المدمن عن أي شيء أو مشكلة غير كيفية الحصول على القات وكيفية تخزينه، أما غير ذلك من الأمور الحيوية على مستوى الفرد والمجتمع والأمة، فأمور تافهة إلى جانب القات العظيم.

- ومن الناحية الصحية: فإن القات يؤثر تأثيرًا سيئًا على الجهاز العصبي والهضمي والجنسي، فعيون المدمنين غائرة، وبنيتهم ضعيفة، وأسنانهم نخرة، ووجوههم صفراء، وقدرتهم على مقاومة الأمراض معدومة. ثم يضطرهم بعد ذلك إلى إدمان الخمر ليقضوا على تأثير القات قبل النوم، وهكذا يصير البلاء بلاءين، وشرب الخمر في هذه الحالة اسمه (التفسيخ).

- ومن الناحية الاجتماعية: فإنه (أي القات) إذ يجمع المدمنين كل مساء، إلا أنه يبعد المدمن عن زوجته وأسرته وأهله، والوجه الجاد من مجتمعه، ويتحول إلى عضو شبه مشلول أو مشلول لا حول له ولا قوة، ويتحول أيضًا إلى قدوة سيئة لأولاده، وهكذا ينشأ جيل متسيب بغير تخطيط أو منهج تربوي أو عناية.

- ومن الناحية الاقتصادية: وهذا جميعه ينعكس على فعالية المدمن ونشاطه في عمله ووظيفته وتجارته، الأمر الذي يقلل إنتاج الفرد وربحه على المستوى الفردي والاجتماعي، ويجعل المجتمع اليمني يخسر سنويًّا ملايين الساعات من العمل يقضيها أبناء اليمن في مضغ القات وتخزينه، فيصيب الاقتصاد القومي بخسائر فادحة، كما صرح بذلك رئيس سابق لوزراء اليمن.

هذا من ناحية؛ ومن ناحية أخرى فقد اضطر اليمنيون إلى قطع أشجار (البن) القهوة التي اشتهرت بها اليمن منذ القديم ليفسحوا المجال أمام شجرة القات، الأمر الذي حرم اليمن من القطع النادر.

ومن ناحية ثالثة وأمام ارتفاع سعر القات أخيرًا فقد صار تعاطي القات مشكلة مالية بالنسبة إلى الجميع، إذ صار ثمن ربطة القات متوسطة الجودة لا يقل عن (150) ريالًا. وإذا أضفنا إلى ذلك ارتفاع أسعار المشروبات الروحية (للتفسيخ) التي تشرب بعده، وبخاصة بعد إجراءات التشدد والمنع في اليمن، صارت تكلفة جلسة القات العادية تساوي ما مقداره عشرون دينارًا يوميًا وهو مبلغ كبير.

وبعد هذا كله حرمته جميع دول العالم تقريبًا، وعدّته من المخدرات التي لا يجوز استيرادها أو زراعتها أو الاتجار بها.

ومع ذلك فإن اليمن ما زالت تسمح به، مع أن كثيرين من اليمنيين - مسؤولين وغير مسؤولين - يعتبرون القات المشكلة الأولى في اليمن، ولكنهم يتهاونون فيها لشيوعها أو لأنهم واقعون فيها. إلا أن الأمر خطير وبحاجة إلى حسم واليوم قبل غد.

وأما بالنسبة إلى آراء المذاهب الإسلامية المختلفة في موضوع القات، فإننا سوف نستعرضه في مقال قادم إن شاء الله.

الرابط المختصر :