العنوان القدس والسفارات
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 26-أغسطس-1980
مشاهدات 15
نشر في العدد 494
نشر في الصفحة 50
الثلاثاء 26-أغسطس-1980
رقعة الشطرنج
يخيل للإنسان عندما يسمع بيانات العالم حول قرار حكومة العدو الصهيوني بجعل القدس عاصمة موحدة للعدو، فكرة كان عبد الناصر يحاول استخدامها دائمًا وهي فتح حرب البيانات على الترسانة الإسرائيلية التي ترد إن ردت بالحديد والنار، لأن يهود هذا العصر لا يعرفون التكلم إلا بهذه اللغة، فمنذ مجيء عبد الناصر والزعامات العربية ولا سيما الثورية منها دأبت على مخاطبة شعوبها بإصدار قرارات الاستنكار وبيانات التنديد، بينما يجمع المراقبون على أن المواطن العربي والفرد المسلم سئم هذه اللغة التي بات يصفها معظم العرب بعدم الصدق.
في هذا الوقت تجيء الدعوة السعودية فتكسر الروتين العربي بالدعوة إلى الجهاد الإسلامي، ويرحب الشعب في جميع أقطار العالم الإسلامي بهذه الدعوة لأنها الأمنية المرتقبة لأبناء المسلمين جميعًا، ولاسيما وإن البعث الإسلامي بدأ يفرض نفسه في معظم جنبات هذا العالم بما في ذلك داخل فلسطين المحتلة.
إن هذا الزخم الإسلامي الناصع تلقى دعوة المملكة العربية السعودية إلى الجهاد بشغف وشجاعة، وهو ينتظر اتخاذ الخطوات اللازمة لهذا الإعداد، وهنا يطرح موضوع آخر نفسه في عبارة وردت على لسان أحد رجال الأنظمة العربية، حيث أشار على العرب بأن الإجابة على إسرائيل لا تكون ببيانات الاستنكار، ولن تجدي نفعًا قرارات تهديد العواصم التي قد تنقل سفاراتها إلى القدس على أنها العاصمة اليهودية.
- فالقدس كبلد إسلامي له حرمة جميع الأراضي العربية المحتلة، وكل الأراضي العربية المحتلة تدعو العرب والمسلمين إلى التحرير عن طريق إعلان الجهاد الإسلامي.
- ووجود السفارات الدولية في «تل أبيب» لا يعني أن المسلمين راضون عن افتتاح دول العالم سفارات لها في فلسطين المحتلة.
إذًا فوجود سفارات العالم في تل أبيب ليس هو المطلوب شعبيًّا على مستوى العالم الإسلامي، وإذا كانت بعض الأنظمة العربية تهدد دول العالم بعدم فتح سفاراتها في القدس، فأحرى بهذه الأنظمة أن تدعو جميع دول العالم إلى إغلاق سفاراتها في تل أبيب مع ملاحظة تطبيق قانون العقوبات الاقتصادية، وقطع العلاقات مع أية دولة لا تذعن للطلب العربي.
- فالعالم العربي والإسلامي طاقة لا يستهان بها في سياسة العالم واقتصاده.
- وبعض دول العالم الثالث التي لم يكن لها سفارة في تل أبيب تقف في الصف العربي في مواجهة الصهيونية العالمية، إذا أراد العرب فتح هذه المواجهة.
إذًا فالمطلوب على مستوى عواصم العالم هو العمل من أجل إغلاق سفارات دول هذا العالم نهائيًّا في الأرض الفلسطينية المحتلة، أما الوعيد والتهديد بقطع العلاقات على الشاكلة المُعلنة رسميًّا لدى بعض الأنظمة العربية لن يجدي فتيلًا أبدًا.
- إن اللغة التي كان عبد الناصر يخاطب بها المجتمع العربي ماتت قبل أن يموت.
- واللعب بأعصاب الجماهير العربية والإسلامية عبر القرارات والبيانات باتت لعبة مكشوفة، أو بالأحرى لغة لم يعد المواطن العربي يمنحها صفة الصدق والجد.
أما اللغة المطلوبة شعبيًّا فهي اللغة التي تناسب عقيدة هذه الأمة، إنها لغة الجهاد والإعداد، قال تعالى: ﴿وَأَعِدُّوا۟ لَهُم مَّا ٱسۡتَطَعۡتُم مِّن قُوَّةࣲ وَمِن رِّبَاطِ ٱلۡخَیۡلِ﴾ (الأنفال:60)، ثم إنه على كل نظام ينادي بهذه اللغة أو يحاول أن ينادي بها أن يثبت حسن النية؛ لأن الشعب الإسلامي لم يعد يفهم الأقوال بقدر ما يفهم الأفعال، وهو يقول لكل صاحب نية حسنة: «أعقلها وتوكل».
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل