العنوان مصلحـــون رحلــوا في أبريل.. القاضي والحسيني وصديق
الكاتب عبده دسوقي
تاريخ النشر السبت 01-أبريل-2023
مشاهدات 775
نشر في العدد 2178
نشر في الصفحة 50

السبت 01-أبريل-2023
د. أحمد القاضي.. سفير الإسلام في الغرب
شارك في تأسيس بعض المنظمات الإسلامية بأمريكا وتوصل للأثر المهدئ للقرآن على الجهاز العصبي
رغم عدم معرفة الكثيرين بشخصية وتاريخ د. أحمد القاضي، فإنه ترك بصمات عظيمة في نفوس كل من تعامل معهم؛ لأنه لم يكن طبيباً فحسب، بل كان مربياً من الطراز الأول، وأحسن في تعريف المجتمع الغربي الأمريكي حقيقة الإسلام.
بمدينة دسوق في محافظة كفر الشيخ بمصر، وعلى ضفاف نهر النيل، ولد د. أحمد أحمد القاضي، في 1 أغسطس 1940م، في أسرة عُرفت بالتدين؛ فحفظ القرآن الكريم، وتخرج في المدرسة الثانوية بالإسكندرية، والتحق بكلية الطب بالنمسا حتى تخرج عام 1961م.
سافر إلى مدينة بنما بولاية فلوريدا الأمريكية عام 1965م، وعمل أستاذاً لجراحة القلب والصدر في جامعة ميزوري في كولومبيا، ثم مديراً لقسم الجراحة لبرنامج مستشفى بنسا كولا التدريبي للجراحة في ولاية فلوريدا، وعمل رئيساً لمعهد الطب الإسلامي للتعليم والبحوث في بنما ستي.
وبدت أول مظاهر شهرته من خلال عمله جراحاً للقلب، وأصبح أبرز جراحي القلب لفترة طويلة من الزمن، وقد وضع عدداً من المفاهيم الشاملة في مجال الطب الإسلامي.
أدى القاضي دوراً حيوياً في تأسيس العديد من المنظمات الإسلامية بالولايات المتحدة وغيرها من دول أمريكا الشمالية؛ فساهم في إنشاء مدرسة إسلامية، ومعهد للأبحاث الطبية معنيّ بالبحث في فوائد الطب الإسلامي بمدينة بنما، ولا يكاد يذكر عمل إسلامي بأمريكا إلا وارتبط اسم د. القاضي به، وهو أول من نادى بتشكيل الحركة الإسلامية الأمريكية (ماس).
كما كانت له جهود علمية؛ فاستطاع أن يفسر العلاقة بين الاستشفاء والحبة السوداء وذلك بتأثيرها على جهاز المناعة، كما أنه أول من توصل باستخدام الأجهزة الحديثة إلى الأثر المهدئ لسماع القرآن الكريم على الجهاز العصبي، وهو الأمر الذي أثبته في مؤتمر الطب الإسلامي الأول الذي عقد في الكويت عام 1980م، وصدر له 86 بحثاً طبيّاً في مجالات الجراحة وأخلاقيات الطب والعلاجات الطبيعية والعلاجات البديلة والطب الإسلامي.
ظل د. القاضي عاملاً في مجال الدعوة والطب حتى توفاه الله يوم السبت 15 ربيع الآخر 1430هـ/ 11 أبريل 2009م، في بنما بفلوريدا عن عُمر 69 عاماً.
عبدالقادر الحسيني.. القائد المجاهد
أجهض كثيراً من مخططات الصهاينة بالقدس ووجه مع رفاقه ضربات للبريطانيين والصهاينة معاً
شغل شيخ المجاهدين موسى باشا كاظم الحسيني مناصب عديدة في ظل الخلافة العثمانية، وكان يشغل منصب رئيس بلدية القدس عندما احتلها الإنجليز، وفي 8 أبريل 1908م رزق بمولود سماه عبدالقادر.
درس عبدالقادر القرآن الكريم في زاوية من زوايا القدس، حتى التحق بكلية الآداب والعلوم في الجامعة الأمريكية في بيروت، قبل أن ينتقل بعدها إلى القاهرة لدراسة الكيمياء والرياضيات، وهناك تفتحت عيونه على ما يقوم به المحتل ضد بلاده؛ فاشتعلت في قلبه جذوة الإيمان والوطنية والغيرة على وطنه فلسطين؛ فهاجم الجامعة الأمريكية بمصر وفضح مخططاتها للترويج للصهاينة؛ مما دفعها لتقديم طلب لرئيس الوزراء المصري إسماعيل صدقي لترحيله؛ فاستجاب لها عام 1932م، وعاد للقدس.
عاد عبدالقادر للقدس، فكان قدوة للفلسطينيين، وقَبِل التعيين في مصلحة تسوية الأراضي لفضح مخطط الصهاينة في شراء أراضي الفلسطينيين والسيطرة عليها؛ ونجح في جانب كبير، ومنع بيع كثير من الأراضي، وأوجد وعياً إسلامياً بقيمة الأرض لدى الفلسطينيين.
لم يقتصر على ذلك، بل عمل صحفياً في جريدة «الجامعة الإسلامية»، التي كان يحررها الشيخ سليمان التاجي الفاروقي، وكتب الكثير من المقالات التي تدعو الفلسطينيين للتمسك ببلادهم وعدم التفريط فيها والاستعداد للجهاد في سبيل الله، وقد ضجَّ الإنجليز والصهاينة مما يكتبه؛ فضغطوا على الفاروقي لوقفه فرفض؛ ما دعاهم لتعطيل الجريدة.
في عام 1936م، برز عز الدين القسام، فاستقال الحسيني من وظيفته وانضم للجهاد معه والدعوة للثورة الفلسطينية، واندلعت ثورة الفلسطينيين فعلياً، وكان للحسني دور عظيم فيها، غير أنه وقع في الأسر في 4 أكتوبر 1936م بعد معركة الخضر، لكنه استطاع الهرب لسورية عام 1938م، وسرعان ما عاد لوطنه، وقام بعمليات جريئة كبدت العدو الإنجليزي واليهودي خسائر في الأرواح والمنشآت، لكنه جرح جراحاً بالغة واستطاع رفقاؤه أن يهربوه إلى سورية ثم العراق.
وفي العراق، اشتغل مدرساً للرياضيات في المدرسة العسكرية بمعسكر الرشيد، وحضر دورة الضباط الاحتياط، وألَّف فرقة الجهاد المقدس من الفلسطينيين، وساند ثورة رشيد عالي الكيلاني عام 1941م، إلا أن الثورة لم يكتب لها النجاح فقبض عليه وحكم عليه بالسجن لمدة عامين، وفي عام 1943م سافر للسعودية وأقام بها سنتين، ثم تسلل إلى ألمانيا، ثم انتقل مع أسرته إلى القاهرة عام 1946م غير أن حكومة النقراشي باشا أبعدته عن مصر بسبب نشاطه السياسي البارز، وتعاونه مع الإخوان المسلمين في جمع السلاح للمجاهدين الفلسطينيين، إلا أن قرار الإبعاد لم ينفذ بسبب ضغط الرأي العام.
وفي 22 ديسمبر 1947م، عاد المجاهد إلى فلسطين، وتسلم قيادة الجهاد المقدس، ووجه هو ورفاقه ضربات للعدو البريطاني والصهيوني معاً، حتى كانت معركة القسطل التي أبلى فيها الحسيني ورفاقه وأوقعوا الهزيمة بالعصابات الصهيونية رغم خذلان القادة العرب لهم بعد 8 أيام من المعركة، واستشهد عبدالقادر الحسيني يوم 8 أبريل 1948م، واحتشدت الآلاف في وداعه.
السيد صديق حسن.. الدعوة الإسلامية في الهند
جمع بين الشخصية الدعوية والخيرية والسياسية وحظي باحترام من كوادر الحركة
الإسلامية بالهند
بقرية أيرياد بالقرب من كودونجالور بمنطقة تريشور بولاية كيرلا في الجنوب الغربي للهند، ولد السيد صديق حسن، في 5 مايو 1945م، في أسرة مسلمة، فكان والده المولوي عبدالله عالماً دينياً.
حفظ القرآن صغيراً، وحصل على شهادة أفضل العلماء والماجستير في اللغة العربية من كلية فاروق روضة العلوم العربية، وكلية شانتابورام الإسلامية وغيرهما من الكليات والجامعات المشهورة بربوع كيرالا، وعمل مدرساً في مدرسة ثانوية وأستاذاً مساعداً في كلية حكومية.
نشط صديق في نشر الدعوة الإسلامية والعمل الإغاثي داخل الجماعة الإسلامية، وهو أحد مؤسسي «مؤسسة الرعاية الإنسانية»، وهي من أكبر المؤسسات الخيرية التي تعمل في جميع أنحاء الهند، ووصل إلى منصب نائب أمير الجماعة لعموم الهند لثلاث فترات متتالية (2004 - 2017م).
في عام 2006م، أصدرت الجماعة الإسلامية صحيفة فصلية باسم «النشرة»، أشرف عليها صديق.
ضحى بنفسه ونفيسه لخدمة المجتمع، وكرس حياته للدعوة الإسلامية في الهند، وعمل في مجالات مختلفة عالماً إسلامياً وخطيباً وناشطاً اجتماعياً، وكان المؤسس لمبادرة «رؤية 2016» مؤسسة التنمية البشرية بمقرها في نيودلهي التي تعتبر أكبر المشاريع التنموية الإسلامية في الهند، جمع بين الشخصية الدعوية والخيرية والسياسية، وكان يتمتع بالحنكة السياسية، وحظي باحترام بالغ من كوادر الحركة الإسلامية وأبناء الأمة الإسلامية، وظل عاملاً مجاهداً حتى تُوفي يوم الثلاثاء 24 شعبان 1442هـ/ 6 أبريل 2021م عن عُمر 70 عاماً بعد صبر طويل على المرض.
_____________________
المصادر
1- د. أحمد القاضي.. وعالمية الدعوة: إخوان ويكي، 3 سبتمبر 2018م.
2- عبده دسوقي: عبدالقادر الحسيني، مجلة «المجتمع»، رجب 1429هـ، يوليو 2008م، ص 40- 41.
3- وفاة السيد صديق حسن، نائب رئيس الجماعة الإسلامية بالهند سابقاً: موقع مجلة «المجتمع»، 6 أبريل 2021م.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكلالشيخ المجاهد محمد محمود الصواف (1) قصة قائد الجماعة العراقية
نشر في العدد 2111
42
الجمعة 01-سبتمبر-2017

