; حصار الأمل | مجلة المجتمع

العنوان حصار الأمل

الكاتب محمد أحمد الراشد

تاريخ النشر الثلاثاء 11-فبراير-1975

مشاهدات 109

نشر في العدد 236

نشر في الصفحة 40

الثلاثاء 11-فبراير-1975

إحياء فقه الدعوة هذه الحياة بجوانبها العديدة، وتبدلات المجتمعات التي تحياها، قد لا يفهمها جيل المسلمين اليوم من دون الرجوع إلى نظرة واقعية لها، متسمة بالبساطة، مستقرئة للمحسوس المشاهد منها. ولا ريب أن تجاوز مجرد الاستقراء، وفهم الأمور معللة مسببة، هو الوضع الأمثل، المؤدي إلى الإيمان الأتم الأوفر وهو لما يظن أنه من ظواهر التناقض أوجب، ولذلك جاءت عقيدة الإسلام تحلل وتعلل، ليحيا من حي عن بينة، ولذلك أيضًا حاولت الفلسفات أن تفهم محركات الحياة، فقاربت كاقتراب سقراط من عقيدة التوحيد، أو أبعدت كبعد جمهور المحاولين. وبتفسيرات من شرح الكمال العقيدي الإسلامي أو من خلال محاورات الفلاسفة في محاولاتهم الوصول إلى المثالية، اتسع القول في القدر والجبر والاختيار، وسر تردد النفس بين التقوى والفجور، وحكمة خلق الشيطان وإلقائه للنفوس حتى لتختار الضرر الواضح وتأتي بما لا يأتلف مع الفطرة، وغلبة أهل الشر أحيانًا مع كثرة إفسادهم وإرهاقهم للناس وكثرة محن أهل الخير وصدود الناس عنهم مع عظيم بذلهم ونفعهم للناس، وأمثال هذا. ولكن حياة اليوم اكتنفها التعقيد المادي من كل أركانها، وتركت كثيرًا من المسلمين، كشأن أغلب الناس، في زحمة من المتطلبات والحوايج تسلبهم التفرغ لتأمل ساكن يحللون فيه ويعللون. ولذلك لم يعد هذا النظر التحليلي بممكن للجميع، فضلًا عن أن يكون مفهومًا للجميع، مع أن المسلم مطالب ومكلف- في الوقت نفسه- بأداء الواجب المفروض عليه في التأثير الخيّر في الحياة، بالأمر بالمعروف، والدعوة إليه، والنهي عن المنكر، ملزم نفسه به إلزامًا، مضيق عليه في الاعتذار إزاءه. ومن هنا تفرض سرعة صراعنا الحاضر مع أشكال الكفر الجديدة أن نلجأ، بسرعة توازيها إلى بساطة النظرات الواقعية، لإسعاف المسلم القائم على ثغور هذا الصراع، بقناعة وشجاعة تدعانه يلج دروب البذل التي تفرضها واجبات رقابته على العالمين، أممًا وأفرادًا، وأمره ونهيه، مقومًا لهم ومعدلًا. ولن تجد الحركة الإسلامية ثنية بعيدة عن البدعة تطل بدعاتها من فوقها على منظر بسيط لحقيقة الحياة، شامل في رؤيته، كما تكون إطلالتها على حقيقة الموت. هذه الحقيقة المستغنية عن الدليل والتحليل، والتي تؤذن فيهم وفي الناس كل صباح ومساء. عظمة المشهود دليل الغيب وذاك من كمال عقيدة الإسلام وتمام فن المؤمنين بها في الدعوة إليها، أنها وأنهم في حرص على أن يسلك المتحير أو المتردد الطريق الأدنى إلى الإيمان. والمثل في هذا كمثل الذي استغلفت عليه الغيوب التي أخبر بها الأنبياء عليهم السلام، من البعث والحساب، والجنان والنيران، فتمر به على سيرة المصطفى- صلى الله عليه وسلم-، تريه إعجاز ما بين بداية صدعه بالتوحيد فريدًا كذبًا، وبين صدع المؤذنين بالتكبير قبل نهاية سيرة الراشدين من خلفائه على كل روابي أرضين المدنيات، فتجعل رؤية إعجاز السيرة باب تصديق يدلف منه إلى ما يكاد أن يكون رؤية لذلك الغيب، وتكون قد جعلت الإيمان بالرسول- صلى الله عليه وسلم- سببًا للإيمان بالله، ولا نعلم فقيهًا يمنع ذلك، غير الباقلاني، فإنه يوجب الإيمان بالله تعالى قبل الإيمان برسوله- صلى الله عليه وسلم-، وليس لمنعه وجه ظاهر. هذا بله عن امتلاء القرآن بنداءات بسيطة ودعوة إلى تفكر بخلق السماء والأرض يقود إلى الإيمان بالله. وكل ذلك من وجوه كمال عقيدة الإسلام، بما نوعت خطابها لأصناف العقول ومقادير النباهة، فمن أشكل عليه التعليل: أدخلته من باب ما يمكن حسه، وعوضت عن التعليل بتكرار التذكير. والواقعية التي نريد أن نستفيد منها اليوم ليست إلا التي وفرتها عقيدتنا منذ أبعد الأمس حين أطنبت في التذكير بالموت، وأنذر كتابها سكرة لا بد أن تميد بكل نفس مهما كانت عنها تحيد. ولهذا وجب على خطة الحركة الإسلامية التربوية أن تعتمد التذكير بالموت ضمن أسسها وتأخذ بيد كل داعية ليلمس لمسًا قريبًا لحقيقته وتفاهة الحياة، فينطلق من بعد انطلاقته في البذل، ويتخلص من ثقله إلى الأرض تحاول الأموال أن تركس كل متزين بها إليها. لوحة من الفن الإسلامي ولئن جمع قادة الحروب جنودهم قبل كل معركة، وحلقوا بهم حلقة؛ ليرسموا لهم على الأرض خطة تعبئة لحصار عدوهم، فإن على قادة الحركة الإسلامية أن يرسموا قبل ذلك لحلقات الدعاة إلى الله خطة حصار الأجل للأماني الكواذب، يذكرونهم إياه، كما رسمه النبي- صلى الله عليه وسلم- ذات يوم لأصحابه على أرض المدينة، ففتحت لهم- لما وعوا خطوطه- المدن. وكان فيهم يومها عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- فوصف، فقال: «خط النبي -صلى الله عليه وسلم- خطًا مربعًا، وخط خطًا في الوسط خارجًا منه، وخط خططًا صغارًا إلى هذا الذي في الوسط ، من جانبه الذي في الوسط ، وقال: هذا الإنسان، وهذا أجله محيط به- أو قد أحاط به- وهذا الذي هو خارج: أمله وهذه الخطط الصغار: الأعراض، فإن أخطأه هذا: نهشه هذا، وإن أخطأه هذا: نهشه هذا.» «۱» وكان فيهم أيضًا: أنس بن مالك- رضي الله عنه- فوصف، فقال: «خط النبي -صلى الله عليه وسلم- خطوطًا، فقال: هذا الأمل، وهذا أجله، فبينما هو كذلك إذ جاءه الخط الأقرب». «۲» وفي رواية: مثل ابن آدم جنبه تسع وتسعون منية، إن أخطائه وقع في الهرم. واكتملت بهذه الخطوط الشريفة لوحة من الفن الرمزي التجريدي فريدة. إنه الإنسان الضعيف تغزوه الأعراض غزوا فيه إلحاح.. عدوى.. أو سرطان، أو حريق أو غرق، أو زلق، أو سقوط ، أو اصطدام، أو لدغة، أو تسمم بطعام، أو طلقة تائهة. فإذا نجا من كل ذلك: كان له في الهرم، وضغط الدم، وارتفاع نسبة السكر، تأديب أي تأديب. فإن أطال النفس: اقتص منه الموت.﴿ قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ﴾ (الجمعة:8) تعددت الأسباب والموت واحد يحاصر الأمل الشارد الذي يتوهم الإفلات حصارًا شديدًا. أمل أبيض وضاء، كلما برق زهت في نظر صاحبه الأموال، والحسان، والعطور، والقصور، والمناصب، والشهادات، فينسي مع نظرة المنسرح المسترسل متطلبات دعوته، ويصد عينه عن أرض مقدسة يفسد فيها يهود ولا يعود أنفه يشم رائحة شواء دعاة الإسلام في الصومال، ولا نتن جثث الأتراك تحت حائط في قرية قبرصية، وتتناسى أذنه وقع أحذية عساكر الهنادك في البنغال.. ! لكنه لو نظر ببصيرته لعرف أن أمله الوضاء إنما يلفه محيط أسود حالك، يتيه فيما دونه من الظلمات ما لم يتبع في مشيه مخرجًا تدل عليه التقوى. فهو ترقب جميل، لكنه يتنغص. وظل ظليل، لكنه يتقلص. ومطامع وراء الأودية والمغاوز، وليس هو لما قدر له بمجاوز. وأنفاس قبل كل ذلك تعد. ورحاله تشد. وعاريته ترد. والتراب من بعد ينتظر الخد. فإنه ليس عقبى الباقي غير اللحاق بالماضي، وعلى أثر من سلف يمضي من خلف. وما ثم إلا أجل مكتوب، وأمل مكذوب. رؤية تمتد و«إن هذا النظر، الذي وراءه التذكر، الذي وراءه التقوى، التي وراءها الله، هذا وحده هو القوة التي تتناول شهوات الدنيا فتصفيها أربع مرات حتى تعود بها إلى حقائقها الترابية الصغيرة التي آخرها القبر، وآخر وجودها التلاشي» «۳» و «إن الذي يعيش مترقبًا النهاية يعيش معدًا لها، فإن كان معدًا لها عاش راضيًا بها، فإن عاش راضيًا بها كان عمره في حاضر مستمر، كأنه في ساعة واحدة يشهد أولها ويحس آخرها، فلا يستطيع الزمن أن ينغص عليه ما دام ينقاد معه وينسجم فيه، غير محاول في الليل أن يبعد الصبح، ولا في الصبح أن يبعد الليل». «٤» ويمثل هذا النظر والترقب الذي أكسبه الأنبياء- عليهم السلام- من قاتل معهم من الربيين: صفت النفوس، وثبتت بركيزة من الطمأنينة سكنت معها وهدأت، فرأت حين زال الاضطراب إطار الحقائق الترابية للشهوات الدنيوية، فزال ما هنالك من تطلع زائد. ثبات له من الرسوخ إزاء الأماني مثل الذي كان ما بين رؤية إبراهيم- عليه السلام- للأفول- فلم يحب الآفلين، وبين بقية من حنيفيته- كادت أن تتصل ببعثة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم- أرت أمية بن أبي الصلت حقائق الحياة، فكاد أن يسلم، فصرخ فيما حوله من جاهلية: اقترب الوعد، والقلوب إلى الله وحب الحياة سائقها ما رغبة النفس في البقاء وأن تحيا قليلا والموت لاحقها أمامها قائد إليه ويح دوها حثيثًا إليه سائقها قد أيقنت أنها تصير كما كان يراها بالأمس خالقها وإن ما جمعت وأعجبها من عيشة مرة مفارقها من لم يمت عبطة يمت هرمًا للموت كأس والمرء ذائقها فكانت صرخاته في عكاظ إرهاصًا ينبي عن نبوة جديدة، أحيت لما جاءت سنن الترقب والنظر الذاكر، فزهد أصحاب ورثوها بما هنالك، فانقلبوا يصلحون للإنسان الواهم ما أفسدته شهواته، وما متاع أحدهم عند الوداع غير بردة قصيرة جعلت عبد الرحمن بن عوف- رضي الله عنه- يبكي، ويعاف الطعام ويقول: قتل مصعب بن عمير وهو خير مني، كفن في بردة، إن غطي رأسه بدت رجلاه، وإن غطي رجلاه بدا رأسه، ثم بسط لنا من الدنيا ما بسط ، وقد خشينا أن تكون حسناتنا عجلت لنا». «٥» نسيان الموت أول الانحراف وليس ذاك بكاء الأسى حزنًا، إن لم ير أخاه مصعبًا مترفًا، إنما هو بكاء الخشية من بعض مباح أن يكون حسنة معجلة تمنعه الأجل، كما أفصح، ودموع حذر تخرجها روعة تجرد لجهاد يرى ذهاب أبطاله تباعًا، فيخلف من بعدهم خلف تكثر في يده الأموال، ويخاف أن يتنافسوها، فيتوقف نبض فتوح الهداية. يشبه بكاؤه ذاك عبرة ظل يغص بها حلق أبو الدرداء مرارًا وهو يقول: «أبكاني فراق الأحبة: محمد وحزبه» «۱» يعبر بها عن وجله من جديد طرأ على سمت الجيل الثاني، مثلما يريد بها إظهار ألمه لفراق إخوة كانوا له سبب هداية وتثبيت وفهمهم وفهموه، في تعامل مسترسل، ما التالي لهم- مهما حرص- بقادر على أن يسلي عن قلب أبي الدرداء- رضي الله عنه- تسليتهم عنه، وكأنها حالة ما زالت تستبد بكثير من الدعاة الغرباء، لا يستطيعون لها وصفًا. لكنه وجل المجاهد الفقيه، ما كان ليهبه بأبي الدرداء إلى حسرات تستهلك الهمة، بل أدى إلى صعود سلم التربية، فاعتلى «درج مسجد دمشق، فقال: يا أهل دمشق! ألا تسمعون من أخ لكم ناصح!؟ إن من كان قبلكم كانوا يجمعون كثيرًا، ويبنون شديدًا، ويأملون بعيدًا، فأصبح جمعهم بورًا وبنيانهم قبورًا، وأملهم غرورًا.» «۷» ولبث في أهل دمشق سنين يخفف هجمة ثم أورث المقال أهله، فكان الرجل منهم يأتي أم الدرداء يستنصحها، فيقول: «إني لأجد في قلبي داء لا أجد له دواء أجد قسوة شديدة وأملًا بعيدًا.» فتقول: «اطلع في القبور، واشهد الموتى» «۸» إحياء الأمة بذكر الموت وقارب الاستدراك في زمن الراشد الخامس أن يتم، لولا السم. فقد واصل عمر بن عبد العزيز- رضي الله عنه- الطريقة، فأرجف بذكر الموت قلوب جيل، رهبة، فنفضت رانها، ثم انثنى، فحرك الشهادة حنانها. وما أكثر ما وقف عمر موقف أبي الدرداء على درج مسجد دمشق؛ ليجدد الوعظ القديم ويقرر لهم: «إن الأمان غدا لمن حذر الله وخافه، وباع قليلا بكثير، ونافذا بباق» حتى إذا أيقنوا صواب الصفقة، راح يريهم من يومياتهم وواقعهم، بعين التأمل، ما لا تراه عين الغفلة، ويقول لهم: «ألا ترون في أسلاب الهالكين، وسيخلفها من بعدكم الباقون، وكذلك حتى تردوا إلى خير الوارثين؟ ألا ترون أنكم في كل يوم وليلة تشيعون غاديًا إلى الله ورائحًا، قد قضى نحبه، وانقضى أجله، وطوي عمله، ثم تضعونه في صدع من الأرض في بطن لحد، ثم تدعونه غير موسد ولا ممهد، قد خلع الأسلاب، وفارق الأحباب ووجه للحساب، غنيًا عما ترك، فقيرًا إلى ما قدم؟» ولربما أجلس أحدهم أمامه وعلمه، تعليمه عنبسة بن سعيد: « يا عنبسة: أكثر ذكر الموت، فإنك لا تكون في ضيق من أمرك ومعيشتك فتذكر الموت إلا اتسع ذلك عليك، ولا تكون في سرور من أمرك وغبطة فتذكر الموت إلا ضيق ذلك عليك » «۹» حتى إذا ربى حاشيته، وخلصوا من وهم الأمل نجيًا، راح ينشر مذهبه في الأمصار، فيرسل على أعيانها، فيأتونه، فيفشي لهم سر القبر، وما هو عند أولي الألباب بسر. قال التابعي محمد بن كعب القرظي- رحمه الله-: «لما استخلف عمر بن عبد العزيز- رحمه الله- بعث إلي وأنا بالمدينة، فقدمت عليه، فلما دخلت جعلت أنظر إليه نظرًا لا أصرف بصري عنه متعجبًا، فقال: يا ابن كعب إنك لتنظر إلي نظرًا ما كنت تنظره! قلت: متعجبًا. قال: ما أعجبك؟ قلت: يا أمير المؤمنين: أعجبني ما حال من لونك، ونحل من جسمك، ونفي من شعرك. فقال: كيف لو رأيتني بعد ثلاثة، وقد دليت في حفرتي، وسالت حدقتي على وجنتي، وسال منخري صديدًا ودودًا؟» «۱۰» مشاع خبره في الآفاق، حتى إذا أرسل إلى أعيان الكوفة: بادروا مبادرة، وجلبوا شاعرهم أعشى همدان معهم، يعلن له قناعاتهم وبراءتهم من أمل يطارده عمر، قد عرفوا جده في إجلائه عن دار الإسلام، وينطلق الأعشى بين يدي عمر..: وبينما المرء أمسى ناعما جذلا في أهله معجبا بالعيش ذا أنق غِرا، أتيح له من حينه عرض فما تلبث حتى مات كالصعقِ ثمّتَ أضحى ضحىً من غِب ثالثة مقنعًا غير ذي روح ولا رمقِ يبكى عليه، وأدنوه لمظلمة تُعلى جوانبها بالقرب والفلق فما تزود مما كان يجمعه إلا حَنوطا وما واراه من خرق وغير نفحة أعواد تشب له وقل ذلك من زاد لمنطلق «۱۱» فتهطل دموع عمر، وتختلط بأصوات نشغاته ليتجاوز تراد صداها دهورًا تتعاقب، يقود المربين المسلمين. عودة إلى الرشد ولئن توالى اليوم فراق الأحبة ووداع الرعيل الأول المتجرد المتواضع المؤسس للحركة الإسلامية المعاصرة، لنبكيه مع هجمة المال بكاء أبي الدرداء، أو بكاء سلمان الفارسي في رواية أخرى، حذرًا وغربة، حين افتقدا- رضي الله عنهما- حزب محمد صلى الله عليه وسلم، فإن بكانا لا يحق له أن يهبط بنا إلى تأوهات تجاوزتها همتهما، ولا بد لنا- مع بداية مرحلة جديدة ترشح دعوتنا- لملء فراغ تركه فشل التطرفات القومية والشيوعية- من ارتقاء درجات الاستدراك التربوي، هامسين لكل داعية بمواعظ عمر، لتعود لنفسه فتوتها وإقدامها، وتطلعها الأخروي، فإنه قد طال التجوال في البطالة، ولربما حير، وامتد الركون إلى الاغترار، وكأنه قد غير: وكأن بالداع قد يبكي عليه أقربوه وكأن القوم قد قا موا فقالوا: أدركوه سائلوه، كلموه حركوه، لقنوه حرفوه، وجهوه مددوه، غمضوه عجلوه لرحيل عجلوا لا تحبسوه ارفعوه، غسلوه كفنوه، حنطوه فإذا ما لف في الأ كفان قالوا: فاحملوه أخرجوه فوق أعوا د المنايا، شيعوه فإذا صلوا عليه قيل: هاتوا واقبوره فإذا ما استودعوه الأرض رهنا تركوه خلفوه تحت رمس أوقروه، أثقلوه أبعدوه، اسحقوه أوحدوه، أفردوه ودعوه، فارقوه أسلموه، خلفوه انثنوا عنه وخلـ لوه كأن لم يعرفوه «۱» «۲» صحيح البخاري ۸/ ۱۱۱ «۳» «٤» وحي القلم للرافعي ۲/ ۱۹۸، ۱/ ۷٥ مع جمل سبقتهما للزمخشري وابن الجوزي. «٥» صحيح البخاري ٥/ ۱۲۱ «٦» «۷» الزهد لابن المبارك/ ٨٤/٢٩١ «۸» عيون الأخبار ۲/ ۳۷۱ «۹» طبقات ابن سعد ٥/ ۳۷۲ «۱۰» الزهد للإمام أحمد/ ٢٩٥، طبقات ابن سعد ٥/ ۳۷۰ «۱۱» الأغاني ٦/٥٧٠، والحنوط هو الطيب الذي يطيب به الميت.
الرابط المختصر :