العنوان اليمن: ائتلاف التحديات بين المؤتمر والإصلاح
الكاتب ناصر يحيي
تاريخ النشر الثلاثاء 15-نوفمبر-1994
مشاهدات 9
نشر في العدد 1125
نشر في الصفحة 26
الثلاثاء 15-نوفمبر-1994
من المتوقع أن يمنح مجلس النواب اليمني الثقة للحكومة الائتلافية الجديدة في غضون الأيام القادمة، بعد أن تقدمت الحكومة ببرنامج عملها يوم الإثنين ٢١ أكتوبر الماضي، والذي يخضع الآن للمناقشة قبل الموافقة عليه.
ولا يتوقع أحد أن تكون هناك صعوبة في منح الثقة للحكومة، حيث يحظى حزبا الائتلاف الحاكم «المؤتمر والإصلاح» بأغلبية ساحقة تأكدت فاعليتها منذ إقرار التعديلات الدستورية الموسعة قبل أسابيع قليلة.
وكان قد سبق تقديم برنامج الحكومة اليمنية الجديدة لمجلس النواب وبيوم واحد فقط التوقيع على وثيقة الائتلاف الثنائي بين المؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للإصلاح، والتي تضمنت الأسس والالتزامات والإجراءات المنظمة للائتلاف لضمان حسن الأداء والتنسيق الصحيح لتجنب التجربة الفاشلة التي بدأت بعد انتخابات إبريل ۱۹۹۳م فيما عرف بالائتلاف الثلاثي بين «المؤتمر- الإصلاح- الاشتراكي» وتضمنت أسس الوثيقة اعتماد الإسلام مرجعية عقائدية وتشريعية، والالتزام بالنهج الديمقراطي الشوري القائم على التعددية الحزبية والتداول السلمي للسلطة وحق المعارضة في ممارسة دورها وحيادية وسائل الإعلام الرسمية وحق جميع الأحزاب المعترف بها قانونًا في استخدامها بصورة متكافئة وعدم السماح بأي هيمنة حزبية عليها، بالإضافة إلى التأكيد على استكمال بناء دولة المؤسسات واستقلال القضاء كما اشتملت الوثيقة على عدد من الالتزامات التي تحدد طبيعة الائتلاف ومسؤوليته وأساليب حل الخلافات التي قد تنتج بين طرفي الائتلاف.
تحديات أمام الائتلاف
يأتي الائتلاف الثنائي الحالي في اليمن بعد أزمة سياسية عسيرة انتهت بحرب بين جيشين كانا يمتلكان إمكانيات كبيرة، الأمر الذي أورث الوضع الراهن تركة ثقيلة تتصدرها أزمة اقتصادية ستكون هي التحدي الأكبر أمام الائتلاف الحاكم، حيث عجزت الحكومة حتى الآن عن السيطرة على مستوى ثابت لسعر العملة اليمنية في مقابل الدولار، مما أدى إلى ارتفاع حاد في الأسعار جعل الحياة شديدة الوطأة ولذلك فإن اليمنيين بقوا ينتظرون إعلان الحكومة الجديدة باعتبارها مؤشرًا على بدء انفراج الوضع الاقتصادي وتحسنه، لكن الأزمة حتى الآن لم تزل تمثل الخطر الأول الذي ينبغي على النظام مواجهته لتأكيد مصداقيته أمام الشعب.
ومن التحديات التي تجابه الائتلاف الثنائي بين المؤتمر الشعبي والإصلاح تحدٍّ يتمثل بقدرتهما على العمل بروح الفريق الواحد لحل الإشكالات الكثيرة، إذ كان التنافس الحزبي بين الحزبين الحاكمين بعد الوحدة سببًا في انهيار الوضع المالي والإداري حيث كان كل حزب يسعى لتمكين أنصاره في مفاصل الدولة تحسبًا للمستقبل ودون وضع أي اعتبار لقوانين الدولة في مجال الوظيفة العامة، بل وصل الأمر إلى درجة السكوت والتغاضي عن الأخطاء والمفاسد طالما أنها صادرة من أعضاء الحزبين «المؤتمر، والاشتراكي» وبذلك شلت أجهزة الدولة وعجزت عن القيام بمهامها المطلوبة.
وبرغم أن حزبي المؤتمر والإصلاح يبدوان متفهمين لهذه المشكلة إلا أنها ستظل المحك الحقيقي لمصداقية الائتلاف وخاصة أن «الإصلاح» ليس لديه من مصادر القوة المعتبرة إلا شعبيته وجماهيريته التي أوصلته إلى السلطة أملًا في تغيير الأوضاع إلى الأحسن فإذا عجز الإصلاح عن تحقيق نتائج واضحة تؤكد مصداقيته فإنه ولا شك سيكون الخاسر الأكبر.
أما بالنسبة للمعارضة فإنها حتى الآن لا تشكل تحديًا جديًا بسبب تورطها في مسألة الانفصال، ولكن انضمام الحزب الاشتراكي سيعطيها بعدًا مهمًّا فيما لو نجح الاشتراكيون في إعادة الروح إلى حزبهم، لكن الائتلاف الثنائي يستطيع تجريد المعارضة من أسباب قوتها فيما لو نجح في انتهاج سياسات اقتصادية حازمة تخفف من وطأة الأزمة على الشعب، فالواضح الآن أن المعارضة ليس لديها من وتر تعزف عليه صحافتها إلا الغلاء والتضخم واستغلال معاناة الناس في نشر روح السخط والتمرد ضد الدولة ولعل هذا هو محك الصراع السياسي المقبل بين الائتلاف الثنائي والمعارضة. تبقى هناك قضية الضغوط الخارجية التي ربما تكون قد صدمت من حجم مشاركة الإسلاميين في السلطة، فقد نجح العلمانيون بقيادة الحزب الاشتراكي في تقديم صورة مشوهة عن دور الحركة الإسلامية في اليمن إلى الدوائر الغربية المهتمة باليمن، برغم كل السنوات الماضية التي قدم خلالها الإسلاميون مواقف حقيقية في احترام القوانين والالتزام بالنشاط السلمي في نشر مبادئهم وأفكارهم.
ومع أن هناك آراء تؤكد أن الغرب وافق على اعتبار اليمن تجربة تحت الدراسة لإمكانية التعايش بين الحركات الإسلامية والأنظمة ضمن إطار التعددية السياسية، إلا أن ذلك لا يمنع أن هناك رغبة قوية في إعادة الاعتبار للتيار العلماني الاشتراكي باعتباره الأكثر خبرة في مواجهة الإسلاميين بينما يعد المراقبون أن المؤتمر الشعبي هو حزب دولة ومرتبط بشخص الرئيس «على عبد الله صالح» ويستمد قوته منه، إضافة إلى أن المؤتمر يعد نفسه حزبًا مرتبطًا بالمرجعية الإسلامية على الأقل من الناحية النظرية، وبالتالي فهو غير مؤهل لمواجهة التيار الإسلامي.
اللوبي الاشتراكي
بعد حصول الحكومة على الثقة من مجلس النواب- وهو أمر مؤكد-سوف تنقل إلى «عدن» لاتخاذها مقرًا شتويًا لممارسة أعمالها، ومع أن هذه الفكرة كانت في السابق من شروط الحزب الاشتراكي لاستئناف الوحدة، إلا أن تحديات ما بعد الحرب جعلتها ضرورية حيث يمتلك الاشتراكيون ما يمكن تسميته بـ«اللوبي الاشتراكي» داخل كافة مؤسسات الدولة في المناطق الجنوبية والشرقية، الأمر الذي يمكنه من افتعال مشاكل معقدة تصب في جهود عملية تشويه الوحدة وجدواها على حياة المواطن اليومية، ولذلك فإن انتقال الحكومة إلى «عدن» والرئيس نفسه سوف يوفر فرصًا كبيرة لحل المشاكل الكثيرة التي تزخر بها تلك المحافظات والموروثة من التجربة الشيوعية التي استمرت قرابة ربع قرن كما أنه سيتيح الفرصة لتقليم أظافر اللوبي الاشتراكي وتخفيف ضغوطه الخفية في المجتمع.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل
وزعت 900 سلة غذائية وإيوائية ووضعت حجر الأساس لقرية سكنية.. «نماء الخيرية» في اليمن لتقديم إغاثة عاجلة للنازحين
نشر في العدد 2173
31
الثلاثاء 01-نوفمبر-2022