; أزمة ممارسة العمل السياسي في الكويت | مجلة المجتمع

العنوان أزمة ممارسة العمل السياسي في الكويت

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر السبت 22-نوفمبر-2008

مشاهدات 21

نشر في العدد 1828

نشر في الصفحة 3

السبت 22-نوفمبر-2008

توالت على المجتمع الكويتي حاله كشأن مجتمعات الناس أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية، وفي كل مرة كان المجتمع الكويتي بتشكيلاته الاجتماعية والسياسية كافة يتجاوزها بالتعاون والصبر والالتزام والإرادة.

ولكن المشهد السياسي اليوم في أزماته انعكس على المجتمع في كيانه الاجتماعي والديني والاقتصادي، مهددًا وحدته وإمكاناته وطاقاته الحيوية والتاريخية التي أساسها التماسك، والترفع عن المكاسب الآنية لمصالح الكويت الكلية. 

آخر هذه الأزمات أزمة السماح لخطيب المنبر الحسيني السيد «محمد باقر الفالي» بدخول الكويت، وكان قد وضع على القيود الأمنية، مما استفز مجموعة من النواب وقاموا بتقديم استجواب لرئيس مجلس الوزراء، ووضعت البلد في مأزق سياسي جديد، ومن هذه الأزمة اتضحت عدة أمور :

  1. الاختلال بين عمل السلطتين «التنفيذية والتشريعية»، وافتئتت كل سلطة على اختصاصات الأخرى، في مشهد سياسي متأزم ينذر في صراعه بالانفجار ضد الدستور وضد ثوابت المجتمع التي ارتضاها الكويتيون.
  2. تنامي ظاهرة الاحتراب السياسي المعلن والخفي، وحشد كل إعلام سياسي يخدم مصلحة طرف ضد الطرف الآخر، دون الاكتراث بما يخلفه ذلك من تمزيق للنسيج الاجتماعي والمدني في الكويت.
  3. بروز ظاهرة الاستقطاب السياسي والاجتماعي والطائفي بين أطياف المجتمع، حتى بدت هذه الظاهرة وكأنها تتمحور حول ذاتها، لتشكل «إسفينًا» في وحدة المجتمع وأمانه وقوته.
  4. طغيان الاكتساب والارتزاق السياسي من أجل إثبات الوجود السياسي والانتخابي.
  5. تخبط الإدارة الحكومية في مواجهة متطلبات الالتزامات التنموية وتطبيق القانون واحترام الدستور، والتفرد بنهج الحلول الجزئية، وتوزيع أرباح مؤقتة للمفتئتين عليها، في سبيل استقرار موهوم للحكومة. 
  6. ضعف وتشتت الجهود الصادقة للإصلاح، وغرقها في بحر الفساد السياسي والمالي المتنامي على حساب المصلحة العامة والمال العام، والتحزب المحترب الكيدي ضد المشاريع التنموية للمجتمع، تسابقًا لتحقيق موقف سياسي آخر، أو عرقلة لنجاح أطراف صادقة في إصلاحها للبلد. 

هذه المظاهر التي تجذرت وطفت على السطح السياسي في الكويت كانت نتيجة طبيعية لمجموعة من الأسباب التي طال الزمان لترحيلها وتأخير علاجها إلى مراحل في المستقبل غير منظورة، ومنها: 

  1. عدم الحسم في الخلافات بين بعض الأطراف في السلطة، مما انعكس على الاستمرار في شكل استقطاب سياسي في مجلس الأمة وأجزاء من الحكومة، مما أوجد حكومة غير مستقرة ومجلس أمة يسعى للتأزيم المستمر. 
  2. الجمع بين العمل السياسي والممارسة المالية، مما شكل اختراقًا وتعارضًا بين المصالح والمبادئ في عالم السياسة والمال في الكويت، وتمدد غول الفساد المالي والإداري والسياسي.
  3. السماح بممارسة العمل السياسي للهواة دون إيجاد قانون ينظم هذا العمل ويضع رجاله وتياراته ضمن إطار المسؤولية القانونية. 
  4. الخطأ في نهج تشكيل الحكومة على أسلوب المحاصصة، دون النظر إلى جميع الاعتبارات السليمة في العمل السياسي لإدارة دولة وليس إدارة علاقات مع قوى سياسية واجتماعية. 
  5. ضعف التزام الصحافة الكويتية بالاحتراف المهني، وتغليب الهوى السياسي على حساب الاحتراف المهني، وتقدير تأثير التوسع في الاحتراب الإعلامي السياسي مما بث الفتنة السياسية والاجتماعية والطائفية أكثر مما رسخ الحريات المرتجاة من إعلام حر ونزيه ومسؤول. 

وإن الحلول الدستورية والسياسية التي نهجتها السلطة بين فترة وأخرى من حل الحكومة أو مجلس الوزراء، لم تحقق نتائج في علاج جذور المشكل السياسي في الكويت، ويمكننا أن نقول وبكل صراحة وإخلاص إن الخلاص من هذه الأزمة - من وجهة نظرنا - يكمن في مجموعة التزامات: 

  1. الالتزامات الأخلاقية: متمثلة في تقوى الله لتحمل المسؤوليات والإدارة والممارسة السياسية، والإخلاص لله مع الإرادة والوعي من جميع الأطراف في المجتمع الكويتي، وتغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة. 
  2. الالتزامات الدستورية: باحترام ثوابت الدستور ومواده مع الالتزام به وتفعيله والالتزام أيضا بالوثيقة التاريخية للكويتيين بعد تحرير الكويت عام 1991م، وتفعيلها. 
  3. صياغة نهج ثابت عملي وتنظيمي محكم لتوزيع مسؤوليات السلطة مما يحشد طاقات أبناء الأسرة الحاكمة الكرام، واختيار أكفأهم وأقدرهم على ممارسة المسؤوليات وإدارة شؤون العمل السياسي واحتواء ظاهرة الاستقطاب والتحشيد في المحاور والتكتلات وتعزيز روح الأبوة للمجتمع الكويتي بجميع أطيافه الاجتماعية والسياسية. 
  4. تنظيم العمل السياسي والانتخابي بما يحرره من الضغوط والمصالح ويجسد المسؤولية والالتزام ويؤطر القانون ويحقق أكبر قدر من تنظيم قوى المجتمع لعملية التنمية.
  5. الالتزام بالقانون والكفاءة والقدرة في التقليد والتنصيب القيادي بما يضع الكفاءات في مكانها المناسب ويحقق الإصلاح في إدارة الدولة.
  6. تطبيق العدالة بين جميع فئات المجتمع الكويتي في مجال العمل السياسي والاقتصادي، بما يحقق الحرية في إطار المسؤولية، والاكتساب الجاد في إطار التنافس الشريف, وحماية حقوق المواطنين في العيش الكريم. 

إن ما نراه اليوم من صراع سياسي تجسد آخره في استجواب مقدم الرئيس مجلس الوزراء لن يحل مشكلة الحكومة، ولا التحفز الدائم للمؤسسة البرلمانية، إننا ندعو إلى حل جذري يقوده، ويرعاه أمير البلاد بتأسيس مؤتمر وطني شامل يعالج الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وتحرر فيه جميع مشكلات المجتمع؛ ليستنهض هذا المؤتمر وثيقة تاريخية تعيد التوازن والتوافق والإرادة والوحدة للمجتمع الكويتي، ويحافظ على ثوابته وعلى تفعيل الدستور واحترامه، ويعالج جذور الأزمة السياسية.

 

 

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل