; حروف على رقعة الشطرنج: الفن بين الواقع والادعاء | مجلة المجتمع

العنوان حروف على رقعة الشطرنج: الفن بين الواقع والادعاء

الكاتب سلمان مندني

تاريخ النشر الثلاثاء 05-يوليو-1988

مشاهدات 20

نشر في العدد 873

نشر في الصفحة 50

الثلاثاء 05-يوليو-1988

 إن الشهرة والمال والنساء والمتعة إغراءات من شأنها أن تدفع الإنسان إلى ولوج الوسط الفني؛ حيث إنها تتحقق فيه مجتمعة أو فرادى. وبها أو بأي منها لا يصلح الفنان أن يكون صاحب رسالة يطاول و يصاول في الادعاء بحملها. فإن أصر على أن ما يمارسه رسالة، فلا أظن أنها تقوِّم اعوجاجًا أو تغرس قيمًا أو تحث على فضيلة أو تأمر بمعروف وتنهى عن منكر. فإنه لا تخلو رسالة يحملها البشر من ذلك رضي أصحاب الفن أم أبوا.

 والرسالة حسب فهمنا وتصورنا هي التبعة والمسؤولية التي تكون على عاتق العبد يسأل عن تأديتها وتبليغها في الدنيا والآخرة.. فمن الزور والبهتان على الله، الادعاء بأن الرقص والغناء والركض على خشبات المسرح والصراخ وعدم الاحتشام.. من الزور أن نسمي ذلك كله رسالة.. والدليل على ذلك هو المسرحية الأخيرة -هذا سيفوه- فقيها من الإسفاف والابتذال إضافة إلى التعرض للمجتمع ككل في أعرافه وأخلاقه ورموزه، ما يجعلنا نؤكد أنه ما عاد للمسرح رسالة يؤديها هذا إذا كان له رسالة. «فالمُلا» مثلًا -في المجتمع الكويتي- هو رمز للرجل الصالح والمعلم الأول الذي نذر نفسه لتحفيظ أبناء المجتمع القرآن وتعليمهم السنة ومذهب الجماعة دون النظر إلى المقابل المادي، «المُلا» كيف نظهره في صورة مزرية هي عرضة للسخرية والتهكم، فيسقط من حس الناس؟! فإن كان الجيل الجديد لا يعرف -المُلا- فإنه حتمًا سيأخذ التصور عنه من هذه المسرحية وأشباهها وهي صورة مغلوطة تخلط عليه تراثه وتاريخ مجتمعه.. وبالتالي تكون رسالة المسرح هنا هي رسالة الغش والخداع والتزييف للحقائق بالنسبة لهذا الجيل.

 والاستهتار بالقيم والاستخفاف بعقول الناس بالنسبة للجيل الذي عاصر هذه الفترة من التاريخ. ويكفي أن نهاية المُلا في السجن بعد أن أُلقي القبض عليه، مرورًا «بشربه الخمر في المقبرة» حسب اتهام أحد الممثلين!

 ولو فصلنا أكثر لوجدنا العجب العجاب.. فهل يصر أصحاب المسرحية أنهم يؤدون رسالة؟ فإن قالوا إنها لا تدخل ضمن معايير رسالة «الفن» فعندئذ نقول: فأين تضعونها وكيف تصنفونها؟ وهل هي ضمن فن البناء أم ضمن فن الهدم إن كان للهدم فن!! إذن لا خير في هذه المسرحية ولا في أمثالها.

 وأي خير ينتظر من وسيلة تخرج عن ضوابط الشرع وحدوده، وأي خير يرتجى من أسلوب أقل ما فيه التجني على المجتمع ووصفه بانعدام الأمانة والخلق.

 فإن كانت رسالة المسرح هي الضحك ولا شيء غير الضحك، فابحثوا أيها القائمون على رسالة الضحك عن موضوعات أخرى -وما أكثرها- تكون مادة للإضحاك، ولكننا لا نأذن لكم -نعم لا نأذن لكم- أن يكون مجتمعنا عُرضة للتهكم والطعن والنيل من معتقداته وأخلاقه وقيمه وأعرافه ورموزه الصالحة في الدين والإيمان والمعاملة.

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل