; ربانيون مع الأجيال وطـنــي.. مـا أروعــــك! | مجلة المجتمع

العنوان ربانيون مع الأجيال وطـنــي.. مـا أروعــــك!

الكاتب د. يوسف السند

تاريخ النشر الأربعاء 01-مارس-2023

مشاهدات 13

نشر في العدد 2177

نشر في الصفحة 11

الأربعاء 01-مارس-2023

 

وطني صغير حجمه عظيم عطاؤه.

يتواصل مع العالم فجرَ تاريخه رُغم المخاطر والصعوبات والأهوال والحروب وتعدد الأزمات.

يبحث عن رزقه تارة في الصحراء والقفار اللاهبة، وأخرى عبر البحار والأمواج العاتية المتلاطمة.

بُنِيتْ مساجده، وتنوعت ديوانياته ومجالسه، وتقاربتْ منازلُه، فتآلفَتْ قلوب الجيران فأصبحوا كالأرحام؛ آلامهم واحدة وآمالهم مشتركة، إخوة أحباب، يسعون لخدمة بعضهم، ومواساة فقيرهم، وتقوية ضعيفهم، وكفاية محتاجهم، وكفالة فقيرهم ويتيمهم، وإغاثة مكروبهم، وإسعاد وتعزية حزينهم، ومشاركة بعضهم أفراحهم وأتراحهم.

مجتمع قويٌّ مترابط، يقدِّر علماءه وحكامه ويتواصل معهم لخير دينه ودنياه، تحيطه قيم العفاف والنزاهة والعفة، وتكتنفه مظاهر الصدق والستر والحشمة.

مجتمع يزخر بالتجار المحسنين الذين ينفقون سراً وعلانية، وقد جمع الدكتور الكريم عبدالمحسن الخرافي الجارالله شيئاً فريداً رائعاً من سيرة تجار الكويت في سِفره المتميز الماتع النافع «التاجر الأسوة»؛ حيث أصَّل لسيرة التاجر الكويتي الذي جمع بين المهنية المتميزة وقيم الصدق والورع والأمانة والصدقة.

وإذا ذُكر العمل الخيري الإنساني ذُكرتْ دولة الكويت في المقدمة والصدارة، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.

وكلما نزلت في العالم جائحة أو نازلة أو خطْبٌ جلل هبَّ الكويتيون؛ حكومة وشعباً، يواسون ويتبرعون ويتصدقون كرماً وسخاءً وجوداً بما يشرح الصدر وتَقَر به العين ويسر الخاطر ويفرح به المحتاج والمكروب والملهوف.

وفي ذكرى التحرير من الغزو الغاشم الآثم على دولة الكويت، أثبت الشعب الكويتي استعداده لبذل المهج والأرواح حفاظاً على وطنه وأرضه التي بها دينه وعرضه ومساجده، والواجب الديني والشرعي يقتضي ويُحتِّم كل ذلك.

فكان منهم الشهداء والأسرى والمجاهدون والمقاومون والمرابطون والعلماء والأئمة والخطباء والإعلاميون في الكويت وخارجها، حتى رجعت الكويت لأهلها وعادت قيادتها الشرعية عزيزة مكرمة بوسام العز والفخار.

لقد نشأت دولة الكويت على العز والفخار والتواصل والحوار وطيب المعشر وحسن الجوار، علاقة متميزة بين الحاكم والمحكوم، وقيم راسخة بين جميع الشعب ومكوناته.

هذا الذي يجب أن يسمعه الأبناء والبنات من الآباء والأمهات، فيتواصى الجيل على تكملة البناء وجميل البذل والعطاء.

إن الداعية الرباني يعزز في أبنائه وأحفاده وأسرته حبَّ الوطن وبذل المعروف والخير لتعمير الوطن وحفظ أمنه واستقراره، والعمل على تنميته وتطويره، وبذل الروح للحفاظ على أمنه وصيانته من العدو؛ فالوطن فيه الدين والمسجد والأرحام والمال والأهل والولد وكل نفيس غال أمرتْ الشريعة بحفظه والدفاع عنه، بل من مات دون ماله وعرضه وأهله فهو شهيد، قال رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم: «من قُتلَ دونَ مالِه فهو شهيدٌ، ومن قُتلَ دون دمِه فهو شهيدٌ، ومن قُتلَ دون حرمِه فهو شهيدٌ» ( رواه أبو داود، والترمذي، والنسائي، وأحمد).

فالوطن أخذ وعطاء، وذكريات وفداء، وتضحية وسخاء..

وعلينا أن نوصي الجيل ألا ينقاد وراء أبواق الشحن الطائفي التي تصنع التقاطع والتحارب والتناحر بين مكوّنات المجتمع الواحد، بل نبحث دائماً على القواسم المشتركة؛ فنبني ونعمر ولا نخرب ولا ندمر، ونجمع ولا نفرّق، ونيسّر ولا نعسّر، ونبشّر ولا ننفّر، ونتحاور ولا نتحارب ونتشاجر، ورائدنا في ذلك كله الحكمة، ودرء المفاسد مقدَّم على جلب المصالح، والضرر يُزال ويختار أهون الشرين، وصدق الله: {يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ} (البقرة: 269).

اللهم اجعل وطننا آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين.

والحمد لله رب العالمين.

الرابط المختصر :