العنوان أحداث باكستان لماذا؟ وإلى أين؟
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 31-مايو-1977
مشاهدات 21
نشر في العدد 352
نشر في الصفحة 22

الثلاثاء 31-مايو-1977
أعلنت الحكومة عن مواعيد الجلسات الأولى للمجالس الإقليمية فحددت يوم 30-3 المجلس الإقليمي و2 - 4 لبلوشستان و6 - 4 لإقليم الحدود الشمالية الغربية ويوم 9 - 4 لإقليم البنجاب.
فكانت المعارضة تدعو إلى الإضراب والتظاهر في كل إقليم في اليوم المحدد لاجتماع مجلسه، ولقد كانت جميع تلك الإضرابات ناجحة إلا أن يوم «٩» أبريل يوم انعقاد مجلس البنجاب كان يومًا جعل ما بعده من الأيام تختلف عما سبقها.
ولقد حرصت المعارضة كل الحرص أن تظهر الدعم الشعبي لدعواها ومطالبها فبوتو ربح تزويرًا «80%» من مقاعد إقليم البنجاب في الجمعية الوطنية «108» مقاعد من مجموع المقاعد الكلية البالغة «200» مقعد وبوتو نفسه سيحضر اجتماع المجلس الإقليمي هذا، فخرج حوالي نصف مليون شخص في تسع مظاهرات من أماكن مختلفة في لاهور وتوجهوا نحو الشوارع التسعة التي تؤدي إلى مبنى المجلس «وهو نفس المكان الذي عقد فيه مؤتمر القمة الإسلامي»! كان من بين تلك المظاهرات مظاهرة للنساء قادتها زوجة الأستاذ المودودي، وأخرى للمحامين، بينما كانت بقية المظاهرات يشارك فيها جميع فئات الشعب الأخرى.
ولقد استنفرت الحكومة الألوف من رجال الشرطة وقوة الحماية الفدرالية فلم تكتف بأن فرضت حصارًا كاملًا حول ساحة المبنى، بل حاولت منع مظاهرة المحامين من الخروج من مبنى المحكمة العليا في لاهور وعندما حاول هؤلاء الخروج أطلقت عليهم النار فسقط ستة منهم شهداء ودخل رجال البوليس مبنى المحكمة ولاحقوا المحامين فيها وفي إحدى قاعات المحكمة سقط اثنان من قضاتها صرعى رصاص البوليس، وعلى الرغم من ذلك فقد خرج المحامون بمظاهرتهم من الباب الخلفي للمحكمة وساروا حتى وصلوا مع بقية المظاهرات إلى الطوق الذي نصب حول المجلس، وحاولت الجماهير اقتحام ذلك الطوق وعندما وجد البوليس ورجال الحماية الفدرالية أنهم عاجزون عن تفريق الجماهير بالهراوات والغازات المسيلة للدموع فتحوا نيران أسلحتهم من كل مكان من الأرض ومن على أسطح الأبنية المحيطة بالمتظاهرين ومن طائرات الهليوكوبتر التي استعملت ولأول مرمة في تاريخ باكستان لإطلاق النار على المتظاهرين.
وسقط ما لا يقل عن خمسمائة شهيد وكان على رأس هؤلاء طالب طب اسمه سهيل شامي وهو في الثانية والعشرين من عمره.
لقد كان اليوم التاسع من مارس يوم ملحمة بالنسبة للشعب سطر فيها بأحرف من دم تأييده لمطالب التحالف الوطني الذي رفع وقدم الإسلام منهجًا لعمله وكان يوم مجزرة بالنسبة للطغاة قتلوا فيه الأبرياء من أبناء شعبهم لأنهم رفضوا كل زيف وكل ظلم وكل طغيان قامت به السلطة الحاكمة منذ توليها الحكم، ومنذ ذلك اليوم ولمدة أسبوع كامل بقيت مدينة لاهور مضربة إضرابًا كاملًا لم ينته إلا عندما دعا رجال التحالف الوطني الناس لإنهائه وفي كل مسجد من المساجد الرئيسية في البلاد صلى المسلمون صلاة الغائب على أرواح إخوانهم الذين سقطوا شهداء في سبيل كلمة الحق عند السلطان الجائر.
ويوم الجمعة 15 أبريل خرجت جموع المصلين من مساجد لاهور بعد صلاة الجمعة «وهو أول يوم جمعة بعد أحداث 9 أبريل» وسارت المظاهرات تعلن غضبها ونقمتها على حكومة بوتو وأتباعه وأحرقت عددًا من مكاتب حزب الشعب والخمارات ودور السينما والبنوك وبعض بيوت الأعضاء البارزين في حزب الشعب، ففتح البوليس وقوات الأمن الاتحادية النار على المتظاهرين فسقط ما لا يقيل عن عشرين شهيدًا ودخل 91 شخصًا مستشفى «ميو» التابعة لكلية الملك إدوارد في لاهور.
- مع بداية شهر أبريل «مايس» بدأ اسم الأستاذ أبو الأعلى المودودي يتردد كثيرًا في الساحة السياسية إلى أن كان يوم 6 أبريل حيث نشرت الصحف مقابلة أجراها معه مندوب إحداها، حيث صرح الأستاذ المودودي فيها بما يلي: إن العديد من السياسيين الذين يهمهم أمر البلاد وما وصلت إليه قد قاموا بزيارتي في الفترة الأخيرة وطلب مني بعضهم أن أقوم بدور الوساطة للجمع بين الطرفين على طاولة المحادثات بعد أن استعصم كلا الفريقين برأيه «ومن بين هؤلاء الذين طلبوا مني ذلك من قال إنه جاء من طرف السيد بوتو» وأنا على استعداد لذلك بشرط أن تنفذ الشروط الآتية: 1- على السيد بوتو أن يكف عن القول بأن حزبه ربح الانتخابات بالأغلبية في انتخابات حرة ونزيهة.
2- على السيد بوتو أن يكف عن الزعم والإيحاء بأن الاحتجاجات الأخيرة ما قامت إلا بسبب دفع المعارضة لها إذ عليه أن يدرك أن هذه الاحتجاجات ليست إلا إعلانًا من الشعب عن عدم رضاه عن حكومته.
3- على السيد بوتو أن يقوم بإلغاء جميع الأشياء التي أوصلت الأمة إلى هذا الموقف المحزن مثل: أ- إعلان حالة الطوارئ.
ب- سحب جميع الحالات المسجلة تحت «أنظمة الدفاع عن باكستان».
جـ- جميع التعديلات التي أدخلت على الدستور وشنت القضاء.
د- المادة 144 والتي تقضي بمنع التظاهر والتجمعات لأكثر من خمسة أشخاص.
والتي جعلت البوليس يلعب بأرواح الناس ويدفعهم إلى المساجد حتى ضربهم داخلها بالهراوات وإطلاق القنابل المسيلة للدموع في حرمها.
وأضاف الأستاذ المودودي يقول: إنه إذا قام السيد بوتو بهذه الأمور فإن على المعارضة أن تتفاوض معه ثم أضاف موضحًا: إن هذه المقترحات مقترحات شخصية فأنا لست من اللجنة المركزية للتحالف ولست بأمير للجماعة الإسلامية رغم إنني عضو فيها.
وإن للمعارضة الحق في أن ترفض أو تقبل هذه المقترحات ولها الحق في أن تناقش أي شيء على مائدة المفاوضات بما في ذلك أن السيد بوتو نفسه لم يعد رئيس وزراء البلاد.
وإن بدء المفاوضات ليس ملزمًا للمعارضة بوقف احتجاجها.
هذا ولقد رفضت المعارضة مقترحات الأستاذ المودودي وأصرت على مطالبها الأساسية الثلاثة بينما قال ناطق باسم الحكومة بأن الحكومة ستدرس مقترحات الأستاذ المودودي.
وعندما حضر بوتو إلى لاهور في الثامن من أبريل لحضور جلسة المجلس الإقليمي للبنجاب سئل عما إذا كان سيلتقي بالأستاذ المودودي، قال «وهو يتصنع اللامبالاة» وبالحرف الواحد: كل شيء يعتمد على المزاج، كل شيء يعتمد على مزاجي، إلا أن بوتو هذا لم يجد مفرًّا من أن يسعى بنفسه إلى بيت الأستاذ المودودي بعد خمسة أيام من أحداث لاهور الدامية ليطرق باب بيته مساء 15 أبريل ويعقد معه اجتماعًا دام ساعة كاملة صرح بعدها الأستاذ المودودي بأنه أوضح للسيد بوتو أنه لا يمكن الدخول معه في نوع من المفاوضات باسم التحالف الوطني لأنه ليس ممثلًا لذلك التحالف، وليس بيده السلطات التي تخوله ذلك، ولكن بما أن السيد بوتو قد قدم إلي لم أجد بدًّا من أن أقدم له بعض النصائح لما فيه خير البلاد، وأضاف سماحته يقول: لقد أخبرت السيد بوتو أن الأمور قد تحولت تحولًا خطيرًا وأن عليه أن يقبل الآن مطالب الحلف الوطني لأنها الآن مطالب الأمة بكاملها وأن الأمة قد فقدت كل ثقة في انتخابات حرة ونزيهة يمكن أن تجرى تحت إشراف حكومته.
وتابع الأستاذ المودودي حديثه فقال: لقد نصحت السيد بوتو أن يقوم بتلبية المطالب في أقصر وقت ممكن حتى يمكن وقف التدهور في الأوضاع في البلاد التي قد تتحول إلى حرب أهلية، وحذر الأستاذ المودودي بوتو قائلًا: إن محاولة وضع مؤيدي وأعضاء حزب الشعب في مواجهة الشعب من شأنها أن تزيد المخاوف في البلاد من اندلاع حرب أهلية تشمل البلاد كلها.
وردًّا على سؤال حول مقترحاته السابقة وشروطه للتوسط قال: لو أن السيد بوتو قبل بتلك المقترحات لكان بالإمكان الوصول إلى حل سياسي، إلا أن الوضع الآن قد تغير تمامًا وأن مطالب التحالف الوطني في استقالة السيد بوتو والمشرف العام على الانتخابات وإعادة الانتخابات هي مطالب الشعب بأكمله.
«وبهذه الإجابة يكون الأستاذ المودودي قد سحب شروطه ووساطته التي عرضها وأيد مطالب التحالف».
وعندما سئل السيد بوتو عن نتائج محادثاته مع الأستاذ المودودي أجاب بأنه سيجيب على هذا السؤال خلال المؤتمر الصحفي الذي سوف يعقده في 17 أبريل «نيسان».
- وفي 17 أبريل عقد بوتو مؤتمره الصحفي وأعلن فيه أنه قرر إغلاق جميع الحانات وأماكن بيع الخمور في البلاد ولن يسمح بتعاطي الخمور في البلاد إلا للأجانب وغير المسلمين، وإن الدولة وسفارات باكستان في الخارج لن تقدم بعد اليوم الخمور في احتفالاتها، وأعلن أيضًا عن وقف القمار في البلاد بجميع أنواعه وإغلاق جميع النوادي الليلية فورًا، وتشكيل مجلس للعقيدة الإسلامية مهمته إعادة النظر في قوانين البلاد وتعديلها لتتمشى مع القرآن والسنة خلال مدة ستة أشهر، وعرض على الأستاذ المودودي والبروفسور عبد الغفور أحمد ومولانا شاه أحمد نوراني عضوية ذلك المجلس.
وأعلن أيضًا عن إلغاء الرقابة على الصحف، ورفع المادة 144 القاضية بمنع تجمع أكثر من خمسة أشخاص.
أما بشأن الأوضاع السياسية في البلاد فقد أصر على عدم الاستقالة وإجراء انتخابات جديدة للجمعية الوطنية، وكرر عرضه الذي قدمه منذ أيام خلال مقابلة أجرتها معه هيئة الإذاعة البريطانية عن أنه مستعد لإعادة انتخابات المجالس الإقليمية وإنه في حالة فوز المعارضة بأغلبية الأصوات فإنه سيعيد انتخابات الجمعية الوطنية.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكلحَياة شودَري غلام محمد.. سيرة عَلم من أعلام الإسلام في بَاكستان
نشر في العدد 1
825
الثلاثاء 17-مارس-1970

