; للذين يناضلون في سبيل الخمر - أم الخبائث منعت.. ولن تعود | مجلة المجتمع

العنوان للذين يناضلون في سبيل الخمر - أم الخبائث منعت.. ولن تعود

الكاتب المحرر المحلي

تاريخ النشر الثلاثاء 26-مارس-1974

مشاهدات 14

نشر في العدد 193

نشر في الصفحة 37

الثلاثاء 26-مارس-1974

للذين يناضلون في سبيل الخمر

أم الخبائث منعت.. ولن تعود

في زاوية كتبها «الشايب المتمرد» في صحيفة الرأي العام ١٥- ٣- ١٩٧٤م لم يترك صفة من صفات التأخر والجهل، وعدم الواقعية، والسلبية، وفقدان النقاش الموضوعي، وانعدام المنطق، إلى آخر هذه الألفاظ.. إلا وجاء بها من أجل أن يزخرف حجته ويجعلها مقبولة أمام الرأي العام الذي تتحدث باسمه جريدته!

وهي كلمات تحشر بهذه «الكظاظة» لاستغفال الناس الذين تقدم لهم الدعوات الهدامة تحت ستار من العلمية والتقدم، والبعد عن عقلية القرون الوسطى!

وما دام «الشايب المتمرد» قد عقد العزم في صحيفته «على الكتابة حول هذا الموضوع بقصد تسليط ضوء الحقيقة على الآثار الضارة التي تتركها مثل تلك القرارات الخاطئة على سمعة البلد ومصالحه العليا»، وأنه حريص كل الحرص على إبراز وجه الكويت الحضاري وإظهار وجه التقدم فيه، فنحن أيضًا لنا الحق أن نكتب عن هذا الموضوع ونرى فيه الرأي الذي يقره الكويت وأهله، ونرد على هذه الادعاءات المناضلة في سبيل الخمر!

لقد كان قرار وزير المالية ممثلًا وجهة نظر الكويت المسلم، وهو بهذا يستند إلى «لغة العصر، لغة الأرقام والإحصائيات» ما دمنا في دائرة الإحصاءات.

فما دام الكويت يعود إلى إقرار آراء غالبية شعبه -وهو شعب مسلم يحرم الخمر على نفسه؛ لأن الله حرمها، وهي أم الخبائث- فهو يستند إلى لغة العصر، «فليس من المنطق وليس من النقاش الموضوعي» في شيء أن تضرب المؤسسة البرلمانية في الكويت برأي هذا الشعب -الذي لا تقر غالبيته هذا الفكر- عرض الحائط، وهي المؤسسة التي انتخبت حتى تكون وسيطًا بين الشعب وبين السلطة التنفيذية.

إن «النجاحات العديدة التي حققتها مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية من حيث قلة الحوادث، والدقة في المواعيد، وتأمين الرفاه والطمأنينة للمسافرين على طائراتها» هي التي تشفع لها، وهي التي تبني سمعتها في عالم الخدمات اليوم، ولا يمكن أن تشفع لها جودة خمورها إذا كانت مقصرة في الجوانب الأخرى، وأن الطيران يوم أخترع لم يخترع لغاية السكر والعربدة بين أطباق السحاب؛ وإنما لكي يختصر الوقت للإنسان ويوفر له الراحة فحسب.

وإن الوجه الحضاري الذي تباهي به الدول التي يريد «الشايب المتمرد» أن نقفو أثرها، لم يكن مرة واحدة في خمورها وسكرها وعربدتها؛ وإنما كان بما قدمت من مخترعات عملت على راحة الإنسان وبما شيدت من جامعات بدرت ما كان عالقًا في أذهان الناس من خرافة، وذللت طرق الكشف وسخرت قوى الطبيعة لخير الإنسان.

وإنه لو أنصف لرأى أن الحضارة الحديثة إذا كان أحد وجهيها دميمًا قبيحًا يعتبر سبة في كيانها ونذير سوء لها، فهو انفلاتها من التعقل وغيبوبتها وانحلال شبابها وإدمانهم على الخمور والمخدرات التي أصبحت في شرقنا الإسلامي -كما يزعم البعض- عنوانًا للتقدم والرقي، ودليلًا على إشراق الوجه الحضاري.

إن أقبح شيء في هذه الحضارة وأبعد شيء فيها عن منطق العلم، هو أن العلم الذي يعتبر أحسن منجزاتها يعد الخمر ضارة ضررًا صحيًّا، ثم بعد ذلك تأتي مؤسسات هذه الحضارة مناقصة لهذا المنطق السهل لتشيع الخمر وأخواتها بكل وسيلة، وبين كل طائفة تفهم وتحذر من ويلات التحضر المقيت.

إن القرن العشرين فيه الوصوليون والانتهازيون، وفيه العلماء الأدعياء، وفيه القادة المشعوذون، وفيه الذين يسيرون سياسات في شرق الأرض وغربها وهم يحتاجون إلى من يسوسهم، وفيه الفاسدون في كل مجال، وفيه الذين يوجهون ثقافات الشعوب وأجدر بهم ـلو وجد أناس صالحون- أن يساقوا إلى مستشفيات المجانين.

وإن القرون الوسطى التي يعرض بها الكاتب -وكثير ممن هم على شاكلته يفعل ذلك- كان عصر حضارة ونور لنا -نحن العرب والمسلمين- ففيه برز الذين نعتز بهم من هداة العلم ومعالم الثقافة والذين هم جذورنا في عالم الحضارة، والذين لولاهم لشردنا أي تشريد، ولأبادتنا أمم الأرض كما أباد الأوربيون الهنود الحمر في أميركا.

في الوقت الذي كانت العصور الوسطى بالنسبة للغربيين عصور ظلام وانحطاط، ليس فيها ما يجعل الغربيين يعتزون بالنسبة إليها من أجله، بل فيها ما يجعلهم يتملصون منها أشد تملص، وما ينفرهم من ذكرها أشد تنفير، وما يجعلها في نظرهم وكأنها لعنة تلاحقهم أين ما ذهبوا...

فهل كانت هذه العصور بالنسبة لنا مثلما كانت بالنسبة لهم، أم هو مجرد الإعراض عن الحقيقة والإمعان في التقليد باستعمال ألفاظ الأقوياء دون معرفة حقائقها؟!

وهذه الأصوات التي لا تزال تهاجم الإسلام وتعاليمه من وراء ستار قد جاوزت الحد في الجرأة، وما ذلك إلا لأنها تنتهز فرصة جوهرية لا تريد أن تضيعها على أنفسها، وهي الفرصة التي تجعل من كل النكرات معارف إذا هي هاجمت الإسلام أو بعض تعاليمه.

هذه الفرصة هي كون الإسلام نحي عن أن يكون نظام حياة.

إن الله سبحانه حينما قال: ﴿إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ (المائدة: ٩٠) قد حرم الخمر تحريمًا مطلقًا لا مجال لرأي إنسان مهما كان أن يعقب عليه، وليس من حق أي رجل بين شعب دينه الإسلام أن يعيب رأي هذا الدين، ويعتبر التمسك بأحكامه دليلًا على «ضيق الأفق والسلبية والجهل والتقوقع والإحجام عن رؤية نور الشمس».

وإن الرسول صلى الله عليه وسلم حينما قرر أن الله لعن الخمرة، وشاربها، وبائعها، وعاصرها ومعتصرها، قد قطع الطريق أمام أي دعوة لإباحته، وليس هذا «تشريعًا خاطئًا يحد من التقدم ويعطل من خطوات النمو» بزعم دعاة الخمر، وإنما هو جزء من نظام متكامل جاء لصالح الإنسان، أيًّا كان وفي أي مكان وجد.

إن نبذ كل شيء نافع بحجة كونه قديمًا حجة معكوسة، فعلى منطقهم هذا ينبغي للإنسان أن يتبرأ من كل أيامه الماضية وأمجاده السابقة، ومن كل شيء يعتز به؛ لأنه مضى وقته؛ وعليه فإنهم ينبغي أن يتبرءوا حتى من آبائهم وأمهاتهم ويلقونهم في حفرة لا قرار لها؛ لأنهم يعيشون في زمن غير زمنهم.

وإن القول «بأن نسبة الركاب المسافرين على متن طائرات الخطوط الجوية الكويتية إلى أوربا قد انخفضت إلى ۷۰٪ نتيجة لمنع المشروبات» كلام لا يلتفت إليه؛ لأنه صدر من إنسان منحاز للخمر.

لماذا يحب البعض أن تشيع الفاحشة بين الناس وأن يتعسوا حياتهم بالمعاصي؟ والله سبحانه وتعالى يقول: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ (النور: ١٩).

«الشاب المعتدل»

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

سراقة بن مالك

نشر في العدد 3

759

الثلاثاء 31-مارس-1970

مشاريع كثيرة، ولكن !!

نشر في العدد 3

104

الثلاثاء 31-مارس-1970

الخمر

نشر في العدد 6

23

الثلاثاء 21-أبريل-1970