العنوان إيران وتجربة الحكم
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر السبت 10-مارس-2001
مشاهدات 7
نشر في العدد 1441
نشر في الصفحة 37

السبت 10-مارس-2001
فاطمة.. تلك الفتاة الإيرانية التي أسدلت شعرها على كتفيها العاريتين، يلمع صليب ذهبي على صدرها الذي لا يكاد يغطيه شيء. تلبس لباساً ضيقاً يبدي مفاتنها و... تقف أمام بوابة الأمم المتحدة تطلب اللجوء.
صورة تتكرر في مدينة إسلام آباد، عاصمة باكستان. عشرات المحجبات يهبطن يومياً بتأشيرات الزيارة أو السياحة في مطار إسلام آباد، ليتبرجن في اليوم التالي في لباس بنات شوارع أوروبا. ومنهن من تضع صليباً على صدرها حاملة بطاقة العضوية في الهيئات الصليبية أو البهائية أمام بوابة الأمم المتحدة. أسماء وهيئات مسلمة في أغلفة نصرانية أو بهائية.
ألا يضع هذا إشارة حمراء وألا يوجب ذلك المراجعة لوضع نقاط جديدة على حروف الدعوة الإسلامية؟
مهما اختلفنا مع الثورة الإيرانية من حيث الشكل والمضمون أو الغاية والهدف، تبقى محسوبة على العمل الإسلامي المنظم، وقد هتف لها طويلاً شباب إسلامي متحمس.
ولعل من أكبر إنجازاتها في الشارع الإيراني أنها غطت سوءة التبرج الفاضح وأزالت أماكن الخمور والفجور من أمام الأعين و... وحققت معنى المقولة الشهيرة: «إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن».
بيد أن تراكم المسؤوليات في أيدي عناصر غير ناضجة والنظر بدونية لتجارب العمل الإسلامي في البلاد الأخرى، والخوف على ضياع الثورة، جعل الفئة الحاكمة التي خرجت من الحوزات وكان تنقصها الكثير من التجارب وإدراك الواقع غير المدون في الكتب جعلها تقع في حيرة مما أدى إلى:
- غياب التربية السليمة في الأسرة.
- فشل في إقناع الناس بالمفاهيم الإسلامية.
- إنجاب جيل ثوري رضع الحليب من زناد السلاح وعقل على ركام من الحرب الخاسرة والاقتصاد المنهار والبطالة المتفشية وكثرة النساء والفتيات الضائعات التي بلعت الحرب أوليائهن و...
وقد أدرك صناع القرار أن القطار لن يمشي على هذا المنوال وسينفجر الشارع إن لم يكن على غياب الحرية فعلى ضياع لقمة العيش. ونتيجة لذلك جاء الرئيس محمد خاتمي وشعاراته الإصلاحية مع بصيص من فتح نافذة الحرية في التعبير.
حاولت إيران أن تنعزل عن الدنيا في قالب من التبختر بالماضي وحضارة الفرس.
وإمبراطوريتها، إلا أن أمواج العولمة التي غزت الناس في عقر دارهم جعلت العالم الثالث يقف فاغراً فاه يمسك بكل قشة لعله ينجو من الغرق، إلا إيران فقد دست رأسها تحت الرمال ظانة أنها إن لم تر الدنيا فلن تراها.
القبضة الحديدية هي التي كانت وما زالت تدير أمواج البث المرئي والمسموع وترقم على الجرائد والمجلات. كان يمنع اقتناء جهاز فيديو أو هاتف نقال أو حاسوب أو طبق لاقط إلا بإذن رسمي من جهات عدة وبعد عراقيل ودفع مبالغ و.... لكن فقدان البديل المناسب ولد رد فعل مضاد حيث انجر الشعب نحو استقبال البث المحظور بكل شغف، وبدأنا نرى ونسمع عن الفجائع الأخلاقية والفساد الاجتماعي بأشكاله المتعددة وسوف يطرق أسماعنا الكثير والكثير عن الفساد الإداري ونهب الثروات وسيأتيك بالأخبار من لم تزود.
ولعل من أبرز الدروس التي يمكن أن نستفيدها من هذه التجربة:
- أن من السهل الهدم تحت ستار من الاتهام بالعمالة والخيانة ... إلخ، لكن البناء يصعب على ذوي الخبرة والإخلاص فما بالك بالغير.
- أن يستخدم الإعلام لترسيخ المفاهيم السليمة وبناء اللبنة الأساسية وهي الأسرة.
- أن يكون القضاء حراً عادلاً ويوضع نظام للحسبة يسري على المسؤولين والقيادة فإن فتنة المال هالكة.
- التعددية أداة للكشف عن السوءات ويجب إصلاح ما فسد لا قطع لسان من أهدى إليك عيوبك.
- المفاهيم الخاطئة المترسخة في العقول والنفوس لا يزيلها السيف وإنما الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة والعمل الصالح.
- على العالم الشرعي أن يكون على بصيرة تامة بواقع مجتمعه كما يجب على أصحاب العلوم الحديثة أن يرضخوا للإسلام منهاج الحياة، لنتجنب الفصام النكد بين العلم والواقع.
- الإرهاب والظلم لن يجدي شيئاً بل يولد رد فعل أشنع يتغذى من دماء المظلومين.
هذه الكلمات أهديها لأصحاب القلم والوعي السياسي والرؤية الإسلامية رجاء أن يفكروا في إيران وتجربة الحكم، ويسطروا دروساً جديدة في كراسة الدعوة الإسلامية لئلا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين.
مصطفى محمدي
(*) خدمة وكالة جهان للأنباء – أسطنبول.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل

المواطن الكويتي أثمن ثروة قومية ..ولا بد من تصحيح مساره دينيًا
نشر في العدد 1336
97
الثلاثاء 02-فبراير-1999
