العنوان أمريكا.. لم تتغير واحترموا.. قراراتكم!! لماذا يرفع الحظر عن أمريكا؟
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 12-مارس-1974
مشاهدات 22
نشر في العدد 191
نشر في الصفحة 6
الثلاثاء 12-مارس-1974
التعليق الأسبوعي
أمريكا.. لم تتغير واحترموا.. قراراتكم!!
لماذا يرفع الحظر عن أمريكا؟
يقول أناس: إن أمريكا تغيرت ومشت خطوات في طريق تحقيق الأهداف والأماني والتطلعات والآمال العربية.
ولا بد - وفق هذه النظرية العلمية!!
- من ملاقاتها في منتصف الطريق حتى تكمل- أي أمریكا- مسيرتها في تحرير الأرض العربية وعودة القدس للسيادة الإسلامية، وحتى ترد للشعب الفلسطيني حقوقه كاملة!
والحقيقة أن أمريكا لم تتغير، ولم يطرأ على سياستها تعديل لصالح العرب، ومن الذكاء السياسي أن نتعامل مع الحقائق.. لا مع الأوهام.
أمريكا لم تتغير.. وهذه هي الأدلة:
1- في لقائه مع الرئيس السادات قال الصهيوني الملتزم هنري كيسنجر:«إن سياسة أمريكا الخارجية تجاه الشرق الأوسط. وتجاه أمن إسرائيل تحتاج إلى زمن طويل حتى تتغير، إذ تغيرها مرتبط بتغيير مراكز القرار في أمريكا.. ومراكز القرار هي مجلس الشيوخ. ووكالة المخابرات المركزية. ووزارة الدفاع.. والبيت الأبيض».
فهل تغيرت مراكز القرار في أمريكا؟
إن الحركة الصهيونية تعمل منذ عشرات السنين في هذه الأجهزة وتتغلغل فيها. ولا يمكن أن تنتقل هذه الأجهزة من التأييد المطلق للعدو.. إلى الوقوف بجانب العرب في لحظات أو أيام.
هذه أمانٍ عربية أقرب ما تكون إلى المبالغات الشعرية.. التي تغير الواقع في الخيال ثم تسارع إلى تصديق ذلك!
إن وجود كيسنجر ذاته وزيرًا للخارجية الأمريكية. دليل على أن مراكز القرار الخاضعة للصهيونية.. تشدد قبضتها على أمريكا.. وليس العكس.
مَن يحكم أمريكا الآن؟
ببروز فضيحة ووترجيت.. سقط نكسون
وفي نفس الوقت- وهذا شيء معدٌّ ومقصود- برز اليهودي القادم من ألمانيا.. هنری کیسینجر.
في الحقيقة هذا الرجل هو الذي يحكم أمريكا الآن.
فهو مسؤول عن الأمن القومي، أي عن المخابرات ووزارة الدفاع.
وهو منظر السياسة الخارجية ومنفذها.
وهو المتحدث باسم البيت الأبيض أما مجلس الشيوخ، فمعروف بتحيزه الأعمى للعدو.
وثمة طابور يهودي احتياطي مجهز للطوارئ.
إذا بقي نكسون في الحكم فسيبقى مشلولًا لا يرى إلا بعين اليهود ولا يتحرك إلا بأرجلهم.. ولا يتكلم إلا بألسنتهم.
وإذا طار من الحكم- وهذا احتمال وارد- فسيتقدم الاحتياطي للعمل المباشر.
ذهب اسبيرو أغنيو بفضيحة
وخلفه الصهيوني فورد نائبًا للرئيس وبعد أن طمس نجم جوزيف سيسكو عاد نائبًا لهنري كيسنجر.
ركزوا على هذه الأسماء جيدًا فورد الصهيوني احتياطي الرئاسة هنري كيسنجر الصهيوني.
الموجه للرئيس الحالي أو للرئيس الاحتياطي.
جوزيف سيسكو اليهودي الصهيوني ذراع كيسنجر في السياسة الخارجية وربما أعد لأداء دور أكبر.
فكيف تخدع الشعوب العربية بوهم تغير السياسة الأمريكية.. بالذات في الوقت الذي تقدم اليهود ممارسة دورهم الخفي في أمريكا بشكل علني وعميق؟
يقولون: إن التغير حدث في الشعب الأمريكي وعلى الرغم من أن هذا القول ينقصه الوعي السياسي حيث أن المهم هنا هو: تغيير مراكز القرار.. لا كتابة مقال ما في صحيفة أمريكية أو تظاهرة ضئيلة الحجم تخرج؛ لتأييد العرب.
على الرغم من ذلك فإنه قول ... يتابع الأحداث، ولا يعرف مؤشرات اتجاهات الشعوب.
وهنا نأتي للدليل الثاني:
2- في إحصاء أذاعه «معهد هاريس» أن٦٥٪ من الأمريكيين يفضلون الصقيع وتيبس أطراف جسومهم من البرد، يفضلون ذلك، على القبول بتغيير السياسة الأمريكية تجاه الكيان الصهيوني.. ويرفضون تدخل أمريكا؛ لتأمين الحقوق العربية.
فلا مراكز القرار تغيرت ولا الشعب الأمريكي تغير.
3- الدعم المالي والعسكري الأمريكي للعدو لا يزال مستمرا.
بعد حرب أكتوبر رصدت حكومة العدو أضخم ميزانية عسكرية في تاريخ وجودها في فلسطين المحتلة.
لقد خصصت نصف الميزانية العامة للشؤون العسكرية.
من أين تأتي بالأموال لهذا السلاح؟
من أمريكا طبعا!
ومن أين تأتي بالسلاح ذاته؟
من أمريكا طبعا!
ودعم العدو- في عرف أي إنسان يحتفظ بعقله- عدوان مباشر علينا.
فكيف ندعى أن أمريكا تغيرت وهي تعادينا بدعم العدو؟
يقولون: نحن نهتم بالنتائج فقد حققت أمريكا الفصل بين القوات في قناة السويس.
هذا صحيح.. ولكن ذلك تم خدمة اليهود ابتداء:
أولًا: فصل القوات أنقذ فرق جيش العدو في الضفة الغربية من القناة من ورطة استراتيجية قاتلة.
ثانيًا: عقب وقف إطلاق النار مباشرة قالت جولدا مائير: إن سياستنا في المرحلة المقبلة هي العودة إلى حدود ۲۲ اکتوبر .. لا إلى حدود عام ١٩٦٧.
وهذا حاصل الآن.
ثالثًا: وجود قوات الطوارئ الدولية أقام حاجزًا دوليًا بين الجيش المصري، وجيش العدو.
وهذه فرصة جيدة يستعيد فيها العدو أنفاسه، ويرتب أموره ويتفرغ, لضرب الجبهات الأخرى. سواء بتعزيز مواقعه في الجولان. أو بتحقيق حلم هرتزل في الاستيلاء على جنوب لبنان.
صحيح أن العرب حققوا مكسبًا من فصل القوات على قناة السويس وهو: جلاء العدو من موقع جديد احتله.
لكنه مكسب ضئيل بالنسبة لمكاسب العدو.
أين تغیر أمریكا إذن؟
لعله في القروض الأمريكية؟؟..
وهذه القروض وقعت بظروف معينة لاستغلال حاجة الشعوب المحرومة.
وإشباع البطون على حساب القضايا الكبيرة والحاسمة.
لعله في اهتمام كيسنجر وتنقله بين العواصم العربية؟؟ ولكن هذا الاهتمام ينبغي أن يفسر على أنه من أجل إقامة حزام أمن حول الكيان الصهيوني، ومن أجل رفع حظر النفط عن أمريكا.
ونعود للسؤال لماذا المطالبة برفع حظر النفط عن أمريكا؟.
لم يبق سوى مبرر الثقة بالنوايا الحسنة!!
وهذا أيضا تعبير شاعري لا ينبغي أن يتدخل في مصائر الشعوب.
أية نوايا حسنة؟!
إن السياسة أصبحت «علمًا» له شروطه ومقوماته وأسبابه ومقدماته ونتائجه.
وليس من بين هذه الشروط ما يسمى بالنوايا الحسنة. لأن النية شيء لا نعلمه. وبالتالي لا يمكن أن نتعامل معه.
وبالتحليل العلمي للظواهر المادية ندرك العكس ندرك أن النوايا ليست حسنة.
﴿قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ ۚ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ﴾ (آل عمران: 118)
﴿ هَا أَنتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ ۚ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾
(آل عمران: 119)
ما هو المطلوب؟
أولًا: احترام مقررات مؤتمر القمة العربي الذي انعقد بالجزائر بعد حرب أكتوبر. حيث قرر الإبقاء على حظر النفط حتى تتحرر جميع الأراضي العربية ويعود القدس للسيادة الإسلامية ويسترجع الشعب الفلسطيني حقه المسلوب.
ولم يتحقق شيء من ذلك بعد.
ثانيًا: التحلل من الوعود التي أعطيت لأمريكا بمبرر وجيه هو: أن أي دولة عربية لا يحق لها التصرف في الشؤون البترولية أو أي قضية مشتركة.. بمفردها.
ثالثًا: الإبقاء على حظر النفط حتى تتحقق الأهداف التي قطع من أجلها.
رابعًا: إن رفع الحظر عن النفط يؤدي إلى تمزيق الوحدة العربية وإلى تجريد العرب من سلاح فعال.. يهم العدو أن يبطل مفعوله؛ لينطلق في المنطقة ويساوم بدون ضغوط أو عقاب.
ولذلك يعتبر الإقدام على رفع الحظر عن النفط إلى أمريكا.. تفريطًا مباشرًا بالقضية.. واستهانة بالغة بالشعوب.
هذه هي أهم القرارات التي ينبغي أن يتخذها المؤتمر.
وكفى.. تنازلات
كفى.. أوهامًا.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل
زيارة ولي العهد للولايات المتحدة رسالة عربية إلى الأمريكيين
نشر في العدد 875
13
الثلاثاء 19-يوليو-1988