; أطفالنا ومنهج التربية الاسلامية | مجلة المجتمع

العنوان أطفالنا ومنهج التربية الاسلامية

الكاتب دلال عبدالله

تاريخ النشر الثلاثاء 18-مايو-1993

مشاهدات 3

نشر في العدد 1050

نشر في الصفحة 54

الثلاثاء 18-مايو-1993

أطفالنا ومنهج التربية الاسلامية

 

طالعتنا الجرائد اليومية منذ أيام بقرار وزير التربية بتدريس مادة اللغة الانجليزية ابتداء من العام الدراسي القادم للمرحلة الابتدائية والسؤال الذي قد يطرحه القارىء على نفسه هل ما ينقص اطفالنا في المرحلة الابتدائية هو دراسة اللغة الانجليزية؟

 

أليس من العدل الالتفات الى مواد أخرى لم تأخذ حقها من العلم والتدريس والوقت كمادة التربية الإسلامية؟؟

 

هل حصص التربية الإسلامية في الجدول الاسبوعي كافية؟؟

 

هل يؤثر منهج التربية الإسلامية في تشكيل الشخصية الإسلامية للطفل؟؟

 

ما هو رأي الامهات في منهج التربية الإسلامية الحالي؟؟

 

حول هذه التساؤلات كان لنا لقاء مع بعض الأمهات والمدرسات لنعرف رأيهن بمنهج التربية الإسلامية الحالي.

 

لقاؤنا الأول كان مع السيدة سناء الخاطر وهي ربة بيت وأم لعدد من الأبناء تقول السيدة سناء : من خلال تدريسي لأبنائي مادة التربية الإسلامية لاحظت ان كمية السور والآيات التي يجب على الطفل حفظها قليلة جدا وعندما ينتهي العام الدراسي يكون ما حفظه الطفل قليلا جدا مع العلم ان الطفل عادة لديه مقدرة كبيرة على الحفظ في المرحلة الابتدائية.. أن منهج التربية الإسلامية الحالي بسيط جدا وله تأثير بسيط على شخصية الطفل والغالب على المنهج أنه واجب مدرسي وامتحان ودرجة فقط!!

 

الأخت هناء الصقر مدرسة التربية الإسلامية واللغة العربية في المرحلة الابتدائية تقول : من خلال دراستي في المعهد وتنقلي في عدة مدارس خلال فترة التدريب وخلال تدريسي لمادة التربية الإسلامية وجدت أن المنهج يفتقد الى روح الدين الإسلامي حيث انه فارغ من المعلومات، كثير الأناشيد والمفاهيم المعنونة وبعض الآيات التي ترتبط بالدرس فقط وبالتالي تكون حصيلة الطفل من حفظ القرآن آخر العام «صفراً، وإذا قلنا التلاوة فإنها أيضا لا تعطي للطالب أو التلميذ حافزا الا في النشاط ودائما النشاط يتكون من عدد قليل جدا لا يتعدى أربع أو خمس طالبات ان منهج التربية الإسلامية بشكله الحالي غير مناسب ويحتاج إلى تغيير شامل من حيث زيادة السور القرآنية والاحاديث الشريفة وكذلك السيرة النبوية وان يتوفر أكبر عدد للطالبات بالنسبة للنشاط وحفظ القرآن وكذلك يوزع على التلميذات كتاب التلاوة المكون من أربعة أجزاء وان يحفظ منه على الأقل جزء عم خلال المرحلة الابتدائية.

 تشارك السيدة حصة سالم عبد القادر مديرة حضانة الشامية والشويخ النموذجية الاخت هناء رأيها وتضيف قائلة:

 

من المؤسف أن منهج التربية الإسلامية في جميع المراحل الدراسية قد عفى عليه الزمن، وهو في المرحلة الثانوية لا يقدم جديدا ولا يعطي معلومة للطالب، وهناك بعض التجديد في منهج المرحلة الابتدائية والمتوسطة ولكنه لا يزال دون المستوى - المطلوب، وهو بشكله الحالي لا يؤثر بتاتا في شخصية بناتنا وابنائنا وبرأيي أنه كان يمكن استغلال مادة التربية الإسلامية لتقويم الكثير من السلوكيات الخاطئة المتفشية بين الطلاب هذه الأيام ومن أهم السلبيات في تطبيق المنهج هو عدم وجود مدرسة التربية الإسلامية القدوة واقصد ان تكون قدوة للتلميذات بكل معنى الكلمة من حيث لباسها، كلامها ، اخلاقها وهذا مفقود للأسف عند كثير من المدرسات، وكذلك زيادة حصص التربية الإسلامية والا تكون في آخر الدوام المدرسي حيث اصبحت حصة النوم والكسل!!

 

المدرسة سمية الشايجي تقوم بتدريس اللغة الانجليزية ولكنها أصرت على مشاركتنا هذا التحقيق حيث تقول : برأيي ان منهج التربية الإسلامية في جميع المراحل الدراسية ضئيل وبسيط وهامشي جدا وهو بحاجة إلى زيادة تكثيف لاشك من حيث عدد الحصص ومن حيث المادة وتنوعها من حيث سيره، عقيدة، فقه، تلاوة الخ وحبذا لو استفدنا من تجربة المملكة العربية السعودية في هذا الأمر، وباعتقادي ان المنهج بشكله الحالي لا يؤثر بتاتا على شخصية الطفل ولا يقوم سلوكياته وحتى حفظه من القرآن قليل جدا، كذلك نحن نفتقر الى وجود مدرسة الدين القدوة وبرأيي انه يجب منع المدرسة غير المحجبة من تدريس مادة الدين، وحتى المحجبة يجب أن يكون اختيارها على أسس عالية من الخلق والعلم حيث لاحظت بأن الكثيرات من مدرسات مادة التربية الإسلامية ثقافتهن الإسلامية ضئيلة جدا.

 

السيدة اقبال سعد نصار الشريعان تعمل سكرتيرة وهي أم لاطفال في المرحلة الابتدائية تقول : بالنسبة لمنهج ثالثة ورابعة ابتدائي لا يوجد ادعية مقررة للحفظ، وكل ما يحفظه الطفل من القرآن آيات بسيطة هي في رأيي غير كافية، وأنا بصراحة لا أشعر ان منهج التربية الإسلامية بشكله الحالي يؤثر في شخصية الطفل بل ينقصه الكثير فيجب مثلا تعليمهم العبادات والأخلاق الإسلامية وتحفيظهم الادعية اليومية التي تذكرهم بمراقبة الله تعالى طوال اليوم.

 

المدرسة ليلى عبد الله مدرسة التربية الإسلامية في المرحلة الثانوية تعبر عن رأيها في المنهج قائلة : «من خلال عملي كمدرسة دين لاحظت أن المنهج فقير جدا بكمية المعلومات الشرعية التي يقدمها للطالبة في هذه المرحلة العمرية، وخاصة المعلومات الضرورية التي تحتاجها الطالبة كفتاة في هذه السن، فهو لا يقدم لها معلومات كافية لامور الحياة اليومية مثل الطهارة، الصلاة بحيث تتحرج الطالبة وقد تتزوج وهي في هذه السن وهي غير ملمة بأساسيات الأمور الضرورية في حياتها اليومية وأنا كمدرسة احاول ان اثري المنهج من خلال ثقافتي الشخصية خصوصا وأنا أرى حرص الطالبات للتفقه الأمور الدين ولكن المشكلة ان وقت الحصة لا يكفي وحصص الدين بشكل عام قليلة جدا أما من حيث تأثيره على أخلاقيات الطالبة فهو لا يؤثر البتة، بدليل مانراه من سلوكيات منحرفة كثيرة في صفوف الطالبات وقد أعانني الله تعالى على التأثير في أخلاق الكثيرات من الطالبات من خلال ثقافتي الشخصية وتعاملي بالحسنى مع الطالبات وتزويدهن ببعض الكتيبات الإسلامية. 

السيدة أقبال المشاري تقول : حيث أنني مسلمة حريصة على الالتزام بالإسلام وأنا كأم كل ما اتمناه لابنائي الصلاح في هذه الدنيا، وبقدر حرصي على تفوق ابنائي في جميع المواد الدراسية ، أحرص كذلك على تفوقهم في مادة التربية الإسلامية لكنها كما لاحظت من خلال تدريسي لهم بسيطة جدا والمعلومات التي تقدم لهم ضئيلة وأنا من خلال معايشتنا اليومية في البيت اقدم لهم معلومات أكثر بكثير من تلك التي يزودهم بها المنهج، ولما لاحظت أن مقرر الحفظ من القرآن ضئيل جدا استعنت بمدرس خاص ليقوم بتحفيظهم القرآن في البيت حيث ان اهم ما في مادة التربية الإسلامية حفظ القرآن وهذا ما لا يتوفر في مدارسنا اليوم!!

أما السيدة لولوة خالد فلها رأي مختلف حيث تقول : برأيي أن منهج التربية الإسلامية جيد ويؤثر في شخصية الطفل وليس لدي أي تعليق عليه وبالنسبة لي فأنا شخصيا ليس لدي ثقافة إسلامية متميزة حتى احكم على مثل هذه الأمور!!

 

في ختام هذا التحقيق يتضح لنا مدى السلبيات التي يعاني منها منهج التربية الإسلامية الحالي فمن خلال آراء الأمهات والمدرسات على السواء يتضح لنا انه يعاني من ضالة عدد الحصص الأسبوعية وكذلك ضالة المعلومات الثقافية التي يقدمها للطالب.

 

نتمنى على وزير التربية في طريق اصلاحاته للهرم المقلوب ، أن يقوم بتعديل منهج التربية الإسلامية حتى يكون أكثر تأثيرا في شخصية ابنائنا وبناتنا ايمانيا واخلاقيا وتربويا وثقافيا !!

 

الإسلام .. التزام

 

لا تترك أمرأة الاحتشام الذي أمر به الإسلام، وهي ترى في مبادئه النور والحفظ، إلا أن يكون ذلك هبوطاً في تفكيرها وانحرافاً في تصورها. وقد تتبرم المرأة من هذا الرأي الصحيح وتجادل فيه، في حين أنه يرضي غرورها الثناء والمدح الخادع من فاسق منافق لا يريد لها الخير. وقبول العبد الإسلام بحدوده وضوابطه، مؤشر واضح على كمال عقله واتزانه ورشده، وأما المماحكة والجدال والاعتراض على أمر الله فهو النقصان بعينه ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ويتبع كل شيطان مريد الحج / ٣ وأي نقصان أكبر من اتباع شيطان مريد، وترك منهج الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. فإن كان العبد كذلك كان رائده الهوى يميل حيث مال به لا ضابط له في سلوك أو تصرف أو رغبة إلا ماتهواه نفسه، فهو لا يقبل على عمل طلبا في اجر ولا يكف عنه خوفا من وزر، كما قال تعالى : أرأيت من اتخذ الهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا .. الفرقان / ٤٣ ومن كان الهه هواه تردى في مهاوي الضياع وهانت عليه نفسه، وأهدر انسانيته وكرامته فأصبح بمائة وجه يظهر بها في مائة ميدان لا يبالي أن يذكر مع الذاكرين، وأن يفجر مع الفاجرين فقد حفظ الإسلام للإنسان كرامته ان امتثله في حياته، ولا حفظ له إلا بذلك (ومن يهن الله فما له من مكرم الحج / ١٨ والكرامة لا تتحقق بالمال والجاه والمنصب فإنها وإن اضفت شكلا ظاهرا على صاحبها لكنها لا تعطيه الشعور الحقيقي بإنسانيته. فإذا خلا إلى نفسه شعر بمدى تفاهته وحقارته وقلة شأنه فشعور الإنسان بقيمته الإنسانية ينبع من داخله لا يكتسبه من محيطه وبيئته لذلك عجز المال عن إذلال كبرياء الفقير وشراء شهادة المحتاج، في حين أن الذلة جعلت صاحب الملايين يلهث وراء دينار يضيفه الى اصفاره ويبذل في ذلك ماء وجهه.

 

نقول إذن : أيتها المرأة وأيها الرجل. الإسلام يعني الالتزام بمبادئه وأوامره. ومن حاد عن ذلك حاد عن الإيمان ويستطيع المرء بما أوتي من قوة في الجدل أن يبرر وأن يفلسف وجهة النظر لكن هو بالتالي يعلم في قرارة نفسه مدى كذبه. ولقد صدق الحق تبارك وتعالى بل الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره القيامة.

سلمان مندني

الرابط المختصر :