; مصلحون رحلوا في نوفمبر.. المانع والسنانيري والقضاة | مجلة المجتمع

العنوان مصلحون رحلوا في نوفمبر.. المانع والسنانيري والقضاة

الكاتب عبده دسوقي

تاريخ النشر الثلاثاء 01-نوفمبر-2022

مشاهدات 27

نشر في العدد 2173

نشر في الصفحة 56

الثلاثاء 01-نوفمبر-2022

وفاء لذكراهم

 

مصلحون رحلوا في نوفمبر..

المانع والسنانيري والقضاة

 

المانع.. أنشأ المدرسة الأثرية وكان له دور في النهضة العلمية بالخليج

السنانيري.. تعرض للتعذيب الشديد في سجون مصر وأجبروا زوجته الأولى على طلب الطلاق منه

القضاة.. منارة علم وفقه تميز بوسطيته ومصداقيته بين أوساط المجتمع الأردني

عبده دسوقي

باحث في التاريخ الحديث

رحيل العلماء يعيد للأذهان ذكريات عام الحزن، فموتهم منذر موقظ للغيورين بالانتباه لما على الأمة من مسؤولية إزاء علمائها، وفضلائها، وخيارها، حيث إنهم رحلوا دون أن يطلبوا جزاء ولا شكوراً.

محمد المانع.. باعث في واحة العلم

ولد محمد بن عبدالعزيز المانع في مدينة عنيزة إحدى مدن القصيم بالمملكة العربية السعودية (حالياً) يوم السبت 9 ربيع الآخر 1300هـ/ 17 فبراير 1883م، في بيت علم ودين وورع وتقوى.

ولم يلبث والده أن توفي، ولكن ذلك لم يحل دون إتمامه حفظه للقرآن الكريم، حيث كفله عمه عبدالله وتولى مسؤولية تعليمه وتربيته، ولما بلغ الثامنة عشرة بدأ في الارتحال في طلب العلم كعادة العلماء العظام، فشد الرحال إلى بغداد، واتصل بالشيخ محمود شكري الآلوسي، فقرأ عليه في النحو والصرف والفقه والفرائض والحساب.

بعدها سافر لاستكمال دراسته في الأزهر الشريف بمصر لمدة 3 سنين، ثم إلى دمشق وحضر دروس العلامة عبدالرزاق البيطار في الجامع الأموي، ثم إلى بغداد مرة أخرى حيث عمل في التدريس بها.

وحينما اشتدت الحملات التنصيرية في البحرين بعث له علماؤها للقدوم إليهم للتصدي لهذه الحملات، فقام على أمرها خير قيام قبل أن يستدعيه أمير قطر للقيام على نشر الوعي الديني والثقافي وإرساء قواعد التعليم بقطر عام 1913م، فأنشأ المدرسة الأثرية التي كانت لها دور في النهضة العلمية بقطر بل والخليج كله، حيث خرجت طلاباً مؤهلين للتدريس ونشر المعرفة والعلم الشرعي بين الناس، كما كان للشيخ دور في السماح للنساء بالتعليم في قطر.

وفي أبريل 1939م، عاد للتدريس في الحرم المكي، وأسند إليه الملك عبدالعزيز رئاسة هيئة تمييز القضايا، وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهيئة الوعظ والإرشاد، واستطاع خلال إقامته إنشاء الكثير من المدارس والمعاهد الدينية.

عاد لقطر مرة أخرى بعد حاجة حاكمها له الشيخ علي بن عبدالله بن ثاني، وصار مشرفاً على سير التعليم فيها وإصلاح مناهجه، وإماماً وخطيباً لجامع الدوحة، ومستشاراً لأمير قطر.

كان المانع شغوفاً بالعلم، محباً لأهله من علماء وطلاب، مشجعاً على طلبه، حريصاً على تأصيل العقيدة الصحيحة في القلوب، باذلاً في سبيل ذلك ما يستطيع من جهد ونصح ومال ووقت.

مرض الشيخ في أواخر حياته، فسافر إلى بيروت للعلاج، وأجريت له عملية جراحية توفي على إثرها في 17 رجب 1385هـ/ 11 نوفمبر 1965م، ونقل إلى قطر، وصلي عليه في جامعها، وخرج أهالي الدوحة مع جنازته، كما صُلي عليه صلاة الغائب في المسجد الحرام والمسجد النبوي، ودفن في المقبرة الشرقية بالدوحة(1).

كمال السنانيري.. رحلة كفاح

ولد محمد كمال الدين محمد علي السنانيري بالقاهرة، في 11 مارس 1918م، ونشأ في أسرة ميسورة الحال، ولم يستكمل تعليمه العالي في الجامعة، وفضَّل العمل في الحكومة، فالتحق بوزارة الصحة، عقب حصوله على الشهادة الثانوية عام 1934م، غير أنه بعد 4 سنوات من العمل الحكومي قدم استقالته من وظيفته، وأعد نفسه للسفر إلى الولايات المتحدة الأمريكية لدراسة الصيدلة في إحدى جامعاتها قبل أن يتراجع عن قراره ليتحمل مسؤولية أمه وإخوته بعد وفاة والده.

تعرف إلى حسن البنا عام 1941م، وانتظم في صفوف جماعة الإخوان المسلمين، وسرعان ما تقدم الصفوف وأصبح أحد القادة؛ مما عرضه للتعذيب والاعتقال عام 1948م، ثم ما يقرب من 20 عاماً أثناء محنة عام 1954م لكونه أحد قادة مظاهرة إعادة محمد نجيب للحكم، وظل في السجن حتى أفرج عنه عام 1974م، تعرض خلالها لتعذيب شديد، وأجبروا زوجته الأولى على طلب الطلاق منه فرضخ أهلها خوفاً من المصير رغم اعتقال أخيها.

كان لمعرفته بآل قطب السبيل في خطبة أختهم أمينة قطب التي سطرت قصائد في مدح زوجها الذي لم تعش معه فترة طويلة لانشغاله بإعادة كيان العمل الإسلامي فترة السادات، ثم سافر إلى أفغانستان لمعاونة المجاهدين فيها.

بعد عودته من أفغانستان تعرض للاعتقال مع غيره من أبناء الحركة الإسلامية وقادة العمل الوطني في مصر فيما عرف بأحداث سبتمبر 1981م، لكنه تعرض للتعذيب الشديد، وحينما زاد التعذيب عليه قال لهم: «لقد حُكِمَ عليَّ بالإعدام سنة 1954م، أتريدون تنفيذه الآن، فالله أمهلني من 54 إلى 81».

ولم يتحمل جسده التعذيب ففاضت روحه لله تعالى في 10 المحرم 1402هـ/ 8 نوفمبر 1981م.

ورثته زوجته بقولها:

هل ترانا نلتقـي أم أنهـا

كانت اللقيا على أرض السراب؟!

وقالت:

ما عدت أنتظر الرجوع ولا مواعيد المساء

ما عدت أحفل بالقطار يعود موفور الرجاء

ما عاد كلب الحي يزعجني بصوت أو عواء

وأخاف أن يلقاك مهتاجاً يزمجر في غباء(2)

القضاة.. الداعية السياسي

ولد أحمد مصطفى علي الحسين القضاة (أبو عبادة) ببلدة عين جنة بمحافظة عجلون بالأردن، في 1 يناير 1956م، وحفظ القرآن صغيراً، والتحق بمراحل التعليم، حتى حصل على أطروحة الدكتوراة في الفقه المقارن عام 1994م بكلية الشريعة والقانون بجامعة أم درمان الإسلامية بالسودان.

عمل مفتياً وخطيباً وواعظاً وإماماً، ومارس الخطابة في مختلف مساجد المحافظة والمحافظات الأخرى.

تميز بوسطيته ومصداقيته بين أوساط المجتمع، فقد كان منارة علم وفقه، وموسوعة دينية وتاريخية وجغرافية وثقافية وسياسية واجتماعية، ومرجعاً لأمور الدين والفقه والإفتاء.

جمع خبراته في القانون والإدارة ولجان التحكيم في المحاكم الشرعية الأردنية ولجان الصلح العشائري والخطابة والتدريس والإفتاء والإرشاد، وساهم في تدريس وتحفيظ القرآن الكريم لرواد المساجد من الأطفال وطلبة المدارس والمعاهد والجامعات، وكان من مؤلفاته «خواطر من القرآن»، «العمل في المراكز القرآنية»، «صفحات من جبال عجلون».

ترشح القضاة في انتخابات المجلس النيابي الدورة السادسة عشرة وفاز فيها عن الدائرة الأولى.

وبعد رحلة طويلة بين العلم والعمل الخيري وقضاء حوائج الناس، والدفاع عنهم تحت سقف البرلمان، رحل القضاة يوم السبت 15 ربيع الآخر 1443هـ/ 20 نوفمبر 2021م، وقد صُلي عليه بمسجد عين جنا الكبير ودفن بمقبرة البلدة القديمة، وقد نعاه رئيس مجلس النواب الأردني كما نعته جماعة الإخوان المسلمين(3).

الهوامش

(1) أحمد عبدالحميد عبدالحق: الشيخ محمد بن عبدالعزيز المانع باعث النهضة العلمية بدول الخليج، إسلام أون لاين. https://bit.ly/3Sdv26r.

(2) محمد الصايم: شهداء الدعوة الإسلامية في القرن العشرين، دار الفضيلة للتوزيع والنشر والترجمة، القاهرة، 1992م، صـ143.

(3) أحمد مصطفى القضاة: إخوان ويكي، 19 يناير 2022م. https://bit.ly/3UAGBGe.

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

هبي ريح الجنة

نشر في العدد 551

19

الثلاثاء 17-نوفمبر-1981

صفحات مضيئة من عمر شهيد

نشر في العدد 594

16

الثلاثاء 09-نوفمبر-1982