العنوان أسطورة «عميد الأدب العربي» في إذاعة الكويت
الكاتب أحمد محمد عبد الله
تاريخ النشر الاثنين 24-سبتمبر-1973
مشاهدات 18
نشر في العدد 169
نشر في الصفحة 22
الاثنين 24-سبتمبر-1973
الأدب: يقدمه «أحمد محمد عبد الله.»
أسطورة «عميد الأدب العربي» في إذاعة الكويت.
تحدث الدكتور «يوسف عوض» من إذاعة الكويت يوم الخميس الماضي في تمام الساعة الخامسة والنصف عن الأدب العربي الحديث، وكان حديثه حول الدكتور «طه حسين» وكتابه في «الأدب الجاهلي»، وقد أطال عنه الحديث وقال بأنه يعتبر ـ أي الكتاب - أكبر ظاهرة أدبية في العصر الحديث، وردا على الدكتور يوسف عوض فإننا نسرد الحقائق التالية راجين من الأخوة القراء مشاركتنا في هذا وذاك آملين التوفيق والسداد:
1 - لم يكن كتاب «طه حسین» مجرد عرض أدبي للشعر الجاهلي وعلاقة الإسلام به وإنما كان الشعر الجاهلي منطلقاً له في إثبات فريته الإلحادية «المقتبسة» ألا وهي بشرية القرآن وفي هذا يقول الدكتور طه حسين ما نصه:
«وإذن فالقرآن دين محلي لا إنساني عالمي، قيمته وخطره في هذه المحلية وحدها قال به صاحبه متأثرًا بحياته التي عاشها وعاش فيها، ولذلك يعبر تعبيرًا صادقًا عن هذه الحياة، أما أنه يمثل غير الحياة العربية، أو يرسم هدفاً عامًا للإنسانية فليس ذلك بحق». ويقول: «إنه دين بشري وليس وحياً إلهياً، فالقرآن مؤلَّف ومؤلِّفة نبيه محمد، ويمتاز تأليفه أنه يمثل حياة العرب المحدودة في شبه جزيرة العرب في اتجاهات حياتها المختلفة: السياسية والاقتصادية والدينية.
وقد انطلق طه حسين في تفكيره ذاك من أن الشعر الجاهلي أساطير كاذبة لا تمثل حياة العرب أو حضارتهم، وإنه -أي الشعر الجاهلي- مصدر عقيم لا يمكن الاعتماد عليه في دراسة الواقع الجاهلي للعرب، وهذا مما دفع الدكتور- عميد الأدب العربي- لأن يأخذ على عاتقه إثبات أن القرآن الكريم مثل الحياة العربية تمثيلاً صحيحاً وعالج قضايا اليهود والنصارى وغيرهما فيها كما أنه عالج أمور العرب اقتصادية وسياسية واجتماعية ضمن مجتمع مكة، وإذن فلا بد أن يكون هذا القرآن من تأليف صاحبه وهو محمد «صلى الله عليه وسلم» الذي عاش في هذا المجتمع وتأثر فيه!!
وهكذا يستطرد العميد في بحثه الضال واللا علمي مما جعل كتابه الشعر الجاهلي مفاجئة فكرية لمسلمي مصر خصوصًا، والعالم الإسلامي عمومًا.
ولقد كتب في الرد عليه كل من الأساتذة:
(۱) مصطفى صادق الرافعي في كتابه «تحت راية القرآن»
(۲) محمد لطفي جمعة في كتابه «الشهاب الراصد»
(٣) محمد الخضر حسين في «نقض كتاب في الشعر الجاهلي».
(٤) محمد فريد وجدي في كتابه «نقض كتاب في الشعر الجاهلي».
(٥) محمد الخضري في كتابه «محاضرات في بيان الأخطاء العلمية والتاريخية التي يشتمل عليها كتاب في الشعر الجاهلي»
(٦) محمد احمد العزاوي في كتابه «النقد التحليلي لكتاب في الشعر الجاهلي».
كما أنه -أي الدكتور طه حسين- طرد من عضوية الأزهر وعضوية الجامعة المصرية ثم طالبت المحكمة بإعدامه نفسه وبعد سنوات أعاد طه حسين طبع كتابه المذكور تحت عنوان «في الأدب الجاهلي» بعد أن هذب ما به من إلحاد وأحاطه بشيء من الإخفاء، ولكن الخطوط العريضة والكفر الصريح بقي معروضًا وبشكل واضح فيه.
(٢) لم تكن نظرية بشرية القرآن، و إنكار الشعر الجاهلي من بنات أفكار طه حسين وإنما كان ذلك من نوضع المستشرق «مرجليوث» الذي نشـر بحثه في مجلة الجمعية الآسيوية عام ١٩٢٤ وفيه ما تضمنه كتاب طه حسین «دون زيادات» ثم نشر طه حسين كتابه المذكور عام ١٩٢٥ أي بعد ذلك بسنة تقريباً، وهذا مما يجعلنا نجزم بأن طه حسين لم يكن عبقرياً فذا كما صوره صاحب المقال المذاع من إذاعة الكويت -الدكتور يوسف عوض- وإنما كان سارقًا، مقتبسًا، مغالطًا بدائيات التفكير العلمي الصحيح.
٣ - إن تبني «طه حسين» لآراء «مرجليوث» لم يكن جديداً في حياة «طه حسين» فقد اعترف سكرتيره الخاص الذي عاش معه ما يقارب نصف قرن أن «طه حسين» كان يأخذ بحوث تلاميذه ثم يضيف عليها بعض الإضافات وينشرها باسمه وقد أخذ «السكرتير» على عاتقه توضيح ذلك ضمن كتاب يصدره في بيروت قريباً، وهذا ما يجعلنا نجزم بأن «طه حسين» لم يكن تلك الطاقة الإبداعية الفريدة -كما ذكر يوسف عوض- بفرض أن هراءه وإلحاده إبداعًا خالصًا.
٤ - إن آراء «طه حسين» في كتابه المذكور والذي أحاطها الدكتور «يوسف عوض» بهالة زائفة هي في حقيقتها تشويه وتزييف لحقيقة الآداب العالمية التي تحترم نفسها، فإذا كان «طه حسين» قد أنكر الشعر الجاهلي -وهو من أهم المصادر الأدبية في تراثنا القديم- ثم أنكر القرآن الكريم وأبطل فيه عنصر التنزيل، ثم ذهب لتشويه الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأنه ساعد الهجاء وأثاب شعراء المسلمين عليه، وأنه كان يأخذ من «أمية بن أبي الصلت» قرآنه، ثم قال في كتابه «الوعد الحق» إن عثمان كان ناهبًا لأموال المسلمين بغير حق ثم صور المجتمع الإسلامي بأنه مجتمع متخلف بدوى، ثم دعا إلى الحضارة الغربية وأخذ ما تعطيه دون تردد وإنکار التاريخ والتراث الإسلاميين، لست أدري كيف أصبح «طه حسين» عميدا للأدب العربي ومخترعًا لنظريات أدبيـة و عبقرية خلاقة ؟! وهو لا يعترف بأصل ذلك الأدب ومصادره ورجاله ودولته وحضارته، إنني أتساءل وأسأل الدكتور يوسف عوض: عميد أي أدب تراه «طه حسين»؟! عمید أي أدب تراه «طه حسين»؟!! إننى أخشى أن يكون عميد مؤامرة تدمير الأدب العربي؟!.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكلانظر إلى آثار رحمة الله - هذا التعليل لخلفية أفكار سيد ليس صحيحًا
نشر في العدد 102
33
الثلاثاء 30-مايو-1972