; كامب ديفيد بعد السادات.. معظم المراقبين يتوقعون سقوط الكامب بعد السادات. | مجلة المجتمع

العنوان كامب ديفيد بعد السادات.. معظم المراقبين يتوقعون سقوط الكامب بعد السادات.

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 20-أكتوبر-1981

مشاهدات 23

نشر في العدد 547

نشر في الصفحة 20

الثلاثاء 20-أكتوبر-1981

لماذا قتل السادات؟

 ضمن بحث حقيقة الضربة القاتلة التي نزلت بحاكم مصر الأسبق، حاولت صحافة العالم تعليل الحادث مجمعة أن لمقتل هذا الحاكم أسبابًا كثيرة يمكن إجمالها فيما يلي:

۱- حملة القمع الأخيرة التي سجن فيها حاكم مصر عدة آلاف من شباب وقادة الحركة الإسلامية، من مختلف المدن المصرية.

 ٢- رفض الحاكم المصري الانصياع لمطالب الشعب بتحكيم الشريعة الإسلامية في جميع مرافق الحياة، واستهزائه ببعض شعائر الإسلام ومنها حجاب المرأة المسلمة، الذي وصفه السادات بأنه كالخيمة المتحركة.

3- زيارة مناحيم بيغن الأخيرة لمصر بشأن مفاوضاته مع حاكم مصر حول إجراءات التطبيع اليهودي - المصري، واستكمال عمليات الصلح بين النظامين.

 ٤- انتهاج حاكم مصر نهجًا سياسيًا أخرج مصر عن إسلامها وعروبتها، وفق خطة يعتقد الشعب المصري أنها مدبرة ومرسومة في البيت الأبيض الأمريكي والكنسيت الإسرائيلي، وكان من مفرزات هذه الخطة توقيع حاكم مصر على اتفاقات كامب ديفيد، ومتابعة التفاوض مع حكام إسرائيل حول الأرض العربية الإسلامية.

 وإذا كانت بعض هذه الأسباب باتت قديمة بعد أن مرت عليها الشهور والأيام المتوالية، فإن مراقبين إسلاميين وغربيين يعتقدون أن حملة العنف وأسلوب القمع الذي مارسه حاكم مصر في الشهر الأخير من حياته، هو السبب المباشر الذي عزز عند شعب مصر الأبي، الرغبة في تنفيذ عملية الاغتيال والتخلص من هذا الحاكم.

المعاهدة والخوف من الرياح الإسلامية

 أكثر من مرة.. التقطت صحافة العالم تصريحات لمناحيم بيغن رئيس وزراء العدو اليهودي، تعبر عن الدور الذي يمكن أن يلعبه السادات في تكريس عملية الصلح بين الأنظمة العربية واليهود، وفي كثير من هذه المرات، كان بيغن يهيب بالسادات كي يقضي على ما أسماه ببقية المعارضة، التي تريد أن تعود بالشعب المصري إلى العصور الحجرية. وطبعًا، فإن مناحيم اليهودي يقصد بذلك المعارضة الإسلامية التي لا يخاف إلا منها، تلك التي اصطلح بيغن على تسميتها أرياح الخمينية الإسلامية.

 ففي مقابلة مع الراديو الإسرائيلي قبل مقتل حاكم مصر بأسبوعين فقط، سئل بيغن:

  • ألا تقلقك المصاعب التي تواجه السادات والآونة الأخيرة من قبل المعارضة لسبب معاهدة كامب ديفيد؟

 فكان جواب رئيس الوزارة اليهودية:

  • إنني أدرك هذه المصاعب وعندما كنت في الولايات المتحدة، حاولت شرحها للرأي العام الأميركي، وركزت في الواقع على الأمور التالية: أن الخطوات التي اتخذها الرئيس السادات، لم نكن نفكر فيها في الدولتين: أي في إسرائيل والولايات المتحدة، لأسباب دستورية. ولكن يجب فهم إجراءات الرئيس السادات الأخيرة، لأنه يواجه خطر ما يسمى بالخمينية الإسلامية الذي اجتاح إیران، وأصبح الآن يهدد دولًا إسلامية أخرى ومن بينها مصر. وهذه حركة تحمل أفكار العصور الحجرية، ولهذا يجب على الرئيس السادات أن يلاحظ هذه الظاهرة، وأن يستعد لمواجهتها وإحباطها. وقد دعوت الرأي العام الأمريكي أن يتفهم السادات الذي اتخذ إجراءاته الأخيرة للقضاء على هذا الخطر، أو منع انتشاره وسيطرته على مصر، كما قلت للمواطنين الإسرائيليين بإن السادات يعمل ضد أعداء السلام، الذين أخذوا يعودون إلى تطبيق قوانين وعادات العصور الوسطى، أولئك الذين يحاولون إيصال خطرهم إلى إسرائيل أيضًا.

 إن إجابة بيغن تحمل دلائل واضحة على أنه كان يحرض حاكم مصر قبل اغتياله، على استئصال الحركة الإسلامية من جذورها، خوفًا من انهيار السادات نفسه، ومن ثم انهيار المعاهدة المصرية الإسرائيلية.

 مصير كامب ديفيد

 لا يستطيع المراقبون البت بمصير معاهدتي كامب ديفيد والمفاوضات المصرية - الإسرائيلية بسهولة، فالوقت ما زال مبكرًا لمعرفة الاتجاه السياسي الذي سيوجه سياسة المنطقة بعد حاكم مصر السابق، لكن هناك بضعة مؤشرات توحي بأن «كامب ديفيد» الذي ولد منذ اليوم الأول ميتًا، لن يكون في المستقبل بأحسن حالًا.

  • ولعل وزارة الدفاع الإسرائيلية عبرت عن إحساسها عندما قال أحد مسؤوليها: إن لمعاهدتي كامب ديفيد حياة تمتد بقدر امتداد حياة السادات فقط.
  • ثم إن الرصاصات التي قتلت السادات لم تكن موجهة لشخصه فقط، وإنما لجميع سياسته وأبوابها على الصعيدين الداخلي والخارجي، وهذا يشمل سياسة كامب ديفيد كما يشمل مشوار الصلح مع اليهود مهما كانت أشكاله.
  •   أما حسني مبارك وريث إمبراطورية السادات المتقهقرة- فهو لن يكون بأسعد حظًا مع الشعب المصري إذا واصل سياسة سلفه، سواء أكان ذلك في تطوير العلاقة مع العدو اليهودي، أو في ممارسة سياسة القمع ومتابعة خطأ السادات في ذلك.
  •  وأما الأنظمة العربية المهتمة بإنهاء ما يسمى بأزمة الشرق الأوسط، فإنها لا بد أن تكون قد وجدت بمقتل السادات فسحة جديدة، تدخل من خلالها لطرح مشروعاتها الخاصة بالسلام مع العدو اليهودي. ومن المعروف أن ثلة من الدول العربية طرحت عدة مشروعات لإنهاء الأزمة الشرق أوسطية، مع الاعتراف بالوجود اليهودي في القسم القديم من الأرض الفلسطينية المختلفة.

 ومعروف أيضًا أن هؤلاء كانوا يعلنون معارضة حاكم مصر ومعارضة كامب ديفيد، ويلتقون من ناحية أخرى مع الصيغة الأوروبية المعروفة للسلام، وهذا يعني أن عملًا سياسيًا ما سوف يبرز على مستوى قضية الصلح مع العدو اليهودي، كحل بديل لسياسة السادات واتفاقات كامب ديفيد. 

حسني مبارك والكامب

 أوردت وكالة الصحافة الفرنسية تقريرين عن حالة كامب ديفيد في عهد حاكم مصر الجديد حسني مبارك، أو بكلمة أخرى حالة العلاقة المصرية الإسرائيلية بعد السادات..

 أما التقرير الأول فقد جاء فيه:

«من المقرر أن تشكل الاختيارات التي تطرح نفسها في الشرق الأوسط، حيث مني المشروع الأمريكي للسلام بضربة قاسية بوفاة الرئيس المصري السابق» محور المباحثات التي جرت بين الرئيس المصري حسني مبارك، وألكسندر هيغ وزير الخارجية الأمريكية.

 ومضى التقرير للقول بإن المراقبين في العاصمة المصرية يعتقدون أن السكينة البادية على هيغ، لم تنجح في حجب المخاوف التي ظهرت في القاهرة مع النهاية الدامية لمشروع السادات الفريد في خطورته، في الوقت الذي تشهد مصر فيه بعض الاضطرابات في أسيوط، تحركها العناصر المتشددة دينيًا.

 وقد صرح دين نيشر المتحدث باسم الوفد الأمريكي، بأن الولايات المتحدة لم تدهش ولم تشعر بالقلق قط لاشتراك ثلاث دول عربية فقط «السودان والصومال وعمان» في جنازة السادات. وذكر أنه في جميع الأحوال يجب ألا يستخلص من ذلك أن مصر «معزولة».. غير أنه من الأمور ذات الدلالة أن ألكسندر هيغ خصص اجتماعاته الأولى في مصر للرئيسين: جعفر نميري وسياد بري، وقال المتحدث الأمريكي إن هذه الاجتماعات تعكس التعبير عن إدراك وجود خطر لا يستهان به، قد يؤدي إلى إسقاط كامب ديفيد، وأضاف المتحدث باسم الوفد الأمريكي أن محدثي هيغ اتفقا على الدفاع عن المنطقة في مواجهة التدخلات الخارجية أو الداخلية المدفوعة من الخارج.. مشيرًا بذلك بوضوح إلى معارضي اتفاقيتي كامب ديفيد.

 أما التقرير الثاني فقد تناول سياسة حسني مبارك تجاه كامب ديفيد، واستشهدت الوكالة بما ذكره حسني مبارك لمندوبها في حديث معه، حيث ركز على نقطتين أساسيتين:

الأولى: الإصرار على متابعة اتفاقات كامب ديفيد والسير على نهج السادات في السياسة الخارجية.

الثانية: الأمل الجديد بعودة العلاقات المصرية العربية إلى طبيعتها، واستخلصت الوكالة الفرنسية أن الأمور سوف تجري في الشهور الثلاثة المقبلة في مصر، بشكل يتلخص «في صيغة سياسية معروفة وشائعة هي التغيير في ظل الاستمرارية».

 ويبدو أن ما ذهبت إليه وكالة «فرانس برس» الفرنسية قريب من الصحة، وذلك للمشاهدات الآتية:

  • أن تنامي العمل الإسلامي، وبروز العمل المسلح في مصر، لا بد وأن يلجأ الحاكم المصري الجديد إلى موقف يتنازل من خلاله تدريجيًا عن سياسة السادات التي أدت إلى قتله.
  •  ومهارة اللاعب الأمريكي التي أيقنت أن سياسة حاكم مصر الماضية لن تكون في مصالح النظام، ستجعل البيت الأبيض أميل إلى ممارسة لعبة تغيير الأثواب وتبديل الأدوار على المسرح المصري، ولا سيما وأنه صادف أن سياسة السادات قد بدت مفلسة، بعد أن أنهت دورها على مسرح القضية.

 وختامًا نجد أنفسنا أمام سؤال يطرح نفسه:

  •  هل سيعتبر حاكم مصر الجديد، بعد مصرع سلفه السادات برصاص الجنود المصريين؟
  • وهل ستكون حقبة الرئيس مبارك نهاية لمسرحية الضحك على الشعب العربي؟؟ أم أن مبارك سيستمر في عرض المسرحية مع تبديل بعض الأدوار على الخشبة؟؟!!
الرابط المختصر :