العنوان أفغانستان .. في ظل وجود حكومتين من سيحكم أفغانستان؟
الكاتب عبدالله بركات
تاريخ النشر الثلاثاء 27-أبريل-1993
مشاهدات 17
نشر في العدد 1047
نشر في الصفحة 31
الثلاثاء 27-أبريل-1993
في الرابع والعشرين من أبريل الحالي يكون قد مضى على سقوط نظام نجيب الله الشيوعي عامًا كاملًا عقدت خلاله اتفاقيتا بيشاور وإسلام آباد، ورغم مرور عام كامل إلا أنه آن الأوان للاعتراف بأن المجاهدين قد فشلوا في التغلب على خلافاتهم رغم المحاولات الكثيرة التي بذلت ولا زالت تبذل وعلى كافة الأصعدة وبشتى الأساليب من أجل حل الخلافات وتحقيق الأهداف التي من أجلها ضحى الشعب الأفغاني بأكثر من مليون وستمائة ألف شهيد من خيرة أبنائه.
وبالرغم من أن اتفاقية إسلام آباد التي وقعت في السابع من مارس الماضي قد بعثت الآمال في نفوس المخلصين إلا أنها كسابقاتها من الاتفاقيات لم تعد كونها اتفاقية مصالحة مؤقتة أو استراحة محارب، وبدت مظاهر نقضها جلية منذ اللحظة الأولى من عودة القادة الأفغان إلى بلادهم حيث بدأ الاختلاف على مكان عقد الاجتماعات وعلى تفسير بنود الاتفاقية والصلاحيات وتوزيع المناصب وما إلى ذلك.
ثم كان الاختلاف الأخير حول قائمة أسماء الوزراء التي يسلمها رئيس الوزراء المعين المهندس حكمتيار للرئيس رباني مطالبًا إياه بإعلانها فقط دون الحاجة إلى مصادقته عليها، هذه القائمة التي رفضها الرئيس رباني بموجب صلاحياته كرئيس للدولة متعللًا أنها قد تمت دون الاستشارة المنصوص عليها في اتفاق إسلام آباد ومحتفظًا بحقه في المصادقة عليها وقبولها أو رفضها وكذلك مطالبًا بضرورة الاحتفاظ بالمهندس أحمد شاه مسعود كوزير للدفاع كشرط غير قابل للمساومة، ويشاركه في هذا الرأي الأستاذ سياف وبعض القادة الآخرين.
في ظل إصرار كل من الطرفين على موقفه عقدت في منتصف أبريل الحالي عدة لقاءات مباشرة بين حكمتيار ورباني بوساطة باكستانية ولكنها لم تسفر عن نتائج إيجابية في تحجيم الخلاف وإيجاد جو التفاهم، مما حدا بالمهندس حكمتيار أن يعلن في الخامس عشر من أبريل وزارته من خلال إذاعته المعروفة باسم نداء الحرية والتي تبث من حول كابل متجاوزًا بذلك الصلاحيات التي نصت عليها اتفاقية إسلام آباد والتي تعطي حق إعلان الحكومة للرئيس.
استنادًا لما أعلنته إذاعة الحزب الإسلامي يكون صبغة الله مجددي وزيرًا للدفاع، والقاضي أمين وقاد وزيرًا للداخلية، وأحمد شاه مسعود وزيرًا للخارجية ونائبًا لرئيس الوزراء، وسيد نور الله عماد وزيرًا للإعلام، بينما أعطيت وزارتا المالية والتعمير إضافة لثلاث وزارات أخرى للأحزاب الشيعية، ووزارة التربية فقط للاتحاد الإسلامي، وحصل الحزب الإسلامي –خالص– على وزارتين، وتم توزيع باقي الوزارات على الأحزاب الصغيرة وشخصيات أخرى مستقلة. في الوقت ذاته لا زالت حكومة الأستاذ رباني التي شكلت في 28 يونيو 1992 تمارس صلاحياتها ومهامها رغم إعلان المهندس حكمتيار في وقت سابق من شهر أبريل الحالي عن حلها.
في ظل وجود حكومتين في أفغانستان برغم تأكيد بعض قادة الحزب الإسلامي أن إعلان الحكومة من قبل الحزب هو فقط لإعلام الشعب– يبرز السؤال المهم بجانب أسئلة أخرى.. من سيحكم أفغانستان؟ وما هي مخاطر هذا الأمر على مستقبل أفغانستان؟ وإلى متى يستمر هذا الواقع المؤلم المرير؟
هذا ما أجاب عنه الأستاذ سید نور الله عماد الذي التقته المجتمع قبل لحظات من مغادرته بيشاور إلى كابل في السادس عشر من أبريل حيث لم يخفِ تشاؤمه عن واقع ومستقبل أفغانستان، ويرى أنه لا مخرج للأزمة الحالية إلا أن يلتقي رباني وحكمتيار ويقدم كل منهما قائمة أسماء ويتناقشان حول كل اسم بتجرد كامل وشعور بالمسئولية وبما يخدم مصلحة البلاد والعباد، ويرى كذلك أن خيار الحرب حاليًا هو الخيار الأقوى حيث أنها قد بدأت فعلًا بين الحكومة والشيعة ومن تحالف معهم - حسب قوله- منذ منتصف أبريل بشكل متقطع ولكن ينذر بالانفجار الشامل.
من جهة أخرى يرى السيد نور الله عماد أن اتفاقية إسلام آباد لم تعالج المشاكل الرئيسية وإنما فقط حققت مكاسب سياسية لبعض الجهات وأعادت للحزب الإسلامي شعبيته، وأكدت على ما نصت عليه اتفاقية بيشاور من قبل في أن تكون رئاسة الوزراء للحزب الإسلامي، ويرى كذلك أن هذه الاتفاقية جعلت المهندس حكمتيار يتصرف كونه رئيسًا للوزراء بصلاحيات مطلقة سعى من خلالها لتحجيم دور الرئيس رباني ووزير دفاعه أحمد شاه مسعود.
وفي حال استمرار الوضع الراهن حسبما يعتقد السيد نور الله عماد فإن الحل هو في أن يأمر الرئيس رباني بإعادة إحياء مجلس شورى أهل الحل والعقد الذي جمدته اتفاقية إسلام آباد ويشكل برلمانًا من بين أعضائه، ويمسك الأستاذ رباني بزمام الأمور بشكل أقوى ويواجه الواقع بكل احتمالاته.
من جهة أخرى في مؤتمر صحفي عقده المهندس حكمتيار في جهار أسياب في السادس عشر من أبريل قال للصحفيين إن الحكومة تعد العدة للحرب، وقال ما نصه أقول بصراحة إنهم يعدون العدة لجولة جديدة من الحرب ونشاطهم في شرق وغرب وجنوب كابل تؤكد نية الهجوم، ومع ذلك فلن نكون نحن البادئين ولكن سندافع عن أنفسنا.
أعقب ذلك وفي نفس اليوم تصريح للسيد عبد العزيز مراد الناطق باسم وزارة الدفاع قال فيه: أؤكد للأمة الأفغانية أنه لا نية لدينا للقتال، ونحن نعتقد أن كل المشاكل يمكن حلها بالحوار ولن نبدأ ولكن سندافع عن أنفسنا. ومع اعتقادنا أن المستقبل لا يعلمه إلا الله، إلا أن الأمر بحاجة إلى أن يفيق المتصارعون عن مقاصدهم الشخصية وينظروا إلى مصلحة البلاد وإلى دماء مليون ونصف مليون أفغاني بذلت من أجل تحصيل هذا النصر.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل