; استخدام الأقمار الصناعية للتنبؤ عن حالة الطقس | مجلة المجتمع

العنوان استخدام الأقمار الصناعية للتنبؤ عن حالة الطقس

الكاتب الأستاذ محمد غسان بنقسلي

تاريخ النشر الثلاثاء 22-ديسمبر-1970

مشاهدات 17

نشر في العدد 40

نشر في الصفحة 20

الثلاثاء 22-ديسمبر-1970

استخدام الأقمار الصناعية للتنبؤ عن حالة الطقس

بقلم الأستاذ محمد بنقسلي

حتى وقت قريب لم يبد أن باستطاعة علماء الأرصاد الجوية الحصول على الأدوات التي يحتاجون إليها للتنبؤ عن حالة الجو ولمدد طويلة نسبيًّا، وكان يبدو أن تذليل تلك الصعوبات العملية ضربًا من المستحيل لها خطة تكاليفها وعدم توفر العناصر الفنية لكوادرها، ولكن بعد إطلاق سبرتنيك «١» بدأ أول شعاع أمل لعلماء الأرصاد الجوية.

والأقمار الصناعية صالحة بشكل مثالي لتستخدم كمنصات لرصد الجو فوجودها في مكان مرتفع فوق طبقات الجو مع دوران الأرض تحتها يجعلها في وضع يمكنها من معاينة كل بقعة على سطح الأرض، ومنها البقاع التي لم يرها الإنسان من بُعد كما تقوم بالإضافة إلى ذلك بجمع المعلومات من مناطيد السير الأفقية والمنخفضة نسبيًّا ومن المحطات البحرية المنتشرة على سطوح المحيطات، ومن ثم إرسال هذه المعلومات إلى مراكز التنسيق لجمعها واستنتاج المعلومات منها.. وما أعظمه من عمل كان يحلم به علماء الأرصاد الجوية؛ إذ إن هؤلاء العلماء يهمهم أكثر ما يهمهم جمع المعلومات، وبآن واحد من كافة أرجاء الأرض لمقارنتها، ولا يتوفر هذا إلا بالقمر الصناعي والعقل الإلكتروني حيث ترسل هذه المعلومات إلى مراكز المتابعة الأرضية في كل من موسكو وملبورن وواشنطن.

 اكتشاف العواصف والأعاصير

وفي عام (٦٧) تحقق إمكانية الإرسال الآلي للصور من أقمار الأرصاد الجوية، فاستطاعت بذلك مراكز المتابعة أن تحصل على صور يومية للمشاهدات الجوية من الفضاء، مع مسح شامل للعالم كله مرتين كل يوم فوتوغرافيًّا بالضوء العادي بالنار وبالأشعة تحت الحمراء في الليل، إن هذا المسح الشامل والمعاينة لجو الأرض يسمح بالتنبؤ في اكتشاف العواصف والأعاصير وتحديد مساراتها وتطورها بدرجة كبيرة من الدقة، ثم ترسل هذه المعلومات إلى البلاد المهددة بالأعاصير، وبذلك تتجنب البلاد الصدمة والمفاجأة من الإعصار الذي هو السبب الأول في الكوارث الجوية، والاشتراك في برامج الأرصاد الدولي لا يتعدى المبلغ خمسة آلاف دولار فقط، وهو مبلغ زهيد حقًّا إذا ما قيس بالمكاسب التي يُحققها وتستفيد الدولة المشتركة من الإنذار المبكر بالعواصف والتنبؤات الدقيقة لبدء وانتهاء الرياح الموسمية والأمطار الموسمية، وكم في هذا من مساعدة للفلاحين على التقدير الواعي لأنسب أوقات الزرع والحصاد والتسميد والحماية، ولا يقدر مثل هذه الفائدة إلا بلد زراعي ذو أمطار ورياح موسمية، مثل: الهند، وجنوب شرقي آسيا، ومصر.

وتقدير قيمة هذا من الناحية البشرية والاقتصادية لدولة مثل الهند يعجز عنه أرقى الأجهزة الخاصة لتنسيق المعلومات والبيانات؛ فالفوائد التي تترتب على التصرف في الوقت المناسب وإعطاء المعلومات للفلاحين عن طريق طرق الإعلام -راديو، تلفزيون- قد تصل تقديرها في بلد مثل الهند إلى (١٦٠٠)  مليون دولار سنويًّا، هذا إذا لم يكن في الحساب إلا الخسائر الزراعية، ناهيك عن خسائر الأرواح وتحسين الوقاية من الفيضانات والإشراف على النقل والمواصلات.

 في رفع مستوى الكفاءة الزراعية

وبالإضافة إلى ذلك فإن تعاون كافة فروع العلم ليزيد في مردود الأقمار الصناعية، فمن المتوقع أن تؤدي الدراسات المشتركة بين الفضاء ودراسات الطيف المتعدد إلى رفع مستوى الكفاءة الزراعية في جميع أنحاء العالم، ولذلك بادرت وكالة الفضاء الأمريكية «نازا» إلى إيجاد لجان مشتركة بينها وبين وزارتي الزراعة والتجارة، وكم سيكون الإنسان سعيدًا حين تُصبح أزمة الطعام محلولة بسبب الكفاءة الزراعية المتطورة، وعند ذلك تصبح مشكلة الجوع مشكلة تاريخية فقط، وكذلك تقوم الأقمار الصناعية برصد حركات التيارات البحرية التي تحدد مسار الأسماك، كما ترصد حركة الهائمات التي تتغذى الأسماك عليها وهي معها أينما ذهبت، وبذلك تختصر (٥٠٪) من جهد الصيد بسبب المعلومات التي تؤديها الأقمار الصناعية لنا.

وفي وسائل المواصلات

إن رصد حركة الرياح والثلوج من أهم عوامل النقل اليوم، وهي تعود على التقلبات الجوية والبرية بأعم الفوائد، وكان من جرائها أن تجنَّبت السفن والطائرات أفدح الخسائر في عمليات النقل وخاصة بعد أن تضاعفت حمولات النقل في عام (٧٠) إلى ثلاثة أضعاف عنها في عام (٦٨).

ولا بد للوصول إلى هذا العمل العظيم من تكبير وتحسين للسفن والطائرات والخدمات المعاونة، فستكون هذه الأقمار عنصرًا رئيسيًّا في نظام شامل للعالم كله يجعل من الممكن للسفن والطائرات أن تمضي في سبيلها في أمن وبكفاءة في أي مكان في العالم.

فأربعة أقمار منطلقة في فلك قطبي في أي وقت من الأوقات تكفي لإعطاء تحديد ملاحي آلي لموقع السفينة أو الطائرة عند طلب بيانات من القمر الصناعي من أي مكان على الأرض أو في الجو.

ومثل هذا التحديد الدقيق لموقع السفن في البحار خصوصًا إذا اتخذت ممرات محددة في المناطق المزدحمة وللطائرات عبر الأجواء؛ حيث تكون الحركة وافرة ومتزايدة، يمثل قفزة كبرى في زيادة أمان وتأمين النقل.

وفي الجيولوجيا

والأقمار الصناعية بأجهزتها الحساسة باستطاعتها المساهمة في المسح الجيولوجي وفي الكشف عن المعادن والمياه تحت الأرض، وهذه الخبرات الفنية التي تجمع بين التصوير الجوي والأجهزة الكهروطيسية وأجهزة قياس المغناطيسية والجاذبية، كل هذه أدت إلى اكتشافات مثيرة لترسبات سميكة من النيكل مانيتسوبا وإلى كشف بعض الخامات في تمنز بأقليم أنتاريو، وبرامج نازا الحالية تمتد إلى تحضير برامج مسح جوي من بعيد في شكل قمر صناعي يرصد موارد الأرض جملة واحدة.

م. بنقلسي

الرابط المختصر :