; تنبيه وتحذير | مجلة المجتمع

العنوان تنبيه وتحذير

الكاتب الشيخ حمود التويجري

تاريخ النشر الثلاثاء 02-نوفمبر-1976

مشاهدات 13

نشر في العدد 323

نشر في الصفحة 38

الثلاثاء 02-نوفمبر-1976

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.. وبعد، فقد رأيت في جريدة الرياض في الصفحة الرابعة من العدد 2408 الصادر في يوم الأربعاء 8 شعبان سنة 1396هـ، تحت عنوان «مجنون يحكي وعاقل يفهم»، وقد سمى الكاتب نفسه إبراهيم، ولم يزد على ذلك.

رأيت فيه ما نصه «أم ترى فرنجية يمسك بعصا موسى السحرية» انتهى.

المقصود من كلامه، وأحب أن أنبه الكاتب خاصة وغيره من قراءة الجريدة عامة إلى أن عصا موسى ليست بسحرية وإنما هي آية من آيات الله الكبرى وبرهان من الله تعالى على صدق نبيه موسى عليه الصلاة والسلام قال الله تعالى في سورة طه ﴿وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَىٰ قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَىٰ غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَىٰ قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَىٰ فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَىٰ قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَىٰ وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَىٰ جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَىٰ لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى﴾ (آية 17)، وقال تعالى في سورة النازعات ﴿فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى فَكَذَّبَ وَعَصَىٰ﴾ (الآية 20)، وقال تعالى في سورة النمل ﴿وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّىٰ مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَىٰ لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ إِلَّا مَن ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ﴾ (الآية 10)، وقال تعالى في سورة القصص ﴿وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ  فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّىٰ مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَىٰ أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِن رَّبِّكَ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ﴾ (الآية 31).

 فالله تبارك وتعالى جعل عصا موسى حية عظيمة تسعى حين ألقاها موسى من يده، ثم أعادها الله تبارك وتعالى إلى حالتها الأولى عصا حين أخذها موسى في يده، والله على كل شيء قدير، وقد قال الله تعالى ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ (سورة يس- الآية82).

وليست عصا موسى من قبيل السحر، والقول بأنها سحرية هو قول فرعون وملئه، قال الله تعالى في سورة الشعراء حاكيًا قصة موسى معهم ﴿قَالَ أَوَلَو جِئتُكَ بِشَيء مُّبِين قَالَ فَأتِ بِهِۦ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّٰدِقِينَ فَأَلقَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعبَان مُّبِين وَنَزَعَ يَدَهُۥ فَإِذَا هِيَ بَيضَآءُ لِلنَّٰظِرِينَ قَالَ لِلمَلَإِ حَولَهُۥ إِنَّ هَٰذَا لَسَٰحِرٌ عَلِيم يُرِيدُ أَن يُخرِجَكُم مِّن أَرضِكُم بِسِحرِهِۦ فَمَاذَا تَأمُرُونَ﴾ (الآية 30)، وقال الله تعالى في سورة الأعراف ﴿قَالَ إِن كُنتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ فَأَلْقَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ قَالَ الْمَلَأُ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَٰذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ﴾ (الآية 106)، وقال تعالى في سورة النمل ﴿فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ﴾ (الآية 13)، وقال تعالى في سورة يونس ﴿فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِندِنَا قَالُوا إِنَّ هَٰذَا لَسِحْرٌ مُّبِينٌ قَالَ مُوسَىٰ أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَكُمْ أَسِحْرٌ هَٰذَا وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ﴾ (الآية 76)، وقال تعالى في سورة طه ﴿قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَىٰ فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِّثْلِهِ﴾ (الآية 57)، وقال تعالى في سورة القصص ﴿فَلَمَّا جَاءَهُم مُّوسَىٰ بِآيَاتِنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّفْتَرًى وَمَا سَمِعْنَا بِهَٰذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ﴾ (الآية 36)، وقال تعالى في سورة الأعراف ﴿وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِّتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ﴾ (الآية 132).

والقول بأن عصا موسى سحرية كفر بإجماع أهل العلم لما فيه من تكذيب ما أخبر الله به عنها في سورة طه أنها صارت حية تسعى، وما أخبر به عنها في سورتي الأعراف والشعراء أنها صارت ثعبانًا مبينا.

قال القاضي عياض في كتابه الشفاء: أعلم أن من استخف بالقرآن أو المصحف أو بشيء منه أو سبهما أو جحده أو حرف منه لو آية أو كذب به أو بشيء مما صرح به فيه من حكم أو خبر أو أثبت ما نفاه أو نفى ما أثبته على علم منه بذلك أو شك في شيء من ذلك، فهو كافر عند أهل العلم بإجماع انتهى. 

فقد صرح بتكفير من كذب بشيء مما صرح به القرآن من حكم أو خبر أو أثبت ما نفاه أو نفى ما أثبته أو شك في شيء من ذلك وأن ذلك إجماع أهل العلم.

فليتنبه الكاتب وغيره لما ذكره القاضي عياض لئلا يقع أحد منهم في الكفر وهو لا يشعر. 

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

الرابط المختصر :