; أزمة جديدة في اليمن بسبب الخلاف حول التعديلات الدستورية | مجلة المجتمع

العنوان أزمة جديدة في اليمن بسبب الخلاف حول التعديلات الدستورية

الكاتب ناصر يحيي

تاريخ النشر الثلاثاء 03-أغسطس-1993

مشاهدات 26

نشر في العدد 1060

نشر في الصفحة 23

الثلاثاء 03-أغسطس-1993

استحداث مجلس للشوري على نمط مجلس الشيوخ الأمريكي وتكوين جمعية وطنية من مجلسي الشورى والنواب وسيلة لتجريد مجلس النواب المنتخب من صلاحياته 

لعل قراء «المجتمع» يتذكرون رسالة سابقة تنبأت بأن الخلاف حول التعديلات الدستورية في اليمن ربما يكون أحد الأسباب التي سوف تؤدي إلى زعزعة الائتلاف الثلاثي الحاكم الذي يضم المؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للإصلاح والحزب الاشتراكي اليمني!

وكانت الأطراف الثلاثة قد جعلت إجراء التعديلات الدستورية أحد أسس الائتلاف بينها. ولا سيما أن كلًا منها لديه رغبة قوية في تعديل مادة أو أكثر من الدستور!

وبرغم أن إعلانًا رسميًا لم يعلن بعد عن فشل اللجنة المكلفة بصياغة التعديلات الجديدة في الدستور، إلا أن إعلان مجلس النواب اليمني عن فتح باب الترشيح لعضوية مجلس الرئاسة الجديد يعد أول موقف رسمي عن صرف النظر عن التعديلات الدستورية!

ومن المعروف أن تغيير شكل رئاسة الدولة من مجلس خماسي إلى رئيس ونائب كان هو أهم التعديلات المطروحة، وهو أمر يهم الرئيس علي عبد الله صالح بالدرجة الأولى، كما يهم زعيم الحزب الاشتراكي علي سالم البيض.. فالأول أبدى ضيقه مرارًا من الصيغة الجماعية التي تقيده في اتخاذ القرارات. أما الثاني فلا سبيل أمامه للبقاء كنائب للرئيس إلا بتعديل الدستور للنص على استحداث المنصب!

لأن منصبه الحالي كنائب للرئيس جاء نتيجة اتفاقية توحيد شطري اليمن بينما يخلو الدستور المعمول به حاليًا من هذا المنصب!

وقد أثارت عملية الترشيح لانتخاب مجلس جديد للرئاسة أزمة مكتومة، فالمكتب السياسي للحزب الاشتراكي عقد اجتماعات لمناقشة القضية، لأن مجلس الرئاسة الجديد سوف يقلص من وجود الاشتراكيين فيه لحساب الإسلاميين إضافة إلى تجريد الأمين العام للحزب الاشتراكي من منصب الرجل الثاني في الدولة، وهو أمر يزعج الاشتراكيين كثيرًا!

نقاط الاختلاف:

بالإضافة إلى الخلاف حول شكل رئاسة الدولة، فإن أهم المسائل التي أفشلت عملية التعديلات الدستورية هي كالتالي:

أ - رفض الإسلاميين فكرة استحداث مجلس الشورى على نمط مجلس الشيوخ الأمريكي وتكوين جمعية وطنية تتكون من مجلسي النواب والشيوخ إذ يعتبرون الفكرة وسيلة لتجريد مجلس النواب المنتخب من صلاحيته!

ب - الخلاف حول مضمون النظام المحلي المقترح، حيث يطالب الاشتراكيون بتوسيع صلاحيات المحافظات إلى درجة تكاد تشبه النظام الفيدرالي «1».. بينما يصر المؤتمر والإصلاح على تضييق هذه الصلاحيات مع التخفيف من المركزية بما لا يمس أسس الدولة.

ج - بالنسبة لشكل رئاسة الدولة، فإن الإسلاميين يتحفظون على انتخاب نائب رئيس على الطريقة الأمريكية، لأن ذلك معناه أن السلطة تسقط في حضن الاشتراكيين بمجرد حدوث مكروه للرئيس!

وبالطبع فإن هناك اختلافات أخرى، لكن التعبير عنها لا يتخذ شكلًا مباشرًا ومن ذلك التعديلات التي تنص على عدم جواز صدور أي قانون مخالف للشريعة الإسلامية، أو تلك التي تضبط صياغة بعض المواد الدستورية وتقيدها بعدم مخالفتها للشريعة الإسلامية.

ويتولى معارضة هذه التعديلات الأخيرة نفر من العلمانيين بصورة غير مباشرة، إذ يحذرون في كتاباتهم وتصريحاتهم من الردة عن مواكبة العصر أو العودة إلى الأفكار الرجعية!

الجدير بالإشارة إلى أن عملية فتح الترشيح لعضوية مجلس الرئاسة قد تمت بطلب من الكتلة البرلمانية للمؤتمر الشعبي العام، وبإيحاء واضح من الرئيس علي عبد الله صالح الذي يعلم أن مثل هذا الأمر سوف يثير خلافًا حادًا داخل قيادة الحزب الاشتراكي، كما سيدفعه إلى تحديد موقف حاسم بين المنادين بضرورة الاتفاق مع الرئيس من جهة وبين التيار المتطرف الذي يعلم أن موافقته على التعديلات الدستورية معناها الخطوة الأولى لحل الحزب والاندماج مع حزب المؤتمر في كيان حزبي واحد!

وعلى صعيد التوتر الذي بدأ يسود العلاقات بين حزب المؤتمر والحزب الاشتراكي، فقد نشرت صحيفة «22 مايو» المقربة من الرئيس علي عبد الله صالح تفاصيل استقالة العميد/ عبد الله البشيري رئيس هيئة الأركان، والتي اتهم فيها وزير الدفاع العميد/ هيثم قاسم «اشتراكي» بأنه يرفض دمج القوات المسلحة ويتحمل مسؤولية اختفاء كميات من الأسلحة والذخائر، ويتصرف في منح الرتب العسكرية والأراضي التابعة للقوات المسلحة لكسب الولاءات المناطقية!

ويعد نشر هذه الاتهامات أخطر تطور في العلاقة بين المؤتمر والاشتراكي، حيث يتوقع أن يشهد الأسبوع المقبل تصعيدًا مماثلًا من جانب الاشتراكيين!

ولعل أخطر ما في نشر هذه الاتهامات هو أنها تمس مؤسستي القوات المسلحة التي ما تزال غير موحدة بالكامل، وتشكل هاجسًا يهدد وحدة البلد، فما يزال الجيش اليمني منقسمًا بين حزبي المؤتمر والاشتراكي، وما يزال كل طرف يحتفظ بسيطرة خاصة على أجزاء مهمة من الوحدات العسكرية والمعسكرات بصورة واضحة!

الأسابيع القادمة سوف تحدد المدى الذي ستذهب إليه الخلافات، فإما أن يرضى الاشتراكيون بتخفيض نصيبهم في السلطة مع المحافظة على الدستور الحالي، أو أن يشتد الخلاف بين قيادات الحزب الاشتراكي وصولًا إلى الانشقاق الذي يعد هدفًا مرجوا لجهات كثيرة في اليمن!.. وفي كلا الحالتين فمن المتوقع أن يحرك الاشتراكيون النقابات التي يسيطرون عليها للقيام بسلسلة من الإضرابات والاعتصامات لهز مركز الدولة وإرباكها وجعلها تسعى لرضى القيادات المتطرفة المسيطرة على النقابات!

 

الرابط المختصر :