; جابر عصفور.. وخالتي دميانة ! | مجلة المجتمع

العنوان جابر عصفور.. وخالتي دميانة !

الكاتب أ.د. حلمي محمد القاعود

تاريخ النشر السبت 01-أغسطس-2009

مشاهدات 27

نشر في العدد 1863

نشر في الصفحة 36

السبت 01-أغسطس-2009

(*) أستاذ الأدب والنقد

حملة صحف السلطة البوليسية ضد الإسلاميين اشتعلت بعد منح جوائز الدولة لليساريين الذين يرون الإسلام دينا مزورا

علاقة المسلمين بنصارى مصر استمرت على ما يرام.. حتى بدأ عصر التمرد الطائفي بقيادة الأنبا شنودة في مطلع السبعينيات

القمص مرقص عزيز أهان نبي الإسلام فنقلوه إلى الخدمة الخارجية في الولايات المتحدة هربًا من مؤاخذته على إجرامه

صديقي اللدود جابر عصفور - شفاه الله وعافاه - يحرص في مجال هجائه للإسلاميين على إدانتهم في موضوع التمرد الطائفي الذي تقوده الكنيسة ويذكر دائما قصة العلاقة التي كانت تربط بين أسرته وأسرة نصرانية في مسقط رأسه بالمحلة الكبرى، ويشير إلى الخالة «دميانة» التي أرضعته صغيرا وعلاقته بأقرانه من النصارى، وترددهم بين مسجد أبي الفضل الوزيري والكنيسة المقابلة له..

والحق أن صديقي اللدود يتجاهل أن الأنبا شنودة أرضعته امرأة مسلمة، وكان له إخوة مسلمون من الرضاعة والقصص كثيرة عن العلاقة الطيبة بين المسلمين والنصارى والمشاركة الدائمة فيما بينهم في المناسبات السارة والأخرى الحزينة.. حتى بدأ عصر التمرد الطائفي بقيادة الأنبا شنودة في مطلع السبعينيات، فأشعل النار في الوطن المهزوم الذي فجعته هزيمة ١٩٦٧م وحولته إلى معرة الأمم، وأتاحت للمتمردين الطائفيين أن يستعيدوا سيرة البشموريين الخونة، من خلال ما يقال عن استقلال مصر القبطية عن الغزاة العرب، وبعث ما يسمى اللغة القبطية وإلغاء اللغة العربية (لغة الغزاة!)، وقد بدأ التمرد بمسيرة الكهنة في أوائل السبعينيات في الخانكة شمال القاهرة تضامنا مع كنيسة المنطقة، وتحركهم بما يسمى الروح الاستشهادية، فقد كان الأنبا يودع الكهنة إلى المظاهرة، مطالبا أن يعودوا سبعين ومائة راهب، بدلا من سبعمائة وألف راهب!

مواجهة دموية

لقد بدأ عصر المواجهة الدموية الذي صنعته الكنيسة، ولم تصنعه التيارات الإسلامية على اختلاف تكويناتها وأفكارها وبدأ عصر «الجيتو» الذي حول النصارى إلى شعب الكنيسة بدلا من شعب مصر الطيب الذي يواجه المحن بالصبر والسلوان.

ولأن صديقي اللدود يمثل الواجهة الثقافية للدولة البوليسية الفاشية وعتبتها، فإن كلامه يجب أن يؤخذ في الحسبان بوصفه توجه سلطة تجاه شعبها ومعتقداته، خاصة أنها ترى الإسلام خطرا ماثلا ينبغي التصدي له، وأعلن أكثر من كاتب سلطة ومسؤول بأن التيارات الإسلامية أخطر من الغزاة النازيين اليهود ومن تولى صديقي اللدود إدارة تحرير مجلة «فصول» تحت رئاسة الراحل عز الدين إسماعيل، ثم تعرفه على الوزير الفنان، وصعوده الصاروخي لينتزع رئاسة تحرير «فصول» من أستاذه ثم ولايته المجلس الأعلى للثقافة والمركز القومي للترجمة، وأخيرا بعد المعاش ولاية هذا المركز بدرجة وزير، ثم إثبات ولائه للوزير الفنان إلى درجة أن صار ذراعه اليمنى واليسرى أيضا ...

ملامح التمرد الطائفي

ولأن الحملة في الصحف والمجلات التي تهيمن عليها السلطة البوليسية قد اشتعلت ضد الإسلاميين، وخاصة بعد منح جوائز الدولة لليساريين الذين يرون الإسلام دينا مزورا مكافأة لهم وتكريما، فالواجب الوقوف عند بعض ملامح التمرد الطائفي الذي يرى الإسلام ديناً مزوراً أيضاً، ويرى المسلمين غزاة بدواً جاؤوا من الجزيرة العربية بقيادة سفاح اسمه عمرو بن العاص ليقتنع الصديق اللدود أو يعلم على الأقل وآخرون ممن يتبنون التحامل على الإسلاميين وهجائهم بلا هوادة أن المسألة ليست بناء كنيسة أو الصلاة داخل أحد البيوت، أو عدم صدور قانون بناء موحد الدور العبادة، وهو القانون الذي يظنون أنه سيوقف تمرد قيادة الطائفة، ويمنع إصرارها على حرمان الأغلبية الساحقة من التعبير عن إسلامها وتطبيق شريعتها وتعليمها في المدارس والأزهر.

سوف أكتفي بمثالين قريبين ليدرك صديقي اللدود أن المسألة أكبر من بناء كنيسة أو التعيين في وظيفة ...

إهانة الإسلام

المثال الأول كتبه القمص مرقص عزيز خليل - عفوا الأب «يوتا» الذي أهان نبي الإسلام، ونقلوه إلى الخدمة الخارجية في الولايات المتحدة، ربما هربا من مؤاخذته على إجرامه في حق الإسلام والمسلمين.

مقاله منشور بأحد المواقع الطائفية يوم 2009/7/17م، ويتحدث فيه عن ضرورة إسقاط المادة الثانية من الدستور المصري حتى لا تكون هناك تفرقة بين المسلمين وغيرهم، لقد شبه المادة الثانية التي تنص على إسلامية الدولة بجدار الفصل العنصري الذي أقامه الغزاة النازيون اليهود في فلسطين المحتلة، بل عد المادة الثانية أخطر من هذا الجدار؛ لأن الجدار مادي يمكن أن يزول في يوم ما، أما المادة الثانية فخطرها معنوي لا يزول بتقادم الأيام، وأنبأنا القمص المتعصب الحاقد على الإسلام وأهله أن الأمم الراقية لا تنص في دستورها على دين الدولة!

إني أسأل هذا القمص المتمرد: ما شأنه بالمادة الثانية؟ وهل النصرانية تأمره أن يكون رجل دولة وسياسة؟ ثم من أخبره بأن الدول الراقية لا تنص في دساتيرها على دينها؟ وإني أحيله إلى دساتير بريطانيا العظمى واليونان، وصربيا وألمانيا وإسبانيا وإيطاليا، وهي لا تكتفي بالنص على دين الدولة بل على مذهب الدولة بين المذاهب النصرانية، ودين رئيس الدولة أيضا.. ثم أليس من حق الأغلبية الساحقة أن تتبنى الدستور الذي تريد وفقا للقاعدة الديمقراطية التي تحافظ على حقوق الأقليات؟

وإذا كان مرقص أو «يوتا» يكذب ويعلن عن تعصبه وتمرده بلا حياء فهناك الخسيس الذي يعيش بالأموال الأمريكية في وكره بواشنطن، ليعلن في مقال بعنوان: «لماذا الدعوة إلى دولة قبطية؟» 2009/7/18م تهنئته في بداية المقال الدولة الغزو النازي اليهودي بمحو كلمة القدس وعودتها إلى «أورشليم» بعد تحريرها من الغزاة العرب، ويبارك عودة أورشليم إلى العالم، بعد ١٤٠٠ عام، ويتمنى عودة بيت لحم اليهودية أيضا.. ويطالب الطائفي الخائن الخسيس بدولة طائفية عاصمتها الإسكندرية؛ لأن النظام يضطهد النصارى ويحرمهم من حقوق المواطنة!

بالتأكيد فمثل هذه النوعية من الأفكار الإجرامية الطائفية لا تصدر عبثا عن يوتا» والخائن وغيرهما من عملاء المؤسسة الاستعمارية الصليبية التي تقودها الولايات المتحدة، كما أنها ليست بعيدة عن علم الأنبا شنودة ووعيه وهيمنته.

تمزيق مصر

إن تمزيق مصر ليس عملاً هيناً يمكن اختزاله في الخالة دميانة وبناء الكنائس التي لا يحتاجها النصارى أصلا، وهو ما يلح عليه نفر من الماركسيين السابقين وكثير من اليساريين بصفة عامة، ويرونه علامة على اضطهاد مزعوم للأقلية الطائفية في مصر، ويرتبون عليه ضرورة إلغاء الإسلام وإقصائه بل استئصاله من المدارس والجامعات وأجهزة الدعاية ومؤسسات الثقافة، بل مكافأة من يهينونه ويشوهونه بالجوائز والمناصب والمنافع والشهرة.

إني أسأل صديقي اللدود: هل توافق على تقسيم مصر؟ هل ترضى باستئصال الإسلام؟ أليس من حق المسلمين أن يعبدوا الله وفق شريعتهم؟ ألا يتساوى الإخوان المسلمون بالبهائيين والماسون وعباد الشيطان؟

إني أتمنى أن أسمع من صديقي اللدود - شفاه الله وعافاه - رأياً واضحاً في هذا الأمر، لأنه وهو يقود مثقفي الحظيرة في وصفهم للإسلام بالإظلام والظلامية والأصولية والرجعية والتخلف والبداوة والإرهاب والعنف والتطرف والجمود لا يمثل نفسه بقدر ما يمثل واجهة دولة بوليسية فاشية مستبدة.. وهو ما يجعل الناس يتساءلون: هل الدولة ضد الإسلام؟

التربح بالإخوان

اتهمني مع فضلاء آخرين صبي من صبيان الرائد «موافي» صار مؤخرا رئيسا لمجلة بائسة بالتربح من الإخوان المسلمين، وإني أوافقه على ما ذهب إليه، فالتربح من الإخوان فرصة ذهبية لمن يريد أن يتعرف على الطهارة والصدق والأمانة والتضحية في سبيل الله والوطن.

وكان طائفي خائن خسيس قد اتهمني وفضلاء آخرين من قبل بالتربح من «المصريون»، والحصول على عشرين جنيها (!!!) في مقابل كل مقالة تنشرها لنا؟

وللأسف، فإن التربح من الإخوان أو «المصريون» يبدو - لو صح - أمرا تافها ومضحكاً بالنسبة لمن ينهبون أموال الفقراء والكادحين نظير أكاذيبهم ونفاقهم وتسويغهم الممارسات القمعية لنظام بوليسي فاشي.. ويكفي ذلك الآن!

الرابط المختصر :