; بلا حدود.. هل تغوص أمريكا في المستنقع الصومالي؟ | مجلة المجتمع

العنوان بلا حدود.. هل تغوص أمريكا في المستنقع الصومالي؟

الكاتب أحمد منصور

تاريخ النشر الثلاثاء 20-يوليو-1993

مشاهدات 756

نشر في العدد 1058

نشر في الصفحة 27

الثلاثاء 20-يوليو-1993

"لقد كانت مشكلة الصومال قبل التدخل الأمريكي هي عدم وجود حكومة مركزية تفرض سلطانها على الصومال أم الآن فقد تحول الوضع إلى حالة كبيرة من الفوضى"

لم تستطع صورة الجنود الأمريكيين وهم يوزعون المواد الغذائية على أطفال الصومال الجوعى في أعقاب دخول حوالي ثلاثين ألف جندي أمريكي إلى الصومال تحت مظلة مجلس الأمن في ديسمبر الماضي أن تغير البعد الحقيقي لمجيء هذه القوات إلى الصومال، ومع تصريحات المسؤولين الأمريكيين في البداية بأن مهمتهم لن تتعدى الأسابيع، تغيرت بعد ذلك لتصبح شهورًا ثم أصبحت الآن في طور اللانهاية. 

أما صورة الجندي الأمريكي الذي دخل إلى الصومال تحت ثياب بابا نويل، ليقدم الطعام والهدايا إلى الأطفال الجوعى فقد تحولت الآن إلى صورة وحش كاسر يمشي شاهرًا سلاحه في وجه الأطفال قبل الكبار، وتلاشى الدور المعلن وظهر الدور الحقيقي وتحولت قوات السلام إلى قوات قتل وقمع، وبدأت أمريكا في تنفيذ خطتها الحقيقية التي حددتها مع قرارها بدخول الصومال تحت المظلة الدولية في ديسمبر الماضي لكن نجاح الولايات المتحدة في دخول الصومال لم يكن في استصدارها قرارات من مجلس الأمن تغطي دخولها فحسب، وإنما في قدرتها على إقناع أكثر من عشرين دولة لإرسال قوات إلى الصومال تتخذها القوات الأمريكية غطاء في العمليات العسكرية المباشرة التي عادة ما تكون خسائرها كبيرة كما حدث مع القوات الباكستانية التي قتل ثلاثة وعشرون جنديًا من قواتها في مواجهة واحدة أشارت تقارير صحفية عديدة إلى أن الأمريكيين هم الذين ورطوهم فيها. لقد كانت مشكلة الصومال الأولى قبل التدخل الأمريكي هي عدم وجود حكومة مركزية تفرض سلطانها على الأرض الصومالية وكانت الحال أشبه ما تكون بالفوضى إلا أن التدخل الأمريكي وما استتبعه من ممارسات سوف ينتهي بالصومال إلى حالة أعمق من الفوضى، فقد كانت الصومال بحاجة إلى مهندسين ومحاسبين وموظفين إداريين وخبراء في الزراعة والأمن والإدارة والتعليم والطب، لكن ما حصلت عليه هو جيش محتل، وتحولت المهمة المعلنة لهذا الجيش من إضفاء السلام إلى نشر الفوضى، فإذا كان الشكل المعلن للعمليات الأمريكية ضد قوات عيديد هو الرد على مقتل الجنود الباكستانيين في الشهر الماضي، فإن مراقبين لما يدور في الصومال أكدوا غير ذلك، وأشاروا إلى أن الغارات التأديبية التي تشن على عيديد هي بسبب رفضه الخطة الأمريكية التي فرضت على زعماء الحرب الصوماليين في مؤتمر الوفاق الوطني الذي عقد في أديس أبابا في مارس الماضي يؤكد هذا ما صرح به المبعوث الأمريكي الخاص السابق للصومال روبرت أوكلي إلى الوسط في ٢١ يونيو الماضي حيث قال: إن الهدف من هذه الغارات ليس كما يبدو ردًا على مقتل الباكستانيين بمعزل عن الوضع العام في البلاد. لكنه خطوة أولى لاجتثاث العقبات الكبيرة التي تعترض الحل السياسي وتأليف حكومة وطنية ويفسر الأدميرال الأمريكي جوناثان ها والمبعوث الخاص للأمم المتحدة الحالي في الصومال ذلك بطلبه من وزارة الدفاع الأمريكية تزويده بتجهيزات عسكرية ضخمة لتعزيز قوات الأمم المتحدة في الصومال، وقد اشتملت هذه التجهيزات كما ذكرت النيوزويك في عددها الصادر في أول يوليو الجاري على كل شيء. حتى أغطية طائرات الهليكوبتر، ونقلت النيوزويك عن مسؤول في الإدارة الأمريكية قوله: إن الأدميرال هاو يريد أيضًا الحصول على دبابات، وهذا يعكس طبيعة المواجهة التي تعد لها أمريكا في الصومال بقيادة هاو الذي أعرب عن أمله في تطبيق خطة إصلاح سياسي أمريكية في الصومال قبل آذار مارس ١٩٩٥ أي بعد حوالي عامين مما يعكس وجود خطة أمريكية طويلة المدى في الصومال.

إن عمليات المواجهة التي بدأتها القوات الأمريكية مع قوات عيديد في أوائل يونيو الماضي لا يعني نجاحها في استقطاب الصوماليين إلى جوارها وإنما هو بداية العداء والمواجهة والغوص في المستنقع الصومالي، فالصومال شعب مسلم قبلي وما أسرع أن يجيد اللاعبون فيه الضرب على المشاعر الدينية والأوتار القبلية في البلاد، لتتحول الصومال بصحاريها الشاسعة وسواحلها الممتدة وقبائلها الكثيرة إلى مستنقع للقوات الأمريكية التي بدأ بعض حلفائها مثل إيطاليا يرفضون خطتها - ربما يشبه المستنقع الفيتنامي أو المستنقع الأفغاني الذي وقع فيه السوفييت.

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

مع الصحافة في كل مكان

نشر في العدد 1

875

الثلاثاء 17-مارس-1970

حذار من لعنة الأجيال

نشر في العدد 9

33

الثلاثاء 12-مايو-1970

كيف يسَيطر اليهَود عَلى أميركا؟

نشر في العدد 3

33

الثلاثاء 31-مارس-1970