; اعترافات: المسرح والممثلون | مجلة المجتمع

العنوان اعترافات: المسرح والممثلون

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 25-أبريل-1972

مشاهدات 22

نشر في العدد 97

نشر في الصفحة 26

الثلاثاء 25-أبريل-1972

أتقن أناس في هذه الحياة-قديمًا وحديثًا- «فن تزوير الحياة»، وخدع بهم أناس آخرون، فوقع أفراد ووقعت شعوب في خدر فن تزوير الحياة هذا منهم من أفاق، ومنهم من لا يزال مخدرًا.

وزاوية «الاعترافات» هذه تكتب

·     من أجل الأصحاء الذين يبتغون حماية عافية عقولهم وضمائرهم من التلف والعاهات والتشويه.

·     ومن أجل الذين نغلب على مسالكهم غريزة التقليد والمحاكاة في كل شيء -حتى في الانحرافات- على الرغم من رؤيتهم لمصارع المتنحرين- أفرادًا وشعوبًا- نكتب من أجل هؤلاء فعسى أن تكون فيها.

 

ضريبة الخداع

كذبت على ولدي في «5» حزيران فلم يعد يثق بكلام.. أقوله!

أكاد أحس أن عينيه لا تصدقانني وأنا أجيب على أسئلته المتلاحقة كل يوم، عما أكتب، وعما تذيعه الصحف من أنباء.

والطفل على حق.

لقد كذبت عليه ذات يوم حزين منذ خمسة أعوام، وهو لا يستطيع أن ينسى.

كان يسمع أصوات المذيعين تتحدث في تشنج عن طائرات العدو التي أسقطناها، عن انتصاراتنا على كل الجبهات، كان يرقص فرحًا وهو يستمع إلى عبد الحليم حافظ «ولا يهمك يا ريس، م الأمريكان يا ريس»، كان منتشيًا بأحاديث البيت والمدرسة، بعد أيام، سندخل تل أبيب.
ثم وقعت الكارثة، وحبسنا الدموع، وأحس الطفل بالمأساة على كل الوجوه الصامتة
وسألني: ما الخبر؟
قلت: اطمئن سننتصر بعد أيام قليلة سنسمع الخبر الكبير.

وظهرت الحقيقة التي يستحيل إخفاؤها حتى عن الأطفال، وصرخ ولدي، وبكى بكل الصدق:
- كنتم تكذبون، كنتم تكذبون،
حتى أنت يا أبتاه!
ودفن الطفل وجهه في الوسادة التي تبللت بدمعه،

وتصورت أنه يكبر ويكبر، وأنا أصغر أمامه وأصغر، حتى أكاد أتلاشى

ولدي منذ يوم المأساة، حذر في كل ما يسمعه، مني ومن الآخرين.
ولعلني لا أغالي إذا تصورت كل الأبناء هكذا.
ومن هنا تنبع مسئوليتنا نحو جيل الأبناء، إنهم لم يسمعوا من الآباء إلا حديث الانتصارات، في كل شيء!
من ثم كانت الهزيمة هي المفاجأة القاصمة، إنهم لم يسمعوا إلا حديث الأمجاد، كل شي نفعله رائع كل مشروع ندعو إليه هو قمة النجاح.
ليس في الإمكان أبدع مما كان نحن دائمًا على صواب في كل شيء

ثم تقع أي واقعة، ويسمع منا الأبناء عن الأخطاء، وعن المسئولين عن هذه الأخطاء، وتهزهم المفاجأة من جديد وتهتز ثقتهم وتزيد مناقشاتهم.

 ويكبرون ويكبرون، ونحن نصغر أمامهم، ونصغر،

لست أدري، هل هذا نتاج طبيعي للتحول من مجتمع إلى مجتمع؟

أم أن جيل الثورة هو الذي أسرف في استغلال اسم الثورة، لتحقيق أطماع ذاتية بعيدة عن الثورية؟

 

موسى صبري

الأخبار المصرية 30/3/72

 

السينما والخيانة الزوجية!

«ابنة ريان» اسم الفيلم الذي يعرض حاليًا في الأندلس، تدور أحداث الفيلم في أيرلندا إبان الحرب العالمية الثانية وعن كيفية تنظيم المقاومة السرية الأيرلندية للإنجليز، هكذا أرادوا للفيلم أن يظهر ولكن قصته الأساسية تحكي مشكلة فتاة تبحث عن شيء لا تعرفه إنها ليست كالأخريات، ليس لها علاقات غرامية مع الشباب، ترى دائمًا وهي تسير بمحاذاة الشاطئ وفي جيبها كتاب ولكنها لا تقرؤه.

تقابل بطل الفيلم روبرت متشوم وهو مدرس في القرية فتقع في حبه وكالعادة من أول نظرة، تصارحه فيتزوجها تمر حياتهما عادية رتيبة إلى أن يصل إلى القرية ضابط إنجليزي وهو شاب وسيم يعرج أثر إصابة له في المعركة، تقابله في الحانة التي يملكها أبوها، يسقط على الأرض من أثر عامل نفسي، تساعده الفتاة على النهوض، يقبلها ويكاد ينالها فترفض وتعطيه موعدًا آخر وبعد ذلك تستمر لقاءاتهما التي ليس فيها إلا الجنس

تعرف الزوجة بعد ذلك أن زوجها يعلم بالأمر، فتسأله لماذا سكت طوال هذه المدة، فيجيبها بأنه كان ينتظر أن تخمد جذوة حبها للضابط فترجع إليه كالسابق.
وتستمر أحداث الفيلم اللا مثيرة حتى يقرران الانفصال مع حماية خط الرجعة إن فضلا عدم ذلك، إلى هنا ينتهي الفيلم.

ولكن هنا يأتي سؤال يتكرر مع نهاية مشاهدة كل فيلم- ما الفائدة التي حصلنا عليها من مشاهدتنا لهذا الفيلم؟ أنا صراحة لم أر فائدة تذكر لهذا الفيلم سوى المناظر الطبيعية الجميلة التي «حواها» حتى أستلذ بمشاهدة نوع معين من تفكير بعض الشعوب، مع العلم بأن هذا الفيلم كان عملًا غنيًّا ممتازًا.

 ولكن السؤال الأهم ما الضرر من مشاهدة هذا الفيلم؟

كان ورائي اثنان من الشباب، سمعت أحدهما يقول لو كانت زوجتى لكنت أنا في السجن وهي في القبر، فرد عليه الآخر بحماس –بالعكس- إنه تصرف حكيم وحضاري، كان يحافظ على حياته الزوجية من الانهيار.

تصوَّر أن السكوت على خيانة الزوجة حكمة.

أهذا ما نعلمه لجيلنا الجديد؟ نحن كالذي يقول لهم -البطل روبرت متشوم- تصرف هكذا فكيف بك يا صعلوك يا هامش.

أنعلم أفراد هذا الجيل أن ينتظروا ويسكتوا على خيانة زوجاتهم حتى تخبو جذوتها، ومن يضمن عدم استمرارها؟ ومن يقبل بزوجة تنافس سيارات الأجرة في علاقاتها؟

كان أولى في الرقابة أن تمنع الفيلم بكامله لا أن تقطع المناظر المؤذية منه، أنا أعلم بأن أغلب الشباب قد لا يوافقوني على ما أقول ولكن ليتصور أي منهم نفسه في مثل هذا الوضع وبعد ذلك قد يوافقني إن كانت توجد هناك أنفة وكبرياء وحمية ورجولة.

 عدنان العتيقي
الرأي العام 24/3/1972

الرابط المختصر :