العنوان بعد الانتخابات التشريعية في المغرب: توازنات وخارطة سياسية جديدة
الكاتب د. محمد الغمقي
تاريخ النشر الثلاثاء 13-يوليو-1993
مشاهدات 10
نشر في العدد 1057
نشر في الصفحة 31
الثلاثاء 13-يوليو-1993
شارك حوالي ۱۱ مليون مغربي في الانتخابات البرلمانية يوم ٢٥ يونيو الماضي تم خلالها انتخاب ٢٢٢ على مجموع ۲۰۲٤ مرشحا أي ما يمثل ثلثي المقاعد المكونة لمجلس النواب.
ويرى المراقبون أن الحملة الانتخابية كانت شفافية وتمكنت مختلف الأحزاب من التعريف ببرامجها عبر وسائل الإعلام والمنابر الصحفية الحزبية، واتسمت هذه الحملة أيضا بالتركيز على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية على عكس الحملات الانتخابية للدورات التشريعية السابقة التي غلب عليها الطابع السياسي.
تحالفات:
وفيما يتعلق بالقوى المشاركة في العملية الانتخابية فإنها تتشكل من ثلاثة أطراف أحزاب قريبة من السلطة وأحزاب معارضة إلى جانب عدد محدود من المستقلين والملاحظ أن شدة التنافس بين هذه الأطراف وتوقع حصولها على نتائج جد متقاربة بشكل لا يضمن الأغلبية التلقائية قد دفعا كل طرف إلى التحالف بين مختلف كياناته الحزبية خاصة في إطار كتلتي الحكومة والمعارضة ففي الجانب الأول تقارب كل من الاتحاد الدستوري والحركة الشعبية والحزب الوطني الديمقراطي من أجل تشكيل الأكثرية الحكومية مع الإشارة إلى أن حزب التجمع الوطني للأحرار المعروف بانتمائه إلى هذه الكتلة قد اختار في البداية أن يبقى خارج التحالفات الحزبية معبرا عن استعداده للتعاون مع مختلف الأطراف بما في ذلك الأحزاب المعارضة من أجل تشكيل أكثرية حكومية ولعب دور الوساطة.
ومقابل قطب أحزاب الأغلبية القريبة من السلطة، تشكل قطب ثان وتحالف مضاد بين حزبين رئيسيين: الاستقلال بزعامة محمد بوستة والاتحاد الاشتراكي للقوى الشعبية برئاسة عبد الرحمن اليوسفي. ويرى المراقبون أن تحالف هذين الحزبين المتنافسين تقليديا هو الحدث البارز في هذه الانتخابات حيث خاض كل من الاستقلال والاتحاد الاشتراكي المعركة الانتخابية بقوائم مشتركة وموحدة من مرشحي الحزبين في مختلف الدوائر الانتخابية المغربية مما يفسر مدى مراهنتهما على هذه الانتخابات من أجل لعب دور أكثر فعالية في الحياة السياسية من خلال البرلمان وربما الحكومة أيضا.
أما بقية أحزاب المعارضة حزب التقدم والاشتراكية وحزب العمل الديمقراطي الشعبي. فقد دخلا بقوائم حزبية خاصة مع التنسيق بينهما على مستوى البرامج في انتظار التنسيق مع حزبي الاستقلال والاتحاد الاشتراكي من داخل المؤسسة التشريعية ومن خارجها بعد انتهاء العملية الانتخابية.
وبخصوص التركيبة الاجتماعية والمهنية للمترشحين فإنها تتشكل كالتالي: من بين الـ ٢٠٢٤ مرشحا.
يوجد 23 صحفيا و ۷۳ مهندسا و ١٢٤ محاميا و ١١٧ طبيبا و ۱۱۷۸ جامعيا وأربعة يهود مغاربة ينتمون إلى الاتحاد الدستوري وحزب التقدم والاشتراكية وحزب العمل الديمقراطي الشعبي والحركة الشعبية الوطنية علما بأن الدورة البرلمانية السابقة عرفت نائبا يهوديا واحدا عن دائرة الصويرة جنوب مراكش كما ترشحت ۳۲ امرأة انتخب من بينهن امرأتان وأبرزت النتائج تقدم الكتلة الديمقراطية، وعلى رأسها حزبي الاستقلال والاتحاد الاشتراكي خاصة في المدن الكبرى مثل الدار البيضاء وفاس ومراكش والرباط العاصمة كما أن الأغلبية الحاكمة احتفظت بجل مواقعها خاصة في المناطق الريفية. واسترجع أغلب القادة السياسيين مقاعدهم في البرلمان مثل حمد بوستة الأمين العام للاستقلال وعلي يعطي الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية ومحمد بن سعيد الأمين العام لمنظمة العمل الديمقراطي والشعبي.
صلاحيات برلمانية واسعة:
ويجمع المراقبون على أن هذه الانتخابات ستساهم على المستوى الداخلي في رسم معالم لتناوب بين مختلف الأطراف والقوى السياسية البارزة في البلاد خاصة أنها تمت إثر التحوير الذي أدخل على الدستور المغربي والذي يخول توسيع صلاحيات السلطة التشريعية من حيث مراقبتها لعمل الحكومة بعد أن كانت هذه الأخيرة مسؤولة أمام الملك فحسب.
كما أن أهمية هذه الانتخابات في كونها معيارا ومؤشرا لمدى مصداقية وحياد الإدارة المغربية بتنظيم مشاركة ديمقراطية في الحياة السياسية بغض النظر عن الانتماءات السياسية للأحزاب والمنظمات، علما بأنه سيتم في وقت لاحق اقتراع غير مباشر داخل المجالس المحلية لاختيار ۱۱۱ نائيا (ثلث المقاعد) عن المنظمات المهنية حتى تكتمل التركيبة الشاملة للبرلمان. أما على المستوى الخارجي فإن هذه الانتخابات ستنعكس نتائجها ومدى احترام اللعبة الديمقراطية خلالها على الصورة الخارجية للمغرب ودور هذا الأخير على الصعيدين العربي والأوروبي في عمليات المصالحة العربية وفي الحوار مع المجموعة الأوروبية التي ترغب الرباط في الانضمام إليها. كما سيكون لهذه الانتخابات صدى على المستوى الإقليمي المغاربي حيث يعتمد الحل الأمني في عدد من البلدان المغاربية لتصفية حسابات مع خصوم سياسيين بعد إجهاض إرهاصات التجارب الديمقراطية فيها.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل