; اقتصاد عدد(1490) | مجلة المجتمع

العنوان اقتصاد عدد(1490)

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر السبت 23-فبراير-2002

مشاهدات 16

نشر في العدد 1490

نشر في الصفحة 46

السبت 23-فبراير-2002

الاقتصاد الموريتاني.. أسير التناقضات السياسية والمساعدات الخارجية

المديونية المرتفعة سببها: الفساد.. الإدارة السيئة.. الجفاف والاضطراب السياسي

نصف الموريتانيين فقراء برغم امتلاكهم نصف الاحتياطي العالمي من الحديد وثروة سمكية ضخمة

معاوية ولد الطايع كرة القدم والمسرح والرسم ٣ حلول ناجعة للخروج من دائرة الفقر!

عبد الكريم حمودي (*)

يغلب على الاقتصاد الموريتاني صفة "الزراعي- الرعوي"، كما يجمع بين تناقضات عدة، فمقابل مساحة الأرض الكبيرة التي تزيد على مليون كيلومتر مربع (1.030.700 كم۲)، فإن عدد السكان لا يتجاوز ٢.٦ مليون نسمة (الكثافة السكانية لا تتجاوز ۲٫٥ فرد/ كم٢)، وموارد طبيعية وثروات معدنية، أهمها الحديد الذي يمثل نصف الاحتياطي العالمي تقريباً، إلى مياه إقليمية تعتبر من أغنى مياه العالم في الثروة السمكية، إلا أن هناك فقراً تزيد نسبته على ٥٠% من مجموع السكان، ونزوحاً متواصلاً للسكان بحثاً عن الغذاء والمراعي وفرص العمل، علاوة على انتشار الأمراض وخاصة الملاريا، إذ يزيد عدد المصابين بهذا المرض على ۳۳۰ ألف شخص، وانتهاء بمساعدات عربية ودولية يقابلها مديونية ضخمة تتجاوز قيمتها ضعف الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، ولعل أطرف التناقضات تلك التي أعلنها الرئيس الموريتاني لحل لمشكلة الفقر من خلال "الكرة والمسرح والرسم".

الموارد والإمكانات

تتمتع موريتانيا بموارد طبيعية وثروات معدنية كثيرة ومتنوعة يأتي في مقدمتها الحديد الخام الذي يقدر الاحتياطي الموريتاني منه بنحو ١٠ مليارات طن يصدر منه سنوياً نحو ١٢ طناً، كما تصدر كميات من الجبس والنحاس والذهب والفوسفات، وتمتلك موريتانيا مصائد غنية على سواحلها الأطلسية يبلغ طولها أكثر نحو ٦٠٠كم، وتزيد مساحتها على ١٩٥ الف كم ٢، وهذه المناطق من أغنى مياه العالم في الثروة السمكية، وتصل طاقتها الإنتاجية إلى ٦٠٠ ألف طن سنوياً ولكن الاستغلال الجائر لها من قبل الدول الأوروبية يهدد هذا المصدر المهم للدخل القومي بالخطر، كما يجري في حدود موريتانيا الجنوبية مع السنغال نهر بطول ٦٥٠ كم يوفر أراضي قابلة للري تزيد مساحتها على ٢٤٠ ألف هكتار، وتمتلك موريتانيا ثروة حيوانية كبيرة يزيد عددها على ۱۰ ملايين رأس من الأغنام و ۱.۱ مليون رأس من الأبقار ونحو مليون رأس من الإبل.

نمو الناتج المحلي

تؤكد الإحصاءات والبيانات الرسمية أن الاقتصاد الموريتاني ومنذ الاستقلال عن فرنسا عام ١٩٦٠م ينمو بمعدلات جيدة نسبياً، فمنذ الاستقلال وحتى عام ۱۹۷۲م كان معدل النمو السنوي نحو ٦,٦% ثم تراجعت هذه النسبة بسبب موجات الجفاف، والحرب الأهلية التي تعرضت لها البلاد، فدمرت هياكل الاقتصاد الريفي من زراعة وثروة حيوانية، وأوقعت البلاد في مديونية ضخمة. 

ومنذ منتصف الثمانينيات، وحتى عام ١٩٩١م، وفي ظل تطبيق برنامج التصحيح الاقتصادي الذي يشرف عليه صندوق النقد الدولي لم يتجاوز معدل النمو 3.6 % (1) ارتفع بعد ذلك- كما تقول المصادر الرسمية - إلى نحو4.8 ٪ خلال الفترة ۱۹۹۲ - ۲۰۰۰م، وارتفع عام ۲۰۰۱ إلى نحو ٦ %، وتتوقع الحكومة أن يرتفع مستوى النمو الاقتصادي ليبلغ 7% مع حلول عام ٢٠٠٤، وهو ما أكده حسن تولي، مدير العمليات الخاصة بموريتانيا في البنك الدولي، مضيفاً بأن موريتانيا في وضعية اقتصادية  حسنة وأنها حققت استقراراً اقتصادياً مهماً خلال السنوات الأخيرة.

موازنة الدولة

تؤكد مصادر رسمية أن قيمة موازنة الدولة لعام ۲۰۰۲م بعائداتها ومصاريفها بلغت نحو ۱۰۷ مليارات و ٢٦٠ مليون أوقية موريتانية، أي قرابة ٤٢٣ مليون دولار أمريكي (الدولار = ٢٥٣ أوقية) وهذه الموازنة زادت بنحو خمسة مليارات أوقية عما كانت عليه في الفترة ما بين ١٩٩٦ - ٢٠٠٠م بينما كان عجز الميزانية يبلغ ۱۲٫٥ مليار أوقية سنة ١٩٩٣م، وتقلصت نسبة التضخم إلى 4 وتحسنت بصورة ملموسة احتياطات التبادل.

الديون والفساد

ترزح موريتانيا تحت مديونية خارجية تزيد على ثلاثة مليارات دولار أي أكثر من ثلاثة أضعاف الناتج المحلي الإجمالي، ويعود السبب المباشر في هذه المديونية إلى الفساد المستشري، والإدارة السيئة للموارد الاقتصادية والجفاف، وحرب الصحراء، وحالة الاضطراب السياسي، مما أسهم في رفع حجم المديونية، وارتفاع خدماتها التي فاقت ٢٥ % من حجم الصادرات.

الفقر

أسهم برنامج التصحيح الاقتصادي بشروطه المعروفة في زياد أعباء المواطنين واتساع الهوة بين الأغنياء والفقراء، فتراجعت قدرتهم الشرائية كما ارتفعت أسعار السلع والخدمات بشكل كبير، وقضى تراجع قيمة الأوقية على مدخرات المواطنين وأدى انتشار الفساد إلى تراجع خدمات الدولة، وتبديد الكثير من القروض والمساعدات بدل الاستفادة منها في التنمية، إذ لا يتجاوز نصيب الفرد الموريتاني من الناتج الإجمالي نحو ٢٥٦ دولاراً، وهو ما أدى إلى زيادة معدلات الفقر إلى أكثر من نصف عدد السكان، إذ تتعاون الحكومة مع العديد من المؤسسات والدول المانحة للمساعدات للحد من هذه الظاهرة الاجتماعية، وقد نجحت هذه الجهود في الحد من الظاهرة، وتقول مصادر رسمية إن السنوات الأخيرة ربما شهدت تراجعاًفي معدلات الفقر في موريتانيا.

وأوضح محمد ولد الناني وزير الاقتصاد والتنمية الموريتاني - في مداخلة له أمام الندوة الوطنية للتشاور حول الإطار الاستراتيجي لمكافحة الفقر - أن نسبة الفقر في موريتانيا هبطت من 56.6 % سنة ١٩٩٠م إلى 50.5 % سنة ١٩٩٦م لتصل سنة ٢٠٠٠م إلى 46.3.% .

وشدد الناني على أن هذا التراجع لا يعني أن الفقر لم يعد موجوداً بل إن ظاهرة الفقر لا تزال تنقل على المجتمع الموريتاني، وكان البنك الدولي وصندوق النقد قد صدقاً مؤخراً على استراتيجية وطنية لمكافحة الفقر بقيمة ٧٥٧ مليون دولار تتوخی السلطات الموريتانية من خلالها خفض نسبة الفقر من 50.5% حالياً إلى ٢٧ عام ٢٠١٠م ثم إلى ١٧ عام ٢٠١٥م. 

وتواصل الدول المانحة تقدم المساعدات والقروض لموريتانيا للحد من مشكلة الفقر، وفي هذا السياق قال محمد ولد الناني إن بلاده حصلت على دعم مالي من شركائها في التنمية الأعضاء في نادي باريس على تمويل قدره ٤١٢ مليون دولار لتمويل الخطة الوطنية لمكافحة الفقر، خلال السنوات الثلاث المقبلة، والتي تعتبر الركيزة الأساسية لبرنامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد لفترة ٢٠٠٢ - ٢٠٠٥م.

هنا لا بد من الإشارة إلى الحلول التي اقترحها الرئيس الموريتاني معاوية ولد سيد أحمد الطايع لمشكلة الفقر في بلاده إذ قال: إن هناك ثلاثة حلول للخروج من الفقر الذي تعاني منه مناطق مختلفة من موريتانيا، معتبراً أن كرة القدم والمسرح والرسم هي حلول ناجعة للانتشال من الفقر المدقع! ودعا سكان قرية هامد وسط الصحراء الموريتانية إلى أن يجربوا تدريب أبنائهم على كرة القدم، وفي حالة الخروج ببطل أو اثنين سينتهي الفقر، كما يؤكد!

الجفاف والحاجة لمساعدات غذائية

تتكون معظم الأراضي الموريتانية (نحو ٩٠) من صحراء مجدبة صخرية ورملية ويتكون الباقي من المروج، وقد تعرضت موريتانيا للجفاف وحرب الصحراء خلال عقد السبعينيات والثمانينيات، مما اضطر معظم البدو والمزارعين إلى النزوح للمدن. 

ويقول الخبراء إن التصحر يزداد سنة كيلومترات سنوياً في موريتانيا، ما يجعل ضحايا الجفاف في تزايد مستمر، إذ جاء في بيان لبرنامج الغذاء العالمي نشر في ٢٦ يناير الماضي أن البرنامج أطلق عملية "لتقديم مساعدة عاجلة" تتعلق به "بالتوزيع المباشر" لنحو ٤٠٠ طن من القمح على ضحايا الجفاف والأمطار في موريتانيا.

مرض الملاريا

تعاني موريتانيا من عدد من الأمراض مثل الشلل ودودة غينيا ومرض الملاريا وهو الأخطر والأكثر انتشاراً، إذ أعلن "الدكتور محمد ولد خرشي" مدير برنامج مقاومة الملاريا أن عدد المصابين بحمى الملاريا في موريتانيا زاد على ٣٣٢ ألفاً، موضح أن الملاريا تتسبب في حالات وفاة عدة، بسبب ارتفاع معدل الأمطار والفيضانات التي شهدتها المحافظات الجنوبية التي تشكل معقلا رئيساً للإصابة بالحمى.

قروض ومساعدات

يعتمد الاقتصاد الموريتاني بشكل رئيس على المساعدات والقروض الخارجية التي تقدمها الدول والمؤسسات المانحة وشركاء موريتانيا في التنمية ومن أبرزهم الصين وإيطاليا وألمانيا واليابان وإسبانيا وكندا، إضافة إلى الصندوق السعودي للتنمية والبنك الإسلامي للتنمية والبنك الأفريقي للتنمية والبنك الأوروبي وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية، وصندوق النقد الدولي، وأخيراً: البنك الدولي الذي يحتل المرتبة الأولى، إذ يمول مشاريع تشمل المجالات الحيوية كالصحة والتعليم وإصلاح الاقتصاد.

وفي الفترة الأخيرة وقعت موريتانيا على اتفاقيات جديدة مع العديد من الدول والجهات المانحة للحصول على تمويلات لبعض المشاريع الخدمية والاجتماعية بها.

وبكلمة أخيرة: تتمتع موريتانيا بإمكانات وموارد وثروات عدة إذا أحسن استغلالها على الوجه الأمثل، وضمن نطاقها الجغرافي، وفي أجواء من الاستقرار السياسي الداخلي، وبعيداً عن العلاقات المضرة وخاصة مع الكيان الصهيوني، فإن اقتصادها سيشهد نمواً بمعدلات تسمح بمواجهة المشكلات الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها، وتقلل من اعتمادها على القروض الخارجية التي تؤدي إلى تراكم المديونية المرهقة لأي اقتصاد.

ضريبة "القيمة المضافة".. هل تنقذ اقتصاد لبنان ؟

أثارت الضريبة على القيمة المضافة التي بدأ العمل بها ابتداء من أول فبراير الجاري. ضجة في وجه الحكومة اللبنانية؛ إن طالت - نسبة الـ١٠ % المضافة جميع السلع الاستهلاكية، كما تبين أن عدم التحضير الجيد لتطبيق سليم لهذه الضريبة قد ساعد على زيادة حجم الرفض الشعبي لهذه الضريبة.

 وبرغم أن الحكومة اللبنانية نفذت إجراءات عدة منذ أكثر من عام تمهيداً لتطبيق هذه الضريبة التي تراها الحكومة عصرية، ومن الممكن أن تحقق عائداً مالياً كبيراً يساعد على خفض العجز في الموازنة العامة، فقد تم تخفيض الرسوم الجمركية في بداية العام الماضي بنسب كبيرة طالت جميع السلع المستوردة والمواد الأولية المستخدمة فـ ة في الصناعة اللبنانية.

وتستند الحكومة اللبنانية في فرض هذه الضريبة إلى إنها باتت الأسلوب الوحيد لإنقاذ الاقتصاد اللبناني الذي يعاني من عجز كبير، لا سيما أن الضائقة الاقتصادية اللبنانية وصلت إلى مستوى وضع الحكومة في أحيان كثيرة في موقع حرج؛ وهو ما جعلها أمام ثلاثة خيارات لوقف حالة التدهور: إما أن تقلل عدد الموظفين العاملين بالمؤسسات الحكومية، أو أن تخفض مرتباتهم، أو أن تخفض قيمة الليرة  اللبنانية".

ومن جهته، أقر وزير المالية اللبنانية "فؤاد السنيورة" بوجود بعض الفوضى في الأيام الأولى لتطبيق الضريبة، مرجعا ذلك لنقص العنصر البشري المشرف على التطبيق، ولكون السوق اللبنانية والمستهلك اللبناني يخوضان تجربة جديدة من الضريبة.
الهوامش

(*)  خدمة قدس برس-  لندن

الرابط المختصر :