; آفاق إسلامية | مجلة المجتمع

العنوان آفاق إسلامية

الكاتب د. عبد الله فهد النفيسي

تاريخ النشر الثلاثاء 14-أكتوبر-1980

مشاهدات 27

نشر في العدد 501

نشر في الصفحة 6

الثلاثاء 14-أكتوبر-1980

شعار الإسلام دين ودولة والثقافة المطلوبة:

  • العاملون في حقل الدعوة لا تفوتهم فرصة إلا وقد رفعوا فيها شعار الإسلام 

دين ودولة أما الدين فبين ولله الحمد وله علماء وفقهاء وشيوخ وأئمة بحيث إذا استغلقت علينا مسألة من مسائله لجأنا إلى أحدهم فأوضح وأجلى وبانت لنا الطريقة التي ترضي ربنا وتنسجم مع المقررات العامة لتشريعه العلوي الكامل. وهناك ولله الحمد ثقافة دينية واسعة آخذة بالانتشار وعلى المستوى الشعبي وهذا أمر محمود ومطلوب وضروري. ولكن هذا وحده لا يكفي لتوضيح معالم الطريق في درب العمل الإسلامي.

وكما أن الدين لكي يكتمل فهمنا له واستيعابنا لتشريعاته وفرائضه بحاجة إلى ثقافة دينية فكذلك شعار الدولة الإسلامية التي ننشد والذي نرفعه فوق الصواري بحاجة لكي يكتمل فهمنا له إلى ثقافة شافية في السياسة الشرعية وهذا أمر أو جانب نعتقد والله أعلم أن العاملين في حقل الدعوة قد قصروا فيه وبات من المطلوب أن يشهد هذا الجانب شيء من التركيز والعناية.

 والدولة شأن سياسي محض ولا يمكن أن تتضح الصورة لها إلا من خلال ثقافة سياسية إسلامية تحدد موقف الشريعة الإسلامية من عدة قضايا سياسية واقتصادية محددة مثل الملكية الفردية وضوابطها، وحرية التجارة والاحتكار، والعمل والعمال، والإقطاع، والصناعة، والزراعة، والعلاقات الدولية في حالات الحرب والسلم وحقوق الإنسان المسلم السياسية والاقتصادية في ظل الشريعة الإسلامية وموقف الشريعة الإسلامية من المذاهب والأنظمة الاقتصادية والاجتماعية الوضعية وموقفنا من ظاهرة التخلف الاجتماعي والسياسي والاقتصادي في المجتمعات الإسلامية وأسباب ذلك. 

هذه قضايا أعتقد أنه آن الأوان لتخرج من حدود الدراسات الأكاديمية والجامعية لصبها في قالب الثقافة الشعبية الإسلامية المبسطة حتى يحدد المسلم عمله للإسلام من أرض يابسة ومفاهيم محددة واضحة والله أعلم.

حاجتنا إلى منتدى اجتماعي:

  • تلعب النوادي الاجتماعية دورًا مؤثرًا في المجتمع الحديث وهناك النوادي 

الاجتماعية المهنية والفئوية والثقافية والمالية وغيرها وأصبحت الأدوار التي تلعبها تؤثر تأثيرًا كبيرًا على حيوية القطاعات التي تنتمي إليها. ونحن أبناء الإسلام بحاجة ماسة إلى ناد اجتماعي يقام وينشأ ويبنى وينظم على أساس إسلامي يجد فيه الطفل الترويح البريء النظيف وتجد فيه الزوجة المسلمة رفيقاتها تستأنس بالحديث معهن وبرأيهن ويجد فيه الزوج المسلم إخوانه في الله يجلس معهم ويهنأ بمرافقتهم ويجد فيه الصبي والشاب المسلم أترابه وأصدقاءه. 

وأتصور أن ناديا كهذا سيلعب دورا كبيرا في إحياء النشاط الاجتماعي والحركة الاجتماعية بين القطاعات الإسلامية في هذا البلد، كما أنه سيستفيد كثيرًا من الطاقات الكامنة في المسلمين والتي لم يتم التنقيب عنها بشكل شمولي حتى الآن. أتمنى على المسؤولين في جمعية الإصلاح الاجتماعي دراسة هذا الاقتراح والله من وراء القصد. 

الإسلام والطفل

  • تتميز كتابات د. وجيه زين العابدين بالحضارية، ومن ألطف ما قرأت له الكتيب الذي نشرته مكتبة المنار الإسلامية في الكويت بعنوان الإسلام والطفل ولا تتعدى قيمة هذا الكتيب الربع دينار كويتي.

 يتناول د. وجيه زين العابدين مسيرة الطفل في هذا العالم منذ تكوينه الجنيني في بطن أمه حتى أن يتوفاه الله مرورًا به كوليد وبتسميته وبالعقيقة وحلق الشعر في اليوم السابع لولادته ورضاعته وختانه وفي عامه الأول والمتاعب التي يواجهها في الأشهر الأولى وملابسه وكلامه وألعابه وخوفه والعناية بأسنانه ومص أصابعه وقضم أظافره والخطوط العريضة في تربيته وسمنته وتربيته الجنسية وعقابه وصومه وعبادته وحقوقه. والدكتور وجيه زين العابدين يتحدث عن كل هذه الأمور استنادًا إلى الكتاب والسنة ويعتبر هذا الكتيب الصغير الزهيد الثمن برنامجا جيدا لتربية الطفل المسلم في هذا العصر وبنائه بناء متينًا فجزى الله د. وجيه زين العابدين خير الجزاء وأنصح كل إخواننا وأخواتنا الذين من الله عليهم بنعمة الأطفال الاطلاع على هذا الكتيب القيم.

هذا العالم هو مجال الدعوة فلنتقن الصلة به:

  • هذا العالم هو مجال الدعوة وتكليف الدعوة إلى الله عملية لا يستطيع أن يقوم بها إلا إنسان يحب الخير للناس. والناس ليسوا إلا نتاج أوضاعهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية ولا يمكن أن نعرف مخاطبة الناس بشكل مثمر إلا إذا استوعبنا وفهمنا وأدركنا الأوضاع العامة التي أفرزتهم والقضايا العامة التي تكو يهم وتقض مضاجعهم من أجل هذا كان الربط في القرآن الكريم بين الدعوة إلى الله والأوضاع التي يعايشها الناس المدعوين ومن أجل هذا ارتبطت دعوة موسى -عليه السلام- بالمشكلة السياسية التي كانت تكوي بني إسرائيل ومن أجل هذا ارتبطت دعوة شعيب بالمشكلة الاقتصادية التي كانت تعصر أهل مدين ومن أجل هذا ارتبطت دعوة لوط بالمشكلة الاجتماعية والخلقية التي كان ضحيتها قوم لوط من هنا نقول إن الناس في كل العصور وعبر كل مراحل التاريخ لا يستجيبون للدعوات التي لا تعنى بأوضاعهم ولا تهتم بمشاكلهم. 

ألا تلاحظ أخي الكريم أن القرآن تحدث عن مشكلة الوأد للبنات والربا والاستقسام بالأزلام والخمر والميسر والرق وعبادة الأوثان ذلك لأن تلك المشاكل كانت هي مشاكل المدعوين إلى الله فجاءت الآيات القرآنية لتحدد موقف الإسلام منها وتحسم القضايا لصالح الإنسان. والمشاكل تتجدد والقضايا تتعدد ولكل عصر مشاكله وقضاياه ومشاكل العصر هذا غير مشاكل الفترة الجاهلية التي سبقت الإسلام في الجزيرة العربية وعلى رأسهم قائدنا ومعلمنا وأستاذنا وقدوتنا محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم- تحدثوا للناس عن مشاكلهم كمنطق للدعوة إلى الله فنحن كذلك اليوم لكي ننجح في عملية الدعوة ينبغي أن نتحدث مع الناس في مشاكلهم ونحدد موقف الإسلام منها. 

ولكي نتحدث مع الناس في مشاكلهم لا بد أولًا أن نتعرف عليها ونحسن فهمها ونقرأ عنها لندرك أي بضاعة نفيسة تلك التي بين أيدينا وأي شفاء نحمله نحن لهذا العالم مرة أخرى أقول إن هذا العالم هو المجال الطبيعي للدعوة والناس هم بحر الدعوة فلنتقن السباحة في هذا البحر ولنحسن الصلة به.

تنصرون بالضعفاء:

  • من الملاحظات المهمة التي لا يملك أي مراقب لحقل الدعوة الإسلامية أن يتجاهلها هي أن الحركة الإسلامية تتشكل بشريًا وبشكل أساسي من فئات المتعلمين والمثقفين. لذلك نرى الحركة الإسلامية تحقق نجاحات كبيرة في الجامعات والمدارس بكافة مراحلها ولذلك نرى أن توجه الحركة الإسلامية الأساسي هو في حيز هذه الفئات المتعلمة والمثقفة. ورغم ما في هذه الفئات من مواهب وطاقات وقدرات إلا أن الاكتفاء بالتوجه إليها لا يمكن أن يحقق داخل الحركة الإسلامية الكفاية الذاتية على مستويات التحرك والتأثير والتغلغل في أبنية وطبقات وفئات المجتمع أي مجتمع.

 أعتقد أن نحن بأمس الحاجة إلى الفئات غير المتعلمة أو المثقفة وبأمس الحاجة إلى الحرفيين وأصحاب المهارات العملية والمستخدمين والعمال والزراع وسائر الفئات التي لم تتخرج من المدارس والجامعات بل تخرجت من الورش والحقول والمصانع والحرف والمهن البسيطة أولئك خير قاعدة للإسلام وأصلب نراع يحميه والله أعلم.

مكتب العلاقات العامة:

  • يزور الكويت بين الحين والآخر وفود طلابية وعمالية ومهنية «أطباء، مهندسين، محامي .. إلخ». وتقضي هذه الوفود في الكويت أياما عديدة وبعضهم أسابيع دون أن يتعرفوا على البلد وقطاعاتها بشكل موضوعي.

ويغادرون البلد ولم يروا منها سوى الأبراج وصالة التزلج وبيت البدر وبعض المساجد المرمرية النظيفة ذات المنابر الرخامية جميل أن يكون في بلدنا كل هذا!! لكن في بلدنا أيضا غير هذا في بلدنا قطاعات إنسانية وآراء وكتب وجرائد وثقافات واجتهادات غير مستوردة مثل الرخام الإيطالي الذي يزين كثير من المساجد.

أعتقد أن تأسيس مكتب للعلاقات العامة مدعوم بفئة ولو قليلة من الشباب المسلم الذي يتقن لغة أجنبية ولتكن الإنجليزية لاستقبال الوفود القادمة واطلاعها على الجانب الإنساني والثقافي في البلد أجدى بكثير من الحلقة في صالة التزلج.

 ليت الجمعية تبادر بمكتب من هذا النوع فهو لا شك ضرب من ضروب الدعوة إلى الله إذا عرفنا كيف نوظفه في هذا السبيل.

الرابط المختصر :