العنوان أمريكا وإرهاب حماس
الكاتب أحمد منصور
تاريخ النشر الثلاثاء 16-فبراير-1993
مشاهدات 13
نشر في العدد 1038
نشر في الصفحة 27
الثلاثاء 16-فبراير-1993
بلا حدود
إن قيام الولايات المتحدة بإدراج حماس التي تدافع عن وطن محتل في قائمة المنظمات التي تمارس الإرهاب هو معيار مختل لنظام بلا مبادئ
في صمت وتجاهل من الإعلام العربي نقلت وكالة «رويتر» في الأسبوع الماضي عن مسئول في وزارة الخارجية الأمريكية قوله: «إن الوزارة سوف تدرج حركة المقاومة الإسلامية «حماس» في قائمة المنظمات التي تمارس الإرهاب، وذلك في التقرير الذي يتوقع أن تصدره الخارجية الأمريكية في أبريل القادم، وقد جاء هذا التصريح الخطير بعد اعتقال سلطات الكيان الصهيوني لأمريكيين من أصل فلسطيني بتهمة جمع الأموال لحماس، وسرعان ما أوصت حكومة العدو الصهيوني مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي «اف. بي آي»: تعقب أعضاء حماس في الولايات المتحدة وقد واكب هذا تصعيد إعلامي صهيوني لملاحقة الإسلاميين في الغرب على اعتبار أنهم إرهابيون.
تصريح المسئول الأمريكي يحمل نوعًا من السيادة الظالمة للنظام العالمي الجديد والولاء المطلق للكيان الصهيوني والعداء السافر للحركة الإسلامية في فلسطين المحتلة التي تدافع عن وطن محتل وأرض سليبة وقبل ذلك قلب لموازين الدفاع عن النفس، والدفاع عن الوطن وهي مبادئ إنسانية عامة يقرها المجتمع الدولي.
كيف يكون الإرهابي هو من يطالب بخروج المحتل من بلده ويسعى لذلك بالحجارة تارة وبالسلاح إن استطاع تارة أخرى؟ وكيف يكون الوديع المضطهد هو من يقتل ويفسد ويسفك الدماء كل يوم؟ حتى أن تقرير منظمة العفو الدولية الذي نشر في جنيف في الثاني من فبراير الجاري ذكر بأن قوات الاحتلال الإسرائيلية قد اغتالت أكثر من مائة وعشرين فلسطينيًّا خلال عام ۱۹۹۲ وقد عذب كثير من هؤلاء قبل قتلهم أو تم قتلهم دون محاكمة وثلث هؤلاء تقريبًا دون سن السادسة عشرة وفيهم كثير من الأطفال وبعض الرضَّع عدا آلاف الجرحى الذين ينقلون يوميًّا إلى المستشفيات وآلاف المعتقلين الذين يسامون سوء العذاب على أيدي اليهود في المعتقلات بما يوصف وما لا يوصف من وسائل التعذيب التي لم يتفوق بها أحد على اليهود حتى الآن، وذلك علاوة على ما يقرب من أربعمائة فلسطيني مبعدين عن وطنهم دون ذنب سوى انتمائهم لحركة «حماس».
وقالت منظمة العفو الدولية في نهاية تقريرها الذي رفعته إلى لجنة هيئة الأمم المتحدة المخصصة لحقوق الانسان «نحن نعلم أن هذه اللجنة شجبت مرارًا تعدِّيات إسرائيل على حقوق الإنسان وأنها خصصت إسرائيل في شجبها هذا أكثر من عدد كبير من الدول الأخرى، ومع ذلك ما زالت السلطات الإسرائيلية تقوم بخروقات خطيرة لحقوق الإنسان وبما أن هذه اللجنة هي اللجنة الأساسية المنوطة بحماية حقوق الإنسان في هيئة الأمم المتحدة فلديها مسئولية خاصة لمعالجة التعديات المتواصلة التي تقوم بها الحكومات وأن تجد وسائل عملية كفيلة بمعالجة هذا الوضع للتأكد بأن إسرائيل تطبق التزاماتها بشأن حقوق الإنسان».
لقد فجر تصريح المسئول الأمريكي إبعادًا كبيرة للأساليب التي يتوقع أن تمارس ضد الإسلاميين ليس في الشرق الأوسط فحسب وإنما في كل مكان طالما أن صحيفة الادِّعاء جاهزة وأحقية الإيقاف والتحقيق مكفولة تحت مظلة الإرهاب لكل من يشك أنه ينتمي لـ«حماس»، ومن ثم بعدها إلى أي تنظيم إسلامي آخر يمكن أن يدرج فيما بعد على قائمة وزارة الخارجية الأمريكية تحت تأثير اليهود.
إن هذا التصعيد الأخير ضد حماس، لا يمكن تصنيفه إلا ضمن حلقات التصعيد العام ضد الحركات الإسلامية التي بدأت في أعقاب زيارة مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية روبرت غيتس إلى بعض دول الشرق الأوسط وعلى رأسها مصر في فبراير من العام الماضي ۱۹۹۲
وقد نشرت مجلة «الدولية» في عددها الذي صدر في ٢٤ فبراير من العام الماضي ۱۹۹۲ عبر مصادر خاصة أسرار زيارة غيتس في أنها تتركز حول «تنامِي الاتجاهات الإسلامية في المنطقة لاسيما بعد فوز الجبهة الإسلامية للإنقاذ وقتها بالانتخابات في الجزائر كما اشتمل الملف على الحديث عن القاعدة التي تتمتع بها الفئات «الأصولية» في السودان ومصر والأراضي العربية المحتلة ولبنان وتونس والجزائر فيما أثنى مدير المخابرات المركزية الأمريكية على الطريقة التي تواجه بها الحكومة المصرية هذه الجماعات وتمنَّى أن يسود التعاون بينهما وبين حكومات الدول المهددة باستيلاء التيارات الأصولية على مقاليد الحكم فيها».
ولعل ما يؤكد صحة هذا الكلام الذي نشر قبل عام التنسيق الذي قام في أعقاب هذه الزيارة بين الحكومة المصرية والحكومات التي أشار إليها غيتس لاسيما تونس والجزائر في ضرب الإسلاميين والتصعيد المتعمد والمفتعل لما يسمى بالتطرف والإرهاب في هذه الأقطار.
إن قيام الولايات المتحدة بإدراج حماس التي تدافع عن وطن محتل في قائمة المنظمات التي تمارس الإرهاب وعدم إدانتها للكيان الصهيوني حتى الآن في كل تصرفاته التي يقوم بها ضد العزل في الأرض المحتلة هو معيار مختل وميزان لا يقبل به أحد وسيادة عرجاء لنظام بلا مبادئ وإذا أدرجت حماس اليوم على القائمة فإننا نخشى أن يدرج غيرها غدا ليجد المسلمون فيما بعد أن الأرض قد ضاقت عليهم بما رحبت بدعوى أنهم إرهابيون.. فهل سيبدأ هذا المسلسل أم ستجد الولايات المتحدة من يقول لها ولنظامها الجديد لا ؟ .
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل