العنوان أين الرقابة على ترويج الخمور؟
الكاتب طارق الحمود
تاريخ النشر الثلاثاء 05-يوليو-1988
مشاهدات 10
نشر في العدد 873
نشر في الصفحة 10
الثلاثاء 05-يوليو-1988
ربما يكون من قدر الكويت تلك الدولة الصغيرة ذات الموقع الاستراتيجي أن تواجه الأخطار المحققة المتسربة من حدودها الجغرافية، ناهيك عن الأخطار المحدقة بها من جراء قربها من الحرب العراقية الإيرانية.
وفي مقدمة تلكم الأخطار المتسربة عن طريق الحدود الخمور والمخدرات التي هي بمثابة قنابل موقوتة مزروعة في جسم المجتمع الكويتي، وإذا كانت المخدرات قد أخذت قدرًا لا بأس به من الإعلام والتوعية والاهتمام الشعبي والرسمي لكونها ظاهرة القرن، إلا أننا نشاهد في المقابل ارتفاعًا في معدل جرائم الخمور دون أن يقابل تطاغي انتشار هذا الخطر حملة فعالة لمقاومته كما كانت الحال في السابق.
وبلا شك فإن الحدود الكويتية قد أصبحت مخترقة من قبل مروجي الخمور، ولا تزال الحادثة القريبة التي راح ضحيتها أحد رجال الأمن من جراء ملاحقة مهربي الخمور عالقة في الأذهان، وقد تكرر حدوث مثل تلك الحوادث مما يؤشر على وجود نشاط محموم من قبل جهات معينة على تسريب سموم الخمور إلى داخل البلاد، الأمر الذي يزيد العبء على رجال الجمارك ورجال أمن الحدود، وربما لا يمكنهم بما توفر لهم من إمكانيات مادية أو تجهيزات مهنية وتدريبية محدودة الإيقاع والتغلب على هؤلاء المجرمين ذوي القدرة والدهاء.
وإذا أضفنا إلى إمكانية تسرب تلك السموم عن طريق الحدود كالمشاهد بكثرة هذه الأيام وجود شبكات منظمة داخل البلاد لترويج الخمور، بل وهناك من يؤكد أن بعض الفنادق والمطاعم توزع بشكل سري زجاجات الخمور على بعض روادها، الأمر الذي يجسم بصدق ووضوح خطورة ما نواجهه من خطر داهم يتهدد هذا المجتمع وأفراده.
وقد شعر المشرعون في هذا البلد إلى خطورة انتشار هذه السموم، فنصوا في قانون الجزاء الكويتي الصادر سنة ١٩٦٠ على تجريم تعاطي الخمور، أو الاتجار بها، أو ترويجها، ووضعوا لها العقوبات الرادعة، غير أن ما يتبقى لمحاصرة انتشار هذه الظاهرة هو إحكام عملية الرقابة والملاحقة والضبط لعمليتي التعاطي والترويج، التي يرى الكثيرون أنها أقل مما كانت عليه في السابق، ويضعون تبريرًا لذلك أنه ربما تكون هناك نية تساهل مقصودة تجاه ضبط جرائم الخمور من أجل التخفيف من استخدام المخدرات لدى المدمنين عليها، وهذه المقولة إذا صحت، فنحن نواجه خطرًا آخر يتضاءل معه خطر انتشار الخمور والمخدرات، ويتمثل هذا الخطر في عدم وضوح الرؤية لدى المسؤولين عن ضبط الجرائم وملاحقة المجرمين، والذين نربأ بهم عن الوصول إلى مثل هذا التفكير.
ونحن هنا لسنا بمعرض التنبيه على خطورة الخمور؛ إذ هي معلومة للجميع حتى أولئك الذين يتعاطونها، إلا أننا نرى أن عملية الضبط والملاحقة لمثل هذه السموم تحتاج إلى إعادة نظر وغربلة للأجهزة الأمنية؛ بحيث يرتفع مستوى أدائها، وتزداد قدرتها التجهيزية والتدريبية على مواجهة تلك الأخطار بحجمها المتنامي والمتصاعد، الذي لو استمر في تصاعده فإننا قد لا نستطيع عندها مواجهة ما قد يصيبنا من جرائها أو يأتينا من شرورها التي نسأل الله أن يقينا منها، وأن يحفظ مجتمعنا من أخطارها.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل