العنوان أمريكا تسعى جاهدة لإثبات وجود الإرهاب في إندونيسيا
الكاتب أحمد دمياطي بصاري
تاريخ النشر السبت 04-يناير-2003
مشاهدات 22
نشر في العدد 1533
نشر في الصفحة 36
السبت 04-يناير-2003
بعد حادثة بالي تغير الموقف الحكومي في إندونيسيا تماماً: أصبح المسئولون يرددون مقولات الغرب بشأن الإرهاب
قصة غريبة: فتاة إندونيسيا هندوسية رأت شخصاً مجهولاً وضع متفجرات أصرت أستراليا على أخذها للعلاج رغم عدم خطورة حالتها وهناك قيل أنها ماتت ولم يعيدوا جثتها إلا رماداً
إسرائيل لا تريد أن تكون هناك دولة مسلمة صغيرة أو كبيرة قريبة أو بعيدة لها قوة تعرقل مسيرتها نحو قيام الدولة العبرية العظمى
مشروع الفلبين لإنشاء كومنولث مسيحي في جنوب شرق أسيا سيفشل كما فشل مشروع تنصير إندونيسيا
حاوره في جاكرتا: أحمد دمياطي بصاري
الدكتور هداية نور وحيد رئيس حزب العدالة، محلل سياسي وشخصية بارزة يطلب رأيه الكثير من القنوات التلفازية ومحطات الراديو الوطنية والدولية، وله حضور في الندوات العلمية، خاصة في هذه الآونة الأخيرة. وفي إطار الحديث عما تسميه واشنطن بالإرهاب الذي أصبح مشجبًا تعلق عليه تلفيقات كثيرة لتبرير توجيه أصابع الاتهام لنشطاء الحركات الإسلامية في إندونيسيا ، أجرت المجتمع معه هذا الحوار:
•نبدأ الكلام عن التحقيقات المشتركة التي قامت بها الشرطة الإندونيسية ودول أخرى منها أمريكا وأستراليا وإنجلترا وقد صرحت الشرطة بأن المتهم أمرازي هو المسؤول عن تفجيرات بالي، فما رأيكم فيه؟
أنا حقيقة مازلت أتشكك في صحة ما صرح به أمرازي وصحة مقولة الشرطة وخاصة أنه ما كانت له أي سابقة، وإذا قرأنا سيرة حياته فهو غير مؤهل لهذا الأمر ولم يتخرج من المرحلة المتوسطة، ولا أعتقد أنه مؤهل لتركيب مثل هذه المتفجرات المتطورة، وهو الأمر الذي صرح به بعض خبراء المتفجرات، وقيل إنه كان يخطط لاستهداف الأمريكان وعددهم كبير في بالي، وإذا خطط فعلًا فلماذا أخطأ رغم أن الأمريكان لهم مكانهم الخاص شبه الدائم كما أن للأستراليين محلًا خاصًا؟!
في تقديري هناك احتمالان: أولًا: أنه ضحية المؤامرة مع عدم علمه بأنه ضحية قد يركب هو والآخرون القنبلة ويريد تفجيرها دون أن يدرك أنه مراقب ويلقى التشجيع من قبل عناصر استخباراتية ليفعل ما يفعل. كانت معه قنبلة صغيرة انفجرت قرب القنصلية الأمريكية في كوتا ولم تسفر عن وقوع أي ضحية، وهذا بخلاف القنبلة التي انفجرت أمام النادي الليلي وأسفرت عن مئات القتلى والجرحى والاحتمال الثاني: أن ثمة عمليتين موقتتين هناك جهة خارجية تسللت إلى صف أمرازي وعلمت بكل ما سيفعله وبالتالي قام هو بما خططه من قبل دون علمه بأن المتسلل من خلفه خطط شيئاً آخر، على اعتبار أن التسلل أصبح أمراً طبيعياً في البلاد الآن.
وهذا الأمر أيضاً حدث في جبهة الدفاع عن الإسلام FPI بقيادة حبيب زرق شهاب، فقد تسلل في صفوفها من يريد الإساءة لسمعة الجبهة وتخريبها من الداخل، كما حدث ذلك أيضاً في بداية الثمانينيات حين أنشأت الاستخبارات الإندونيسية منظمة ضراراً، سميت بـ جبهة الجهاد(كوماندو جهاد)، وبها تمكنت الحكومة من تجفيف منابع أي حركة إسلامية يومئذ.
• أي الاحتمالين صحيح في رأيك؟
سواء كان الأول أو الثاني هو الصحيح فلا أعتقد أن أمرازي هو الشخص المسؤول عن التفجيرات التي تفوق مقدرات الجيش الإندونيسي نفسه. لقد كرر قائد الجيش الإندونيسي مرارًا بأن قنبلة بالي ليست صناعة إندونيسية وأنها صناعة أجنبية.
• فمن المسؤول إذن عن عملية بالي؟
أرى أن هناك جهة أخرى أكبر وأقوى وأقدر من أمرازي، هناك مكر عالمي من أجل إيقاع إندونيسيا فريسة للضغوط الأجنبية لجرها إلى مستنقع الحرب ضد ما تسميه أمريكا بالإرهاب أو ما زعمته أمريكا بخلايا القاعدة في إندونيسيا والمسؤول إذن هو القوى التي لها قدرة تقنية عالية وقدرة مالية ومخابراتية وتجارية وسياسية عالمية تتمكن من ضبط الأمور وممارسة الضغوط على المؤسسات العالمية، وهذه الجهة التي لها هذه الكفاءة والقوة إما إسرائيل أو أمريكا.
•هل لاحظتم شيئًا في التحقيقات؟
إذا دققنا في تصريحات الشرطة والاستخبارات نجد أن هناك اختلافات في النتائج، كذلك ما حصل بأمرازي، قيل إنه فجر القنبلة واعترف بأنه المسؤول، لكن عندما التقى امرازي رئيس الشرطة، الجنرال داعي بختيار نفى مشاركته في التفجير، وقال إنه اشترك في تركيب القنبلة لكن دون المشاركة في عملية التفجير، وهاتان حالتان متعاكستان، وعندما وقع الانفجار قيل إنه كان في بالي، لكن بعد تصريحه المباشر أمام رئيس الشرطة نفى أمرازي وجوده في بالي، وقال إنه كان في قريته في جاوة الشرقية ولم يعلم بالانفجار إلا من وسائل الإعلام، وعلى ما يبدو فإن الشرطة بدأت تتعود على مثل هذه التصريحات غير الصحيحة. وهذا أدى إلى تشكك الناس بصحة تصريحات الشرطة، ويرون أنها ليست إلا تنفيذًا لأوامر أمريكا وإسرائيل.
•كيف رأيتم أمرازي عند لقائه رئيس الشرطة؟
الأمر في منتهى الغرابة، كيف يمكن أن يكون متهم يواجه الإعدام وهو يمتثل أمام رئيس الشرطة والعديد من القنوات التلفزيونية والجماهير دون أي نوع من الحزن والخوف، بل إنه كان يبتسم ويضحك بكل براءة، وهل لا يعني ذلك أن الأمر نوع آخر من المهزلة، وكل هذا أدى بكثير من المحللين والخبراء وكبار الشخصيات لحسم رأيهم بأن أمرازي ليس إلا ضحية وكبش فداء.
•هناك من يرى أن أمريكا والصهاينة اصطادوا في الماء العكر في بالي؟
إذا دققنا في ملابسات الأمور قبل حادثة بالي، وفي الجهة التي لها مثل هذه القدرة، فمن الصعب أن نستبعد الاستخبارات المركزية الأمريكية أو الموساد.
•هل عندكم دلائل على ذلك؟
لنبدأ من حادثة ١١ سبتمبر في الولايات المتحدة، خاصة الهجمات بالجرثومة الخبيثة، فقد حاولت أمريكا جر إندونيسيا عندما صرح بعض كبارها بأن الطرود أرسلت إما من كولالمبور أو جاكرتا، وإن كان في الأخير أكدت واشنطن أن التصريحات غير صحيحة، ثم ألقي القبض على إندونيسي اسمه أجوس بوديمان اتهم بأنه من شريحة الإرهاب المسؤولة عن تفجير برجي مركز التجارة العالمية واتهم بأنه إرهابي وسجن مدة ۱۰ شهور في أمريكا، وإن كان الأمر في النهاية يؤكد براءته من كل التهم الموجهة إليه، وكذلك عملية اعتقال بعض الإندونيسيين في سنغافورة وماليزيا والفلبين وخاصة اعتقال أجوس دويكارنا في مانيلا بطريقة إرهابية، حيث وضعت الاستخبارات الفلبينية متفجرات داخل حقيبته التي لم تكن موجودة من قبل، وهنا يمكن أن نستنبط أن ثمة مساعي جادة ورغبة قوية من قبل القوى الخارجية من أجل تبرير التهمة بأن بعض الإندونيسيين جزء مما سمي بحركة الإرهاب العالمية، وطبعًا هذه تهمة أمريكية باطلة، وهذا ما تريده أمريكا بالمسلمين.
ثانياً:هناك تصريحات لنائب وزير الدفاع الأمريكي بول وولفوتز، وتصريحات لي كوانيو من سنغافورة، ونحن نعرف العلاقة الحميمة بين البلدين، والعلاقة الحميمة بين وولفوتز وإسرائيل وكان هذا يصرح دائماً بأن إندونيسيا معقل للإرهابيين وأن شبكة للإرهاب العالمية موجودة في بوسو ومالوكو، وكنا ننفي هذه التهم وقلنا إنه لا توجد أي قاعدة للإرهاب في البلاد، وقلنا إننا نقف ضد الإرهاب لكن لا ينبغي القضاء على الإرهاب بإرهاب آخر، إرهاب الدولة والإرهاب بطريقة إلقاء التهم ثم الاعتقال دون دلائل قوية.
ثالثاً: في ذكرى حادثة 11/9 أغلقت السفارة الأمريكية في جاكرتا والقنصلية الأمريكية في سورابايا جاوة الشرقية، بزعم تلقي تهديدات بهجوم على بعض المصالح الأمريكية في البلاد، وكان ذلك أمرًا في منتهى الغرابة لأن الوضع في البلاد أمن حتى إن ميجاواتي سافرت خارج إندونيسيا، وهذا ما استغربه المسؤولون، لأن قرار السفير الأمريكي لم يكن بالتعاون مع الحكومة، وفعلًا لم تشهد العاصمة أي هجوم أو عنف. وفي غضون ذلك حدثت مظاهرة أمام مبنى البرلمان المحلي في جاكرتا وحدثت اشتباكات بسيطة بين المتظاهرين ورجال الأمن، ولم تكن أمام السفارة الأمريكية، لكن بعض الصحف الأمريكية نقلت خلاف الواقع لتؤكد أن السفير الأمريكي مصيب في قراره وزعمت أن الهجوم على السفارة تم فعلًا!! فمهمة الصحف الأمريكية هي إثبات التهمة المتداولة على إندونيسيا.
رابعاً: وحدثت حادثة«تيلوك بيتونج»، حيث انفجرت قذيفة يدوية قريبًا من مبنى أمريكي، وبدأ الأمريكان يؤكدون أن القذيفة تستهدف المبنى غير أنه في النهاية يكتشف أن الفاعل مجرم وظيفته تهديد المستدينين ليسرعوا بسداد الديون.
خامساً: حذرت السفارة الأمريكية رعيتها من السفر إلى يوكياكرتا، وهذا القرار أغضب حاكم المنطقة، حتى ألغى سفره إلى واشنطن.
وأخيراً نقلت جريدة «تيمبو» أن السفارة الأمريكية مستاءة من برودة استجابة الشرطة التلبية نداءاتها لحسم ملاحقة ومطاردة الإرهابيين وكانت تحذر مرة أخرى رعيتها من عمليات تفجير كبيرة وأن لا يظهر أحد في أماكن عامة في إندونيسيا، وحتى قبيل حادثة بالي ببضع ساعات حذرت مواطنيها مرة أخرى.
•وما علاقة هذه المقدمات بحادثة بالي؟
هي مقدمات أمريكية من أجل إثبات أن شبكة الإرهاب موجودة في إندونيسيا، علماً بأن معظم كبار السياسيين الإندونيسيين كانوا ينفون وجود الإرهابيين في المنطقة، فلذا لابد من هندسة مقدمات ومبررات لإثبات الإرهاب في إندونيسيا وقد نجحت العملية بالفعلفاليوم يعترف كل زعماء إندونيسيا بأن الإرهابيين موجودون فعلًا في المنطقة.
•وهل عندكم دلائل أخرى تؤيد ما ذهبتم إليه؟
الغريب أن لا نجد أمريكان من بين قتلى بالي، فهذا قد يكون دليلًا آخر على مسؤولية أمريكا عن العملية، والغريب في الأمر أن القنصلية الأمريكية أغلقت مكاتبها رغم عدم وجود ضحايا من مواطنيها، فهي مصرة على تمرير رغبتها القوية بأن ما تقوله منذ فترة عن شبكة الإرهاب الدولي في البلاد صحيح، وعلاوة على ذلك أكد الجيش الإندونيسي أن المتفجرات التي استخدمت في بالي ليست صناعة إندونيسية بل صناعة خارجية أنت بها عناصر خارجية.
•وما رأيكم في شأن شبكة الإرهاب الدولي المتهمة بتنفيذ عملية بالي؟ نفترض أن هناك إرهابًا دوليًا في إندونيسيا وهو إندونيسي، فمن المستبعد أن يفجر إندونيسيا، لماذا؟ لأن النتيجة أن إندونيسيا أصبحت تحت ضغوط أمريكية ودولية، فقد علمنا أن مسؤولين إندونيسيين حضروا لقاءات دولية وجدوا أنفسهم تحت ضغط مطالب باعتقال المشتبهين بالإرهاب والتشديد على المتهمين بالإرهاب كما فعلت الدول الأخرى، لكن الحكومة دائمًا كانت تردهم بذريعة أنها لا يمكن أن تكافح الإرهاب بإرهاب آخر والأمر لابد أن يتماشى مع القانون الإندونيسي، هذه الضغوط نشعر بها من خلال الأمور التالية:
أولًا: عندما وقعت الحادثة وجدنا أن تصريحات الحكومة تختلف من شخص لآخر.
ثانيًا: سرعة مبادرة الشرطة للتحقيق في حادثة بالي ودعوة الجهات العديدة من الدول الأجنبية منها أستراليا وأمريكا للمشاركة في التحقيق.
وثالثًا: سرعة إصدار القانون الاستعجالي في ليلة واحدة فقط، وبه اعتقل أبو بكر باعشير وأمرازي ووضع حبيب رزق شهاب تحت الإقامة الجبرية، وهذه كلها مؤشرات قوية لوجود ضغوط أمريكية.
•هل ترى أن حضور محققين أمريكيين وأستراليين وآخرين من أجل مصلحة إندونيسية أم مصالح أمريكية؟
أنا أستغرب من مجيئهم السريع لإندونيسيا، هم يزعمون أنهم يدافعون عن حكومة إندونيسيا، لكنني أخشى كما يخشى الكثير من المحللين في البلاد ومنهم من ليس بمسلم(أس. ما نولانج الخبير في الاستخبارات، وباريمبينج)أن مجيئهم هنا لأجل مصالحهم الخاصة وضبط ضغطهم على إندونيسيا للوصول إلى نتائج يريدون تحقيقها بتهيئة مقدمات ودراسات وتحقيقات طبقًا لهدفهم المرجو، وكذلك في شأن وصاياهم لإجلاء الأجانب والمصابين من بالي التناول العلاج في أستراليا ومنهم فتاة بالية، رأت شخصًا مجهولًا وضع كيسًا انفجر، وحسب تأكيدات الأطباء الإندونيسيين المتخصصين فهي ليست بحاجة للعلاج خارج بالي وحالتها ليست بخطيرة، لكن الواقع أن أستراليا أجبرت الجهة الإندونيسية على إجلاءها إلى أستراليا متعللة بحاجتها للمعالجة المكثفة هناك، لكن اكتشف أنها ماتت في أستراليا، ولم تكتف هذه الدولة بقتلها. بل رفضت إرجاع جسدها ربما خشية من تشريح الجثة بل أرجعت ترابها بعد حرقها لأنها هندوسية مع أن أهلها طلبوا جسدها.
إذن هناك شكوك كثيرة من وجود هؤلاء. وهم لا يحققون مصالح إندونيسيا بل من أجل السيناريو الكبير لإيقاع إندونيسيا تحت الضغط الخارجي المحاربة ما يسمونه بالإرهابيين، وبالتالي على حكومة إندونيسيا أن تكون مع أمريكا في التشديد على المسلمين وحركاتهم لتعود هذه الدولة التي تعيش الديمقراطية الآن إلى أيامها الأولى من حكم سوهارتو أيام الإرهاب على المدنيين.
•ما حقيقة هدف أمريكا خاصة والغرب عامة في إندونيسيا؟
إذا قرأت الخريطة الكاملة من أولها إلى آخرها فهي من أجل تعزيز قيام دولة إسرائيل الكبرى، وسنجد السر في استهداف إندونيسيا بالذات، فإسرائيل لا تريد أن تكون هناك أي دولة صغيرة كانت أم كبيرة لها قوة تعرقل مسيرتها للوصول إلى أهدافها من قيام الدولة العبرية العظمى، لماذا دمرت أفغانستان لماذا أشعلت نيران الحرب والعداوة بين إيران والعراق لماذا هاجمت العراق الكويت؟ ثم لماذا حرب الخليج الثانية. فأي قوة يمكن أن تضغط على إسرائيل يجب أن تقضى، وإندونيسيا دولة كبيرة وغنية من حيث المواد الخام وكثرة السكان وهي إسلامية ومع تنامي الوعي الحضاري والثقافي والسياسي، وكفاءة رجل مثل المهندس حبيبي لصناعة الطائرات طبعاً تقلق إسرائيل وهذه الظاهرة تتماشى مع الجو الديمقراطي الذي استفاد منه المسلمون بشكل كبير، وهذا ليس الصالح إسرائيل، فلا بد أن توضع إندونيسيا مرة أخرى تحت سيطرة أمريكا وبالتالي تحت نفوذ إسرائيل، مهما تكن إندونيسيا بعيدة عن فلسطين جغرافياً، فق أصبحت الكرة الأرضية مجرد قرية مصغرة بالإضافة إلى شهوة أمريكا وإسرائيل في ثروات إندونيسيا ومنها الغاز الطبيعي إذ إنها تحتضن 20%من الاحتياطي العالمي، والنفط والذهب والرصاص وغيرها، وأمريكا تخشى أن تكون إندونيسيا متقدمة علميًا وتقنيًا وصناعيًا واقتصاديًا ومعظم سكانها مسلمون.
•إذن هل يمكن القول بان حرب أمريكا على الإرهاب هي حرب على الإسلام والمسلمين؟
إني أرى صحة ذلك، فما تقوله أمريكا من أنها تحارب الإرهاب ليس هو الواقع، وأنا أخشى أن تكون القاعدة أو طالبان أو ما اسمته أمريكا بالجماعة الإسلامية مجرد مقدمة معقولة في تقدير أمريكا لتتخذ سببًا ووسيلة للوصول إلى تبرير اتهام جميع المسلمين.
•ما العلاقة بين هذه المسرحية وخطاب الرئيسة الفلبينية جلوريا أرويو للرئيس الأمريكي، نشرته المجتمع في أكتوبر الماضي؟
هناك علاقة واضحة بينهما، من بين ما اتهم به أبو بكر وأمرازي أنهما حاولا إنشاء الدولة الإسلامية الكبرى في جنوب شرق آسيا وفي هذا الخطاب كانت أرويو تريد القول بأن من حق الصليبيين أيضًا إنشاء الدولة المسيحية الكبرى في المنطقة.
ثانيًا: أن العقبة الوحيدة أمام إنشاء هذه الدولة الكبرى هي المسلمون، وهم الأغلبية في إندونيسيا وماليزيا وبروناي رغم أنهم الأقلية في الفلبين وسنغافورة وتايلند، لذلك يجب على أمريكا مساندة هذه المحاولة بتدخلها الواسع في شؤون هذه الدول المسلمة لإضعاف قدراتها المتنامية ومعنوياتها ووحدتهم ووضعهم في إرهاب الدولة ومن ثم يتمكنون من تحقيق ما يطمحون إليه إنشاء مجموعة الدول المسيحية الكبرى في المنطقة..
•وهل ستنجح خطة أرويو في إنشاء الدولة المسيحية في المنطقة؟
في نظري أن هذا المشروع سيفشل، سمعنا عن مثل هذه المشاريع سابقًا مثل: مشروع تنصير إندونيسيا قبل القرن الحادي والعشرين ونحن دخلنا هذا القرن مع واقع أن المسلمين أقوى مما كانوا في الماضي، ولو أمكنهم تنصير منطقة جنوب شرق آسيا لنصروها أيام كانوا مستعمرين للمنطقة، وما كانت للمسلمين دولة ومع ذلك لا نغفل هذا المخطط ولا يجوز إغفاله بل لنكن حذرين مثلما نكن واقعيين ومعتدلين ونتصرف فوق اللزوم.
•هل ترى أن للفلبين دورًا في حرب أمريكا ضد الإرهاب في المنطقة؟
أظن أن الفلبين ترغب في أن يكون لها دور فعال في الأمر والدليل مبادرتها باعتقال بعض الإندونيسيين، وهي تقف في صف أمريكا من أجل الحصول على المساعدة المالية والعسكرية، لكن هل تقدر الفلبين على أن تلعب دورًا مهمًا في المسرحية في رأيي أنها لن تقدر. عرفنا بنيتها الهشة اقتصاديًا وسياسيًا وعسكريًا وحتى اجتماعيًا، والخلافات الداخلية بين مواطنيها كبيرة، وتريد الرئيسة أرويو كسب ما كسبه رئيس وزراء ماليزيا محاضير محمد وحكومة سنغافورة اهتمام أمريكي.. مساعدات.. الخ ولكنها ستخسر لأنها لا تملك القدرة الكافية بالرغم أن تنصيب رئيسة للفلبين كان بمساندة الكنيسة وخاصة الكاردينال سنج، والشيء الثاني أن أرويو ليست شخصية مسموعة الكلمة على مستوى المنطقة وخاصة في لقاءات رؤساء دول آسيان، فلم نسمع منها كلامًا ناضجًا، وما تريده أرويو هو القضاء على حركة الاستقلال في میندانو.
•يتردد أن أمريكا وقعت اتفاقًا مع إندونيسيا لإنشاء قاعدة عسكرية في بيتونج سولاوسي الشمالية؟
هذا يحتاج إلى إثبات، لكن إذا رغبت أمريكا في إنشاء قاعدة فلماذا لا تكون في تيمور الشرقية التي انتزعتها من إندونيسيا؟ هي ليست بحاجة إلى منطقة بيتونج لأنها قريبة من قاعدتها العسكرية في الفلبين، وإنما الموقع الاستراتيجي هو تيمور الشرقية، ومن خلالها يمكن لأمريكا دعم كبرى حركات الانفصال في إندونيسيا في بابوا وجزر الملوك وغيرها من الأرخبيل.
•قيل إن وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر صرح باحتمال تفكك إندونيسيا إلى ١٦ دويلة، ما تعليقكم؟
هذا شيء وارد، لكن الكثير سمعناه من شخصيات أمريكية بأنها ضد تفكك إندونيسيا وقد صرح السفير الأمريكي، راف بويس، أمام قادة إسلاميين بأنه كان يؤكد عدم مساندة أمريكا للحركات الانفصالية في إندونيسيا، وقلنا له نحن لا نريد الكذب، قال نحن لا نكذب لنعلم أن تفكك إندونيسيا ليس لصالح أمريكا، لأن إندونيسيا مدينة لأمريكا ولأصدقائها، وإذا تفككت فمن سيسدد ديونها ؟ لكن رغم كل هذا الكلام فمحاولة التفكيك واردة وليست بغريبة، وهم فككوا دولًا أخرى يوغوسلافيا والاتحاد السوفييتي، فلابد للتفكيك من دور خارجي فعال، وربما اتهام بعض الشخصيات هنا مثل أبو بكر باعشير هي من ضمن مساعي زرع بذور الاختلاف بين صفوف الأمة وإضعاف شوكة المسلمين، ولكني متأكد من أنه من الصعب تمرير مخطط تفكيك إندونيسيا مادام المسلمون متحدين واعين لدورهم الحضاري، بالإضافة إلى دور الجيش الفعال..
•وفيما يتعلق بأبي بكر باعشير هل ترى له علاقة بعملية التفجيرات؟ الأمر يحتاج إلى إثباتات منصفة، وعلى حسب ما سمعنا عنه وما قرأناه فالرجل بعيد عن التخطيط للأمر أو تمويله، أما أنه يعلم الجهاد والقرآن والسنة فهذا ما صرح به مرارًا ولكن المشكلة فيمن زعموا أنهم من أتباعه وتسللوا إلى صفه دون معرفة منه بوجود مثل هؤلاء المتسللين أو عملاء الاستخبارات الداخلية أو الخارجية وقاموا بأعمال العنف ولما اعتقلوا اعترفوا بأنهم من أتباع باعشير. وهو أيضًا كبش فداء المطالب القوى الأجنبية الكبرى، وهذا ما دفع الكثير من المحامين أكثر من(٤٠)للدفاع عنه بالرغم أن معظمهم ليسوا من أتباعه بل علمانيين والسبب أنهم يرون الإجحاف الواضح والانتهاك الصارخ لحقوقه الإنسانية، وأن الحكومة الحالية بدأت تقضي على الديمقراطية وتعيد الحالة إلى ماضيها، وتمارس إرهاب الدولة.
من عمر الفاروق؟
عمر الفاروق هو من ضمن هذه التمثيلية الكبرى، لقد صرحت زوجته بأنها لم تعرفه بهذا الاسم وإنما اسمه محمود بن أحمد السجاب ومعه وثائق إندونيسية ميلاد وزواج وأسرة وجواز سفر إندونيسي، فكيف تقول أمريكا إنه كويتي، الأمر الذي نفاه السفير الكويتي في جاكرتا، ثم قيل إنه عراقي وهو الأمر الذي نفته أيضاً السفارة العراقية الكثير من خبراء الاستخبارات يرون أن الرجل الذي يزعم أنه عمر الفاروق هو رجل استخبارات أمريكي زرع في إندونيسيا لتحقيق أهداف أمريكية إن عملية القبض عليه لم تكن معروفة للكثير من الجهات المعنية في البلاد حتى الشرطة، واكتشف أخيرًا أنه معتقل من قبل أمريكا وتم إجلاؤه لخارج إندونيسيا في يوليو الماضي، وظهرت اختلافات بين المسؤولين عن كيفيه سفره وأين سافر.. وبقي اللغز لم يحل.
•هل وجدت شيئًا غريبًا في اعترافات عمر؟
أجل، فقد كان يأتي بتصريحات واعترافات في منتهى الغرابة، واعترف أنه خطط لاغتيال الرئيسة ميجاواتي مرتين، وهذا أمر غير معقول لأن اغتيالها ليس له مبرر، واعترف أنه أرسل للمنطقة ليقود شبكة القاعدة ويشارك أبا بكر باعشير القيام بتفجيرات ضد مصالح أمريكية، فإذا صدقت حكومة أمريكا كل اعترافات عمر الفاروق، فينبغي أن تعيده إلى إندونيسيا لاسيما أن كل خطته الإرهابية، كانت في إندونيسيا، لكن واشنطن رفضت الأمر، ثم عندما أرسلت الشرطة الإندونيسية مندوبها للتحقيق مع عمر وجدنا مهزلة أخرى، فقد قالت الشرطة إنها قابلت عمر وحققت معه وأكدت أن كل اعترافاته التي نقلتها مجلة «تايم» في سبتمبر الماضي صحيحة، مثل محاولة اغتيال ميجاواتي ومؤامرته مع أبي بكر باعشير ضد مصالح أمريكية، ولهذا اعتقل باعشير. ثم تبين أن الشرطة لم تقابل عمر مباشرة ولم تكن في أمريكا وإنما في أفغانستان وكانت التحقيقات مجرد قول عمر: «لا» أو «نعم» وكل هذا يزيد الشكوك في صدق ما قالته الشرطة الإندونيسية وأمريكا ويؤكد لنا أن هذه الأحداث المثيرة ليست إلا تمثيلية تديرها أياد في الخفاء.
•ماذا أغفل الإعلام بشأن حادثة بالي؟
المهم الذي أغفله الإعلام هو دور في بالي، فحسب التصريحات التي سمعناها من شباب هندوس في بالي خاصة في مدينة كوتا قالوا: نحن نشكر ونقدر دور مسلمي كوتا الفعال لمساعدة المصابين، كما طالب القادة الهندوس الذين اجتمعوا في مكتب وزير الشؤون الاجتماعية، بإصدار وثيقة تقدير وشكر لمسلمي كوتا على ما قدموه من مساعدات بالغة الأهمية عندما خشي الكثير المسلمين من الناس إجلاء الجثث.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل