العنوان أيتها الداعية: لا تستعجلي جني الثمار!
الكاتب إيمان عبدالله العقيل
تاريخ النشر السبت 21-يونيو-2008
مشاهدات 16
نشر في العدد 1807
نشر في الصفحة 41
السبت 21-يونيو-2008
ركضت ورائي مسرعة، ووجهها يتهلل بالبشر تشكرني على محاضرتي التي تأثرت بها، وتستشيرني في كيفية دعوة الفتيات والتأثير فيهن، وأردفت توضح أسباب طلبها، «بحمد الله هناك حب وتقارب بيني وبين طالباتي، إلى درجة دعوتهن لي في مناسباتهن الخاصة وتلبيتي لتلك الدعوات العائلية واستشارتهن لي في حل مشكلاتهن».
وأضافت بحماسة ظاهرة، «أرى تأثر البنات واقتناعهن بما أقول من دعوتهن للبعد عن المنكرات والتقرب إلى الله بالطاعات، لكن سرعان ما يذهب قولي أدراج الرياح بعد عودتهن إلى أهلهن، وتابعت بألم وحسرة واضحة، ذكرت لهن حكم الغناء والموسيقى ولاحظت مدى تجاوبهن ومناقشتهن لي خلال الدرس وحين حضرت زواج أخي إحداهن فإذا بي أفاجأ بالغناء والرقص والموسيقى.. لا أعلم ماذا أفعل، فهن عندي شيء. وعند أهلهن شيء آخر تمامًا«.
قلت لها عزيزتي.. قد نتعجل جني الثمار قبل نضجها، فتفقد لذتها وطعمها، وأحيانا تكون مضرة بالصحة، فأنت الآن في مرحلة بذر البذور، فهي بحاجة إلى رعاية وعناية مستمرة لتنمو وتكبر وتثمر نحن لا نستطيع أن تبذر ونجني الثمر في آن واحد علينا رعايتها والصبر عليها ومراقبتها ومتابعتها، فكل شيء في وقته حلو وجميل.
وتابعت الحديث لها وهي صامتة، ولا تنسي قوله تعالى ﴿ لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ ﴾، (البقرة:۲۷۲)، فاستمري في دعوتهن وتوجيههن بالحكمة والموعظة الحسنة، وكوني مثالًا وقدوة يحتذين بها، فنحن في عصر قلت فيه القدوات فلم نجد في الساحة غير فقاعات الصابون التي تطير سريعا في الهواء وهي تلمع لكنها سرعان ما تنقشع وتتلاشى.
إن القاعدة الأساسية في الدعوة تتضح عندما أمر الله- سبحانه وتعالى رسوله الكريم بأن يأمر أهله بالصلاة ويصطبر عليها، ففي الصلاة الدين كله لذا طلب منا الصبر عليها، بل الاصطبار أي إلزام النفس على الصبر.. نعم الصبر عبادة ودعوة وعمل، وقاعدة يجب أن نستند إليها في الدعوة والتربية والإصلاح لكل من حولنا، وقدوتنا الرسول الكريم فسيرته مليئة بتعامله الحكيم الصابر على تجاوزات بعض المسلمين وآليته الناضجة في الدعوة الصادقة التي يبتغي من ورائها رضى الله عز وجل.
وتأتي القاعدة الرئيسة في الدين الإسلامي التي جاءت على لسان النبي عندما قال: «إن الإيمان يخلق أي «يبلى» كما يخلق النوب فجددوا إيمانكم»، وهذا يأتي في مرحلة لاحقة لمرحلة تحقيق الإيمان في النفس، وهي الغاية التي أرادتها زميلتي الداعية لطالباتها، فكيف بها تنزعج قبل بلوغ هذه الغاية من تصرفات فتيات مراهقات تأخذهن الدنيا ببهرجتها قليلًا، وما أحوجنا إلى قدوات صالحات فاعلات، وأيضًا صابرات.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل
