; مناقشات حول الحركة الإسلامية | مجلة المجتمع

العنوان مناقشات حول الحركة الإسلامية

الكاتب أبو مسلم المنصور

تاريخ النشر الثلاثاء 26-مايو-1970

مشاهدات 24

نشر في العدد 11

نشر في الصفحة 12

الثلاثاء 26-مايو-1970

من خلال الصراع الرهيب الذي خاضته وتخوضه الحركات الإسلامية في شتى بقاع الأرض، ومن النهايات المؤسفة لكثير من هذه الحركات؛ يجب على أصحاب الدعوة الإسلامية أن يقفوا وقفة تأمل ودراسة مستفيدين من دروس الماضي وعبره ليتزودوا لمتابعة الجهاد وحمل الراية حتى يتحقق وعد الله.

●     اتجاه الأبحاث حول الحركة الإسلامية

ولقد صدر عدد من الدراسات والأبحاث حول الحركة الإسلامية، ومع تقدير الجهد الذي بُذل فإننا نلاحظ أن معظم هذه الدراسات والأبحاث تركزت حول ناحيتين:

●     الجانب التاريخي .

●     والسيرة الذاتية لمؤسسي هذه الجماعات الإسلامية .

وفي تقديري أننا نحتاج للمزيد من الدراسات والأبحاث المستفيضة حول «تقویم» الماضي ووضع خطة عمل للمستقبل.

●     أريد أن ألفت النظر.. نظر المهتمين «بالحركة الإسلامية » إلى هذه الناحية، وإن كنت لا أقلل من جهود المخلصين الذين تناولوا الحركة من جوانبها المختلفة، فقط أريد أن ألفت النظر.. نظر المهتمين بالحركة الإسلامية إلى هذه الناحية.

وسأحاول أن أستعرض آراء من أُتيح لهم القيام بدور فعال في مجال العمل الإسلامي؛ أملًا أن نستفيد من تجاربهم وأفكارهم، والله من وراء القصد.

·       الحركة الإسلامية كما يراها سید قطب:

للشهيد الأستاذ سيد قطب وجهة نظر أوردها في مؤلفه القيّم «في ظلال القرآن» عند تفسيره لسورة الأنعام.. المجلد الثالث.. الطبعة الخامسة الجزء السابع من ص ٧٧ إلى ص ٩٤ وشرحها تفصيلًا في كتابه «معالم في الطريق»، وأوجز فيما يلي وجهة نظره -رحمه الله- فيما نحن بصدده:

١-أصحاب الدعوة الإسلامية خليقون أن يقفوا طويلًا أمام ظاهرة تصدي القرآن المكي خلال ثلاثة عشر عامًا لتقرير العقيدة، ثم وقوفه عندها لا يتجاوزها إلى شيء من تفصيلات النظام الذي يقوم عليها، والتشريعات التي تحكم المجتمع المسلم الذي يعتنقها.

٢- كان باستطاعة محمد -صلى الله عليه وسلم- أن يعلن الدعوة أولًا: تحت راية قومية أو اجتماعية أو أخلاقية، وبعد أن يدين له الناس بالطاعة يعلنها إسلامية، ولكن الله منزل هذا الدين يعلم أن ليس هذا هو الطريق.

٣- طبيعة الدين الإسلامي أنه دين يقوم كله على قاعدة الألوهية الواحدة.. كل تنظیماته.. وكل تشريعاته تنبثق من هذا الأصل الكبير.

٤- هذا الدين يحدد منهجه في بناء نفسه، وفي امتداده، ويجعل بناء العقيدة وتمكينها، وشمول العقيدة، واستغراقها لشعاب النفس كلها.. ضرورة من ضرورات النشأة الصحيحة.

٥- متى استقرت عقيدة «لا إله إلا الله» في أعماقها الغائرة البعيدة استقر معها في نفس الوقت.. النظام الذي تتمثل فيه.. واستسلمت هذه النفوس ابتداء لهذا النظام.. حتى قبل أن تعرض عليها تفصيلاته وتشريعاته. بهذا الاستسلام أبطلت الخمر وأبطل الربا بآيات من القرآن، أو كلمات من الرسول صلى الله عليه وسلم.

       ٦- إن هذا الدين : منهج عملي، حرکي، جاد، جاء ليحكم الحياة في واقعها ويواجه هذا الواقع ليقره، أو يعدله، أو يغيره من أساسه.

٧- إنه ليس نظرية تتعامل مع الفروض!! إنه منهج يتعامل مع الواقع، فلا بد أولا أن يقوم المجتمع المسلم الذي ستكون له بالضرورة حياة واقعية تحتاج إلى تنظيم وإلى تشريع، وعندئذٍ يبدأ هذا الدين في تقرير النظم وفي سن الشرائع لقوم مستسلمين أصلا للنظم والشرائع، رافضين ابتداء لغيرها.

٨- لا بد أن يكون للمؤمنين بهذه العقيدة من السلطان على أنفسهم وعلى مجتمعهم ما يكفل تنفيذ النظام والشرائع في هذا المجتمع؛ حتى تكون للنظام هيبة، ويكون للشريعة جديتها.

٩- يجب أن يكون مفهومًا لأصحاب الدعوة الإسلامية أنهم حين يدعون  الناس لإعادة إنشاء هذا الدين يجب أن يدعوهم أولًا: إلى اعتناق العقيدة -حتى ولو كانوا يدعون أنفسهم مسلمين وتشهد لهم شهادات الميلاد بأنهم مسلمون- يجب أن يعلموهم أن الإسلام هو أولاً إقرار عقيدة: لا إله إلا الله بمدلولها الحقيقي .

١٠- إذا آمن بهذه الدعوة  -بهذا المفهوم- عصبة من الناس؛ فهذه العصبة هي التي تصلح لمزاولة النظام الإسلامي في حياتها الاجتماعية، وحين يقوم هذا المجتمع بالفعل.

يبدأ عرض أسس النظام الإسلامي عليه، كما يأخذ هذا المجتمع نفسه في سن التشريعات التي تقتضيها حياته الواقعية، في إطار الأسس العامة للنظام الإسلامي.

١١- القرآن وهو يبني العقيدة في ضمائر الجماعة المسلمة يخوض معركة ضخمة مع الجاهلية المحيطة بهم، ورواسبها في أخلاقهم، وواقعهم، ومن خلال المعركة يظهر بناء العقيدة في صورة تكوين تنظیمي مباشر للحياة ممثل من الجماعة المسلمة ذاتها.

١٢- مرحلة بناء العقيدة يجب أن تمتزج بمرحلة التكوين العملي للحركة الإسلامية، والبناء الواقعي للجماعة المسلمة.

١٣- من الخطأ الفادح أن تتبلور العقيدة الإسلامية في صورة فكرة مجردة للدراسة: النظرية، المعرفية، الثقافية.

١٤- يجب أن تُبنى العقيدة، والجماعة، والحركة في وقت واحد.. كيف؟ تبنى الجماعة والحركة والعقيدة .. تبنی العقيدة بالجماعة والحركة، أن تكون العقيدة هي واقع الجماعة الفعلي، وأن يكون واقع الجماعة الحركي الفعلي هو صورة العقيدة؛ حتى إذا نضج التكوين العقيدي كانت الجماعة هي المظهر الواقعي لهذا النضوج.

١٥ـ كل نمو نظري يسبق النمو الحركي الواقعي ولا يتمثل من خلاله هو خطأ «في المنهج» وخطر «في النتيجة».

١٦- إن منهج التفكير والحركة في بناء الإسلام.. لا يقل قيمة ولا ضرورة عن منهج التصدر الاعتقادي والنظام الحيوي ولا ينفصل عنه كذلك.

١٧- إن المنهج في الإسلام يساوي الحقيقة ولا انفصام بينهما، كل منهج غريب لا يمكن أن يحقق الإسلام في النهاية، والمناهج الغربية الغريبة يمكن أن تحقق أنظمتها البشرية، ولكنها لا يمكن أن تحقق نظامنا الرباني؛ فالتزام المنهج ضروري كالتزام العقيدة، وكالتزام النظام في كل حركة إسلامية.

الرابط المختصر :