; ارتفاع نبرة العنصرية في "فرنسا".. تضييق الخناق على الأجانب والمهاجرين | مجلة المجتمع

العنوان ارتفاع نبرة العنصرية في "فرنسا".. تضييق الخناق على الأجانب والمهاجرين

الكاتب د. محمد الغمقي

تاريخ النشر الثلاثاء 15-يونيو-1993

مشاهدات 9

نشر في العدد 1053

نشر في الصفحة 43

الثلاثاء 15-يونيو-1993

تبنى مجلس الوزراء الفرنسي يوم الأربعاء 2 يونيو مشروع قانون يتعلق بالسيطرة على الهجرة وشروط دخول الأجانب واستقبالهم وإقامتهم في "فرنسا"، تقدم به وزير الداخلية "شارل باسكوا".

وقد أشار هذا القانون ردود أفعال عديدة في أوساط المهاجرين والجمعيات المساندة لهم والمؤسسات الدينية والحقوقية.

وتمحورت «الإصلاحات» القانونية حول ثلاثة ملفات أساسية: حق اللجوء، والتجميع العائلي، وإجراءات الاقتياد إلى الحدود للأشخاص المقيمين بصفة غير قانونية، وأوضح وزير الداخلية صاحب المشروع أن «الهدف الذي نسعى إليه هو الاتجاه نحو الهجرة صفر نظرًا لخطورة الوضع الاقتصادي».

وفي تصريح تلفزيوني عرج على مصطلح «هجرة صفر» بالقول بأن المقصود من ذلك الهجرة غير القانونية.

ففيما يتعلق بالتجمع العائلي، يضع مشروع القانون الجديد شروطًا تقيد التحاق زوجات المهاجرين وأبنائهم برب العائلة مثل الإقامة مدة سنتين وتوفير ظروف سكنية ومادية مقبولة وعدم تهديد أمن البلاد والتجمعات العامة مع منع الطلبة من التجمع العائلي وكذلك الشأن بالنسبة لتعدد الزوجات المعمول به، خاصة في البلدان الإفريقية المسلمة كـ «مالي والسنغال» وبعض بلدان المغرب العربي، وفي حالة طلاق المسلمة ينتظر الزوج أو الزوجة سنتين لاستقدام زوج أو زوجة أخرى.

 

سيف «تهديد الأمن العام» المسلط

أما حق اللجوء فقد تعرض هو الآخر إلى جملة من القيود جعلت الحصول عليه جد عسير، فطلب اللجوء قد يرفض لو تبين بأن صاحب الطلب يمكن قبوله في بلد آخر أو أن حضوره يسبب تهديدًا للأمن العام والأخطر هو أن الطلب يمر عبر مصالح وزارة الداخلية قبل أن تنظر فيه المؤسسة الفرنسية لحماية اللاجئين والذين بدون أي وطن.

والموضوع الثالث يتعلق بإجراءات الاقتياد إلى الحدود، ويخص هذا الأمر المقيمين في وضع غير قانوني بالدرجة الأولى، ويتم إيقاف هذا النوع من الأجانب غير المرغوب فيهم عشرة أیام بدلًا من سبعة أيام سابقًا في حالة القبض على أحدهم، وحتى لو لم تقضِ المحكمة بطرده فإنه مهدد بالاقتياد إلى السجن، لكن الاقتياد إلى الحدود طال في مشروع قانون باسكوا المقيمين بصفة قانونية «في حالة تهديد الأمن العام» وهذه الصيغة فضفاضة وتهدد بحصول تجاوزات خطيرة خاصة بعد تحديد عدد القضاة الذين يشكلون لجنة الطرد، وحتى هذه اللجنة دورها محدود إذ لا يمكنها سوى تقديم رأي في المسألة ولا تتم استشارتها في حالة «استعجالية طارئة» وكل من ثبت عليه التعامل بالمخدرات يتم طرده من التراب الفرنسي.

وإلى جانب هذه المشاريع القانونية، هناك قوانين أخرى تتعلق بالضمان الاجتماعي الذي سيحرم منه الأجانب بصفة غير قانونية «مثل المساعدات الاجتماعية والطبية والشيخوخة»، كما سيمنع الزواج المختلط بين هؤلاء والفرنسيين حتى ممن حصلوا على الجنسية من أبناء المهاجرين.

وأمام جملة هذه الشروط والقيود بات واضحًا أن فرنسا ومن ورائها المجموعة الأوروبية تتجه إلى تضييق الخناق على الوجود الأجنبي من أجل حل المشاكل الاقتصادية وعلى رأسها مشكل البطالة كما تصرح بذلك الدوائر الرسمية.

خلفية عنصرية

وقد أثار مشروع القانون هذا ردود فعل عديدة لدى الأوساط الأجنبية خاصة من أبناء

 الهجرة المغاربية والإفريقية لأنهم معنيون بالدرجة الأولى، ذلك أن الهجرة الأوروبية لا تمثل إشكالًا في نظر المسؤولين الفرنسيين لسهولة اندماجهم في المجتمع الفرنسي وأخلاقياته وحضارته ونمط تفكيره.

وطرح موضوع الهجرة بهذه الخلفية يعطي أبعادًا خاصة لسياسة الهجرة على الصعيد الأوروبي حيث يطغى الجانب العرقي والثقافي على الأبعاد الإنسانية في التعامل مع الآخر، من هنا يتفهم ردود فعل بعض المؤسسات والجمعيات الإنسانية التي تحذر من الانحراف عن البعد الإنساني والسقوط في فخ دعاة العنصرية بالتمشِّي مع أطروحاتهم التي تربط بين الوجود الأجنبي وتفاقم الأزمة الاقتصادية وانعدام الأمن، وتحمل المهاجرين مسؤولية أخطاء الحضارة الغربية، في حين أن أصل الشيء هو الحديث عن تحول المهاجرين والأجانب عمومًا إلى كبش فداء وضحية القرارات السياسية، ولا يعقل أن تسقط مبادئ احترام حقوق الإنسان التي ينادي بها المسؤولون في هذه البلدان بمجرد مواجهة أزمة اقتصادية حادة.

كل هذه المعاني تسعى المنظمات الإنسانية للتذكير بها قبل أن يتحول مشروع القانون إلى واقع حيث ينتظر أن تكون جملة الإجراءات المقترحة مطبقة في شهر أيلول «سبتمبر» القادم بعد وضع الإطار القانوني المناسب لها.

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

فلسطين

نشر في العدد 2

2493

الثلاثاء 24-مارس-1970

الاقتصاد الوضعي في الميزان

نشر في العدد 4

39

الثلاثاء 07-أبريل-1970