العنوان أبناء الأقليات المسلمة.. صعوبات المعيشة تطغى على الدور
الكاتب هاني صلاح
تاريخ النشر الثلاثاء 01-نوفمبر-2016
مشاهدات 709
نشر في العدد 2101
نشر في الصفحة 50

الثلاثاء 01-نوفمبر-2016
أبناء الأقليات المسلمة..
صعوبات المعيشة تطغى على الدور الدعوي
يعاني الكثير من خريجي الجامعات الإسلامية من أبناء الأقليات المسلمة خاصةً في دول العالم الثالث معاناة شديدة بعد أن عادوا لبلدانهم بهمة عالية لتبليغ رسالة الإسلام إلى أهاليهم وأبناء مجتمعاتهم المسلمة؛ نظراً لعدم وجود المؤسسات الكافية، أو عدم توافر الإمكانات المادية اللازمة لهذه المؤسسات كي توظفهم وتفرغهم للعمل براتب مناسب في منابر الدعوة بالمساجد ومحاريب العلم بالمدارس الإسلامية.
نظراً لذلك اضطر الكثيرون منهم للجوء لأعمال حياتية أخرى طلباً للكفاف والاستغناء عن سؤال الناس؛ وهو ما أضر بمتطلبات الدعوة والتعليم الإسلامي في مناطق يعد أهلها من السكان الأصليين لها منذ قرون عديدة منذ أن دخلها الإسلام؛ مثل دول جنوب شرق آسيا ودول البلقان وغيرها في أفريقيا.
في هذا التقرير، تسعى «المجتمع» إلى إلقاء الضوء على معاناة هؤلاء الدعاة من أبناء الأقليات المسلمة الذين تخرجوا في الجامعات الإسلامية بالدول العربية والإسلامية.
الفلبين: رفض التعيين:
«نعم.. الوضع الاقتصادي العام يعد معاناة شديدة، وكأن التعليم في الجامعات الإسلامية بالنسبة لأبناء الأقليات المسلمة يعد ذنباً! فلا مؤسسة حكومية أو غير حكومية تقبل تعيين خريجي الجامعات الإسلامية بحجة أنهم خريجو تخصصات دينية؛ وبالتالي فلا يناسبهم العمل في المجالات الحياتية سواء الإدارية أو التقنية أو غيرها»..
بهذه الكلمات، وصف لـ«المجتمع» حبيب عثمان، المفوض من قسم إعلام «جبهة تحرير مورو الإسلامية» للتحدث باسم الجبهة مع الجمهور الناطق بالعربية، الوضع المعيشي الصعب الذي يعانيه غالبية خريجي الجامعات الإسلامية بالدول العربية بعد انتهائهم من دراستهم وعودتهم لبلادهم للعمل في مجالات الدعوة والتعليم الإسلامي؛ إلا أنهم يفاجؤون بعدم توافر فرص عمل لهم، أو أن المقابل المادي ضئيل جداً لا يكفيهم ويغنيهم عن سؤال الناس!
وتعيش الغالبية العظمى من مسلمي الفلبين في جنوب البلاد، ويشكلون ما نسبته 12% من إجمالي تعداد سكان البلاد البالغ نحو 100 مليون نسمة.
ويواصل عثمان، وهو خريج الدراسات العليا قسم التفسير بجامعة الأزهر بالقاهرة عام 2010م، حواره ملقياً مزيداً من الضوء على المعاناة الحالية التي يواجهها هؤلاء الدعاة في مناطق جنوب الفلبين، موضحاً أنه حتى المؤسسات التي يمكنها كفالة هؤلاء الخريجين مثل وزارة الأوقاف السعودية، ورابطة العالم الإسلامي، والندوة العالمية، تكفل عدداً محدوداً منهم فقط، ولا تتسع هذه الكفالات لباقي الخريجين، لا سيما الخريجين من دول إسلامية أخرى غير السعودية؛ فهؤلاء لا يفتح لهم المجال أساساً للقبول في المؤسسات السعودية.
ووفقاً لـعثمان أيضاً؛ فإن عدم توافر فرص العمل يدفع هؤلاء الخريجين إلى التوجه لسوق العمل بمؤسسات تجارية غير إسلامية، وأحياناً قد تكون هذه الوظائف غير مشرفة لهم باعتبارهم أئمة ودعاة في مساجد المسلمين.
وضرب مثالاً بأحد الخريجين حيث إنه يعمل خادماً في أحد المتاجر، ويتقاضى 5000 بيزو في الشهر (105 دولارات)، إذ إن راتبه الشهري في التدريس بالمعاهد الإسلامية الأهلية في بلادنا لا يتجاوز 2000 بيزو (45 دولاراً).
وحول أعداد الخريجين، قال عثمان، الذي عمل مدرساً في المعاهد الإسلامية بجنوب الفلبين، يقوم بتحفيظ الأبناء الصغار للقرآن الكريم في الفترة المسائية، كما يعمل خطيباً في منابر مساجد المنطقة، ومحاضراً في كثير من المخيمات والدورات الدعوية، قال: لا أعلم إحصائية دقيقة للخريجين، ولكن أعدادهم هنا في جنوب الفلبين تقدر بالمئات، والأكثرية منهم قد تخرجوا حسب ترتيب أعدادهم أولاً في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، ثم جامعة الملك سعود، ثم جامعة أفريقيا العالمية بالخرطوم السودانية، ثم الأزهر بمصر، ثم كلية الدعوة بليبيا، ثم جامعة الإمام محمد بالرياض.
كوسوفا: العمل تطوعاً:
ما يعانيه هؤلاء الدعاة من خريجي الجامعات الإسلامية من شظف العيش بعد تخرجهم وعودتهم إلى بلادهم في الفلبين - وهي إحدى دول منطقة جنوب شرق آسيا - يعانيه كذلك أقرانهم من خريجي الجامعات في دول منطقة جنوب شرق أوروبا.
ومن أحدث دولة ظهرت على الخريطة السياسية الأوروبية، سألت «المجتمع» كوراب خيراي، رئيس الأئمة في محافظة درينتسا بشمال كوسوفا، عن عدد خريجي الجامعات الإسلامية من أبناء كوسوفا، فقال: لا أعرف عددهم، ولكن أظن أنهم أكثر من 150 خريجاً.
وحول مدى توظفهم بعد عودتهم لكوسوفا، وعما إذا كانت رواتبهم تكفيهم بالقدر الذي يسمح لهم بالتفرغ التام للدعوة والاستغناء عن أعمال أخرى أو سؤال الناس، أوضح خيراي، وهو كذلك مسؤول قسم التربية في المؤسسة الثقافية للعلوم والتربية (آكيا)، والتي تعد من أبرز المؤسسات الشبابية الإسلامية في كوسوفا؛ أن هناك مشكلة في توظيف هؤلاء الخريجين، بعضهم لم يُوظَّف من الأساس.
وتابع خيراي، واصفاً الأحوال المعيشية لهؤلاء الخريجين: بعضهم يعمل بالمشيخة الإسلامية؛ إلا أن رواتبهم ضعيفة ولا تلبي متطلبات الحياة، بينما آخرون يعملون متطوعين وغير متفرغين بمؤسسات إسلامية محلية لأسباب مالية، وتوجد جمعيات إسلامية من خارج كوسوفا تتكفل ببعض الدعاة، ولكن بمبالغ بسيطة جداً.
ويصل تعداد سكان كوسوفا نحو 1.8 مليون نسمة، أكثر من 97% منهم مسلمون، وتعد إحدى الأراضي التي أخذت من دولة ألبانيا المجاورة عام 1913م، وتم ضمها إلى صربيا الجارة الشمالية، إلى أن تم استقلالها نهائياً عن صربياً في عام 2008م، واعترف بها أكثر من 110 دول حتى اليوم، إلا أن الأمم المتحدة لم تعترف بها بعد.
برشيفا بصربيا: كفالة رواد المسجد:
بينما في صربيا، وتحديداً من «إقليم برشيفا» الألباني في جنوب البلاد الذي كان في الماضي جزءاً من كوسوفا؛ قبل أن تقتطعه صربيا منها وتضمه إليها بعد الحرب العالمية الثانية من القرن الماضي، قال الشيخ جمال الدين حساني، المفتي السابق للمنطقة الألبانية في جنوب صربيا: أكبر مشكلة أن الدعاة ليس لهم راتب شهري ولا ضمان صحي.
ولفت حساني إلى أن رواد المساجد هم من يتكفلون برواتب أئمتها، موضحاً أن كل مصلّ بالمسجد يدفع لصندوق الزكاة يورو شهرياً يصرف منه راتب الإمام نظير قيامه بأداء الشعائر بالمسجد وتحفيظ أبنائهم القرآن الكريم وتعليمهم مبادئ الدين الإسلامي.
ولذا فكل إمام راتبه يختلف بحسب عدد المصلين بالمسجد؛ وغالباً لا يكفي الإمام لتغطية متطلبات الحياة؛ وهو ما يدفع بالكثيرين منهم للعمل في مجال آخر، وفقاً لمفتي المنطقة السابق.
وضرب مثالاً بأحد الأئمة في قرية مجاورة متزوج ولديه 4 أبناء، وتقدر جماعة المسجد بحوالي 70 مصلياً، وهم من يتكفلون بمصروفات المسجد ورواتب القائمين عليه، وبناءً عليه يقدر ما يتقاضاه هذا الإمام في العام ما بين 500 - 700 يورو؛ وبالتالي دفعه هذا الأمر لاستلام عمل آخر إضافي كي يستطيع تغطية تكاليف أسرته.
وأوضح الشيخ حساني، والذي يتولى حالياً إمامة مسجد «نورشا»، أقدم مسجد في منطقة برشيفا، أن في منطقته التي يعيش فيها نحو 47 ألفاً من الألبان المسلمين، وحوالي 26 مسجداً، يقوم على خدمتهم 26 إماماً كلهم من خريجي الجامعات الإسلامية بالدول العربية والإسلامية.
وإذا كانت هذه هي الحال في أوساط الأقليات المسلمة في منطقة جنوب شرق آسيا ومنطقة البلقان؛ فإن الحال أصعب منها في أوساط الأقليات المسلمة بالدول جنوب الصحراء بالقارة الأفريقية.
أفريقيا: أعمال أخرى:
وقد سعت «المجتمع» للتواصل مع دعاة في دولة تنزانيا والكونغو الديمقراطية، ولكن لم يتسنَّ لها الحصول على معلومات حول واقع الدعاة هناك، ومن خلال استقراء ما نشر من حوارات على شبكة الإنترنت؛ فإن كثيراً من الدعاة من خريجي الجامعات الإسلامية بالدول العربية حينما يعودون لبلادهم من أجل التفرغ للدعوة وعمارة المساجد والتعليم والذهاب في قوافل دعوية للقرى؛ فإن شظف العيش وصعوبات الحياة الاقتصادية تجبرهم على استلام أعمال أخرى قد تشغلهم عن أداء كثير من الأدوار المطلوبة تجاه مجتمعاتهم التي هي في أشد الاحتياج لمثل هؤلاء الدعاة وأدوارهم في الدعوة والتعليم والتربية.
ففي حوار كان قد أجراه موقع «مرصد الأقليات المسلمة»، في الربع الأول من عام 2015م، مع الشاب الداعية أباغانا حسن، وهو من خريجي جامعة الأزهر في مصر، أشار إلى أن أحد التحديات أمام الدعاة في الكاميرون يتمثل في الوضع الاقتصادي الصعب لكثير من دعاة الكاميرون؛ مما دفعهم للانخراط في دوامة العمل الحياتي بحثاً عن الاكتفاء الذاتي؛ وهو ما شغلهم رغماً عنهم عن التفرع الكامل والمطلوب لشؤون الدعوة الإسلامية.
وتتضح خطورة هذا التحدي في وقت لا توجد هيئة رسمية معتبرة تشرف على الشؤون الدينية والدعوية في الكاميرون، إضافةً إلى أن المؤسسات التي ترعى المسلمين هناك محدودة جداً.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكلمشاريع خيرية كويتية لخدمة المسلمين في صربيا والجبل الأسود
نشر في العدد 2184
800
الأحد 01-أكتوبر-2023


كوسوفو في انتظار المذبحة القادمة يخشى أن يتكرر ما يحدث في البوسنة في كوسوفو
نشر في العدد 1018
5
الثلاثاء 29-سبتمبر-1992
