; غسيل مخ العرب والتيارات الفكرية الحديثة | مجلة المجتمع

العنوان غسيل مخ العرب والتيارات الفكرية الحديثة

الكاتب المستشار سالم البهنساوي

تاريخ النشر الثلاثاء 30-ديسمبر-1980

مشاهدات 20

نشر في العدد 509

نشر في الصفحة 26

الثلاثاء 30-ديسمبر-1980

إن من سنة الله تعالى في خلقه أن ينقسم الناس إلى حزبين حزب الله وحزب الشيطان، ولهذا كان شياطين الإنس والجن ثم أعداء كل رسول، قال الله تعالى: ﴿وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا﴾ (الأنعام: 112).

والعداء الناشب بين هذين الحزبين سببه الوحيد هو تمسك أتباع الشياطين بمصالحهم وبالمنافع والمكاسب التي يحققونها من استغلالهم لغيرهم من بني الإنسان.

فأهل مدين كان اعترافهم، وكان حربهم لنبيهم شعيب ومن آمن معه، منصبًا حول ربط الدين بالأخلاق حيث أمرهم بهذا في قوله: ﴿وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ﴾ (هود: 85) فكان جوابهم هو: ﴿قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ ۖ إِنَّكَ لَأَنتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ﴾ (هود: 87).

كما كان اعتراض أعداء الإسلام في عصر النبي صلى الله عليه وسلم منصبًا حول تسوية الإسلام بين الأغنياء والفقراء في الحقوق العامة والخاصة، ولهذا أنزل الوحي بالرد على طلبهم أن يكون للأغنياء مزايا خاصة حتى يؤمنوا بهذا الدين، فقال تعالى: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ۖ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ۞ وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾ (الكهف: 28-29)

«أعداء الدين في الماضي والحاضر»

لقد استخدم أعداء هذا الدين الحرب الساخنة للقضاء على الإسلام وأتباعه، فلما فشلوا، ونصر الله القلة المؤمنة، تحول أتباع حزب الشيطان إلى النفاق فأظهروا الإيمان، وأبطنوا الكفر ليهدموا الإسلام من داخله فكان حديث الإفك عن أم المؤمنين عائشة، ثم كان مقتل عثمان ثم مقتل الإمام علي ثم الحرب التي كان وراءها هؤلاء المنافقون.

ثم كانت الحروب الصليبية وبعد فشلها تحول المعول إلى الداخل فكانت أعمال اليهود داخل المجتمع عن طريق حزب الاتحاد والترقي. ثم كان ما سمي بالثورة العربية ضد الخلافة العثمانية التي تمخضت عن تقسيم البلاد العربية وتوزيعها بين بريطانيا وفرنسا واليهود.

«التيارات الحديثة في المجتمع»

ومن عوامل الهدم داخل مجتمعاتنا ما ظهر في مجتمعنا العربي من تيارات فكرية تعمل على تطوير الإسلام وتطويعه للنظم العالمية شرقًا أو غربًا.

وهذه التيارات أنواع أهمها:

أولا: تيارات وافدة من الغرب:

هذه التيارات قد أبرزها بعض المفكرين والمخططين الغربيين، ومن الأمثلة على ذلك:

1- ما كتبه المستشرق جب في كتابه إلى أين يتجه الإسلام من ضرورة حمل العالم الإسلامي على حضارة الغرب، وفي سبيل ذلك يجب العمل ليكون التعليم على الأسلوب الغربي والمبادئ الغربية والفكر الغربي مع خلق رأي عام لذلك عن طريق الصحافة.

2- ما كتبه المستشرق مورو بيرجر في كتابه العالم العربي اليوم حيث قال: «يجب أن يوضع في الحسبان نقطتين مهمتين، الأولى أن يعمل على تقليل سلطة الأب على أولاده ليمكن أن تحمل الأسرة العربية كل طبيعة الحياة الغربية.

النقطة الثانية ضرورة تأسيس حكومات عسكرية في البلاد العربية للقيام بالإصلاح الاقتصادي والاجتماعي وتطبيق علم الاجتماع بنظرياته». لهذا فليس غريبًا ما نراه من اتجاه الحكومات العسكرية إلى تصفية التيار الإسلامي ودعاته، ثم استجابة بعض مسؤولي وزارات التعليم في المجتمع العربي إلى تدريس علم الاجتماع بمفاهيمه الكاذبة الخاطئة والتي تزعم أن التقيد بالماضي يحول دون تكوين رأي عام مستنير وتقليد المصلحين مهما كانوا يحول دون ذلك، وتدخل الأديان في الماضي كي يدخل الأنبياء المصلحون المرفوض تقليدهم».

3- ما كتبه كويلرينج في كتاب الشرق الأدنى مجتمعه وثقافته من ضرورة أن يحدث في البلاد العربية ما حدث في فلسطين حتى لا يبقى للبيت العربي نفس السلطات الذي كان له من قبل على نبيه.

4- ما تضمنته بروتوكولات حكماء صهيون من خطط، ومنها قولهم :

(1) «لقد كان اليهود خلف عالم الطبيعيات دارون في زعمه أن الإنسان أصله قرد وليكذبوا القرآن في بيان هذه الصلة وهي أن الله مسخ عصاة اليهود في عهد نبيه موسى وجعلهم قردة خاسئين».

(2) «وكان اليهود وراء عالم النفس “فرويد” ليجعلوا الإنسان عبيد الشهوات والجنس».

(3) «وكانوا وراء عالم الاجتماع دور كايم ليشيعوا أن القيم الأخلاقية نسبية وغير ثابتة؛ لأن الغاية تبرر الوسيلة وبالتالي فالزواج والأسرة أمور غير ثابتة».

(4) «وكانوا وراء كارل ماركس في فلسفته المادية وإنكار الله خالق العالمين وفي الدعوة إلى شيوعية الجنس والمال»

(5) «وكانوا وراء المنحرف نيتشه في فلسفته بسيادة القوة وانعدام الرحمة بين القوي والضعيف».

(6) «وكانوا وراء كمال أتاتورك في دعوته القومية لتحل القوميات وروابطها محل الرابطة الإسلامية».

النتيجة: ولقد نتج عن كل ذلك وجود أفراد وجماعات وتيارات فكرية تعمل في المجتمعات العربية الإسلامية بما يخدم أعداء الإسلام، سواء أدرك الداعي لهذه التيارات ذلك أو جهله، ويسخر لهذه بعض القيادات وبعض العلماء وكثير من النساء.

الرابط المختصر :