; أوروبا: مشكلة اقتصادية في الحاضر.. وتحدٍ حضاري للمستقبل - الهجرة إلى أوروبا | مجلة المجتمع

العنوان أوروبا: مشكلة اقتصادية في الحاضر.. وتحدٍ حضاري للمستقبل - الهجرة إلى أوروبا

الكاتب نوال السباعي

تاريخ النشر الثلاثاء 19-نوفمبر-1996

مشاهدات 696

نشر في العدد 1226

نشر في الصفحة 48

الثلاثاء 19-نوفمبر-1996

تفكك الأسرة في الغرب وانخفاض النمو السكاني يهدد بغلبة المهاجرين على الأوروبيين.

تقوم عصابات المافيا باستغلال المهاجرين غير القانونيين بشكل بشع وغير آدمي.

قام وزير الداخلية المغربي بزيارة إلى إسبانيا استغرقت يومين (8- 6/ 10) عقدت خلالهما قمة مغربية- إسبانية، على مستوى المسؤولين في وزارتي الداخلية في البلدين، وذلك بهدف بحث شؤون الأمن المتعددة، والمعلقة بين البلدين.

ولقد أتت هذه الزيارة التي قام بها السيد إدريس البصري إلى مدريد بعد أسبوعين فقط من تصريح وزير الخارجية المغربي السيد عبد اللطيف الفلالي، أمام مجلس الأمم المتحدة برغبة المغرب في إعادة ضم سبتة ومليلة إلى الإدارة المغربية، في ذات الوقت الذي تمضي فيه الحكومة الإسبانية بتدعيم سلطاتها السياسية والتنفيذية والتشريعية والقانونية في كلتا المدينتين وعلى رأس ذلك منح الجنسية الإسبانية لمجمل المسلمين من البربر والمغاربة المقيمين فيها.

وقد عمل وزير الداخلية الإسباني «ماجور أورتيجا» على حل المشكلة الأساسية التي كانت موضع اهتمام حكومته، والتي تتعلق بالهجرة غير القانونية المكثفة عبر الحدود المغربية الإسبانية. 

وكانت مصادر في وزارة الداخلية الإسبانية قد ذكرت أن حكومة المملكة المغربية تتقاضى عن عصابات الاتِّجار بالمهاجرين الذين يدفعون مبالغ طائلة مقابل مرورهم إلى إسبانيا، ومنها إلى بقية البلدان الأوروبية. 

وقد بلغ عدد المهاجرين غير القانونيين الذين تم ضبطهم من قبل قوات حرس الحدود لدى عبورهم إلى إسبانيا منذ مطلع هذا العام أكثر من ستة آلاف وخمسمائة مهاجر. 

كما قامت الحكومة الإسبانية بتقديم طلب رسمي إلى الحكومة المغربية يتعلق بتوجيه عناية شرطة الحدود المغربية إلى تشديد مراقبتهم لهذه العصابات المنتشرة على طول الحدود مع المغرب، إضافة إلى عصابات تهريب الحشيش والتي استطاعت إدخال حمولات ذات أرقام قياسية إلى إسبانيا خلال الأشهر الثلاثة السابقة، فضلًا عن ضبط عبوات صغيرة من الحشيش أو المخدرات الأخرى مع المهاجرين على متن قوارب الصيد الصغيرة.

ومن الجدير بالذكر أن قوات الجيش الإسباني تقوم ومنذ السابع والعشرين من سبتمبر الماضي بنشر جدار من الأسلاك الشائكة على طول المنطقة التي تفصل المغرب ومليلة، وكانت وكالة Fe قد ذكرت الصحيفة «دياريو 16» الصادرة في ذلك اليوم أن فوج المهندسين الثامن في مليلة يقوم بمهمة عسكرية بهدف تثبيت السيادة الإسبانية على الأراضي المليلية وتحديدها، وذلك برسم الحدود عن طريق إقامة هذا السور من الأسلاك الشائكة التي ستحيط بالمدينة من الجهة المغربية.

وذكر ممثل الحكومة في مليلة في مؤتمر صحفي «أن العملية تتم دون مشكلات»، ولم يشأ أن يرد على تساؤلات الصحفيين حول علاقة هذه العملية بالمرور المكثف جدًّا للمهاجرين عبر هذه المنطقة بالذات، والذي بلغ خلال الأسبوع الأول من الشهر العاشر أكثر من مائتي مهاجر.

كما أن مراكز الإقامة المؤقتة للمهاجرين غير القانونيين تسجل أرقامًا قياسية للمهاجرين المقبوض عليهم بانتظار التحقيق للبت في أوضاعهم، ويقوم الحرس المدني «وهو القوة العسكرية الأمنية الرئيسية في إسبانيا» بالتدخل يوميًّا لمنع مئات المهاجرين من عبور الحدود إلى إسبانيا، فضلًا عن أولئك الذين يقبض عليهم يوميًّا لدى شواطئ «قاديش» على متن قوارب صغيرة، يؤدي السفر فيها إلى حوادث مؤسفة، كثيرًا ما تنتهي بوفاة جماعية مأساوية للمهاجرين على متنها، والذين يطلق عليهم في إسبانيا اسم «ذوي الظهور المبللة».

مشكلة أوروبية ملحة:

وفي ظل هذه الأوضاع قامت المفوضية الأوروبية العامة، بالتعاون مع جامعة ماجوركا بعقد المؤتمر الثاني لبحث قضايا الهجرة في حوض البحر الأبيض المتوسط، ودراسة العلاقة القائمة بين قضايا التنمية ومعضلة الهجرة.

لقد أصبحت الهجرة الموضوع الأكثر إلحاحًا وخطورة بالنسبة لبلدان الاتحاد الأوروبي، وهذا ما أكد عليه رئيس الحكومة الإسبانية السابقة «فليبه غونثالث» في آخر خطاب له ألقاه أمام مجلس البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ إذ قال: «إن قضية الهجرة أصبحت من الخطورة بحيث تشكل القضية الملحة الأولى على جدول أعمالنا، وينبغي أن ندرك جيدًا بأنه لا يمكن لبلد واحد أن يستطيع التصدي لمثل هذه المشكلة، ينبغي أن نجمع الجهود لوضع سياسة اتحادية منسقة لحل هذه المعضلة».

وكان المؤتمر الأول الذي نظمته المفوضية الأوروبية العامة، قد عقد في هذا الشهر من العام الماضي، تحت عنوان تحسين ظروف المعيشة لدى المهاجرين، والقضاء على الهجرة غير القانونية، التي لم تعد مصدر تهديد للمجتمعات الأوروبية من النواحي الاقتصادية، والاجتماعية، والفكرية، والدينية، والإنسانية فحسب، بل لقد أصبحت مصدر قلق دائم للمهاجرين القدامى الذين استقر بهم المقام، وأخذت حياتهم صورة من صور الاندماج في المجتمعات الغربية بدرجات شتى. 

وقد عقد مؤتمر هذا العام على مدى ثلاثة أيام (١٥- ١٧/ ١٠) بحضور ممثلين عن جميع بلدان الاتحاد الأوروبي، وكذلك ممثلين عن دول حوض البحر الأبيض المتوسط، وعلى جميع المستويات، وبمشاركة أكثر من ثلاثين جامعة ومعهد عالمي منها: جامعة هارفارد البريطانية، ومعهد الدراسات الاقتصادية في كولنيا- ألمانيا، وجامعة القاهرة، وجامعة أنقرة التركية، وجامعة بوخارست، وجامعة زغرب، ومعهد الدراسات العربية في تونس، ومعهد الشؤون الاجتماعية في أوسلو، وعدد لا يستهان به من معاهد الدراسات الاجتماعية والاقتصادية والسكانية في معظم البلدان المشاركة، وكذلك ممثلين عن البرلمان الأوروبي وعن المجالس المحلية في مختلف المقاطعات الأوروبية. 

وتبدو الأهمية القصوى التي تحتلها قضية الهجرة في سياسات الاتحاد الأوروبي، من الشعار الذي افتتح هذا المؤتمر تحت ظله وهو «حل مشكلة الهجرة عن طريق تنشيط الحوار بين الشمال والجنوب من أجل إيجاد حلول منصفة لهذه المشكلة ذات الأبعاد الخطيرة». 

فالمشكلة ليست مشكلة المغرب وإسبانيا فحسب، إنها مشكلة العلاقة الدائمة بين الشمال والجنوب، بين الفقر والغنى، بين سحق الحريات وتكميم الأفواه، والتطلع الدائم نحو القارة التي ما فتئت تنادي بالحرية والكرامة الإنسانية. 

وقد حاول الحضور في هذا المؤتمر من خلال النقاط التي عالجوها، بحث أهم المسائل المتعلقة بهذه المشكلة وهي: 

• دراسة أسباب الهجرة ودواعيها في منطقة البحر الأبيض المتوسط، ومراجعة المسيرة التاريخية لتطور حركات الهجرة في هذه المنطقة.

• دراسة الآفاق المستقبلية لمجمل الشعوب المقيمة في هذه المنطقة، ومشكلة التنمية العامة التي ينبغي أن تعطَى حقها من الدرس والبحث في إطار مؤشر النمو السكاني الخطير في بلاد الجنوب.

• دراسة الأبعاد العامة لقضية الهجرة التي لم تعد مقتصرة على الأبعاد الاقتصادية فحسب، ولكنها أصبحت تشكل تحديًا حضاريًّا إنسانيًّا، ثقافيًّا، بل وسياسيًّا.

ولابد لأوروبا أن تحيط بالمشكلة من كل هذه الجوانب لتستطيع التعامل معها دون أن تقع في الكثير من أخطائها التاريخية القاتلة، ولمواجهة موجة العداء الشعبي العريض للمهاجرين الذين أصبحوا يشكلون جزءًا ثابتًا في تشكيلة المجتمع الأوروبي لا يمكن نكران وجوده، ولا التخلص منه بسهولة ويسر.

الهجرة.. مشكلة سياسية كذلك:

إن الأعداد الهائلة التي تتراوح حسب التقديرات الأخيرة بين ١٦- ٢٦ مليون مهاجر مسلم -وفق اختلاف المصادر- في أوروبا، تجعل من هذه الكتلة البشرية مصدرًا من مصادر القلق الدائم، وخاصة من الناحية السياسية -في الآونة الأخيرة- فلقد نمت وترعرعت أحزاب سياسية يمينية على غاية من التطرف في البلاد الأوروبية ذات المقام الأول -ألمانيا، وفرنسا، والنمسا- متغذية بفكرة بغض الأجانب، وطردهم من البلاد، معتمدة على أسباب رئيسية ثلاثة هي: اقتصادية مادية، وإنسانية، عرقية، وثقافية دينية. 

• فمن الناحية الاقتصادية: يشكل الأجانب مصدرًا أساسيًّا لليد العاملة الرخيصة التي تحرم المواطنين الأصليين من العمل، وبذلك فإنهم يساعدون على انتشار، وترسيخ البطالة عن العمل خاصة باحتكارهم بعض المهن التي أصبحت وقفًا عليهم «البناء -الخدمة المنزلية- البيع المتجول».

• ومن الناحية الاجتماعية: تكاثر الأجانب عن طريق الولادة بشكل هائل، أصبح يهدد القوميات التي زرعوا فيها، والتي أخذت في الانكماش الإنساني بسبب رغبتها في المحافظة على حياة الرفاهية، والمتعة الفردية، وبسبب الشعور العميق بالمسؤولية تجاه تربية الأطفال، وعدم الرغبة في الاضطلاع بهذه المسؤولية. 

• ومن الناحية الثقافية: أصبح الأجانب يشكلون تهديدًا ثقافيًّا حضاريًّا دينيًّا، وفي اتجاهين خطيرين، أحدهما: إيجابي يتمثل في انتشار الإسلام، وعادات المهاجرين الوطنية الاجتماعية والثقافية، والآخر: سلبي يتجلى في الأمية اللغوية المضاعفة، والتعصب الديني وسيادة العادات، والانحطاط الخلقي الذي ترافق مع الشرائح الاجتماعية الوافدة من المحيط الاجتماعي الذي اعتاد الجهل والفقر والتخلف في بلاد الأصل.

ولعل نتائج الانتخابات التي جرت في النمسا مؤخرًا لاختيار ممثلي الأحزاب النمساوية للبرلمان الأوروبي، أنذرت بالتقدم الهائل الذي أحرزه اليمين المتطرف هناك.

وفي فرنسا قامت الحكومة المحافظة -يمين معتدل- بتشكيل وكالة خاصة لتنسيق الجهود من أجل مكافحة الهجرة غير القانونية، والمنظمة سريًّا، وذلك تحت اسم «المكتب المركزي للقضاء على الهجرة غير القانونية، وعمل الأجانب دون وثائق رسمية».

وقد أعلن عن تشكيل هذا المكتب (صحيفة «الباييس» 8/ 9) وزير الداخلية الفرنسي بإرشاد مباشر من مجلس الوزراء الفرنسي، وقال بصدد ذلك: إن مهمة هذا المكتب إنما هي ضبط المتسللين وطردهم من بلادنا، وأضاف: لقد أصبحت الهجرة وستبقي الشغل الشاغل لوزارتي ما دمت فيها. 

وعلقت صحيفة «الباييس» على ذلك بقولها: «إن كبح جماح الهجرة غير القانونية من قبل الحكومة الفرنسية، في سبيل استقطاب ناخبي الجبهة الوطنية شديدة التطرف، لن ينفع إلا لتدعيم تشدد اليمين الفرنسي المتعصب، وترسيخه ضد المهاجرين القانونيين وغير القانونيين، والبالغ عددهم أكثر من خمسة ملايين يقيمون في فرنسا.

وكان الوزير -جون لويس دوبريه- قد أعلن في المؤتمر الصحفي نفسه عن تنظيم رحلات ثابتة أسبوعية، لترحيل الأجانب المهاجرين من فرنسا، بمعدل رحلتين أسبوعيًّا. 

وقد كشفت الصحف الفرنسية النقاب عن وجود انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان في الطرق المتبعة لطرد المهاجرين من فرنسا، كذلك فقد أبلغت منظمات اتحادية أوروبية، ومنظمات تراعي حقوق الإنسان والمهاجرين عن التجاوزات البالغة التي ارتكبتها الحكومة الفرنسية في هذه الرحلات، والظروف المحيطة بها.

وكانت السلطات الفرنسية قد ألقت القبض على ۹۲۳ شخصًا، فصلوا من وظائفهم بسبب تورطهم بمساعدة المهاجرين غير القانونيين، أو تشغيلهم، أو القيام بنشاطات مشبوهة كتزوير الأوراق الثبوتية ومنحهم إذن عمل غير مشروع، وكان النائب الأول لرئيس الحكومة الإسبانية «ألبرت كاسكوس» قد قال لدى الكشف عن ترحيل مجموعة من المهاجرين الأفارقة من إسبانيا إلى ثلاث دول إفريقية، بعد تخديرهم وتقييدهم بالسلاسل: «إن إسبانيا لم تخرج في طريقة طردها لهؤلاء المهاجرين عن الطرق المتبعة في سائر الدول الأوروبية».

هذا وقد كشفت صحيفة «الموندو» الصادرة في مدريد يوم السادس والعشرين من سبتمبر الماضي النقاب عن الأوضاع المأساوية التي يتعرض لها المطرودون من إسبانيا والذين تحركوا في إفريقيا تحت رحمة سلطات الأمن في بلاد لیست بلادهم، وكان من المفروض أن ترحلهم إلى بلادهم بعد ثلاثة أيام من تاريخ وصولهم إليها، إلا أن هؤلاء الرجال مازالوا تحت رحمة قوات الأمن العسكرية في سجون عسكرية بتهمة «الهجرة دون أوراق ثبوتية إلى إسبانيا».

وقد أبلغت جمعية حقوق الإنسان المهاجر الإسبانية يوم السادس عشر من أكتوبر «تشرين الأول» الماضي عن وفاة أحد هؤلاء المهاجرين برصاص رجال الأمن، وجرح أربعة آخرين، لدى قمع أعمال العنف التي قاموا بها احتجاجًا على احتجازهم بهذا الشكل المتعسف.

حقوق الإنسان المهاجر:

لابد لنا من الإشارة إلى ما يتمتع به المهاجرون القانونيون من امتيازات وحقوق في معظم البلاد الأوروبية الاتحادية وعلى وجه الخصوص في كل من ألمانيا، وفرنسا، وبلجيكا، وسويسرا.

ولعل هذه الحقوق كانت سببًا مهمًا في دفع حركة الهجرة الإفريقية، والغرب آسيوية نحو أوروبا، إذ إن المهاجر القانوني كان يتمتع بحقوق توازي حقوق المواطنين أنفسهم، ونقول «كان» لأن دول الاتحاد الأوروبي وقد بدأت تنوء بعبء الهجرة القانونية، وغير القانونية، قد بدأت باتخاذ خطوات قانونية للحد من الهجرة، وصدرت في مختلف هذه البلاد قوانين صارمة تتعلق بالأجانب، لا يمكن وصفها إلا بالجائرة أو التعجيزية مقارنة بالأوضاع السابقة، وأصبحت هذه البلاد لا تلبي إلا مطالب 5% فقط من طالبي اللجوء السياسي، كما غدت قضية منح الجنسية للأجانب قضية معقدة للغاية. 

وعلى الرغم من المشكلة الاقتصادية الخطيرة التي تشكلها الهجرة إلى أوروبا بالنسبة لبلادها، وكذلك موضوع التحدي الحضاري العنيف الذي يكشف النقاب يومًا فيومًا عن وجوده الحي المتنامي، فإن هنالك مشكلة إنسانية عميقة تقدم نفسها كذلك بصورة جثث يلفظها البحر من حين إلى آخر، ونساء باكيات انتشلهن حراس الحدود من مياه المضيق، وأطفال يساقون إلى أماكن الحجز بعد مطاردات في الشوارع والحقول المجاورة للخطوط الحدودية.

الأوضاع غير الإنسانية للمهاجرين:

إلا أن هنالك قضية أشد حساسية وأعمق خطرًا، وهي قضية الأوضاع غير الإنسانية للمهاجرين غير القانونيين، والتي تستغل أبشع استغلال من قبل بعض عصابات المافيا التي تنتهز أي فرصة من أجل الكسب والربح غير المشروع، وقد أشار مسؤول الشرطة الباريسية فيليب ماسوني إلى أن قضية ملاحقة المهاجرين غير القانونيين لها جانب إنساني، فلقد ثم اكتشاف نساء وأطفال يعملون ويعيشون في شروط عبودية تامة.

ويؤيد هذا القول الكشف عن معامل صغيرة، ومشاغل تحت الأرض في أقبية سرية تعمل فيها أسر بكاملها، رجال، ونساء، وأطفال، لا يرون النور على الإطلاق في شروط عبودية مطلقة، وفي قبضة عصابات المافيا التي استقدمت هؤلاء من آسيا  -الصين والفلبين- بعد أن بذلوا لها كل ما يملكون في بلادهم من أجل البحث عن حياة أفضل في أوروبا، كما أن 79% من النساء القادمات من «سانتو دومينيكو» -دولة الأحد المقدس في جنوب أمريكا- يرغمن على البغاء في إسبانيا من قبل هذه العصابات التي تستقدمهن في شروط مشابهة، ثم يقعن سجينات في قبضة هذه العصابات.

وكان مسؤول شرطة باريس قد قال: «يجب القضاء على هذه الشبكات التي تتاجر بالبشر ولأسباب قضائية وقانونية، وكذلك لأسباب إنسانية»، وتداهم في إسبانيا الشرطة المطاعم الصينية بشكل دوري بسبب جرائم القتل التي تتم على أبوابها، إذ تكتشف من آن إلى آخر جثث بعض المستخدمين مشوهة ومرمية في القمامة.

إن قضية الهجرة قضية معقدة، ومشكلة حضارية، ولا تعاني من هذه المشكلة أوروبا فحسب، كما أن ما تعانيه البلدان الإفريقية من تحمل مئات الآلاف من المهاجرين النازحين هربًا وخوفًا وجوعًا، ينبغي أن تفرد له ملفات خاصة للدرس والاستقصاء، حيث مشكلة الإنسان أعمق وأخطر من أن تحصى في موضوع أو بحث.

ولابد كذلك من البحث عن العوامل الأساسية لهذه الهجرات المتعددة، وحصر أسبابها المباشرة في البلاد العربية والإسلامية خاصة، ليتم العمل على توعية الشباب والأخذ بيده، ليحاول بناء حياته ومستقبله على أرض بلاده مستفيدًا من الفرص المتاحة في محاولة لإنقاذ أبنائنا من مزيد من المعاناة، ومزيد من الضياع.

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

دروس من الهجــرة وما سبقها

نشر في العدد 1

734

الثلاثاء 17-مارس-1970

دروس للمهاجرين المعاصرين

نشر في العدد 2100

25

السبت 01-أكتوبر-2016