العنوان أم عمر» زوجة الشـيخ رائد صلاح:
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر السبت 01-أكتوبر-2016
مشاهدات 15
نشر في العدد 2100
نشر في الصفحة 55
السبت 01-أكتوبر-2016
أم عمر» زوجة الشـيخ رائد صلاح:
ر» زوجة الشـيخ رائد صلاح:على زوجة الداعية والمجاهد التسلح بالصبر والثباتأكدت أم عمر، زوجة الشيخ المجاهد رائد صلاح، رئيس الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني (المعتقل حالياً بالسجون الصهيونية)؛ أن من أهم الصفات التي يجب أن تتحلى بها زوجة أي داعية أو مجاهد الصبر والثبات، وأنه في بداية ارتباطها بالشيخ نذرت نفسها لله عز وجل، وكانت تعلم أن الطريق الذي يسير فيه شاق وليس بالهين.. جاء ذلك في حديثها لـ«المجتمع» والذي تناول: زوجة شيخ الأقصى، الأم، الزوجة والداعية.
بداية، من هي زوجة الشيخ رائد صلاح؛ أم عمر
- مسلمة عربية فلسطينية تحمل هَمَّ أمة وهَمَّ وطن.
حدثينا عن نشأتكِ حتى زواجك من الشيخ، ثبته الله.
- ولدتُ ونشأتُ في أسرة مسلمة محافظة، تعلمت في مدارس أم الفحم والناصرة في الداخل الفلسطيني، أكملت دراستي الجامعية في كلية الدعوة وأصول الدين في القدس الشريف، في هذه المرحلة قدر الله لي أن أرتبط بالشيخ رائد صلاح، ورُزقنا الذرية؛ خمس إناث وثلاثة ذكور، اجتهدتُ خلال حياتي أن أكون عوناً لزوجي في كل شيء، وأحب ديني وبيتي وأهلي وأحب الخير للناس جميعاً.
في أي سجن يتواجد فيه الشيخ الآن؟ وما الذي رأيتِه من ملامح عند زيارتك للشيخ في «معتكفه» كما يسميه؟ وكيف يقضي وقته
- الشيخ رائد صلاح الآن في سجن «رامون» في صحراء النقب الصامد جنوب الأراضي الفلسطينية منذ 8 مايو الماضي، طبعاً سُجن على خلفية خطبة صلاة الجمعة التي ألقاها في وادي الجوز بالقدس المحتلة عام 2007م، اتهمه القاضي «الإسرائيلي» بـ «التحريض على العنصرية والعنف»، وهو قرار «إسرائيلي» يهدف إلى إخراس كل صوت حر يدافع عن القدس والمسجد الأقصى.
رأيت عند زيارتي للشيخ عزيمة وثباتاً وإيماناً وصدقاً وخلوة مع الله، ونوراً يشع من وجهه، ويقيناً بالله تعالى بأن النصر لأمة النبي محمد صلى الله عليه وسلم قادم لا محالة.
الشيخ «يعتكف» في سجن بعيد عن بيتنا، وهي سياسة «إسرائيلية» لمعاقبة عوائل الأسرى، حبس انفرادي بعيداً عن باقي الأسرى والسجناء الفلسطينيين، حتى لا يؤثر فيهم، قال لي الشيخ في زيارتي الأخيرة: إن الوقت يمر بسرعة بالنسبة إليه، ويقضي جل وقته في القراءة والمطالعة وتدوين الذكريات ومراجعة ما حفظه من سور القرآن الكريم، وفي زنزانته تلفاز يبث فقط القنوات العبرية وقناة «العربية»، ومنعنا من إدخال بعض الكتب التي طلبها، تسمح الزيارة مرتين في الشهر لثلاثة أقارب بالغين، واثنين من الصغار، على أن يكونوا من الدرجة الأولى، وتكون الزيارة من خلف الزجاج.
الشيخ السجين لا يلتقي بأي أحد طوال الوقت، ونسأل الله تعالى أن تكون له خلوة حقيقية في معتكفه كما وصفه، وكان يردد لنا دائماً: «نحن في سعادة، لو عرفها الملوك لجالدونا عليها بسيوفهم»، أعتقد أن فترة عزله في السجن ستكون فترة محورية على مستقبله، ليس كشخص، بل كمواقف وأفكار ومراجعات، فهو يجري الآن إعادة صياغة الأولويات، وكيفية التعامل مع الناس وإرجاع هيبة الدين إلى نفوسهم.
هل كونكِ زوجة لهذا العالم الفاضل رأيتِ أن عمله وعلمه قد أنْقَصا من تواجده معكم كَرَبٍّ للأسرة؟ وهل لهذا تأثير على الأولاد
- نعم، كان لغيابه تأثير على الأولاد، ولكن بعون الله تعالى ثم الصبر والمصابرة تجاوزنا هذه المرحلة، ففي بداية ارتباطي بالشيخ نذرت نفسي لله عز وجل، وكنت أعلم أن الطريق الذي يسير فيه شاق وليس بالهين، وأنه سوف يدخل فراغاً كبيراً في البيت بسبب مشاغله الدعوية، تسلحت بالصبر والإيمان بالله تعالى على أن أسد هذا الفراغ في تربية الأولاد حتى أكون له دعماً وعوناً في مسيرته نصرة لقضايا الأمة والمسجد الأقصى المبارك.
كيف تصفين مشاعرك كأمٍّ ترى زوجها سجيناً
- كأي أم وزوجة سجين، أرجو أن يكون الشيخ بين أفراد عائلته وأولاده، ولكن يهون الأمر علينا عندما يكون ما نقدمه لأجل أمة الإسلام ومن أجل قضية الأقصى المبارك، كما أني عندما ألتقي بأهالي الأسرى الفلسطينيين خلال زيارتي للشيخ، أرى من هم يقضون المؤبدات، أشعر أن ما نقدمه ضئيل جداً أمام ما يقدمه هؤلاء الأسرى، حيث يفنون شبابهم في السجون، أسأل الله أن يثبتهم ويصبر أهلهم، فمنهم من يعيش مع 30 أو 35 مؤبداً، ونشعر أننا نقدم شيئاً ضئيلاً جداً، نسأل الله الأجر على صبرنا.
أحياناً أخوات يتحدثن معي من أجل زيارتي ومواساتي، لكن بعد أن أرى هذه الحالات أثناء زيارتي للشيخ، أطلب منهن عدم تكبير الموضوع والتركيز على القضايا الكبيرة، والحمد لله هذا صبر من الله، ما نقدمه قليل وهين جداً لأجل أمة الإسلام وقضية المسلمين الأولى؛ المسجد الأقصى المبارك.
ما أهم موقف أثَّر في الشيخ؛ سواء كان محزناً أم مفرحاً
- «أبو عمر» لا يحب الإفصاح عن كل ما بداخله، لديه رباطة جأش، وصبر ما شاء الله، غالبية المواقف التي أثرت فيه كشخص، كانت نتيجة تأثيرها على مسار العمل الإسلامي، وهناك أشياء كثيرة كنت ألمسها، ولكن لا أعرف إن كانت هي حقاً ما أفرحته أو أحزنته.
مررت بتجارب عدة مع الشيخ منها السجن والإيقاف، فهل كان لهذا السجن أثر خاص، لا سيما أن الشيخ لا يزال رئيساً للحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني التي حظرتها الحكومة «الإسرائيلية» تحت غطاء قوانين الطوارئ والانتداب البريطاني
- نعم، هذه المرة أثرت عليَّ لسبب كبر سن الشيخ، حيث إن الشباب يتحملون ويتجلدون أكثر، كما أن أولادي الذكور أصبحوا شباباً، وهم بحاجة إلى رعاية وإرشاد أكثر من جهة الأب لتعلقهم به، لكن مع حزني لغيابه فعند زيارته يعطينا جرعات كبيرة من الأمل بأن النصر آتٍ، ويشعرنا بقرب الانتصار وتحرير «الأقصى» والفرج على الأمة الإسلامية، عندما نرى علماء المسلمين على كبر سنهم وهم معتقلون في بلدان عديدة وما يقدمه هؤلاء العمالقة، نرى أنفسنا كأننا لم نقدم شيئاً، ونشعر بالتفاؤل والأمل، وأعتقد أن أي قائد عليه أن يكون من هذا النوع، رجال يبثون الأمل والتفاؤل بين الناس.
ربما يكون الشيخ عرضة للاعتقال مرة أخرى، أو الإبعاد أو حتى التصفية.
- أقول كما قال ابن تيمية يرحمه الله لتلاميذه: «ما يفعل أعدائي بي؟ إن جنتي وبستاني في صدري؛ فقتلي شهادة، وسجني خلوة، ونفيي سياحة»، الدنيا دار ابتلاء، والله تعالى أقام الحجة علينا لنعمر هذه الدنيا بقوانين الله، ونحن نسير على هذا المسار حتى النهاية بإذن الله تعالى، سنسير حتى النهاية إن شاء الله.
خلال خِطبتي رأيت رؤيا أن الشيخ مات شهيداً، وستكون جنازته من المسجد الأقصى المبارك، حيث أُوِّلت لاحقاً أن الموت رفعة، وسبب الرفعة هو دفاعه عن المسجد الأقصى المبارك، لذلك أنا ارتبطت بالشيخ لا لعائلته وشخصه، إنما لباعه في الدعوة؛ مما جعلني أتعلق به، وإذا كان هناك اعتقال أو شهادة فهي لأجل الله عز وجل، طريقنا ليس هيناً، والحمد لله رب العالمين قررت الاقتران بالشيخ لوجه الله تعالى، ودائماً أقول: إذا كان هناك سجن أو شيء آخر مكتوب بقدر الله، فنسأل الله تعالى أن يجمعنا في الجنة.
في نظرك، ما أهم الصفات التي تتمتع بها المرأة التي ربما تصبح زوجة رجل يدافع عن هموم الأمة
- من أهم الصفات التي يجب أن تتحلى بها زوجة أي داعية أو مجاهد الصبر والثبات، لذلك قال الله تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ (10)} (الزمر)، حيث تدل الآية الكريمة على أهمية الصبر وتحمل مشقته على النفس البشرية، لو تخلت زوجة الداعية عن هذه الصفات فسوف تقلل من عطاء زوجها وتضحيته، ونحن نذرنا نفوسنا على حب الدعوة ودين الله.
لن تصل فكرة من دون تضحية، خاصة إذا كانت فكرة دينية، فلنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، فقد تأذى من اليهود ورجالات قريش وغيرهم من أجل إعلاء كلمة الله، ولحق به الصحابة والخلفاء رضي الله عنهم على نفس الخطى والمسار، فوصلتنا الدعوة بتضحية وجهاد وصبر ومصابرة، وهذه قناعاتنا.
سجن الشيخ أريد به حبس فِكْر، ولكن أنَّى للفكر أن يُحبس! بل يزداد عوده صلابة كلما اشتدت عليه المحن، ولقاؤنا الجنة بإذن الله تعالى.
هل من الممكن إعطاء نبذة عن تخطيط اليهود لهدم المسجد الأقصى كما نسمع؟ وماذا عن تهويد القدس
- مهما حاول اليهود من تهويد القدس المحتلة ومضاعفة جهودهم للنيل من المسجد الأقصى المبارك؛ فعقيدتنا تؤكد لنا أن «الأقصى» أرضه وسماءه لنا، ونحن على يقين أن المسجد الأقصى آية في كتاب، ومن يتنازل عنه فقد تنازل عن دينه؛ حيث قال الله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ} (الإسراء:1)، وقضية المسجد الأقصى - حسب رأيي - هي التي ستفجر الأوضاع في الأمة الإسلامية، وتبعث فيهم الأمل من جديد على الرغم من انشغال كل دولة بأوضاعها الداخلية.
المسجد الأقصى المبارك يتعرض لمخططات يومية، وفي كل لحظة هناك شيء جديد مرسوم عندهم يهدف إلى هدمه وبناء هيكلهم كما يزعمون، هناك تحديد سن دخول المصلين إلى المسجد الأقصى المبارك، ويُبعد عنه العاملون لنصرته، وتُغلق بواباته، والمستوطنون يقتحمونه كل صباح، ويسيطرون على محيطه من بيوت ومحلات تجارية وينتهكون المقابر، ويصادرون حافلات المصلين، ويعتقلون الشرفاء العاملين لقضية القدس والمسجد الأقصى، وتقام الاحتفالات اليهودية والاقتحامات الجماعية، ولكن بين طرفة عين وانتباهتها يغير الله من حال إلى حال.
ما سبيل الحل والعلاج للقضية الفلسطينية من وجهة نظرك
- الحل الوحيد هو عودة الأمة إلى كتابها وسُنة نبيها صلى الله عليه وسلم، على الأمة أن تجتمع على حل القضية الفلسطينية، المفاوضات ما هي إلا خطوات عبثية تسعى إلى إلهاء الشعب عن مطلبه الأساسي والتنازل عن الثوابت الإسلامية، القضية الفلسطينية وقضية المسجد الأقصى المبارك ليست مقصورة على الفلسطينيين، بل هي قضية أمة، والسبل والحلول واضحة في كتاب الله تعالى.
نداء توجهينه إلى المسلمات في كل مكان عبر «المجتمع»؛ كيف تنصر قضية الشعب الفلسطيني المسلم؟ وكيف السبيل لتوعية الفتيات في قضية القدس والمسجد الأقصى المبارك
- أناشد المسلمات في كل مكان عبر مجلة «المجتمع» أن تكون هناك توعية للقضية الفلسطينية، والقدس والأقصى، عبر وسائل التواصل الاجتماعي المنتشرة كثيراً في حياتنا، والانتباه لهذا الأمر، وكذلك عن طريق إقامة ندوات وفعاليات فكرية اجتماعية وإعلامية تخص القضية الفلسطينية في المدارس والجامعات.
الدعاء.. هذا السلاح الذي يغفل عنه الكثيرون، فالله تعالى يقول: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (غافر:60)، علينا بتقوية علاقتنا بالله عز وجل بالتوبة الصادقة وعودتنا إلى الله، والدعم المعنوي والمادي لأهل القدس والمسجد الأقصى لأجل تثبيتهم على أرضهم، فالاحتلال يمارس كل أنواع التضييق والمغريات ضد المقدسيين والفلسطينيين بشكل عام.
رسالة أخيرة ترغبين بإرسالها عبر «المجتمع
- أشكر مجلة «المجتمع» التي نحترمها ونتابعها منذ فترة طويلة، وأقدر هذه الفرصة التي أتاحت لي الحديث باعتباري زوجة الشيخ رائد صلاح، الذي هو رمز من رموز العمل الإسلامي في الداخل الفلسطيني، وهو يبقى شخص يحمل هَمَّ الأمة الإسلامية والقضية الفلسطينية والقدس والمسجد الأقصى الذي هو أمانة في أعناقنا، وسنُسأل عنه يوم القيامة، ومهما كانت الدول العربية منشغلة في ظروفها الداخلية؛ فإن لب الصراع سيكون في بلادنا، وأتوجه إلى الحكام والعلماء بأن يبذلوا كل ما في وسعهم لنصرة القضية الفلسطينية ونصرة الحق؛ لأنهم سيُسألون عنه.
أتمنى عبر هذا المنبر الحر الشريف أن يكون في الأمة مَن هو على قدر المسؤولية تجاه المسجد الأقصى المبارك، وثوابتنا: حق العودة، نصرة قضية الأسرى الفلسطينيين في السجون «الإسرائيلية»، هؤلاء المنسيون الذين لا يذكرهم إلا القليل، يجب أن يكون لهم نصير من الخارج لتفريج كرباتهم والوقوف إلى جانب عوائلهم.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل